الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
اتفاق تحت الطاولة !
زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)
2020 / 7 / 4
السياسة والعلاقات الدولية
المعروف عن السياسة الخارجية التركية منذ قيام الدولة الحديثة قيامها على مبدا ( السلام في الوطن والسلام في الخارج) وهو ما يعبر عن تبني سياسة عدم التدخل في الملفات السياسية والامنية في خارج حدود الدولة التركية خاصة في الشرق الاوسط والعالم الاسلامي ، حيث سعى كمال اتاتورك الى الابتعاد عن مشاكل العالم العربي من خلال ربط تركيا ثقافيا وسياسيا بالعالم الغربي، لكن هذه المحاولة لم تكن واقعيا نظرا للموقع الاستراتيجي التركي وكذلك العمق التاريخي الذي تربط بين الاتراك والشعوب الاسلامية الاخرى في المنطقة وعليه اضطرت انقرة في الكثير من الاحيان على التدخل في ملفات عديدة خارج حدود دولتها الحديثة خاصة بعد قيام الحرب الباردة بين السوفيت والامريكان وقيام تركيا بمهمة حماية المصالح الغربية من التوسع السوفيتي حيث بات سدا منيعا بوجة الحركات الاشتراكية في الشرق الاوسط.
استمرت السياسة الخارجية التركية على ايجاد توازن بين المبادىء التي قامت عليها الدولة التركية وكذلك التطورات والمعطيات الدولية والاقليمية على حدودها سواء في الشرق او في اوربا الشرقية ومع الجمهوريات الناطقة باللغة التركية والخاضعة للحكم السوفيتي.
إن تغيير المعطيات الدولية خاصة اعادة سياسة القوة الى ادارة العلاقات الدولية فرضت على تركيا والدول الاقليمية الاخرى اعادة النظر في سياساتها الخارجية وقد بدات إيران منذ قيام ثورة الخميني بتبني التوسع الاقليمي من خلال اعلان تصدير الثورة والعمل على بناء الهلال الشيعي في الدول التي يتواجد بها الشيعة، الا ان تركيا ظلت تعتمد على الغرب وحلف الشمال الاطلسي في رسم استراتيجيتها بخصوص الشرق الاوسط والعالم الاسلامي الا ان تغير توازن القوى في الشرق الاوسط بعد حرب الخليج و الاحداث التي تلت ذلك فرضت معطيات جديدة على انقرة تم ترجمة تلك المعطيات في السياسة الخارجية التي تبناها كل من توركود اوزل من خلال البحث عن العمق الاستراتيجي التركي من خلال استخدام عنصر التاريخ خاصة العثمانية في اعادة التوازن لانقرة في بيئتها الاقليمية وكذلك حاول نجم الدين اربكان في اعادة تركيا الى محيطها الدولي كقوة اقليمية من خلال بناء الجسور مع العالم الاسلامي عن طريق استخدام الروابط الثقافية والتاريخية مع الدول الاسلامي ومحاولة بناء تحالف اسلامي على غرار الدول الصناعية الا ان الانقلاب العسكري انهت ذلك الحلم.
ان التوسع الاقليمي بدا يظهر من جديد عن طريق تبني القوة المرنة من قبل العدالة والتنمية خاصة سياسة التعاون والتفاعل مع الشرق الاوسط ومهندسها الدكتور احمد داود اوغلو، السوال هنا هل غيرت الربيع العربي نظرة الاتراك فيما يتعلق بالتوسع الاقليمي ام ان التطورات الامنية والتنافس الروسي الصيني الامريكي فرضت على انقرة سياسة خارجية لم تكن ضمن اجندة العدالة والتنمية؟
إن قراءة السياسة الخارجية التركية في عهد العدالة والتنمية خاصة في الفترة ما بين 2008 الى 2011 لم تكن هناك نية بتبنى القوة الصلبة فيما يتعلق بالتوسع الاقليمي واعتمدت تركيا على مفهوم التفاعل الاقتصادي والتعاون الاستراتيجي من خلال تبني القوة المرنة وعرض تركيا على انها النموذج الديمقراطي الفعلي في العالم الاسلامي وان تركيا لابد وان تكون النموذج الذي يتعامل معه الغرب ويقلده الشرق. ولكن التطورات السريعة ورجوع سياسة القوة الى التحكم بالملفات الساخنة في الشرق الاوسط بعد الربيع العربي فرضت واقعا جديدا على تركيا واربكت كل الحسابات والاحلام الوردية التي تبناتها داود اوغلو وطبقها اردوغان في رسم استراتيجية انقرة في التقرب من الشرق الاوسط واعادة تنمية الاقتصاد التركي من خلال الترويج للحضارة والبعد التاريخي التركي مع العالم الاسلامي.
ان ما تجري على الساحة الدولية في الوقت الراهن خاصة التوسع الاقليمي والسعي لاعادة النفوذ بين الدول الاقليمية قد تجلت بصورة واضحة في التحركات التركية الاخيرة خاصة في الدول التي تعاني من فشل مؤسساتي خطير كالنموذج السوري والعراقي والليبي ولكن الجدير بالذكر هنا الملف العراقي وخاصة مسالة الرقم الكردي في المعادلة العراقية فالمعروف ان هناك توافق استراتيجي بين انقرة والاقليم خاصة الحزب القائد في اقليم كردستان وان التحركات العسكرية التركية والتوسع في داخل الحدود العراقية تظهر بان لدى تركيا ملفات استراتيجة غير معلنة لحلفائها الكورد وان مسالة العمال الكردستاني مجرد دعاية اعلامية لشرعنة التوسع العسكري، والسوال هنا هل هناك اتفاقيات تحت الطاولة ضد التواجد الكوردي ام ان المسالة مجرد فراغ امني تحاول انقرة العمل على ملء ذلك الفراغ من خلال العمليات العسكرية في داخل الاقليم الكردي.
إن الحديث عن ولاية الموصل في ادبيات القادة الاتراك تعبر عن مرحلة جديدة في السياسة الخارجية التركية والغرض منها اعادة النفوذ الجيوسياسي في خارج حدود الدولة التركية بالشكل الذي يؤهل انقرة للتفاوض مع القوى الكبرى في مسالة اعادة هيكلة الشرق الاوسط ، تركيا تعي بان المرحلة القادمة ستكون مرحلة تقسيم الكعكة في الشرق وان تركيا فضلت موقف المشاركةً في رسم الخريطة بدلا من موقف المشاهد. بالتاكيد ما يجري في اقليم كوردستان والتوسع العسكري التركي قائم على اساس تفاهمات ايرانية ، تركية وعراقية مع التغيير في موقف واشنطن بخصوص الاقليم والتركيز الامريكي على اعادة الدولة المركزية في العراق والاحتفاظ بالنفوذ بعد اختلال القوة بين الامريكان والروس في المعادلة السورية.
لم يعد ممكنا قراءة المشهد العراقي بشكل منفصل عن المشاهد الاقليمية الاخرى خاصة فيما يتعلق بالتدخل التركي وان الايام القادمة تحمل الكثير من المفاجات في العراق والمنطقة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الانتخابات الرئاسية في السنغال: باسيرو فاي ينال 54,28% من ال
.. إسبانيا: النيابة العامة تطالب بسجن روبياليس صاحب القبلة القس
.. نتنياهو يأمر بشراء عشرات آلاف الخيم من الصين لإنشاء مخيم في
.. كامالا هاريس تصفق لأغنية إسبانية داعمة لفلسطين خلال زيارتها
.. قناة إسرائيلية: إدارة بايدن طلبت من إسرائيل السماح لضباط أمر