الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموقف تجاه جهاز مكافحة الإرهاب

جلال الصباغ

2020 / 6 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


في البدأ لا بد من طرح مجموعة من التساؤلات التي تحرك المياه الراكدة وتجعل الحوار والجدل بشأن خطوة جهاز مكافحة الإرهاب باعتقال عناصر من حزب الله مثمرا ومبنيا على اساس من الحقائق، وليس مجرد أمنيات وانسياق عاطفي قد يشوه او يبالغ او يتجاهل الكثير من الثوابت في العملية السياسية الحالية والتوازنات القائمة على أساسها، وهذا الانسياق ادى في تجارب مشابه سابقة، لتحليلات وتنبؤات بعيدة عن الواقع، ما يساهم في خلط الاوراق وزيادة الضبابية، وهو ما تسعى اليه السلطة في ازمتها المزمنة والمتفاقمة، خصوصا والانتفاضة امام منعطفات تاريخية.

ومن ضمن هذه التساؤلات: هل الكاظمي وجهاز مكافحة الإرهاب جادين في محاربة المليشيات؟ وأن كانوا جادين فهل هم قادرين على هذه الحرب؟ جميعنا يعلم أن ممثلي المليشيات على اختلافها في البرلمان يشكلون ما نسبته خمسين بالمئة من مجموع المصوتين على الكاظمي وحكومته، واذا أردنا ان نقارن تجربة الكاظمي بتجربة مشابهة قام بها المالكي في وقت سابق من إعلان الحرب في وقتها على جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر، وقد طبل وهلل لها كثيرون، فهل كان المالكي جادا بالقضاء على جيش المهدي، وهل استطاع ذلك فعلا؟ ام ان القضية لا تعدو كونها مسرحيات من أجل إعادة ترتيب الاوراق.

يحاول الكثير ممن يعتقدون ويؤمنون بخطوة الكاظمي ان يصوروه وجهازه لمكافحة الإرهاب بأنه المنقذ والمخلص للجماهير من سطوة العصابات والقتلة وناهبي المال العام، وفي ذات الوقت يروج هؤلاء ان هنالك مليشيات سيئة "وقحة" يجب انهائها وأخرى جيدة "مؤدبة" يجب دعمها ولسنا نعرف من هي هذه المليشيات " المؤدبة" هل هي سرايا السلام والقبعات الزرق التي مارست القتل والخطف تجاه المنتفضين ام هي المليشيا التي يرأسها فالح الفياض وهادي العامري وغيرهم من زعماء العصابات.

واذا سلمنا جدلا بان الكاظمي عازم على إنهاء المليشيات، فهل يتوافق ذلك مع المشروع الطائفي القومي المحاصصي الذي جائت به الولايات المتحدة؟ وهل من مصلحة ايران والسعودية وتركيا وأميركا من قبلهم ان ينشئوا دولة قوية؟ وهؤلاء هم اللاعبين الأساسيين في دعم وبقاء هذا النظام.

اليوم ومع كل هذا التطبيل الذي رافق عملية جهاز مكافحة الإرهاب، وكأننا سنتخلص من حكم اللصوص وأحزاب الاسلام السياسي وتذهب المليشيات والعصابات إلى غير رجعة، ووسط هذه الأمنيات الجميلة والمتفائلة جدا، نقول؛ ماذا لو طلب السيد الكاظمي من جهاز مكافحة الإرهاب الهجوم على ساحات التظاهر وإنهاء كل أشكال الاحتجاج على السلطة؟ هل يا ترى سيقوم عبد الوهاب الساعدي بتنفيذ الأوامر؟ وهو الشخص الذي كرمه الكاظمي واعاده رئيسا للجهاز بعد أن ابعده عبد المهدي، الجواب المنطقي على هذا السؤال هو تنفيذ الظابط لأوامر سيده بالطبع.

المتفائلون جدا بخطوات الكاظمي الأخيرة اكتسبوا هذا التفائل من الإعلام المرئي والمكتوب والمسموع وعبر وسائل التواصل والدعم الخارجي اللامحدود لخطوات رئيس الوزراء الأخيرة، يرافقه تطبيل القوى الإصلاحية والمثقفين الذين يصورون الأمر وكأنه انتصار لإرادة الجماهير.

لقد خرجت الجماهير في انتفاضة عارمة مستمرة منذ الأول من أكتوبر ولغاية الان، وقد دفعت المئات من الضحايا و الآلاف من المعوقين والجرحى، من أجل إسقاط هذه المنظومة من جذورها والخلاص النهائي من حكم المليشيات والقتلة وسارقي أموال الشعب، وليس من أجل مسرحية اعتقال عشرة او عشرين شخصا من مليشيا معينة، أو من أجل تغيير رئيس الوقف الشيعي او مدير التقاعد العامة! وكل من يحاول ان يصور هذه القضايا على أنها انتصارات، أما ساذج ولا يقرأ الواقع جيدا او انه مطبل واصلاحي يتمنى بقاء الحال على ما هو عليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية