الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
التوازن بين الواقع والحلم ...
مروان صباح
2020 / 6 / 25مواضيع وابحاث سياسية
/ للمراقب أن يفتتح مقاله من حقيقة تاريخية أو بالأحرى تنقيبية تاريخية ، لم تكن العلاقة بين المفتي أمين الحسيني والمستشار أدولف هتلر كما صورها التاريخ قائمة على المسألة اليهودية والصراع العربي الإسرائيلي على فلسطين أو نفوذ اليهود الاقتصادي في أوروبا وعلى الأخص ألمانيا ، بل هناك حلقة ضائعة بين الحلقات التى أدت لهذه العلاقة الثنائية ، غير متكافئة بالوزن والحضور ، صحيح أن الحسيني كان أحد رموز الشخصيات العربية لكنه لم يكن يوماً ما يمثل قوة إقليمية أو عالمية ، وبالتالي هناك خفايا أيدولوجية تخص هتلر أكثر من الآخر ، وإذ ما عرج المرء على فكر الفليسوف كانط ، سيجد هناك تقاطع بينه وبين مارثن لوثر ، مطلق عصر الإصلاح الكنسي في الكنسية المسيحية وعلى وجه الخصوص في المدة الأخيرة الذي إنقلب على تحالفه مع اليهود ، وكانط الذي ترك رأياً صريحاً في الثقافة الهندية التى كانت قد تسللت بين الفلاسفة بشكل واسع وعميق ، بالطبع كبديل عن الدين المسيحي والثقافة اليونانية أو هناك من جمع بين البوذية / الهندوسية الهندية والأساطير اليونانية ، لكن كانط وضع الفارق بين الهند الهندوسي والإسلامي ، فالإسلام في الهند هو ثاني الديانات وحسب الاحصائيات يوجد ما يقارب ( 155 ) مليون شخص ينتمون للإسلام ، لقد وصلوا المسلمون إلى الهند منذ الخلفاء الراشدين ومن ثم اُستكمل فتحها في عهد عبدالملك بن مروان بقياد محمد بن قاسم الذي نشر الإسلام في معظم الهند حتى وصل إلى مومباي .
إذن ، فصل كانط بين الديانات الهندية والإسلام ، ثم عرج بعد ذلك على الإسلام الأندلسي ، فوجد ايضاً هناك فارق بين الإسلام الهندي والأندلسي ، لأن الثقافة الهندية ايضاً تركت نوعاً ما ، تأثيراً بليغاً لدى مسلمو الهند بحكم التعايش ، وبالتالي الهنود حسب تصنيفه ، يؤمنون بأن البشر ليسوا سوى أرواح حبيسة في قوالب حيوانية ، كعقاب قد أقترف في الماضي وبالتالي الروح المذنبة تحولت مع الزمن إلى روح تحمل ثقافة الذل ، لشعور حاملها المستمر بالذنب ، أما الإسلام ، جعل من حافي القدمين وساكن الخيمة ، أن يسقط إمبراطوريات كانت تصنف بالعظمى وبالتالي ، لقد سجلوا أبنائه انتصارات لم تُسجل حتى الآن ، وهذه دلالة شاخصة على شجاعتهم التى اكتسبوها بفضل العقيدة المحمدية ، على خلاف ما هو في مناطق أخرى ، فالديانات الهندية بدورها التقليدي تُساهم في زرع ثقافة الهوان ، وهذا ما لفت أنتباه هتلر ، فالرجل يعتبر من الأشخاص الذين مارسوا القراءة منذ الصغر ، بل أحاط نفسه بمجموعة من المفكرين والدارسين لنظريات البشرية ، وبالتالي ، عندما يقرأ القارئ لفلاسفة الألمان يجد هناك تأثير ثقافي ممزوج بين الهندي واليوناني ، لأن قبل تعرفهم على الهند كانت اليونان المصدر الروحي لأوروبا وبعد الهند صار هناك أعتقد بأن أصل الأشياء كلها في الهند البراهمية ، الأديان والأعراق والأدب والفلسفة والتصوف بل ذهب بعض فلاسفة الألمان ، يرددون بأن أصولهم تعود إلى الهند ، وهذا ما جعلهم أن يقيموا أرض مغايرة لأرض الأنبياء ، فبدل أن تكون مكة على سبيل المثال هي البلد الأول وبيت الله الأول والدين والاجتماع والإنسان الأول والعائلة الأولى ، أو بيت لحم كمهد للمسيح ، تحولت الهند البلد التى تمد الفلاسفة بكل شيء بلا أستثناء .
وبالتالي حقائق مثل هذه لا تطمس بدورها حقيقة ساطعة ومغايرة تماماً ، لقد أسس ثلاثة مفكرين في أوروبا ، ابتداءً بديكارت وكانط وهغيل نظريات تدحض كل هذه الاعتقادات ، فديكارت أعتبر الهوية فقط التى تؤهل أصحابها الدخول إلى التاريخ ، هو التفكير أي بالمعني الاختصاري( أنا أفكر ) وطالما العقل مغيب ، فهذه الشعوب خارج التاريخ ، وايضاً هذا واضح لدى هيغل ، كانت الهند وبهمة الفلاسفة الذين انصهروا فيها ، تعتبر منافساً حقيقياً لأساطير اليونانية إلى أن جاء هيغل بالذاتية ، الذي ميز بين الأخلاق الفردية والاجتماعية ( الضمير / الأخلاق الاجتماعية أي الحياة الاجتماعية ) ، الأخلاق المجردة والنظام الاجتماعي العقلي ، وبالتالي تنتقل الإرادة من الخارج إلى الداخل ، فبعد أن كانت مجردة تعود الأخلاق الفردية إلى نفسها ، فإذا كان القسم الأول يمثل موضوعيتها ، فالآخر يمثل ذاتيتها ، وهو المبدأ الضمني للإرادة الذاتية ( الحرية ) ، لكن في سياق متصل ، أبدى الفيلسوف كانط اعتراضه ، كمدرك للمعنى الحقيقي لتلك الفلسفة التى تقوم عليها الديانات الهندية ، وبالتالي أعتبر إهمال الجسد في الحياة أو كما يحصل في الممات ، يحرق بعد الموت ، يساوى بينهما ، وهذا يعود إلى الاعتقاد الهندي الذي جعل من النفس هي الشيء المهم ، والتى تترجم باليوغا ، إذن ، النوم واليوغا يتساويين في المهمة التى يعتقد أصحابها بأنهما المدخل للتوحد مع الموت الكامل وبالتالي هو الانتقال إلى العالم الآخر ، وهذا المفهوم كفيل مع الوقت أن يشطب من السلوك الإنساني ، التوازن بين الجسد والروح ، وبالتالي هذه الثقافة تنخرط في تكوين شخصية غير قادرة على الخروج من سجنها التى تقبع به ، بحكم معقابة نفسها عن خطيئتها الأولى .
هذه الفسيفساءات الفكرية ، المتزاحمة والمتنافسة في آن معاً ، تعترف في خاتمة المطاف ، بأن الإنسان ينقسم إلى قسمين ، كما أن الواقع حقيقة أيضاً الحلم جزء من الإنسان وبالتالي خداع النفس ايضاً جزء من الحقيقة ، لكن عدم التوازن بين الجزئين ، سيؤدي إلى اضطرابات عميقة ونتائج غير محمودة ، وهذا تماماً ما ألتفتَ له هتلر ، فالرجل لم يكن ليُقيم علاقة مع الحسيني لولا قرائته لرأي كانط الذي يعلو فيه منطق الانتصار وعشق التغير والإفتتان بالشجاعة ونفض عنه جميع الفلسفات التى تتبع الفلسفة الهندية وبالتالي العلاقة كانت في حقيقة أمرها مع الإسلام ، وهذا يشمل ايضاً الولايات المتحدة الامريكية ، لأن الفكرة التى قامت عليها أمريكا هي ألمانية وبالطبع دون أن نتجاهل شيء أساسي ، فاللغة الإنجليزية ، فرع من الألمانية . والسلام
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. لماذا لا تريد روسيا تصديق أن تنظيم داعش يقف وراء هجوم موسكو؟
.. هيئة البث الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي سيدخل لبنان بعد الان
.. المسؤولة الأممية فرانشيسكا ألبانيزي ترد على تشكيك صحفي في تق
.. الإعلام الحكومي بغزة: الاحتلال اعتقل جميع الأطباء والممرضين
.. متظاهرون يتجمعون خارج حفل لجميع التبرعات لحملة بايدن للمطالب