الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الفن المظلم العالمي والعربي
السعيد عبدالغني
شاعر
(Elsaied Abdelghani)
2020 / 7 / 2
الادب والفن
السوداوية أصبحت مفهوما سائدا هذه الأيام والكآبة كذلك وذلك لأسباب شتى منها التعقيد الشديد للحياة المعاصرة ومن الطبيعي أن يتخلل ذلك الفن وأن يتنبأ به الفن تاريخيا فهناك عدد كبير من الفنانين فى هذا العصر انضموا إلى الفن المظلم وعدد كبير من الرائين يحبونه ويكوّن مطلق ذوقهم .
الفن المظلم أو الفن الغامض أو الفن السحري أو الفن السوداوي أو الفن المالينخولي هو فن يعتمد على البشاعة كمادة لما يتم التعبير عنه .على الرعب وإثارة الخوف والفزع وربما أحيانا بوصف الأعمال الشريرة والتشكيلات الغريبة رغم أنه ليس من طبيعته دوما التعبير عن الشر .يرتبط الفن الغامض بالقتل والدم والجزء المظلم من التاريخ الإنساني سواء كان دينيا أو غريزيا أو لاوعييا .
ممكن يتم تصوير ذلك بتمثيل الوحوش أو بتمثيل التشكيلات الكائنية المخيفة التى تؤذى الدلالات المشهورة للجماليات المعتادة .يقول نيتشه فى مولد التراجيديا " حتى البشاعة والتنافر عبارة عن لعبة فنية " . فى كتاب الفن والغرابة يقدم لنا شاكر عبدالحميد مفهوم الغريب فى الفن فيقول " حاول الانسان ان يجسد ذلك الجانب من ذاته بطرائق متعددة ويذكر
1. التهجين
وهو عن طريق المزج بين الانسان وكائنات أخرى كالحيوانات والطيور والزواحف وماشابه ذلك .
2. المسخ
عن طريق تغيير ملامح الانسان واكسابها مظاهر البلاهة او الشر او الحقارة او الشيطانية .
3.عن طريق التركيز على المحيط الخارجي او البيئة التى يوجد فيها الانسان .
4 . عن طريق الإيحاء بأجواء غريبة شبحية باردة شبيهة بالقبور والكون مع التركيز على عامل عزلة الانسان وانفصاله عن الواقع ."
وهناك طرق أخرى يشرحها الكاتب فى كتابه ولكن هذه الشروح للغريب تتماس مع الفن المظلم في بيكشينسكي وفنانين عرب يتدرج منهم هنا فى المقالة بحوار معهم وتأويل لفنهم.
بيكشينسكي :
رسم بيكشينسكي لوحات بتشكيلات شتى وكانت من أسسها تشكيلات الهياكل العظمية الوجوه الكبيرة الغريبة الوحشية والابوكاليبس الجحيمي ومفاهيم كثيرة أخرى كأن فرشاته أخروية الدلالة ، تجاوز هذا كل تركيبات الواقع من مرئيات وعوالم .يظهر بشكل واضح افتتانه بالموت وربما هذه مفارقة أنه قد قتل فى النهاية .لقد ابتدع وسار فى هذا النوع من الفن بتشكيلات جديدة تماما من خلقه هو فقط وكان لديه رؤية كاملة للتشكيل الاساسي له المستخدم فى الشكل الكائني رغم أنه قد عمل فى بداية حياته كفوتوغرافر وكنحات ولكنه لم يجد نفسه إلا كرسام ليخلق هلاوسه .
غويا :
يتميز أسلوب غويا بالتلغيز المظلم والفضائحية التعبيرية للاشكال المخيفة والتشاؤمية الكبيرة من خلال الألوان المستخدمة فى لوحاته والمواضيع كذلك ولم تختلف هذه النظرة التشاؤمية فيه حتى نهاية حياته .فقد فقد سمعه فى نهايته وكان لذلك أثرا كبيرا ودافعا اكبر لسيطرة السوداوية عليه . فهو الذى رسم ما يعرف باللوحات السوداء .مكونة من 14 لوحة وفيها لوحته الشهيرة " زحل يلتهم ابنه " وزحل هو إله الوقت عند الاغريق الذى يلتهم نسله لكى يضمن بقائه . تأثرت الانطباعية والتعبيرية والسريالية بأسلوبه وقد اعتمد على الشخصيات فى عمله وخصوصا الشخصيات الميثولوجية بفسيولوجيتها فقد رسم زحل وقد رسم الشيطان فى لوحة أخرى .
وأستعرض أيضا الفنان المعاصر الظلامي هنريك أولدالين
هو فنان من العصاميين يدور إنتاجه الإبداعي حول اللوحة التصويرية الكلاسيكية ، المقدمة بطريقة معاصرة. يستكشف هنريك الجوانب المظلمة للحياة ، العدمية ، الوجودية ، الشوق والوحدة ، إلى جانب الجمال الهش. على الرغم من أنه رسام رمزي ، إلا أن تركيزه كان دائمًا هو المحتوى العاطفي بدلاً من السرد. غالبًا ما يتم تقديم الأجواء في عمله في حالة حلم أو تشبه النسيان ، مع عناصر السريالية.
يقول عن نفسه معبرا
"لطالما فكرت في نفسي كرسام تعبيري عالق في جسد رسام كلاسيكي جديد. في لحظة واحدة أحب رش الطلاء حول جدران الاستوديو الخاص بي ، وفي اللحظة الأخرى أشعر برسم عين لمدة خمس ساعات متواصلة. لقد وجدت أرضية مشتركة حيث أعمل مع جانبي. "
أما عربيا نستعرض الفنانة اللبنانية المعاصرة عفة مسيلب .
عفه مسيلب توضح لنا أو تُلغِز لنا وجوه شتى فى مراحل نشوءها وتطورها مع الألم ، أحيانا العيون فى هذه اللوحة بيضاء ضاع بؤبؤها من وحشية الشعور وانسلخ الجلد مع اللون للتعبير عن فرط الألم الذى يشوه التركيب الطبيعي للملامح
فى لوحة أخرى تعبر لنا عفه عن أناس تستمع إلى موسيقى ولكن بوجوه مخيفة والوجه الوحيد الذى ملامحه مرتبة هو الذى يعزف .الالوان فى اللوحة كأنها جدارية لجهنم الميثولوجية .
تجيب على أسئلتنا هذه عفه بالآتي : لم ينفر الناس من الفن المظلم فى رأيك ؟ وهل حياتكِ التخيلية لها طابع الظلامية من توابع شخصية ؟ هل الحقيقة للعالم سوداوية ؟ هل يوجد تباين بين شخصيتك ومفاهيمك فى لوحاتك ؟ وهل يقدر اللون أن يحمل كلكِ ؟
: العمل الفني بنظري يقوم على ذات الفنان و مكنوناته. خاصةً إذا كان العمل "تعبيري" لأنه يتيح للفنان المساحة الأكبر للتعبير فيها عن نفسه وهواجسه، لكي يجسدها أمامه في لوحة.
والفنان هو مزيج من عدّة شخصيات، جزء منها يعبّر عنها في تعامله اليومي و حياته مع الناس، والجزء الآخر يعبّر عنه في اعماله الفنية. لذلك فبالتأكيد هناك نباين، لكن بنفس الوقت هذه الأعمال تعبّر عن شيء حقيقي نابع من الداخل و من ذات الفنان.
ولا ننسى العوامل الخارجية التي تضيف لمستها للعمل الفني، وهذا ما نجده في الأعمال "المظلمة" كما سميتها. مثلاً غويا عندما رسم السلسلة السوداء كانت نتيجة لحرب عاصرها، وفان غوغ عندما انجز لوحة آكلو البطاطا، التي رسمها بتعابير قاسية وملامح بشعة و انتُقد جداً حينها، لكن نجد الإجابه في رسائله عندما عبّر عن مرارة حياة الفلاحين و مأساتهم التي ولّدت تلك اللوحة.
يختار بعض الفنانين العناصر الاكثر عنفاً ليعبّروا عن مكنوناتهم، وبغضهم يعتني بإختيار تعبيره الألطف تفادياً لإزعاج المشاهد، وانا أقول انّ في الفن، من الأكرم او الأفضل، ان نقف خاشعاً في المحراب. فمن يختار تلك التعابير القاسية و العنيفة، لأنها بالتأكيد تسكن بجزء كبير منه، ولا احد يدرك كم فب اللوحة ما يستحق المراجعة مثل الفنان ذاته.
والقيمة الحقيقية للّوحة تكمن في الصدق الذي يخترقنا لحظة العمل، ولا ننسى ايضاً الحقبة الزمنية التي تؤثر على موضوعات الأعمال الفنيه، وفي اغلب الاحيان "الأعمال المظلمة"تكون نتيجة لواقع مأساوي يُعاصره الفنان. وهذا ما حصل معي ايضاً عندما رسمت عن الحب والحرب، ليش كعنوان احببتُ تناوله في لوحتي، انما كواقع فُرض علينا واصبحنا جزء من هذه المعركة، وكان هذا اسلوبي في المقاومة.
ولا شيء يسعفني في العمل كاللّون، او كما اسميه "مخلوقات اللون" ، كائنات تستجيب لي كلما تحدثت معها وخاطبتها و كلّمتني، أشعر بها وهي تجف وتتكثف وتمتزج.. فالالوان حياة التجلّي الأقدس، بالنسبة لي.
أما عن يزن ففى هذه الاسكتشات الرصاصية يظهر لنا من ملامح الوجه والجسد البؤس والمرض والوهن والألم والخوف ، البلطة فى كتف شخصه ، العيون الحجرية الخائفة ، الايادى المكبلة ، الهيكل العظمي لهذه المرأة ، إنها رؤيته للعالم .
أما فى اللوحة هذه يظهر لنا امرأة باكية بدرجة خفية وعلى وشاحها وشاحها مسامير تلبية لرؤاه عن المرأة العربية فى زمن الحرب اليمني بالاضافة إلى قهرها الوجودى المضاف .
فى تشكيل آخر يصور لنا العلوي كائنا غريبا وحشيا وسط أعشاب يجر خنزيرا له عين بومة والشمس باهتة شبحية وملامح الوجه للرجل كأنه قضى عمره فى ألم لا ينتهى .
فى تشكيل آخر يصور لنا العلوي هياكل عظمية متحركة ومؤدية لحركات الالم من الانطواء للقلق للبؤس ، باسطين أيديهم نحو صحن يجب أن يكون لطعامهم الذى من نفس لون أجسادهم .
ونسأل ذى يزن العلوي ما تصورك للفن المظلم أو الوحشي أو الغامض أو أيا ما يُطلق عليه ؟ ولما لا يوجد فن عربي من هذا النوع إلا نادرا ؟ ومن أين تستوحي لوحاتك المظلمة التى تخيف الرائي غير الفني الذوق ؟ هل الواقع العربي المعاصر مادة جيدة للكابوس ؟ وهل من حق الفنان تصوير كل شىء فى مخيلته أو تدوير واقعه بأي طريقة ؟
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح