الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هو تفاوض من اجل السلطة ام السلام

محمد مهاجر

2020 / 6 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


-
ان الحرب بين الحكومة والحركات المتمردة هى الاطول فى افريقيا, وما كان لها ان تطول لو تغلبت ارادة السلام على ارادة الحرب. والسودان يعد من اغنى البلاد الافريقية واكبرها مساحة وكان من افضلها فى مجال التعليم والادارة, تلك الادارة التى ورثها من الانجليز, ومع كل هذا فانه الان يعانى من الفقر وعدم الاستقرار السياسى. والسبب الرئيسى لهذا الحال المزرى هو الحرب.

ان الانتقال من الحالة البدائية للمجتمع الى الحالة المدنية السلمية يتطلب ان يتوافق الناس على عدد من المبادئ منها
ا. التخلى عن جزء من السيادة لصالح الدولة, فتقوم الدولة بممارسة بعض المهام السيادية نيابة عن الشعب مثل حماية الحدود والمنشات والممتلكات العامة والمراعى والغابات وغيرها من المهام السيادية.
ب. قبول المواطنين ببعض القيود التى تفرضها الدولة على الحريات مثل القوانين التى تنظم الحركة والفضاء العام والتملك. فمثلا يمكن للدولة ان تسن قوانين تنظم تملك الاراضى والتصرف فيها او قوانين للحركة وغيرها. هذا لا يعنى ان يرهى العنان للدولة لكى تصدر القوانين بدون قيود.
ج. حق الحياة هو حق اساسى للانسان ولا يحق قتل الانسان لاخيه الانسان الا فى حالة الدفاع عن النفس ويشترط ان يكون هذا الخيار هو الخيار الاخير.

لقد اندلعت الحرب الاهلية عام 1955 , ولم تتوقف طيلة هذه المدة سوى احدى عشرة عاما حين ابرم الرئيس الاسبق جعفر النميرى اتفاقية سلام مع حركة التمرد فى جنوب السودان, ونقضها بنفسه فى وقت لاحق. وقد شملت الحرب بعد ذلك جنوب كردفان والنيل الازرق وشرق السودان ثم دارفور. عونا على ذلك كانت هنالك اعتداءت حكومية مسلحة وعنفا مفرطا ومجاز للمواطنين المحتجين فى جودة والجزيرة ابا والضعين وبورسودان ومناطق السدود فى شمال السودان وغيرها راح ضحيتها المئات من المواطنين ودمرت الممتلكات والثروات.

اللافت ان فى كل تلك الحروب والاحداث لم تضع الحركات المسلحة ولا الموطنين مطلب الانفصال ضمن اجندتها. والسؤال المنطقى هنا هو هل انتهكت حركات التمرد مبدأ السيادة ام كانت تتخذ الحرب كوسيلة ضغط من اجل تحقيق مطالب جماهيرها فى الحرية والعدالة والسلام الاجتماعى؟

ان الدولة لم تلتزم برعاية الحريات العامة ولا العدالة فى مناطق النزاع المسلح. لقد كانت حرية التملك صورية فالمزارع مثلا كان تواجهه قوانين سوق احتكارية ظالمة يستغل فيها التجار حاجته الماسة للمال لكىي ياخذوا ثرواته الزراعية والحيوانية بثمن بخس. والراعى يترك بلا حماية ولا قانون ينظم المراعى ويصينها فيكون هو وثروته عرضة للنهب والاعتداءات المتكررة.

ان المطالبة بالحقوق هى مطالبة مشروعة. فالمواطن هو شريك فى السلطة. والشركاء لا يلجأون الى العنف من اجل حل خلافاتهم. وقد اتخذت جميع الحركات المسلحة طريق التفاوض كخيار اساسى لانهاء الصراع المسلح لكن الواضح ان نظام البشير البائد كان يتخذ الحرب كخيار اساسى لحل الصراع المسلح. وقد كان البشير يقلل من شان حركات التمرد ومطالبهم وقد ذكر بنفسه لصحفى ساله عن عدد الضحايا, فقال ان عن عدد القتلى فى حرب دارفور لا يتجاوز عشرة الاف.

ان عقيدة السيطرة على الاخرين وممتلكاتهم وثرواتهم والاستهانة بارواح الناس ومطالبتهم بالشراكة العادلة فى حكم بلادهم وعدم احترام حقوق الانسان وحرياته الاساسية, هى من ضمن الاسباب الاساسية التى ادت الى اندلاع الحرب واطالة امدها. ان التفاوض المثمر من اجل وقف الحرب يجب ان يشمل تقديم تنازلات من الجانبين حتى تتوصل الاطراف الى اتفاق يرضى الجميع. واذا توفرت الارادة فان الحل موجود. ولن تجدى الشعارات الجوفاء والادعاء بحماية الاسلام, فالصراع كان ومازال صراعا سياسيا .

ان الحرب التى ازهت ارواح مئات الالاف وشردت الملايين ودمرت المجتمعات الانسانية والبيئة الطبيعة, يجب ان تنتهى. ولكى تنتهى يجب ان تهيئ الحكومة نفسها لتقديم تنازلات كبيرة قد تتعدى تلك التى قدمتها لانهاء حرب الجنوب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئاسيات موريتانيا: ما هي حظوظ الرئيس في الفوز بولاية ثانية؟


.. ليبيا: خطوة إلى الوراء بعد اجتماع تونس الثلاثي المغاربي؟




.. تونس: ما دواعي قرار منع تغطية قضية أمن الدولة؟


.. بيرام الداه اعبيد: ترشّح الغزواني لرئاسيات موريتانيا -ترشّح




.. بعد هدوء استمر لأيام.. الحوثيون يعودون لاستهداف خطوط الملاحة