الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد العيسى بوق إماراتي لتقسيم السعودية

خالد الصعوب

2020 / 6 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


في صيحة الموضة الجديدة، أصبحت الأخوة والتسامح الإنساني شماعة الخليج العربي للهاث خلف التطبيع مع الكيان الصهيوني، وليس أفضل من ربط ذلك بجهة تضطلع بقيادة العالم الإسلامي، وهنا يظهر الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى مصرحا بأخوة اليهود. تارة يؤم الصلاة في معسكر أوشفيتز وتارة أخرى يصرح بألا عداء بين السنة والشيعة بخلاف طائفية عمقت التفرقة.

تصريحات العيسى تبدو في ظاهرها مؤيدة للموجة التطبيعية بقيادة محمد بن سلمان، ولكن باطنها ينبئ بأن ما خفي أعظم.

يشارك العيسى في مؤتمر افتراضي للجنة اليهودية الأمريكية. وفي تصريح له يقول "وقفت دائما إلى جانب إخوتي اليهود...هناك من يحاولون تزييف التاريخ عبر ادعاء أن المحرقة، وهي الجريمة الأكثر فظاعة في تاريخنا البشري، نسج خيال...إننا نقف ضد هؤلاء الكاذبين". تجدر الإشارة هنا إلى أن عبارة "وهي الجريمة الأكثر فظاعة في تاريخنا البشري" منقولة حرفيا عن كتاب محمد بن راشد "تأملات في السعادة والإيجابية" بنسخته المترجمة. ولربما لم يسمع العيسى بالمجازر اليهودية ليحدد مقدار فظاعة الجرائم البشرية.

في تصريح آخر يصرح العيسى "بينما عاش اليهود والعرب جنبا إلى جنب على مدى قرون، من المحزن أننا ابتعدنا في العقود الأخيرة عن بعضنا البعض".

ما علاقة ذلك بتقسيم السعودية؟

تمر العلاقات بين الإمارات والسعودية من خلال العيسى كحية من تحت تبن. فمن جهة، يشاركه وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في حضور المؤتمر الافتراضي للجنة اليهودية الأمريكية، ومن جهة أخرى يحظى العيسى بتكريم كل من وزير التسامح الإماراتي نهيان بن مبارك ورئيس "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" عبدالله بن بيه بجائزة "الإمام الحسن بن علي للسلم الدولية" في أبوظبي، ومن جهة ثالثة يستقبل العيسى بمكتبه في الرياض وفد برنامج التسامح والتعايش الإماراتي برئاسة عمر حبتور الدرعي، ومن جهة أخيرة وليست آخرة ينادي العيسى بأخوة السنة والشيعة مستندا لنصوص شرعية. كل ذلك والسعودية في غفلة من إمرها ظنا منها أن الإمارات تدعمها في اللهاث التطبيعي تريد بها الخير، فهل الأمر كذلك؟

احتفى الإسرائيليون بتصريحات العيسى، وهي تصريحات موثقة بالصوت والصورة وصادرة عن الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي السعودي وهي جهة سعودية رسمية ناطقة باسم السعودية بوصفها قطبا للعالم الإسلامي بفضل الحرمين، فكيف يؤثر ذلك على وحدة السعودية؟

في العام الماضي، صرح نتنياهو بعزم الكيان الصهيوني على مطالبة سبعة بلدان عربية بتعويضات لليهود الذين كانوا يعيشون فيها تبلغ كحد أدنى مائتين وخمسين مليار دولار. ذكر نتنياهو الدول المستهدفة ومنها المغرب وليبيا ومصر واليمن ولم يذكر السعودية من بينها، أما الآن بفضل تصريحات العيسى الذي قدم شهادة سعودية تقول بوجود اليهود في السعودية منذ قرون، سيؤدي الأمر لطلب تعويضات إسرائيلية من السعودية التي باتت تدعو لسياسة التقشف كنتيجة سياساتها المتخبطة. يأتي ذلك إبان انتشار كتاب "عودوا إلى مكة" الذي ألفه الحاخام دينيس آفي ليبكين الصادر منذ نحو خمس سنوات والذي ينادي بعودة اليهود إلى مكة، ليس ضمن تعايش وأخوة بل ضمن احتلال يتجاوز فلسطين. هذا الأمر فطنت له الكويت، فتبرأت من شهادة حياة الفهد في مسلسلها أم هارون لأنها تدرك أن الأمر لا يتوقف عند مسلسل، بل سيجر تبعات لا قبل لها بتحملها، فاليهود إخوتنا لا يضيعون فرصة دونما اقتناص.

تصريحات العيسى تكشف عن محاولة مستميتة لربط السعودية بالكيان الصهيوني، لا للتطبيع بل للتقسيم والأصابع تشير بكلها إلى الإمارات، ذلك أن مثل تلك التصريحات لم تصدر عن الإمارات رغم اجترارها للتطبيع ليل نهار، فالإمارات تدرك أن تصريحات كهذه من شأنها أن تؤثر على سيادتها، وهذا ما لا تريده لنفسها ولكنها بالطبع تريده للسعودية لتغدو الإمارات كما الكيان الصهيوني، دويلة مسيطرة على المنطقة، كيف لا وقد صرحت مؤخرا بأن أقوى جيشين في المنطقة هما جيشا الإمارات والكيان الصهيوني دون أن تلمح من قريب أو بعيد لوجود السعودية في المشهد.

تضرب الإمارات بيد سعودية فتدفع السعودية الثمن في كل حين. في اليمن خرجت الإمارات من اللعبة وأبقت السعودية غارقة في الوحل باسم الإيراني بينما بلغ حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإيران أحد عشر مليار دولار سنويا. في قطر، تسببت الإمارات بانفراط العقد الخليجي بحجة إيران، ثم أرسلت الإمارات فزاعا ليعيد بناء العلاقات التي قطعتها، عادت السعودية قطر وأصبحت تشتمها إعلاميا من كل جانب بينما تتودد الإمارات لإيران صبح مساء. باسم إيران، بيعت صفقات أسلحة أمريكية بالية بالمليارات للسعودية التي بات نفطها ينضب بينما توددت الأمارات لإيران، ثم أخيرا، أطلقت العيسى يصرح بأن السنة والشيعة إخوة! إن كانوا إخوة فلماذا تقحم السعودية في الحروب الاستنزافية مع إيران؟

يفتخر ابن سلمان بالعلاقة مع الإمارات، لأن الإماراتيين رفهوا عن نفسه صبيحة تقطيع الصحفي الذي ربما دعوه لتقطيعه باللعب على رعونته بينما يغفل عن الخيوط التي تنسج له بصمت بأبواق سعودية مدعومة إماراتيا، فاليهود لا يؤاخون إلا مصالحهم وهذا ما يعرفه المتصهينون وإن بقيت السعودية على هذا النهج، ستصبح ليبيا أو اليمن ولكن حصة الأسد منها ستذهب للإمارات لا لغيرها، فما بعد الاستنزاف إلا الترنح الذي سيطيح بالسعودية ولن ترحمها الإمارات كما لم ترحم قطر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية