الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقاء آدم وحواء على الأرض

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2020 / 6 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أسطورة التكوين في التراث الإسلامي
٨ - آدم وحواء في الجنة الأرضية
بعد أن طرد آدم وزوجته حواء من الجنة ونفيهما إلى الأرض، عاشوا حياة بشرية وأنجبت حواء ولدين حسب بعض الروايات، وقد ذكر في القرآن قصة الخلاف بينهما، حيث قال: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)، ومن الجدير بالذكر أنّ العلماء اختلفوا في تفسير الآية وفي مَن هم ابني آدم الذين ذُكرا فيها، حيث قال فريقٌ منهم بأنّ الرجلين كانا من بني إسرائيل، وقال جمهور المفسرين أنّ الرجلين من صلب آدم واسمهما: قابيل وهابيل، وبدأت قصة قابيل وهابيل عندما قرّبا لله قرباناً، وكانت العادة في زمانهم أن يضعوا القرابين في مكانٍ معيّنٍ، ثمّ تنزل من السماء نارٌ فتحرق المتقبّل منها، وتلك هي علامة القبول، فلمّا قرّب ابني آدم القربان، تقبل الله من أحدهما، ولم يتقبّل من الآخر، فدخل الحسد إلى قلب أحدهما، فقال للآخر لأقتلك، فردّ عليه أخوه قائلاً: (وما ذنبي لتقتلني)، قال: (لأنّ الله قد تقبّل قربانك، ولم يتقبّل مني)، فردّ أخوه على تهديده بالقتل، بالنصح والتذكير، وبيّن له أنّ سبب عدم تقبّل قربانه يرجع إلى معاصيه، وجرأته على الله، وتركه للطاعات، وأمره بتقوى الله ليُتقبل منه قربانه، ولكنّ الرجل استمر بالتهديد، فردّ عليه أخوه قائلاً: (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)، واستمرّ الأخ التقيّ بتذكير أخاه "الشرير"، وتخويفه من الله، وتحذيره من حمل وزره يوم القيامة، ولكنّ الرجل لم يتعظ بكلام أخيه، بل سهّلت له نفسه قتله، وزيّن له الشيطان ذلك، كما نجد في القرآن: (فطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ). وكانت تلك أول جريمةً على الأرض، وقد قال محمد في أحد أحاديثه: (لا تُقْتَلُ نفسٌ ظُلْماً، إلّا كان على ابنِ آدمَ الأولَ كِفْلٌ من دمها، لأنَّهُ كان أولُ من سَنَّ القتلَ). هذا ملخص القصة كما ورد في أدبيات الشيوخ والفقهاء، ولكن، مع القليل من الخيال يمكننا إستنتاج المزيد من التفاصيل وجعل المسرحية أكثر واقعية.
فالبداية ككل البدايات، لا بد أن تكون أسطورية. والكل يعرف اليوم هوية القاتل الأول وصورته المنشورة في كل الجرائد السماوية، قابيل المجرم الأول الذي قتل أخاه هابيل بحجر، مرتكبا أول عملية قتل على وجه الأرض، وأول من ضغط على الزر " on" لتشغيل عداد الجثت. الأسطورة لا تذكر التفاصيل كما هي العادة، الخطوط العريضة كافية لإعطاء فكرة تقريبية للقاتل في صورة الشرير المليئ قلبه بالحقد والحسد والقسوة، والمقتول في صورة الضحية المسالمة. فقد غضب الله ذات يوم على آدم وحواء من أجل تفاحة، كما تعلمون جميعا، فطردهما من الجنة بسبب أكلهما من شجرته المحرمة عليهم، وأرسلهم إلى الأرض ليعيشوا فيها ويتعذبوا مثل بقية الحيوانات. بقيا لوقت طويل كل منهما في طرف من الأرض يبحث عن الآخر، حتى التقيا في نهاية المطاف ذات يوم عندما كانت حواء تستحم في النهر في أحد الأودية المحاطة بالجبال والأشجار. كانت المنطقة كما يبدو جميلة وتمتليئ بالبساتين والفواكه والأزهار وأنواع عديدة من الطيور الملونة والحيوانات، وبقيا لأسابيع عديدة فرحين بلقائهم مستكشفين منفاهم الأرضي وحياتهم الجديدة الهادئة بدون زحمة الجن والملائكة وعراكهم الذي لا ينتهي، وبدون أنهار الحليب والعسل، فقد كانت مياه النهر كافية ليشعروا بالسعادة والهناء حيث تخلصوا من المحرمات والممنوعات والإحساس بالمراقبة الدائمة. وكانت حواء تقضم التفاح بلذة ونهم، لتعوض الأيام الضائعة التي حرم عليها أثنائها حتى شم رائحة التفاح، وتأكل العنب والتين وما شائت من الفواكه العديدة، وكانوا يسبحون ويغتسلون في مياه النهر الباردة ويمارسون الحب على بساط العشب الطري كلما أرادوا دون خوف .. وبدأوا في تنظيم حياتهم اليومية ، فشرعوا في بناء بيت متواضع من الأحجار المتجمعة على ضفة النهر وخشب الأشجار، ثم في زراعة قطعة صغيرة من الأرض بجانب النهر وفي تربية بعض المواشي من الشياه والماعز. كانوا يعيشون كما في الأساطير، حياة هنيئة وخالية من كل المنغصات أو المشاكل المتعارف غليها في الأحراش والغابات، مثل الرطوبة الشديدة أو الحرارة أو العواصف والرياح والأمطار وما شابه، كما لا تذكر الأسطورة شيئا عن البعوض والذباب والنمل والبراغيث أو عن بقية الحشرات والحيوانات المزعجة والتي عادة ما تمنع الإنسان من النوم وتحيل الحياة في بعض الأحيان إلى جحيم .. ومر الوقت، وأنجبت حواء توأمين، قابيل وأخته إقليما، وفي العام التالي أنجبت توأمين آخرين، هابيل وأخته لبودا ( ذكر المؤرخ إبن جريرالطبري في تاريخه ، أن حواء ولدت لآدم أربعين ولداً في عشرين بطناً‏.. وقيل‏:‏ مائة وعشرين بطناً، في كل بطن ذكر وأنثى ، أولهم‏ قابيل وأخته قليما، وآخرهم‏ عبد المغيث وأخته أم المغيث‏..‏ ثم انتشر الناس بعد ذلك وكثروا وامتدّوا في الأرض.. واختلف العلماء عمّا إذا ولد لآدم وحواء أولاد‏ بالجنة ؟‏ وكانوا عمالقة ، حيث كان طول الواحد منهم 60 ذراعا ، أي 35 متر تقريبا..) .. ومرت السنوات وكبر الأطفال وأصبحوا شبابا أقوياء. قابيل وإقليما كانوا يحبون الأرض، يحرثونها ويزرعونها بالحبوب والخضروات والفواكه، وكانوا يحبون رؤية النباتات تنمو وتعطي ثمارها، يحبون الفصول المختلفة وتغير الجو وتقلباته. أما هابيل ولبودا فكانوا يفضلون الجري في البراري ورعاية الأغنام والماعز والقفز من حجر إلى آخر والذهاب بعيدا وراء الهضاب واستكشاف مراعي جديدة حتى مغيب الشمس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يواجه محاكمة جنائية بقضية شراء الصمت| #أميركا_اليوم


.. القناة 12 الإسرائيلية: القيادة السياسية والأمنية قررت الرد ب




.. رئيس الوزراء العراقي: نحث على الالتزام بالقوانين الدولية الت


.. شركات طيران عالمية تلغي رحلاتها أو تغير مسارها بسبب التوتر ب




.. تحقيق باحتمالية معرفة طاقم سفينة دالي بعطل فيها والتغاضي عنه