الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالمنا واحد قبل وبعد كورونا

ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)

2020 / 7 / 2
ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية


أنتشرت الكثير من الأفكار والآراء التى تعتقد أن كورونا ستغير وجه العالم بحيث يكون العالم قبل كورونا يختلف تماماً عن عالم ما بعد كورونا، فأساليب الحجر أو العزل الصحى التى تم فرضها على غالبية بلاد العالم صنعت نظاماً دكتاتورياً جديداً فى تعاملات الأفراد اليومية، وأكتسبت الحكومات والأنظمة الحاكمة ما يشبه الحكم الشمولى الدكتاتورى فى تطبيق وفرض البقاء بالقوة فى المنازل، لتلافى أضرار كورونا فيروس وحتى لا تحدث العدوى التى تكون بالأختلاط السكانى والتباعد الإجتماعى بين الأفراد قد ينشأ عنه أمراض نفسية وإجتماعية، وفى المقابل ظهرت الروح التطوعية ومساعدة السكان المسنين والقيام بشراء مستلزماتهم وتوصيلها لمنازلهم.

من إيجابيات كورونا فيروس أنها أيقظت العالم من سباته العلمى الذى يتحكم فى تقدمه أو تأخره الأنظمة السياسية للدول الكبرى، حيث أن الدول الغنية لم تكن تمنح الدراسات العلمية للفيروسات والأوبئة مجالاً كبيراً بل كانت الدراسة محدودة ولم يستطيع العالم إبتكار علاج أو لقاح فعال ضد الأوبئة التى أصيب بها العالم فى العصر الحديث، بل كانت الدول فى سباق محموم للتسلح وغزو الفضاء وأبتكار ما يخدم هذين المجالين من تكنولوجيا، وأتمنى أن يستمر التفكير العلمى بجدية وتخصص الدول نسبة أكبر فى ميزانياتها السنوية للأبحاث العلمية للأوبئة وباقى الأمراض التى أستوطنت بين الشعوب الفقيرة.

إن ما تفعله الحكومات الديموقراطية الآن من أنظمة صحية ليست بالجديدة من عزل وحجر فى المنازل، وإلزام صارم خوفاً من أنتقال العدوى كان القدماء يستخدمونه حسب ما تحتاجه حالات الأمراض المعدية ودرجة خطورتها، وفى عصرنا الحاضر وإزدياد المعرفة أصبح يطلق على ذلك الأسلوب أو النظام: حالة طوارئ، وأعتبرها البعض نظام دكتاتورى حيث حالة الطوارئ تستخدمها الأنظمة الشمولية لتتحكم فى المجتمع وبأسم قوانين الطوارئ لا يسمح لأحد بالخروج على تلك القوانين وإلا يتم إلقاء القبض عليه والتعامل معه حسب قوانين النظام الحاكم، ولو تعمقنا فى ما يوصفه البعض بأنه مصادرة لحرية الأفراد وخلق مناخ دكتاتورى يكون حظر التجول هو القانون الذى يذكرنا بأيام الحروب وهجمات وغارات الأعداء والإختباء فى الخنادق، أى أنه حالة طبيعية يحاول البعض أستغلالها أيديولوجياً لأتهام الأنظمة السياسية أنها فى المستقبل يمكنها اللجوء لمثل تلك الأساليب من حالة طوارئ وحجر وأعتبارها عودة للحكم الشمولى الدكتاتورى، لكن الواقع اليقينى أن الإنسان يستخدمها لمنع أنتشار العدوى من كورونا فيروس والمحافظة على عدم فقدان عدد أكبر من أرواح البشر، وحالة الطوارئ هذه ستنتهى بأنتهاء الفيروس وأكيد سيكون لها تأثير لمدة من الزمن لكنها ستنتهى.

التغيير هو طبيعة فى المجتمع الإنسانى أصبحت ملحوظة بصورة كبيرة مثل بدأت عصور التنوير، ومن يومها لم يعد العالم كما هو فى عصور الظلام والتخلف الذى فرضته الكنيسة ورجال الدين فى أوربا والعالم الجديد، هذا معناه أن العالم سيستمر فى التغير وتغيير نظام حياة الإنسان ويستمر فى تقدمه وفقاً للحالة النفسية والإجتماعية والأقتصادية والسياسية الجديدة، تلك الحالة التى جاءت كنتيجة طبيعية تتكيف وتتأقلم مع تقدم العلوم والمعرفة والتكنولوجيا الجديدة التى جاءت لمواجهة النتائج الخطيرة لكورونا فيروس، لأن عالم اليوم ليس هو عالم الأمس ولا عالم المستقبل سيكون مثلهم لأن سمات عوالم اليوم النمو والتغيير المستمر نحو الأفضل بفضل الأكتشافات الجديدة فى جميع المجالات، من هنا لا داعى لإطلاق صفارات إنذار وهمية تخلق أجواء غيبية كأن كورونا هى صورة مصغرة من جهنم أو الجحيم القادم الذى تنادى به الأديان، بل ويحاول الكثيرون القول بأن كورونا بعد أن تنتهى سينقلب العالم رأساً على عقب وتترك كورونا تأثيرات سلبية كثيرة تعود بالدول والمجتمعات لعصور الدكتاتورية والفاشية والنازية وظهور أيديولوجيات تخدم الحزب والنظام الحاكم المتسلط فى البلاد.

هذه مجرد تخمينات تعسفية لا تنتسب لمناهج التفكير العلمية بل أن تلك التخمينات ستنسف جميع القيم والأخلاق والمبادئ التى أكتسبها عالمنا المعاصر بفضل العلم والتقدم والديموقراطية، رغم تفاوت تلك المكتسبات من بيئة إلى أخرى ومن دولة إلى أخرى وفقاً لنضوج الأفراد والعلوم التى تقود تقدم الدول والمجتمعات، لكن بكل تأكيد أحدثت القرارات السياسية والأقتصادية غير المدروسة للحكومات أفكار سلبية أظهر ضعف وعدم تقدير حجم خطورة كورونا، وهذا العجز أو اللامبالاة السياسية سواء كان بإرادة مباشرة أو غير مباشرة سياسية مقصودة، فإنها حتماً ستؤدى إلى مشاكل ستظهر نتائجها السلبية بعد أنتهاء كورونا، ولكن هذا ليس معناه أنه عالم جديد مختلف على العالم الذى نعيشه اليوم أو عشناه بالأمس، فالسياسيون أصدروا قوانين وقرارات مثل إيقاف المصانع وإغلاق المتاجر والمناطق السياحية بدون علم ما ستلحقه من خسائر على الدولة والأفراد، فالذى كان يهمهم هو أستمرار الحكومة فى فرض سلطتها وقيادة الدول وإسكات الأصوات التى كانت معارضة لسياساتهم قبل وجود الكورونا فيروس.

لكننا الآن نتلمس وضع جديد بعد أن إلتزمت الحكومات بساسات صارمة لمواجهة منع أنتشار العدوى من مكان إلى آخر، مما أدى إلى نتائج إيجابية وفعالة، فى نفس الوقت التى تستثمر بعض الدول ورؤسائها مثل دونالد ترامب الوباء وتراخيه فى فى أستعمال نظم وقائية، أدت سياساته الرأسمالية إلى تفشى الوباء أكثر وأصبحت أمريكا البلد الأول عالمياً فى عدد المصابين بكورونا فيروس بل فى عدد الوفيات، وهناك أيضاً بعض رؤساء الدول الذين ينكرون خطورة الوباء رغم تزايد عدد الوفيات وهؤلاء الرؤساء لا يهتمون بشعبهم أكثر من إهتمامهم بشعبيتهم والمتاجرة السياسية التى ستسقط اليوم أو غداً بإنتفاضة أو ثورة شعوبهم ضدهم والتخلص منهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس


.. قتلوها وهي نائمة.. غضب في العراق بعد مقتل التيكتوكر -فيروز أ




.. دخول أول دفعة من المساعدات الإنسانية إلى خانيونس جنوبي قطاع


.. على وقع التصعيد مع إسرائيل .. طهران تراجع عقيدتها النووية |#




.. هل تتخلى حركة حماس عن سلاحها والتبعية لطهران وتلتحق بمعسكر ا