الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة السياسية والسلطة، وحكومة السيد الكاظمي- القسم الخامس

سربست مصطفى رشيد اميدي

2020 / 7 / 1
دراسات وابحاث قانونية


المعارضة السياسية والسلطة، وحكومة السيد الكاظمي

القسم الخامس
رابعا: التحديات التي تواجه حكومة السيد الكاظمي
منذ شهر تشرين من العام الماضي فان حملة تظاهرات واسعة اكتسحت ساحات بغداد والمحافظات الجنوبية احتجاجا على الوضع المعيشي المتردي وعدم وجود خدمات وانتشار الفساد في أجهزة ومؤسسات الدولة العراقية، وسيطرة الأحزاب السياسية الحاكمة التي أصبحت بمثابة كارتلات مالية سياسية وتمتلك قوات مسلحة خاصة بها. وكان من نتيجة هذه الاحتجاجات والتظاهرات ان جوبهت باستعمال العنف المفرط إزاءها من قبل القوات الأمنية للحكومة ومن مسلحي الأحزاب الحاكمة، واحيانا ترافقت بعنف مضاد من قبل المتظاهرين او (البعض) منهم، والتي أدت الى حرق مقرات الأحزاب السياسية خاصة تلك التي لديها كيانات مسلحة. حيث أدت أيضا الى ان يضطر رئيس الوزراء السابق السيد ( عادل عبدالمهدي) الى تقديم استقالة حكومته ولم تستطع الأحزاب ذات الأغلبية البرلمانية من التصويت على مرشح بديل لرئاسة الوزراء حيث فشل أثنين من المكلفين بتشكيل الحكومة الى ان استطاع السيد مصطفى الكاظمي من تشكيل الحكومة وتم التصويت على حكومته في 7/5/2020 بعد ان استطاع ان يحصل على دعم وتصويت أعضاء البرلمان من الأحزاب الكبيرة خاصة تحالف الفتح والسائرون والحزبين الكورديين وتحالف القوى. وان تشكيل هذه الحكومة رافقها ارتياح من قبل شرائح كبيرة من الشعب العراقي املا منهم في ان تستطيع هذه الحكومة من البدء بخطوات عملية وعلمية لأجراء اصلاح حقيقي في كل القطاعات وتكون بمثابة خارطة طريق لانتشال العراق من الوضع السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي المتردي، اما الخدمات الأساسية فأنها أصبحت بمثابة ترف استهلاكي لا يتوقعه المواطن العراقي. وحيث ان الملفات التي ينتظر مراجعة وإيجاد حلول لها من قبل الحكومة هي عديدة وكثيرة، لكن مسافة الالف ميل لابد ان تبدا من الخطوة الأولى، ويفترض ان الطبقة السياسية الحاكمة قد وصلت الى قناعة بان الظروف الاقتصادية والسياسية والأمنية المتردية قد وصلت الى حالة تهدد بالانفجار او الانهيار الذي لا يبقى ولا يذر وقد اقتربت. وبالتالي لابد عليهم من التخلي عن مصالحهم الحزبية الضيقة لأجل المصلحة العامة للعراق ولمستقبل المواطن العراقي، وانه من المتوقع ان تتولد من الازمات ارادة حقيقية لإيجاد حلول لتلك الازمات نظرا للحاجة وعدم وجود بدائل اخرى باستمرار النهب والسلب لثروات العراق من قبل الأحزاب الحاكمة في العراق والطبقة البرجوازية الطفيلية من المؤيدين والدائرين في فلك تلك الأحزاب.
لذلك تتوقع الكثير من شراح المجتمع العراقي ان تبدا الحكومة الجديدة بخطوات اصلاح حقيقية تتناول جذور كل مشكلة، وليست عبر إجراءات ترقيعية قد تكون نتائجها السلبية بعد فترة تضاف الى مجموع الفشل الحكومي منذ سنة 2003 وما قبلها أيضا ولحد الان.
هذا الامر ينطبق على الإقليم أيضا مع اختلاف وجود خطوات خجولة نحو الإصلاح حيث اصدر برلمان الإقليم تشريعا لغرض تنظيم الرواتب والحد من الازدواج الوظيفي وحالات الإحالة على التقاعد خلاف القانون سمي بقانون الإصلاح، وهي خطوة جيدة وفي الاتجاه الصحيح. لكنها لا تكفي بل لابد من اصلاح حقيقي أولها ان تكون كل موارد حكومة الإقليم تجبى لصالح وزارة المالية حصرا ولا تستفيد شركات وشخصيات قريبة من الحزبين الحاكمين من موارد الدولة لمصالحها، في حين ان الحكومة لا تستطيع دفع رواتب موظفيها الذين تضاعف عددهم منذ سنة 2003، واغلبها لم تكن لسد حاجة وظيفية لمصلحة الحكومة بل للكسب الحزبي من قبل الحزبين لاستمالة مؤيدي الأحزاب الأخرى او المستقلين عن طريق تعيينهم في دوائر ومؤسسات الدولة. لكن لابد من القول ان شرائح كبيرة تستبشر خيرا بان يكون هذا القانون هو بمثابة الخطوة الأولى في مسيرة طويلة قد تكون بطيئة ولكنها يجب ان تكون راسخة ومستمرة لغرض اجراء اصلاح شامل للوضع الاقتصادي المتردي في الإقليم وتكون بداية أيضا لأجراء اصلاح سياسي أيضا في المستقبل.
لذلك ومن المقولة التي اسلفنا ذكرها وهي انه قد تكون الازمات هي نفسها تولد الحلول فلا بد لنا من ان نحدد اهم الملفات التي تحتاج ان يتم البدء بدراستها وإيجاد الحلول الحقيقية لها من قبل حكومة السيد الكاظمي وهي عديدة لكن أهمها هي:-
1- ملف قتلة المتظاهرين.
ان اندلاع انتفاضة تشرين 2019 من قبل الشباب ضد الجور والفقر والفساد المستشري وانعدام الخدمات، وعدم توفر فرص العمل، وكما هو معروف للجميع فقد جوبهت هذه الانتفاضة بعملية قتل مبرمجة للمنظمين لها واختطافهم وتعذيبهم واغتيالهم، وكان احيانا يتم اطلاق النار على المتظاهرين والقوات الامنية معا لخلط الاوراق على المتظاهرين. وقد اتهمت جهات مختلفة باقتراف هذا العمل المشين بحق شباب خرجوا مطالبين بحقوقهم والحد من نهب اموال الدولة وأملا بالتغيير نحو الافضل. لذلك يجب ان يلاقي قتلة شباب العراق جزاءهم العادل جراء ما اقترفت اياديهم الاثيمة من جرائم عن عمد وسبق الاصرار بحق ابناء بلدهم. ويفترض ان تكون حكومة السيد الكاظمي جادة في عدم السماح لهؤلاء بالاستمرار في عدم الحضوع للعدالة، فيجب ان يحال جميع المتهمين الى القضاء ليتم محاكمتهم في جلسات عادلة وعلنية تعرض على شاشات التلفزيون، ولا يعقل أن تكون الاجهزة الامنية العراقية غير قادرة على تحديد المتهمين بتلك الجرائم، وحتى يعرف الشعب العراقي من هم اللذين قتلوا ابناءهم، ومن هي الجهات التي تقف وراءهم وتمولهم وتدربهم او حرضتهم سواء كانت جهات خارجية أم داخلية، ولينالوا جزاءهم العادل. حيث ان ذلك سيعطي رسالة واضحة وقوية للشعب العراقي بان هذه الحكومة هي للجميع وتهمها حياة المواطن، وهي ليست لفئة أو مجموعة كيانات سياسية ومالية وعسكرية تتحكم بمصير الناس والبلد.
2- ملف فايروس كوفيد 19.
اصبح تفشي موضوع كوفيد 19 في العالم وفي العراق افة تحصد ارواح الناس وتؤثر في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية بشكل كبير، ولحد الان لا توجد في العالم وسائل ناجحة واجراءات وتفاهمات دولية للقضاء على هذا الفايروس الذي ينتشر بسرعة في المجتمعات. ولكن هنالك اجراءات للحد من انتشاره وهي اجراءات صحية وامنية ولوجستية. ولكن في العراق وفي الاقليم كان ولا زال هنالك استخفاف من شرائح واسعة من المواطنين بجدوى هذه الاجراءات وحتى وجود الفايروس، ومن ضمنهم بعض القيادات السياسية التي تحاول استغلال انتشار الفايروس لاغراض سياسية. فقد راينا في شاشات التلفزيون رئيس لجنة نيابية وفي بداية انتشار الفايروس أعلن في مؤتمر صحفي بانه لا صحة لوجود هكذا فايروس، وقد تم نشر العديد من الفيديوات والاراء من قبل اشخاص تعود بولائها لجهات سياسية معروفة سواء في الاقليم او في عموم العراق. ولم يتم السيطرة على حدود العراق والمنافذ حيث استمر دخول العراق والاقليم من قبل اشخاص من دول الجوار او عراقيين مقيمين فيها والتي انتشر الفايروس فيها بشكل واسع وخاصة ايران وتركيا والمملكة العربية السعودية. سواء كان ذلك مقابل مبالغ مالية لمنتسبي تلك المنافذ الحدودية وعدم الالتزام بالاجراءات بمنع الدخول او على الاقل احالتهم الى الجهات الصحية المعنية، ونتيجة لذلك ونظرا لعدم التزام شرائح كبيرة من المواطنين بالاجراءات الصحية الوقائية نلاحظ انتشار الفايروس بشكل سريع ويفتك يوميا بحياة العشرات من المواطنين. لذلك لا بد من التعامل الجدي مع تاثير الفايروس من اجل فرض اجراءات رادعة والزام المواطنين للالتزام بهذه الاجراءات الصحية في الاماكن العامة، وفرض غرامات كبيرة على المخالفين مهما كانت صفة ومنصب الشخص الغير الملتزم بالاجراءات، بالاضافة الى الى فرض اجراءات صحية دقيقة في المنافذ الحدودية والمطارات. وتكليف الادعاء العام سواء في عموم العراق أو في الاقليم بتحريك دعاوى جزائية بحق اللذين يدعون بعدم وجود هكذا فايروس، ويحرضون المواطنين بعدم الالتزام باجراءات الحظر وتقييد الحركة تبعا لمصالحهم الحزبية الضيقة غير ابهين بحياة الناس، واعلان ذلك في وسائل الاعلام المختلفة، لحين وصول العقل البشري لابتكار علاج لهذا الفايروس الفتاك.
3- الازمة المالية.
الازمة المالية التي تعصف الان بالاقتصاد العراقي وفي الاقليم ليست وليدة اليوم، وانما هي نتاج السياسة المالية والاقتصادية الخاطئة (ان وجدت سياسة اصلا) للحكومات العراقية منذ سنة 2003 وما قبلها ايضا، وهكذا الحال بالنسبة لحكومة الاقليم. من حيث هدر اموال الدولة والاستيلاء على ممتلكاتها بشكل منظم، وانفاق الجزء الاكبر من اية موازنة مالية على الجانب العسكري والموازنات التشغيلية الضخمة للحكومات العراقية، وعملية التوظيف الهائلة بعد سنة 2003 لاجل الكسب الحزبي الرخيص، بحيث تتجاوز نسب الموظفين قياسا للعدد الاجمالي للمواطنين القادرين على العمل اعلى النسب المعروفة في العالم. وكان نتيجة ذلك تدمير الاقتصاد العراقي الذي كان يعاني اصلا من مشاكل بنيوية، خاصة القطاع الزراعي والثروة الحيوانية، والقطاع الصناعي والذي كان سابقا يعتمد على الصناعات الاستهلاكية والتحويلية، حيث لم يتم بناء صناعة ثقيلة اصلا. ففي الجانب الزراعي نتيجة ما اسلفنا فقد هجر الفلاحون لحقولهم في ظل وجود مصدر انفاق سهل من خلال عملية التعيين (بالاخص لمؤيدي الاحزاب الحاكمة في بغداد والاقليم)، وعدم الاهتمام الحكومي بهذا الجانب، بالاضافة لعدم وجود سياسة كمركية واضحة من قبل الحكومة لحماية المنتج المحلي. أما الصناعة فقد اقفلت ابواب الاف المصانع في العراق والاقليم، بسبب كون مصلحة الطبقة البرجوازية الطفيلية هي الاعتماد على استيراد جميع البضائع والسلع من دول الجوارخاصة ايران وتركيا، لانها تدر ارباحا خيالية وسريعة لاصحابها، هذه الطبقة الطفيلية الشرسة التي تعتاش على الدولة اصبحت عائقا حقيقيا امام اي اصلاح سياسي واقتصادي جذري في العراق. وبهذا لم يعد اصلا هناك ما يسمى بالاقتصاد العراقي، حيث تم تدمير الطبقة الوسطى والتي هي عماد بناء القطاع الخاص الذي هو اساس اي اقتصاد وطني ويكمل مع القطاع العام والمختلط المتطلبات الاساسية لحياة المواطنين والتنمية المطلوبة، وايضا من صفات وجود طبقة وسطى قوية ومصالحها هي دعم التوجهات الديمقراطية والسلم الاهلي والتعددية في اية دولة. فاصبحت الدولة العراقية تعتمد فقط على بيع النفط، والتي اسعارها ترتفع وتنخفض تبعا للعرض والطلب في اسواق النفط الدولية، وللسياسات الدولية والعوامل المحركة للاقتصاد العالمي والمنافسة الدولية الواضحة فيها. عليه لا بد من البدأ باصلاح جذري وبعيد الامد في هذا الملف، والخطوة الاولى في هذه الخطة هي انه يجب أن تجبى كل موارد الدولة لوزارة المالية حصرا، وينطبق هذا الامر ايضا على الاقليم، وان تعيد الدولة سيطرتها على المنافذ الدولية التي تسيطر على عدد منها جهات حزبية مسلحة، او ان شركات تدور في فلك السلطة هي المسنفيدة منها وليست الحكومة. وان تقوم بتقليص الموازنات التشغيلية الضخمة للمؤسسات والوزارات، وايضا الموازنات الضخمة لوزارتي الدفاع والداخلية والحشد الشعبي، علما ان هنالك العديد من المسؤولين لديهم المئات من المركبات والمئات من الحمايات المدججين بالاسلحة والتجهيزات العسكرية، وقسم منهم ليست لديهم اية مناصب حكومية، لكن فقط لكونهم زعماء احزاب سياسية. وايضا من الضروري اعادة الممتلكات والابنية العائدة للدولة التي استولت عليها الاحزاب السياسية بغير حق. وانه ان الاوان ان تضع الحكومة خطة تفصيلية تضع الحلول العلمية لكل قطاع اقتصادي سواء كان النفط والغاز والزراعة والثروة الحيوانية والصناعة وغيرها، وتكون محددة بمدد زمنية والجهات التي تقوم بتنفيذ كل فقرة فيها والمبالغ المرصودة لها، ووجود اليات ومؤشرات لقياس تنفيذ الخطة حتى يمكن بعد ذلك تقييمها، ومن ثم تحديد المؤسسات والوزارات والموظفين اللذين قد يفشلون في تنفيذ نسب النجاح المطلوبة ومحاسبتهم وفق القانون.
4- ملف المشاكل بين الحكومة المركزية وحكومة ااقليم كردستان.
يبدو أن القوى والاحزاب السياسية التي جاءت الى السلطة بعد اسقاط النظام السابق في نيسان 2003 كانت متفقة على ضرورة انهاء حكم حزب البعث فقط، لكنها لم تكن متفقة على خطط ورؤية استراتيجية واضحة لما بعد ذلك. ولكن بعد كتابة الدستور العراقي والاستفتاء عليه بالموافقة باغلبية واضحة في 15/10/2005، فانه يمكننا القول بان هذا الدستور ومبادئه قد اصبح ضامنا لوحدة العراق كما جاء في المادة الاولى منه، ويعتبر بمثابة عقد اجتماعي وسياسي بين المشاركين في الحكم والعملية الساسية بعد التغيير، ويشكل الطريق والمنهج لكيفية ادارة الحكم والمشاركة فيه وتسيير عجلة الاقتصاد. ولكن من حيث التطبيق لم يكن نتيجة ذلك وفق ما توقعه العراقيون فشهوة الاستمرار والتحكم بالسلطة، وتشكيل طبقة برجوازية همجية التهمت مقدرات الشعب العراقي وتطالب بالمزيد، لكونها نتاج عملية الفساد السياسي والمالي والاداري للسلطة الحاكمة في العراق بعد 2003. وفي هذه الاجواء وعلى الرغم من ان الاقليم كان شبه دولة لمدة اثنتي عشر سنة، لكن الحزبين الحاكمين لم يقدموا نموذج حكم يقتدى بها في العراق والمنطقة، لذلك سارعوا في الذهاب الى بغداد معتمدين على ضمان تطبيق احكام الدستور، خاصة تلك التي تنظم طبيعة نظام الحكم وسبل المشاركة في مؤسسات الدولة العراقية، واليات تنظيم العلاقة بين المركز والاقاليم. وهنا حيث يوجد اقليم واحد في العراق فقد برزت المشاكل باستمرار في هذه العلاقة لاسباب عديدة، اهمها النظر الى الدستور بانتقائية من قبل المركز والاقليم ايضا، حيث لم يتم تنفيذ اكثر من خمسين مادة من الدستور بشكل متعمد من قبل الحكومات العراقية نظرا لتصاعد النظرة الشوفينية لقادة الاحزاب السياسية الحاكمة في بغداد تجاه الاقليم وشعب كردستان الذي قدم انهارا من الدماء في سبيل تحقيق الديمقراطية في العراق والحكم الذاتي لكردستان ومن ثم الفدرالية. حيث لو ان نضاله انصب على استقلال كردستان واعتبار القوى الكردستانية بمثابة حركة تحرر وليست كقوى داخلية تتعرض للقمع والابادة باستمرار من قبل القوات العسكرية لانقرة وطهران وبغداد ودمشق لما قدم من ضحايا ما قدمه في بناء الدول الاربعة، لكن يبدو ان للتاريخ منطق اخر يختلف عن ما هو مفروض، لذلك ينصب نضال البشرية في قديم الزمان ولحد الان في تقليل الهوة بين الواقع والمفروض. فعلى سبيل المثال بالنسبة للمواد الدستورية غير المنفذة هو عدم تشريع قانون مجلس الاتحاد الذي بعتبر الغرفة الثانية للبرلمان في العراق كون نظام الحكم هو برلماني اتحادي حسب الدستور، كما لم يتم تنفيذ المادة 140 من الدستور والتي يعلن اغلب قادة الاحزاب الحاكمة بعدم موافقتها على تنفيذها، وقد تبجحت احداهن وبفخر بانها تسببت في عرقلة تنفيذ هذه المادة لبضع سنين، ولحد الان لم يشرع قانون النفط والغاز الذي يعتبر كيفية التصرف فيها احدى اهم المشاكل بين المركز والاقليم، في حين ان الدستور العراقي قد قرر أهم المباديء الواجبة الاتباع بهذا الخصوص، بالاضافة الى عدم تشريع قوانين عدد من الهيئات المستقلة او الغير مرتبطة بوزارة والتي نص عليها الدستور. وحيث ان عدم النظر الى الدستور كبناء متكامل يفقده الكثير من قوته وفحواه، وايضا يفقده احترام احكامه وكوثيقة اتفق عليه الحاكمون ووافق عليه المحكومون، وبالتالي يؤدي الى فقدان الثقة بسموه وكونه الحكم الذي يجب ان يلجأ اليه المتخاصمون. لذلك فان المشاكل القائمة بين الاقليم والمركز منبعه هذا الامر، حيث اعتقد لو انه تم النظر اليه وفق الحقوق المقررة للاقليم والمركز في الدستور سيكون من الممكن ايجاد الحلول اللازمة لها. فحسب الدستور الذي اعترف بدستورية حكومة وبرلمان كردستان فيجب ان تمنح للاقليم وحسب نسبة سكانه من مجموع سكان العراق حصته من الميزانية السنوية منذ 2003 مضافا اليها اية خدمات واعمال تقدم لشرائح من المواطنين العراقيين خارج حدود الاقليم، مثل استيعاب مئات الالاف من النازحين من بقية محافظات العراق منذ 2006 ولحد الان، وايضا من ضمنها نسبة لقوات البيشمركة من ما يصرف على الانفاق العسكري ولقوى الامن الداخلي ويشمل ذلك الرواتب والتسليح والتجهيز والتدريب. على أن يتم احتساب الواردات الداخلية للاقليم من النفط والغاز والمنافذ الحدودية والضرائب وايرادات الوزارات، وايضا منذ 2003 ولحد الان، ويتم تكليف شركة دولية ذات مصداقية حاصة باجراء الحسابات والتدقيق لتقوم بذلك ويلزم الطرفان بالموافقة على نتائجها والارقام الناتجة عنها. فلا يمكن أن يربط قوت الشعب من رواتب ومستحقات الموظفين في الاقليم بالوضع السياسي وطبيعة العلاقات بين المركز والاقليم، وانه لا يمكن النظر الى الاقليم كالنظرة الموجودة تجاه المحافظات والتي تم حل مجالسها اخيرا من قبل مجلس النواب. في حين ان الاقليم يعتبر ركنا في النظام الفدرالي المقرر وفق الدستور، وان الاقليم قد استقدم لواءين من قوات البيشمركة لحماية مؤسسات الدولة ومقرات عدد من الاحزاب السياسية وزعمائها في بغداد في فترة عصيبة من تاريخ العراق.
لذلك فان هذا الملف يعتبر مهما ويقع عبأ ايجاد الحلول اللازمة لها على حكومة السيد الكاظمي وحكومة الاقليم معا، لان استمرار الحال على ما هو عليه الان من عدم وحود اتفاق عام وطويل وليست من أجل ضمان التصويت على قانون الموازنة السنوية، وانه باستمراره سيؤدي الى حرمان مواطنين من مستحقاتهم القانونية، ويهدد استقرار ووحدة العراق ويضر كثيرا بوضعه الاقتصادي والسياسي وحتى الاجتماعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح


.. اعتقال مؤيدين لفلسطين في جامعة ييل




.. الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟ • فرانس 24


.. وكالة الأونروا.. ضغوط إسرائيلية وغربية تهدد مصيرها




.. آلاف المهاجرين في بريطانيا يخشون الترحيل إلى رواندا