الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمريكا وإسرائيل ومحاولات إشعال حرب أهلية في لبنان

كاظم ناصر
(Kazem Naser)

2020 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


عانى لبنان كثيرا من نظامه الطائفي الذي تهيمن عليه عوائل معينة استغلت التعددية الدينية لتتحكم بنظامه السياسي ومقدراته، وقادته إلى حروب أهلية كان آخرها تلك التي اندلعت عام 1975 واستمرت خمسة عشر عاما، وتسبّبت في قتل وتهجير مئات الآلاف من أبنائه الأبرياء وتدمير اقتصاده. وبعد مرور 30 عاما على نهايتها، ما زال لبنان يعاني من تداعياتها، ويتخبط في أزمة اقتصادية خانقة، ومنازعات ومماحكات زعماء طوائفه وأحزابهم العائلية.
وعلى الرغم من الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان، فقد فاجأ شعبه الواعي قادته السياسيين والدينيين والعالم بمظاهرات جماهيرية احتجاجية انطلقت بشكل عفوي غير متوقع، وأظهرت تمردا غير مألوف على النظام ككل بمشهد من الوحدة والتضامن بين أبنائه المسيحيين والمسلمين والدروز، الذين خرجوا إلى الشوارع ليعلنوا رفضهم للتفرقة الدينية ولهيمنة وفساد العائلات الطائفية وأحزابها التي نهبت ثروات بلدهم وأفقرتهم وأذلتهم، وما زالت قابعة في خنادق طوائفها، وتعرض وحدة بلدهم ومستقبله للخطر.
هذا التطور الشعبي الرافض للطائفية والمطالب بتغييرات سياسية واصلاحات اقتصادية حقيقية لم يعجب إدارة ترامب التي تعمل على زيادة الوضع اللبناني تعقيدا في محاولة لحماية زعماء الطوائف الموالين لها، وإضعاف إدارة الرئيس ميشال عون، وسحب سلاح المقاومة، وتمرير " صفقة القرن." ولهذا جاءت تصريحات السفيرة الأمريكية في بيروت دوروثي شيا التي حملت فيها بشدة على المقاومة مدعية أن الدولة اللبنانية باتت" تحت سيطرة حزب الله"، وإن حسن نصر الله الأمين العام للحزب" يهدد استقرار لبنان "، وإن بلادها تشعر بقلق كبير حيال دور الحزب الذي تصنفه أمريكا وإسرائيل وبعض الدول العربية المتحالفة معهما كمنظمة "إرهابية!"
تصريحات السفيرة تتماشى مع استمرار السياسة العدوانية التي تنتهجها بلادها تجاه لبنان؛ فقد هددت أمريكا مرارا بلسان وزير خارجيتها مايك بومبيو بأن لا سبيل إلى حصول لبنان على دعم من صندوق النقد الدولي ومساعدته في الخروج من أزمته الاقتصادية الحالية ما لم يقص حزب الله من حكومته، ويسحب سلاح المقاومة التي تعتبرها واشنطن وإسرائيل تنظيما إرهابيا، وضغطت على فرنسا لتعطيل محاولتها مساعدته بتهديد استثماراتها رافعة شعار لا مساعدات للبنان طالما حزب الله في الحكومة، وأن " قانون قيصر" للعقوبات الذي قررت واشنطن فرضه على سوريا ويشمل كل من يتعاون معها من دول وشركات وأفراد ليس المقصود منه سوريا فقط، وإنما لبنان والمقاومة اللبنانية وإيران أيضا.
أمريكا وإسرائيل تحاولان إشعال الفتن وجر لبنان إلى حرب أهلية الهدف منها تقسيمه إلى دويلات طائفية، والقضاء على حزب الله الذي يزداد قوة يوما بعد يوم، ويشكل هو ومحور المقاومة تهديدا حقيقيا لإسرائيل؛ لكن الشعب اللبناني الذي تعلم كثيرا من تجارب حروبه الأهلية المريرة يرفض الطائفية والطائفيين، وسيفشل المؤامرة الأمريكية الصهيونية، ويتمكن من تحقيق إصلاح سياسي يقود إلى إلغاء نظام المحاصصة الطائفية وإقامة نظام ديموقراطي حقيقي يحمي الجميع، ويحترم حقوقهم وعقائدهم، وينهي الفساد ونهب ثروات البلاد، ويمكن شعب لبنان المثقف من القيام بدور ريادي في دعم القضايا العربية والحرية السياسية والدينية، ويساهم في نشر الفكر التنويري الوحدوي في العالم العربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث