الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هواة سوق الوهِم ، سوق الانتخابات

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2020 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


تجري حملة على قدم وساق ، تدعو الى المشاركة المكثفة في الانتخابات التشريعية والجماعية القادمة ، لقطع الطريق على حزب العدالة والتنمية تحت شعار " لن نصوت لحزب العدالة والتنمية ، وسنصوت لغيره " .
من خلال التدقيق في الحملة ، خاصة الدعوات الكثيرة التي تدعو الى التصويت العقابي للحزب الإسلاموي تاجر الدين ، يبدو انها ، أي الحملة ليست بريئة ، وانّ من يقف وراءها لن يكون غير الدولة التي تتطلع كثيرا للانتخابات ، لأنها تعتقد عن خطئ ، انّها تعطيها مصداقية إزاء الدول المانحة ، بتبيض استبدادها الذي سيصبح ناعما ، كما تُمكّنها من ضبط الوضع السياسي والاجتماعي ، للحفاظ على نفس النسق التقليدي في إدارة الدولة ، وفي تدبير الشأن العام ، أي استعمال الديمقراطية الهلامية ، لبلوغ وضع لا ديمقراطي ، بل وضعا يتنافى مطلقا مع الديمقراطية ، حتى في حدودها الدنيا والبسيطة .. ، وطبعا تندمج في هذه الحملة المخدومة والمسعورة ، كل الأحزاب المستفيدة من الوضع التقليدي منذ زمان ، والأحزاب التي تنوي الاستفادة منه ، كالأحزاب المُكوّنة لفدرالية اليسار الديمقراطي ، وهي الحزب الاشتراكي الموحد ، وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي ..
--- فإذا لم يكن الغرض من الانتخابات ، هو تنشيط الوضع السياسي العام ، لمعرفة وجهة المسار ، او المسارات المختلفة التي تَحْكُم تفكير وتصرف الشارع ، وبالضبط الكتلة الناخبة .
--- واذا لم يكن من وراء الانتخابات ، معرفة البرامج الحزبية الانتخابية لجميع الأحزاب التي ستتنافس الأرضية ، وتتنافس ربح وتحصيل أصوات الناخبين الواعين بشؤونهم وبأمورهم .
--- واذا لم يكن ومن راء الانتخابات ، التنافس من قبل جميع الأحزاب التي ستشارك في العملية الانتخابية ، للفوز بالنتائج قصد تشكيل البرلمان من قبل الأحزاب الفائزة ، وتشكيل الحكومة التي ستنبثق عن الأحزاب الفائزة ، لتنفيذ البرنامج الانتخابي الذي على أساسه دخلوا الى الحكومة التي صوت على احزابها الناخبون .
--- واذا لم يكن الهدف من الانتخابات ، تحديد المسؤولية السياسية للأحزاب المُكوّنة للحكومة عند نهاية ولايتها ، بحيث تصبح صناديق الاقتراع التي جاءت بأحزاب الحكومة ، هي نفسها آلة عقابها اذا خفقت في إنجاح تطبيق برنامجها الانتخابي امام جمهور الناخبين والكتلة الناخبة ...
فما الجدوى من تنظيم الانتخابات كما يجري به العمل في المغرب ، اذا كان البرنامج الذي ستتنافس الأحزاب الفائزة على تطبيقه ليس برنامجها ، بل انه برنامج الملك الذي أشرفت اجهزته المختلفة ، وعلى راسها وزارة الداخلية ، على كل العملية الانتخابوية ، ولم يصوت عليه الناخبون الذين صوتوا على البرامج الانتخابوية للأحزاب التي شاركت في الانتخابات ؟
فإذا كانت الأحزاب التي شاركت في انتخابات الملك ، ترمي بعرض الحائط ، برنامجها الانتخابوي التي دخلت على أساسه الحملة السعار الانتخابوية ، لتتنافس فيما بينها على من يحصل له شرف تطبيق برنامج الملك ، فما الفائدة ، وما الجدوى من تنظيم الانتخابات اطلاقا ، خاصة وانّها جد مكلفة في المال ، والجهد ، والوقت ؟
وهنا ، اين يمكن تحديد مسؤولية الأحزاب التي ستُكوّن حكومة الملك ، التي ستنبثق من برلمان الملك ، والبرنامج الانتخابوي الذي تعمل على أساسه ، ولإنجاحه ، ليس برنامجها ، بل هو برنامج الملك الذي اشرف على تحضيره ، مستشاروه ، ولم تحضِّره تلك الأحزاب التي طرحت اثناء الحملة المسعورة الانتخابوية ، برامجها التي تم الاستغناء عنها ، بمجرد اعلان نتائج الانتخابات ، ولتشرع في تسابق أرنبي وسلوقي ، لتنفيذ برنامج الملك ...
فهل هنا يتحمل المسؤولية ، الملك صاحب البرنامج الذي لم يتم التصويت عليه ، وهو البرنامج الوحيد الذي اشتغلت عليه حكومة الملك ، ام يتحمل المسؤولية ( وزراء ) الأحزاب الذين شكلوا حكومة الملك ، وقد يكونوا اساؤوا تدبير وتنفيد برنامج الملك المُنزّل من فوق ، وغير المصوت عليه ؟
ان اية مناقشة سياسية دستورية ، او فقهية سلطانية للناظم السياسي المغربي ، ستكون عرجاء اذا اقتصرت فقط على ملامسة الشق الظاهري لتصريف اعمال الحكومة ، وفي طرح الأسئلة في البرلمان ، وفي اللجان المختلفة من برلمانية وغير برلمانية ، ونطّتْ على اصل المشكل الذي يضبط لوحده ماهية وتركيبة النظام السياسي المغربي ، والذي هو الدستور من جهة ، وإمارة امير المؤمنين من جهة أخرى ..
الدستور ، هو دستور الملك ، لأنه هو منْ منحه لرعاياه الاوفياء ، لذلك ، ورغم ان الدستور يركز الحكم في شخص الملك وحده دون غيره ، ويجعل منه هو وحده الآمر والناهي ، واصل الحكم الحقيقي ، فان تقيد الملك بتطبيق مقتضيات الدستور ، ليس لزاما ولا مفروضا عليه ، لأنه دستوره في ملكه لا في ملك غيره، ولا يحق لاحد انّ يتحجج بخرق بنود وفصول الدستور ، وهنا وفي اطار هذه الجدلية بين الملك وبين دستوره الممنوح ، لا يحق لأي فاعل ان يحتج على الملك ، بسبب تعطيل بند او فصل من الدستور ، او تطبيقه تطيقا غير لائق ، او ان يتصرف الملك ضد مقتضيات دستوره الذي منحه للرعايا ، ما دام ان الملك يبقى ولوحده ، الممثل الاسمى للامة وليس للشعب ، لان مصطلح الامة ، وليس الشعب يحيل اتوماتيكيا الى السلاح الضارب الذي يشرعن به الملك نظام حكمه ، الذي يضرب عرض الحائط حتى بالدستور ، الذي هو نظام الامارة ، والامامة ، والراعي الكبير ، فشخص الملك في امارة امير المؤمنين كأمير ، يسمو على شخصه كملك في النظام الدستوري الذي يحكم فصوله دستور الملك الممنوح ..
اذن إذا كان المغرب قد عرف منذ اكثر من ربع قرن الانتخابات التي ساهمت في تثبيت ، وفي الحفاظ على الوضع بشكله الماضوي ، والتقليداني ، ولم تساهم في احداث تغيير ولو نسبي حتى لا نقول القطيعة مع التقاليد المرعية ، والطقوس المخزنية التي أصبحت مثار سخرية وضحك ، من قبل الدول الديمقراطية الغربية ، فما الجدوى من المشاركة في الانتخابات عندما يكون الغرض منها ، هو الحفاظ على الستاتيكو ، والحفاظ على نفس القيم الأركاييكية التي تحيل الى الأزمنة الغابرة ؟
----- والخطورة عندما تدعي بعض الجماعات انتسابها الى الفكر الديمقراطي ، العصري ، والحداثي ، وفي نفس الوقت تتسارع وعن بيّنة واختيار ، من اجل الارتماء في الحضن المخزني الحنون والعطوف ، من اجل التعيُّش والتعويض عن السنوات العجاف ، أي الاستعداد والتحضير للعْق الفتات ، وما عافه الضبع وليس السبع ، من بقايا الموائد التي تُحضّر بأموال دافعي الضرائب المختلفة ....... ----- ، وليس من اجل الإصلاح السياسي والدستوري ، لان فاقد الشيء لا يعطيه ، سيما وان أي اصلاح للنظام السياسي ، هو رهين بمبادرة الملك ، وليس رهين بغيره ، لان قواعد تعديل الدستور تبقى بيد الملك ، وبإرادته ، ولن تستطيع اية قوة فرض التغيير عليه ، اللهم اذا نزل الشعب الى الشارع ، واتجه نحو العصيان المدني ، وهذه الحالة تبقى احدى متمنيات بعض الافراد القليلِ العدد ، الذين لا يمثلون أي شيء في الساحة ، حتى لا نقول ان لهم ثقل سياسي وجماهيري ، يدفع بهم الى إنجاح خروج الشعب ، والى الدعوة الى العصيان ، وكم نظّر هنا ( المنظرون ) الحالمون ، حين كان الشيوخ والنساء ، يخرجون للمطالبة بالقفة ، وبالدّعم ، وهم يرفعون شعارهم الخالد الذي يرفعوه في السلم ، كما يرفعوه في الجّايْحاتْ " عاش الملك / عاش الملك " ، " عاش سيدنا / عاش سيدنا " ، ومؤخرا وامام البرلمان لمهاجري الطليان " لا حكومة لا برلمان ، الملك هو الأمان " ، كما لا يفوتنا التذكير بما نشرته المواقع الاجتماعية المختلفة بعنوان " الثورة بدأت في تماسينت بالريف بالحسيمة " ، " الجماهير الشعبية ببلدة تماسينت تنتفض من جديد / الحسيمة " ، لكن من خلال البحث والتقصّي ، فما سمُّوه بثوار تماسينت ، كانوا يطالبون بالدعم ، أي ب 800 درهم .... فعن اية ثورة يتحدث مروجو هذه الترهات المفضوحة ؟ ...لخ
فإذا كان النظام لم يخضع ، ولم ينحني ، ولم يحني الرأس حتى في اشد الازمات التي مر منها ، فكيف سيخضع لفرد او فردين ، لشخص او شخصين ، يعتمدان نضال الفيسبوك من خارج المغرب ؟
ربما ان قناعة أحزاب فيدرالية أحزاب اليسار الديمقراطي بهذه الحقيقية ، هي ما دفع بهم الى الانخراط مع الأحزاب المرخص لها ، بالدعوة للمشاركة في الانتخابات بدعوى معاقبة حزب العدالة والتنمية الاسلاموي ، في حين سواء بقي الحزب الاسلاموي ، او جاءت الفدرالية ، فلن يتغير أي شيء ، بل سيستمر الوضع كما هو ، وسيصبح دور أحزاب الفدرالية ، هو نفسه دور الأحزاب التي تتنافس لتطبيق البرنامج اللاّإنتخابي للملك ، لأنه لم يشارك كبرنامج مع برامج الأحزاب الانتخابوي في الحملة الانتخابية ، فهو برنامج شريف من دار المخزن الشريفة ، فلذلك فالجميع يهرعون للظفر بشرف تطبيقه ...
ان الدعوة الى المشاركة المكثفة في الانتخابات القادمة ، من تشريعية وجماعية ، بغية معاقبة الحزب الاسلاموي العدالة والتنمية ، التي تشارك فيها بجدية أحزاب فدرالية اليسار الديمقراطي ، هي دعوة سخيفة ، وتبقى مقلبا للناخبين لدفعهم الى المشاركة ، التي لن يكون هدفها التصويت العقابي للحزب الاسلاموي ، لكنها ستكون دعوة لتمكين أحزاب الفدرالية من استعمال الناخبين المُسَطّلين ، قصد تسهيل الدخول الى برلمان الملك كموظفين ، وانْ امكن الدخول الى حكومته كموظفين سامين ، في شكل وزراء ، لان شغلهم ومهمتهم محصوران فقط في تنفيد برنامج الملك ... فمسؤوليتهم تتحدد في نجاعة تنفيد برنامج الملك ، ولا تتحدد في نتائج تنفيذ برنامج الملك ، لان البرنامج هو برنامجه ، وليس ببرنامجهم حتى يسألوا عليه ..
ان كل الأحزاب التي تدعو الى المشاركة في الانتخابات التشريعية ، وفي ظل دستور الملك الممنوح ، الذي يركز بين يديه وحده الحكم ، لا بيد غيره ، وهي تعرف مسبقا ، كأحزاب الفدرالية ، انها ستكون مُنفّذا طيّعا لبرنامج ليس برنامجها ، هي تقبل ان تشتغل تحت سلطة الملك ، كموظفين سامين في البرلمان ، كما في الحكومة ، ومن ثم فهي تقبل وبوعي ، انْ لا يتعدى دورها دور مِعول وآلة الملك ، الذي يستعمله في تحقيق برنامجه اللاّإنتخابي الذي لم يشارك في الانتخابات ..
فعندما تدعو نبيلة منيب ، ومعها أحزاب الفدرالية الى المشاركة المكثفة في الانتخابات ، وتتسابق للدخول الى الحكومة ، لكي لا تحكم ، وتصبح مِعولا ينفد اجندات لا علاقة لها بالبرنامج الانتخابوي الذي طرحوه في الحملة الانتخابية ، فهنا السؤال : ما الفرق بين فدرالية اليسار الديمقراطي ، وبين الحزب الاسلاموي العدالة والتنمية ، وبين كل الأحزاب المتواجدة في الساحة ؟
وقد اكد هذه الحقيقة عبدالاله بنكيران عندما قال ما مِنْ مرة ، وفي مناسبات ، وبدون مناسبات " أنا لا احكم ، الملك وحده يحكم ، وانا أعِينُه واساعده فقط " ، أي ان الشخص اعترف بانه مجرد مِعول وآلية بيد الملك لتنفيذ برنامج الملك ...
ان السيدة نبيلة منيب التي أصبحت متخلفة جدا ، عن الوعي السياسي الذي بدت ملامحه في الظهور وسط عيّنات مختلفة من الشعب المغربي ، تعتقد عن خطئ ، ومعها كل أحزاب الفدرالية ، انه من السهولة تطويع القطيع ، واستعماله لتكرار تجارب نصف قرن من العمل السياسي الناجح بالنسبة للحكم ، والفاشل بالنسبة للمعارضة السياسية التي كانت تطالب بالحكم ، ثم أصبحت تطالب باقتسامه ، وانتهى بها المطاف الى الاكتفاء فقط بالمشاركة في الحكومات كموظفين سامين عند الملك ، وليسوا بوزراء ...
ان السيدة منيب ، ومعها الفدرالية يعتقدون عن خطئ ، ان تناول الشأن العام ، وحسن تدبيره ، واحترام القانون ، والحقوق ، وإقامة العدل الاجتماعي ، والمساوات ، وربط المسؤولية بالمحاسبة ، والحد من الفوارق الطبقية وعلى كافة الأصعدة ، متوقف فقط على جرّ الناس الى مكاتب التصويت كالقطيع ، في حين ان المشكل واضح ، ويكمن في الدستور الممنوح ، كما يكمن في عقد البيعة ، وفي إمارة امير المؤمنين التي تعطي لرئيس الدولة ليس كملك ، بل كأمير ، و إمام سلطات استثنائية خارقة ، هي فوق حتى دستور الملك الممنوح ، لان بناء الدولة المخزنية الذي جاء على انقاض الدولة العصبية ، والقبائلية المشاعة ، كان أساسه دينيا ، ومن يتكلم عن الدين ، وعن الدولة الثيوقراطية والاثوقراطية ، لا علاقة تجمعه بالدولة الديمقراطية اللاّئكية ..
في النظام السياسي المخزني الذي يبني نظام الحكم على أساس الدين ، لا يمكن لأي حزب ، ومهما بلغت قوته ، ومهما بلغ عدد المقاعد التي يكون قد حصل عليها في البرلمان ، ان يؤثر على اصل ومشروعية النظام السياسي المغربي ، التي يحكمها عقد البيعة ، وتحكمها الإمارة ، لان تحرك الأحزاب ، ومهما رفعت من الشعارات البراقة ، واستعملت الديماغوجية ، فإنها مُتحكّم فيها بشكل جد مُحْكم .
وبالرجوع الى اجتهادات الدولة المخزنية لضبط الشارع ، وضبط الأحزاب ، والمنظمات ، والنقابات ، والاستفراد لوحدها بالحكم وبالسلطة ، والجاه ، والثروة ، والمال ... ، يكفي الرجوع الى التنظيم الانتخابي ، حتى نُدحْض سمفونية الدعوة للمشاركة في الانتخابات ، التي تقف وراءها أحزاب الفدرالية ، للدخول الى البرلمان كأشخاص وليس كفريق ، لأنه يستحيل عليهم حصد ما فوق أربعة ، او ستة مقاعد في الانتخابات ، و انّ تواجدهم في البرلمان ، لن يكون مؤثرا او ضاغطا على الحكومة التي هي حكومة الملك ، فدورهم لن يتعدى النّطّ هنا وهناك ، خاصة وانهم كبسْتنة زودوا النظام بمجموعة من ( الأطر ) التي قدمت خدمات للنظام قبل التحاقها به ، كمحمد الصبار مثلا ..
فبالرجوع الى التنظيم الانتخابي الذي أشرفت على إنجازه وزارة الداخلية ، وبتوجيه من مستشاري القصر ، فانه يستحيل على أي حزب سياسي ، او كتلة سياسية ، ان يسيطر ولو كموظفين سامين ( وزراء ) ، على الحكومة التي دائما تكون بينها نسبة من الموظفين السامين ( وزراء ) غير منتسبين للأحزاب ، ولم يشاركوا في الانتخابات ، وهم ضمن الحكومة لخدمة برنامج الملك الذي يسهر على اعداده وتحضير مستشارو الملك ..
ان التقطيع الانتخابي الذي حضّرته وزارة الداخلية بذكاء الشياطين ، وكفاءة العفاريت ، رغم ان الانتخابات هي انتخابات الملك ، والجميع يتنافس ، ويتسابق لتنفيذ برنامج الملك ، أدى بطريقة بوليسية ، الى حصر الكثافة السكانية الفاعلة والمؤثرة على مستوى الجهات ، والعمالات ، والاقاليم . وقد ترتب عن هذا الحصر البوليسي للكثافة السكانية ، حصر الكتلة الناخبة داخل كل جهة ، وعمالة ، وإقليم ....
ان هذه الكتلة المضبوطة ، وستزيد اكثر ضبطا ، وتحكما ، وتوجيها ، مع البطاقة الوطنية الجديدة ، التي يحضر لها دهاقنة البوليس الذين يشرحون كل شيء ، وحتى الماء ، شرحا بوليسيا ، وحتى التاريخ يشرحونه بالبوليسية ، لضبط المجتمع والافراد عن بُعد ، ترتبط جدليا بالتقطيع الانتخابي المصنوع على المقاس الذي يناسب الرعية ، وبنوع الخريطة الحزبية التي تمّ ، ويتم تحديدها على مستوى كل هذه المناطق ... فاصبح من ثم قوة كل تنظيم ، او حزب ، ومستوى حجمه ، ودرجة تغلغله ، معروفة مسبقا عند البوليس ، وعند وزارة الداخلية الذين يزودون مستشاري الملك ، بالتقارير الدقيقة عن الحالة السياسية اليومية ، بالساحة السياسية الوطنية ، الامر يعني سهولة التحكم في التوجيه ، وفي تحديد المبادرات والتحركات ...
امّا نظام الاقتراع باللاّئحة ، فلم يكن الهدف منه الدفاع عن البرامج الانتخابوية الحزبوية ، كما ادعي سابقا وكذبا ، لكن الهدف منه ، كان هو ضبط وحصر الافراد المرغوب فيهم الدخول الى البرلمان ، والأشخاص المنتمين الى الأحزاب و من الممكن ان يصبحوا موظفين سامين في حكومة الملك ( وزراء ) ، إمّا انهم من أبناء العائلات ، او من أبناء اشخاص خدموا الدولة ( مباركة بوعيدة ) ( قيوح ) ...لخ ، او انهم كأشخاص ، يكونون قد قدموا خدمات حزبية للبوليس ، او لوزارة الداخلية ، وحان وقت تبديل مهامهم بالعمل كموظفين سامين ( برلمانيين ) في البرلمان او ( كوزراء ) .
ان الدعوة الى المشاركة المكثفة في الانتخابات ، بدعوى التصويت العقابي ضد الحزب الاسلاموي ، حزب العدالة والتنمية ، و التي تقف وراءها أحزاب فدرالية اليسار الديمقراطي ، والجهاز البوليسي ، والمخزنولوجي القروسطوي من بعيد ، هي دعوة ملغومة تتعامل مع الناس بعقلية القطيع ، خاصة وانهم يُحقّون ويعرفون ، أي أحزاب الفدرالية ، انّ دورهم في البرلمان بالعدد الذي لن يتجاوز الخمسة برلمانيين في ابعد تقدير ، لن يحرك دجاجة عن بيضها ، بل ولنفرض جدلا انهم حصلوا على الأغلبية المطلقة ، لتشكيل الحكومة لوحدهم ، وهذا من قبيل المستحيلات ، فان اشتغالهم على برنامج الملك طبقا للدستور الذي يجعل من الملك هو الحكم ، وليس على برنامجهم الذي سوّقوا له في الانتخابات ، واختفى بقدرة قادر بمجرد الإعلان عن نتائج الانتخابات ، سيجعلهم موظفين سامين عند الملك ، دون ان تكون لهم القدرة ، ولا الاستطاعة ، على تعديل الدستور الذي يتحكم مفصليا في الحكم ، ويركز النظام ، بل كل النظام في شخص الملك .. .. وكما قلت أعلاه إنّ هذا التصور يبقى على سبيل الافتراض ، لان فدرالية اليسار الديمقراطي ، ربما قد تنتهي الى النهاية التي انتهت اليها الجبهة الشعبية في تونس ، وانتهت اليها كل أحزاب اليسار التي ظلت تبيع الشعارات من جهة ، ومن جهة أخرى اندمجت ضمن الأنظمة السياسية للبلدان التي تتحرك فيها .
النظام السياسي المغربي قوي ، بل انه اقوى مما يُتصور ، بل انه اقوى حتى من حكم الحسن الثاني ، ومصدر قوته انه وحده اللاّعب الرئيسي في الساحة ، فهو صاحب الامر والنهي ، وهو الكل في الكل ، وقد زاده الوحش كورونا بركات لم يكن يحلم بها ، واثبت له وبالحجة والدليل ، ان تسعين في المائة من الرعايا هم مع سيدنا ، ورغم ضنك العيش ، وقساوة الحياة ، والفقر ، والبؤس ، والحقوق المهضومة ... فهي لا تتردد في رفع شعارها الخالد " عاش الملك / عاااااش الملك " ، " عاش سيدنا / عاش سيدنا " بمناسبة او غير مناسبة ، ورغم حقيقة الوضع الصّادم ، فلا يزال البعض يحكي ، ويحكي ، ومن دون عياء أسطوانة " ثورة الجياع قادمة " ، " انتظروا ثورة الجياع " ، " النظام سقط " ، النظام سيسقط " ، " الامارات القرشية ( العربية ) المتحدة ، تتحدث عن انقلاب ضد الملك " ، وفي هذا الصباح أقرأ في احد المواقع وبعنوان عريض " الملك مات / اين الملك " ... والحال ان من خرج في مسيرات يطلب ( القُفّة ) التي لن تكفيه أسبوعا واحدا ، كان يردد الشعار الخالد " عاااش الملك / عاش سيدنا " ...
لن يُسقط النظام غير قضية واحدة ، هي إذا خسر الصحراء ، وانفصلت .... لان الصحراء هي من جنّبه السقوط في السبعينات ... واذا أضاع الصحراء ... حتما سيرحل .. فنزاع الصحراء مع أعداء مغربية الصحراء ، ووحدة المغرب ، ووحدة الشعب ، هو صراع وجود اكثر منه صراع حدود ... والنظام المدرك بهذه الحقيقية التي ينتظرها اشخاص نضال النت ، والفيسبوك .. سيكون بليدا اذا فرّط في الصحراء ، لأنه المدخل الأساسي لانفراط كل عُقد / سُبحة / تسْبيحِ المغرب ..
ومرة أخرى ما الجدوى من تنظيم الانتخابات ، إذا كان الوضع سيستمر على ما هو عليه ، وما الجدوى من الانتخابات اذا كان هدف السيدة نبيلة منيب ، ومعها فدرالية اليسار الديمقراطي ، هو ان يصبحوا موظفين سامين عند الملك ، برلمانيين او وزراء ، للاشتغال على تنفيد برنامج الملك اللاّإنتخابي ، ورمي عرض الحائط ببرنامجهم الانتخابوي الذي سوّقوا له خلال الحملة الانتخابوية ، قبل الإعلان عن نتائج الانتخابات ؟
إذن في غياب الدستور الديمقراطي الذي يركز على مبدأ الفصل بين السلط ، ويربط المسؤولية بالمحاسبة ، تصبح مقاطعة الانتخابات واجب وطني ، وفرض عين .. فالمقاطعة تعني مقاطعة الفساد ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر