الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور السيد محمد باقر الصدر في إشعال الحرب العراقية الإيرانية .. (2)

جعفر المظفر

2020 / 6 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


قبل أن نذهب إلى ما كتبه السيد عادل رؤوف وخاصة في كتابه الأهم (الصدر بين دكتاتوريتين) من المهم أن نتوقف أمام ما بعض ما كتبه السيد سامي فرج في جريدة المسار بتاريخ 30/1/1986 لكي نلتقط المعلومة التالية :الإمام محسن الحكيم, أي المرجع الأعلى للشيعة كان من خط الإمام "الحسن" في حين أن السيد محمد باقر الصدر كان من خط الإمام "الحسين"
إن الخط الأول يميل إلى التعايش السلمي مع السلطة (السنية) والخط الثاني الذي أعاد تنشيطه بشكل أساسي الصدر ورفيقه الخميني يدعو إلى تفعيل الثورة ضد النظام الكافر او الظالم لإقامة دولة نائب الإمام.
وكانت لسامي فرج (1) نفسه مقالة كتبها في صحيفة التيار عام 1983 تحت عنوان (من الإمام المصلح إلى الإمام الثائر) وهي مقارنة بين الحكيم والخميني من الواضح أنها كانت لتضييق الهوة بين موقف الحكيم الموالي أو "المهادن" مع الشاه وبين الخميني الثائر ضده.
وكما هو معروف, الخط الأول يعتبر نفسه إمتدادا للتفاهم التاريخي الموروث منذ عهد الدولة الأموية الذي نشا بعد إتفاق (الحسن – معاوية) والذي أدى فيما بعد إلى قبول بعض أئمة الشيعة بتفاهم غير مكتوب يسمح لهم ببناء (دولة دينية موازية) تخضع للدولة الأم لكنها بمؤسسات حافظة لإستمرار المذهب والتعريف به, أما هيكليته فتقوم على وجود النظام المؤسساتي المعروف الذي تتقدمه المرجعيات ويتفرع منه ويتبعه وكلاء عن المرجع الإعلى المنتشرون في مختلف الولايات والأمصار مضافا إليهم مدراء الحوزات الشيعية في العراق (الحيدرية والحسينية والعباسية والكاظمية) وأيضا طلاب الحوزات العلمية ومنها تلك التي في النجف مثلا ورؤساء المواكب الحسينية وأئمة الحسينيات وقراء ورواديد المناسبات الشيعية وخاصة تلك التي تقام في عاشوراء تخليدا لذكرى إستشهاد الإمام الحسين.
وإذا كان الكتاب يقرأ من عنوانه فأجزم أن كتاب عادل رؤوف (الصدر بين دكتاتوريتين) هو واحد من أفضل الكتب التي تشرح طبيعة صراع المواقف بين مراكز التأثير والمناهج المختلفة داخل حوزة النجف, وطبيعة ذلك الذي كان يدور أيضا بين الصدر من جهة والسلطة البعثية من جهة أخرى.
إن الكتاب كما ينوه كاتبه قد تأسس على بحث تقدم به مؤلفه إلى اللجنة المشرفة على الإحتفال الذي أقيم في طهران لغرض إحياء ذكرى رحيل محمد باقر الصدر الذي كان قد تم إعدامه على يد نظام صدام في 9 نيسان عام 1980 بتهمة التعامل والتخابر مع إيران, فهو إذن توسعة لذلك البحث الذي يساوي عنوانه ما بين سلطة صدام من جهة وسلطة المرجعية من الجهة الأخرى, فكلاهما كانا,على الأقل بتوصيف السيد عادل رؤوف, سلطتين دكتاتوريتين تعذب الصدر من مواقفهما, وكان فِعلهما سويةً قد رمى إلى نفس الغرض وإن إختلفت طريقة التعبير عنه, فالسلطتان, البعثية والحوزوية, إلتقتا بالنوايا والهدف على حد تعبير تعبير السيد عادل رؤوف لأجل منع الصدر عن تنفيذ مشروعه الجهادي.
إن رؤيا السيد عادل رؤوف يمكن تلخيصها كالتالي : السلطة الأولى, أي البعثية, حاربت الصدر خلال / سنوات الحصار والمحنة (2) وصولا إلى إعدامه في النهاية, أما السلطة الثانية, سلطة المرجعية, فقد وقفت بكل صراحة ضد ذلك المشروع وأمرت صاحبه الصدر أن يخرج من حزب الدعوة أولا, الذي كان أحد كبار مؤسسيه أو كان بالأصل عرابه الحقيقي, وضغطت عليه ثانيا من أجل أن يتخلى عن مشروعه الجهادي الرامي لتثوير العمل المرجعي وتوريطه في خانق نظرية الولي الفقيه.
ولعلي أوافق رؤوف على أسباب دعوة الطرفين أو ضغطهما على الصدر للتخلي عن مشروعه, ففي النهاية كان مشروع الصدر يهدد الدولتين معا, دولة البعث ودولة المرجعية.
وإذا كان من السهولة تصور طبيعة التناقض بين مشروع الصدر والدولة السياسية القائمة آنذاك بقيادة نظامها البعثي, والذي لم يكن الصدر بمنأى عن دفعه, أي التناقض, لكي يصل إلى مربعه الأخير (أما أنا وأما أنت), فإن العثور على تفسير ملائم لموقف المرجعية الشيعية, النقيض على الجهة الثانية لمشروع الصدر, يصبح سهلا أيضا, فلقد كان مشروع الصدر يمثل في نفس الوقت إيذانا بإنتهاء عصر دولة الشيعة الموازية والذي كان لا بد من التخلي عنه, أي ترك موقف المهادنة التاريخي, والدخول في مشروع الثورة من أجل إقامة دولة الفقيه. والمرجعية الشيعية في النجف كما هو معروف عنها في عهد الحكيم ومن بعده الخوئي اللذين عاصرهما محمد باقر الصدر كانا ضد دخول الدين على خط السياسة, في حين أن الصدر أراد منها أن تغير موقفها لأجل أن تقوم بدور متميز وقيادي من أجل إزاحة النظام وبناء دولة نائب الإمام الذي كان هو شخصيا قد شارك الخميني في التنظير والعمل من أجله.
وهكذا فإن مشروع الصدر كان بمثابة إنقلابين في إنقلاب واحد.
أما الأول فقد كان يرمي لإزالة الدولة البعثية بقيادة صدام والثاني كان يرمي لوضع خاتمة للدولة الشيعية الموازية, اي الدولة الحوزية التي ترأسها السيد الخوئي بعد وفاة السيد الحكيم. إن هذا سيفسر بطبيعة الحال لماذا لجأ السيد جمال الدين نجل أبو القاسم الخوئي لكي يحث السلطة البعثية على التخلص من محمد باقر الصدر
ويفسر لنا هذا المشهد الأخير كيف تصادف أن إلتقى موقف الطرفين, النظام البعثي الحاكم وهيئة المرجعية الشيعية في مشهد تاريخي واحد قل أن يحدث في تاريخ العلاقة بين الطرفين, إذ يذكر الدكتور حميد عبدالله (3) في أحد حلقات برنامجه المتميز (تلك الأيام) ونقلا عن كتاب لمؤلفه أحمد إبن زيد العاملي بعنوان (السيرة والمسيرة) وفي الصفحة 168 أن جمال الدين الخوئي الإبن الأكبر للسيد أبو القاسم الخوئي المرجع الشيعي الأعلى قابل مدير أمن النجف وطلب منه إعدام محمد باقر الصدر (لماذا الصبر على محمد باقر الصدر وهل تنتظرون أن يتحول إلى خميني ثاني).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(يتبع)
(1) صحيفة "التيار" صدرت في لندن وإستمرت لمدة سنة واحدة، وهي أسبوعية رأس تحريرها سامي فرج الذي رأس تحرير صحيفة أخرى هي "المسار"
(2) (الشهيد الصدر سنوات المحنة وأيام الحصار) لكاتبه محمد رضا النعماني.
(3) تلك الأيام (نجل الخوئي يطالب بإعدام الصدر) الدكتور حميد عبدالله








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نازح من غزة ينشئ صيدلية مؤقتة في خيمة برفح


.. غالانت يتعهد باستمرار الحرب ضد حزب الله | #رادار




.. بايدن: القانون الذي صدق عليه الكونغرس يحفظ أمن الولايات المت


.. رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي: جيشنا يستعد لعملية رفح وينتظر




.. العاهل الأردني وأمير الكويت يشددان على أهمية خفض التوترات في