الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكلب والعاهرة!!

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2020 / 6 / 27
كتابات ساخرة


كاتب وصحفي سوري
في ندوة دعت إليها أحزاب "التجمع الوطني" في السويداء إبان ما سمي "ربيع دمشق" للحديث عن قضايا المرأة السورية مع السيدة مي الرحبي التي قدمت تلك المحاضرة, بالطبع عقّب البعض بمداخلات قصيرة وأحيانا طويلة.. واشتدت حرارة الحوار لأسباب تتعلق بالاختلاف في الرأي واحيانا لإثبات الحضور ليس الا. طلب أحدهم الكلام بعصبية.. والحقيقة لم ينتظر السماح له بالكلام, وكأن الكيل قد فاض بداخله, ويبدو انه قد شرب عدة كؤوس من الخمرة قبل الندوة.. كانت مداخلته قصيرة لا تتعدى كلمات عشر, أعقبها صمت مدوٍ.. لكنني ضحكت بشيء من الدهشة واعتبرت ان هذه الكلمات كافية لتوصيف واقع المرأة والرجل معاً في سوريا.
قال: آل الاسد حولوا الرجل في سوريا الى كلب والمرأة الى عاهرة!!
ربما شعر البعض بالإهانة, نساءً ورجالاً, وربما زجره البعض و كثيرون شعروا بالخوف.. فالمخابرات تتنصت وتحاصر المكان تقريباً, قلة هم الذين اعجبوا بهذه الكلمات العشر وقد كنت منهم, لكن على مضض.
المرأة العاهرة ليست تلك التي تبيع جسدها فحسب, وانما هي كل النساء اللواتي يرضعن اطفالهن الخوف والطاعة والتزلف والأنانية والجبن مع حليب اثدائهن, العاهرة هي كل النساء اللواتي هتفن للأسد علناً ودعين عليه بالويل والثبور سراً, ولا اعتقد ان هناك امرأة في بلدي لم تفعل ذلك, لأن الاستبداد وانعدام الاخلاق والشرف عند آل الاسد يفوق حكمة وشجاعة اية امرأة في العالم.
والرجل - الكلب ليس ذاك الذي ينبح ويعض بأمر الطاغية فقط, وانما هم كل الرجال الذين علموا ابنائهم "الحيط الحيط ويارب السترة" وأن طاعه الحاكم من طاعه الله, والانتساب الى حزب السلطة هو الملاذ من الفقر والحاجة, والاهم نحن لا يهمنا الا "من باب بيتنا ولجوه" هم كل الرجال الذين رأوا اهانه واذلال الآخرين ولم يعترضوا وانما غضوا الطرف ومضوا من اسرع طريق الى منازلهم ليغلقوا الابواب ورائهم, لا رأوا ولا سمعوا ولا تكلموا.
اعتقد ايضا ان حجم القبح والغطرسة في حكم آل الاسد كاف لإسكات أشجع الرجال, رغم ان هناك قله ما, نساءً ورجالاً, كانوا من اشجع الناس في مواجهه الطاغية الاب والطاغية الابن معاً ودفعوا سنوات طويلة من اعمارهن داخل المعتقلات.. هؤلاء هم من اشجع الافراد في العالم.
بالطبع كلا الصفتين تنطبقان على الرجل والمرأة معاً.
في الحقيقة لم اكتشف واقعية ما قاله ذاك الرجل المخمور الا حين عشت في اوروبا, وحسب ما قاله الكاتب السوري ياسين الحافظ ذات يوم: الفرد في اوروبا, رجلاً او امرأةً او طفلاً, هو ديك, أما الفرد في بلادنا فهو دودة, بالطبع لو نظرنا الى الشرق عموما لوجدنا وضع شعوبه ليس افضل حالاً من وضع الشعب السوري, ترى ذلك في علاقات الناس مع الله والسلطة وفيما بينهم, مع الافكار والتيارات السياسية, وفي الانتخابات.. الفرد في أوروبا كائن مكتمل الكرامة والحرية يعبر عما لا يعجبه كما الديك, لا يخشى احداً في التعبير عن رأيه, لكنه يقدس القانون ايضاً.. القانون الذي وضع لحماية صوته كحد ادنى. في حين ترى الفرد عندنا يلعب دوراً اجتماعياً همه كسب رضا الله والسلطة والناس.. ويخاف من صوته كما يخاف من الحاكم, والكثيرون ماتوا دون أن يسمعوا أو يعرفوا صوتهم, ولا يمكنك ان تدرك حقيقة هذا الفرد أو ماذا يريد.. وكأننا في مسرح للدمى المربوطة بخيوط تحركها اصابع الله "الذي ينوب عنه الشيخ" والحاكم معاً.
واقعية كلمات ذاك الرجل الشجاع, نلمسها اليوم بعد تسع سنوات على ثوره السوريين, وربما انتفاضة العامة في سوريا, ثورة انكفات الى حرب مع الطاغية وشبيحته, ومن ثم الى حرب اهلية, ثورة كانت نتائجها كارثه: مليون قتيل وأكثر من 10 ملايين مهجر ونازح, ودمار غالبية المدن, والعديد من جيوش الاحتلال الأجنبية تجتاح أراضيها.
الفرد - الدودة تراه اليوم في اوساط "المعارضين" كما الموالين.. وفي الحقيقة ان دوره المعارض اسوء من دوره الموالي واكثر اذى للثورة والناس.
ان استطاعت هذه الثورة ان تنقلنا من مرحله الكلب والعاهرة, الى مرحله الانسان ليس الا.. فستكون حقاً ثورة عظيمة, الانسان الذي يدرك انسانيته, حريته وكرامته ويتطلع نحو غد لا استبداد فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا