الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواصلة الصراع السياسي في المغرب

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2020 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


هل من صراع يدور بأوجه مختلفة في المغرب ؟ وانْ كان هناك صراع يجري ويدور ، فمن تكون مكوناته ؟ ، من هي اطرافه الأساسية ؟ ومن هي اطرافه الثانوية ؟ والى اين يتجه من حيث الحسم النهائي للمكونات التي تشترك فيه ؟
منذ ان خلق الله الدنيا ، خلق معها النقيض ونقيضه ، وخلق معها التناقضات ، كما خلق الاختلافات ، فالناس وعلى خلاف صحيح القرآن ليست من مذهب واحد ، ولا من طينة واحدة ، ولا ملة واحدة ، بل نجد ان اصل الحياة والكون ، هو صراع بمختلف العناوين ، منهم من يسميه ديني، ومنهم من يسميه طبقي ، واخرون يسمونه اجتماعي وهكذا .. والكل قد يسترجع حكاية ، او رواية تناحر هابيل وقابيل ، كأول صراع بدأ في الكون ، وربما سبقته صراعات إنسانية أخرى ، كصراع الانسان ضد ومع الطبيعة ، وصراعه ضد الحيوانات المتوحشة كالديناسورات التي لا تشبه دينسرونات اليوم ، و الصراع مع الطرق البدائية للعيش الأول للكائن البشري على وجه الأرض ..
ان اصل الحياة هو صراع دائم ، ومتواصل على الخيرات ، على الثروة ، كما انه صراع على الحكم ، وصراع على كل ما يرتبط به من توابع تنتصر الى هذه الجماعة او تلك .
فالصراع لا يمكن ان يكون اذا لم تكن هناك مصالح متناقضة ، وإذا لم تكن توجد جماعات تختلف فيما بينها ، فالصراع دليل على الاختلاف ، ودليل على الحق في فهم الظواهر ، وحتى الخارقة منها ، وهو دليل ان المجتمع غير ساكن وغير جامد ، بل يتحرك ويتفاعل استجابة للقوانين الاجتماعية الخارقة الغير مرئية ، التي تنزل صدفة وبدون اشعار ، أي دون ان تكون من انتاج الانسان ، ودون استطاعته التحكم فيها بما يجعله السيد لا المسود ، المنتصر لا المهزوم ..
وبما ان اصل الحياة هو صراع ، فلا عجب ان ينصب الصراع حول الاختلاف في شكل النظم ، واشكال الحكم ، وفي كيفية توزيع الثروة ، وفي طرق الاستحواذ عليها ، كما يرتبط بنوع ودرجة العلاقة بين المكونات المتصارعة ، وبين المجتمع الذي يجري الصراع باسمه ، و لا اعتقد من اجله ، لان التجارب بينت ان أي صراع يستعمل ويوظف المجتمع ، فهو يستخدمه ككمبراس للوصول الى غايات ضيقة أنانية ، وشخصية لا علاقة لها بمصالح المجتمع اطلاقا ، وقد دلت تجارب كثيرة على ان المجتمعات الموظفة في الصراع ، تكون في جانب ، والمكونات التي تصارع من اجل ( المجتمع ) تكون في جانب آخر ، ولنا امثلة عن تجارب وطنية آلت الى الإفلاس السياسي والتنظيمي ، منذ ان شرعت في توظيف المجتمع بشكل ميكيافيلي ، لتحقيق أغراض لا علاقة لها بحاجيات ومصالح المجتمع ، وكيف عرت التجربة عن نفس المكونات التي استعملت المجتمع للوصول الى الحكومة ، حتى عندما استوزروا انقلبوا على ما رفعوه من شعارات باسم المجتمع ، الذي الحقوا به اضرارا لم يسبق لأية موظفين سامين ( وزراء ) في حكومة ، ان اقترفوها في حق المجتمع، ولنا تجربة حزب تجار الدين المسمى بحزب العدالة والتنمية ..
في المغرب لم يكن الصراع السياسي باسم المجتمع ، يعود الى الفترة التي تلت استقلال إيكس ليبان ، لكن الصراع السياسي الذي كان يُحضّر للصراع بعد الاستقلال ، ابتدأ بشكله العنيف عند مقتل مناضلي حزب الشورى والاستقلال على يد حزب الاستقلال بدار " بريشة " ، وعندما عرّى حزب الاستقلال الحزب الشيوعي من طابعه الوطني ، واستفحل الصراع منذ سنة 1947 السنة الذي عرفت غرس بذرة البرجوازية المتوسطة ، وما فوق المتوسطة في مواجهة البرجوازية المحافظة التي مثلها جامع القرويين ، ومثلها الجناح المركانتيلي لحزب الاستقلال ، الذي انساق بطريقة الاعمى وراء الملك ، في مواجهة ما اطلق عليهم بالشيوعيين ، وبالانقلابيين ، وبالجمهوريين ..
فالحركات الاستقلالية التي أسست لحركة 6 شتنبر 1959 ، كانت تحصيل حاصل للنزاع الذي شب منذ سنة 1947 ، ووجد تربته المفروشة ، بخلق البديل البرجوازي الصغير ، الذي سيمثله حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، كطليعة تجمع متناقضات غريبة ، من السياسيين الى ، النقابيين الى ، المقاوميين ، الى الموالين للقصر الذين سينفصلون عنه بمجرد تأسيس حزب جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية ..
الصراع الذي دار في المغرب ، لم يكن صراعا عاديا ، بل كان صراعا عنيفا ، لان موضوعه كان الحكم ، أي صراع بين توجهات سياسية ، وصراع بين تطلعات للظفر بالحكم ، وبالنظام ، ومنه الظفر بالثروة ، والجاه ، والمال ، والنفود .
وبقدر ما كان الطرف المتصارع يلجأ الى العنف للجواب عن عنف الاخر الغير مسبوق ، لأنه وصل حد الاغتيالات لأشخاص ، بقدر ما كان الطرف الاخر يوظف كل الإمكانيات المتاحة ، لإسقاط النظام المسيطر على الحكم ..
ستكون هناك عدة محطات خطيرة دونت لهذا الصراع ، الذي كان باسم المجتمع الغائب عن الصراع ، فكانت 16 يوليوز 1963 ، و كانت 3 مارس 1973 ، وكان الجيش باسم الضباط الوطنيين الاحرار في سنة 1971 و 1972 ، كما توسع الصراع عندما انضافت له مكونات ناقمة وساخطة على المتصارعيْن الاوليْن ، معارضة برجوازية ، ضد نظام كمبرادوري ، ليصبح صراعا بين بعض مكونات البرجوازية المتوسطة ، وما فوق المتوسطة ،وبين البرجوازية الكمبرادورية ، والبرجوازية الصغيرة التي ستتخذ لها اشكالا شتّى ، ميزتها في الساحة ، واعطتها قيمة مضافة للصراع الدائر ، لم تكن قيمته تقل مجابهةً ، وعنفاً ، وصراعاً حاداً ، عمّا ساد قبل ظهور التيار البرجوازي الصغير الداعي الى الجمهورية الديمقراطية الشعبية ..
امام هذه القوى الثلاثة المتصارعة ، النظام البرجوازي الكمبرادوري ، الميركانتيلي ، البتريركي ، البتريمونيالي ، الاثوقراطي ، الثيوقراطي ، الاقطاعي ، المستبد ، الطاغي ، الحگارْ ، الناهب للثروة ، المهرب للدولار ..
والبرجوازية المتوسطة التي كانت تبحث عن جمهورية برلمانية على الطريقة العربية ، بحيث لو نجحت في الانقضاض على الحكم ، لأصبح لنا ناهبون جدد للثروة ، ومهربون جدد للدولار ، ولأصبح لنا طغاة جدد ، ومستبدون جدد ينهبون باسم الاشتراكية المفترى عليها ، مثل من ينهب ويفترس باسم الله ، وباسم القران ، وباسم الدين ، وهي الجمهوريات التي كنست رؤوسها الجماهير العربية في ربيعها ، الذي لم يكن ابدا ربيعا ، وكان شتاء مليئا بالوحل الذي مثل بقاء الأنظمة التي خلقت الرئيس ، الذي تم كنسه برضاء وموافقة الرئيس ، حتى لا يسقط النظام الذي انتج الرئيس ...
والبرجوازية الصغيرة التي لم تكن تختلف في شيء كوصولية ، تتلهف بغريزة حيوانية غير مُتحكم في تصرفاتها وفي خرجاتها ، المال ، والجاه ، والثروة ، والمصالح الشخصية التي تكشّفت بمجرد ان فتح لها الحاكم باسم الله ، وباسم القرآن ، العنابر و( البزابز ) المختلفة Les robinets ، حتى نسيت شعاراتها التي لم تتردد في إدانتها ، وفي التبرؤ منها ، وارتمت ومن دون مقدمات ، في حضن النظام تُجمّل وجهه الديمقراطي القبيح ، وتطبل وتزغرد للإنجازات ( ما شاء الله ) التي بالأمس كانت محط احكام بالإفلاس ، وبالفشل الذي لن يمحوهما غير نظام الجمهورية الديمقراطية الشعبية ..
الصراع الثلاثي بين هذه المكونات المتناقضة في الشعارات المرفوعة ، وفي حجج المشروعات المقدمة ، والتي تلتقي وتشترك في حب السيطرة ، والاستحواذ ، والنهب ، واللهفة على الخيرات ، وفي الافتراس الغريزي ، الحيواني ، البهيمي ... ستنضاف اليها قوة رابعة ، كانت تنتصر الى المشروع اكثر من قروسطوي ، والأكثر من فاشي ، الرامي بالمجتمع الى العصور الخوالي ، عصر الظلمات المتعارض ، بل العدو لعصر النور والانوار ..
ان هذا الرباعي الذي سيحط الرحال بالساحة ، مفرشاً له من طرف الكمبرادور بدعوى العقيدة في خطر ، والملاحدة ينتشرون ويتوسعون ، وان غداُ اتحاد سوفياتي ملحد ولا ديني ، في طور التركيب والانجاز ، محرضينهم على معارك دنكشوطية عبثية ، خدمت النظام ، ولم تخدم لا العقائديين ولا الايديولوجيين ، حتى عندما ضعف الجميع ، لم يتردد الكمبرادور من فتح أبواب ( قصوره ) سجونه في وجه الجميع ، و ليستريح من الجميع ، وليظفر وبكل أريحية ولوحده ، بالخيرات ، والثروة ، والجاه ، والمال والنفوذ ، وليمضي قدما ، وغير منزعج ، ولا مبالياً ، ومن دون خوف ولا بصيرة ، في تركيز أعمدة نظام قروسطوي ، بتريركي ، بتريمونيالي ، مركانتيلي ، اكثر من طاغي ، واكثر من استبدادي ، نظام مغلف بالتقاليد المرعية ، والطقوس المحنطة ، و المبتذلة ، المُذل والمُهين للرعايا الذين فقدوا الصواب ، وضاعت بوصلتهم ، وتاهوا دواباً بَكْمة لا ناطقة على وجه الأرض ، بدون معايير ولا ضوابط ، وبعد ان فقّرهم النظام الحاكم باسم الله ، وباسم الرّب ، وباسم محمد ،وباسم الاضرحة والمواسم ، وكثرة زيارة القبور للحظوة بالبركة ، ودفع شر الجن والعفاريت ... وأصبح اكبر نَفَرِهم متسولين ، استرزاقيين ، ينادون راعيهم الكبير ، وهم في مسيرات غبنٍ تشبه الحج حول الكعبة ، بالقفة فقط القفة ، وبالدعم فقط الدعم ، مع العلم ان حتى ولو ظفروا بالقفة فلن تكفيهم عيش أسبوع ، وان ظفروا بالدعم لن يكفيهم عيْش ثمانية أيام ...
في خضم هذا الصراع حول الحكم الذي استعملت فيه كل الأسلحة ، سينتصر الحكم على المتصارعين الثلاثة الاخرين ، أصحاب الجمهورية العربية على الطريقة العربية ، وأصحاب الجمهورية العمالية الفلاحية ، وأصحاب دولة الخلافة الإسلامية ..
لقد كان الانتصار ساحقا وماحقا ، ولم يكن رحيما ولا إنسانيا ، وانتهى بأصحابه الى الارتماء في أحضان النظام ، الذي أذّبهم بِتْرابي دارْ المخزن ، أي الحق بهم الإهانة والمذلة حين استصْغرهم، ومرّغ انفهم في روث الابقار وليس في وحل التراب ، لان النظام العلوي والعلويين معروف عنهم الضغينة والحقد ، وانهم لا ينسوا بسهولة ، وان كانوا يتظاهرون بالقلب الكبير ، وبان المغرب / النظام ، مسامح ومتسامح كريم .. فإهانة واذلال الخصم ، هو شيء مقصود ، ومبتغا عظيم ، لأنه رسالة موجهة الى الاحفاد ، والى احفاد الاحفاد ، حتى يتركوا الأمير وحده يفعل ما يريد ، يحلل ويحرم ما يريد ، وما لا يريد ... فالدولة هي دولة العائلة ، وليست دولة العامة ، ولو كانوا مثقفين سياسيين .. واسمها بالدولة العلوية ، لأنها دولة للعلويين لا دولة غيرهم ، الذي يجب ان يكونوا رعايا تقليديين في عمومهم ، وفي أغلبيتهم ، ورعيا عصريين فقط في ساستهم ، وزعماء نقاباتهم وجمعياتهم ... لكن رعايا عصريين او رعايا تقليديين ، فكلهم تحت إمرة امير المؤمنين ، حامي حمى الملة والدين ، والساهر على صحة وسلامة المواطنين ...
انها دولة الامارة ، والامامة ، ودولة الراعي الكبير ، التي أسسها اجداده على الانتساب للدين ، وللدين فقط ، لقطع دابر اية قبيلة تتطلع الى حقها في السمو ، والجاه ، والمجد ، والسلطان ، كما كان عليه الحال ابّان الدولة العصبية ، القبائلية ، والمشاعة ..
والسؤال : ما الفرق بين طغيان ، واستبداد ، وافتراس الدولة العلوية ، وبين طغيان ، واستبداد ، وافتراس دولة الجمهورية البرلمانية على الطريقة العربية ، وبين طغيان ، واستبداد ، وافتراس دكتاتورية المثقفين باسم العمال والفلاحين المُغيّبين دعاة الجمهورية الديمقراطية الشعبية ، وبين طغيان ، واستبداد ، وافتراس دعاة الخلافة الإسلامية ... فهل هناك الطغيان ، والاستبداد ، والافتراس الناعم ، وهناك الطغيان ، والاستبداد ، والافتراس البشع ، ما دام ان الجميع يعمل في تفقير الشعب المُفقر ؟
لقد حصل تحول جذري ، في الأطراف التي خاضت الصراع منذ سنة 1958 ، والى سنة 1999 ، السنة التي تولى فيها محمد السادس الملك ، فبينما ارتمى الجميع ومن دون تفكير ، وبالسرعة القصوى ، في حضن الدولة الحنونة ، السّخية ، الثدي المليء بالحليب ....
وبعدما ظن الجميع انّ قوة الصراع اليوم تلاشت عمّا كان عليه الحال في السابق ، سيتبين ان الصراع لم ينطفئ قط ، وان النظام الذي احرز انتصاره العظيم ، والتاريخي على دعاة الجمهورية البرلمانية ، ودعاة الجمهورية الديمقراطية الشعبية ، ودعاة الخلافة ، وحتى جمهورية الضباط باسم الضباط الوطنيين الاحرار ، اصبح يواجه تحولا في المعارضة ، املته طبيعة التطورات الميدانية التي يرجع اصلها الى السبعينات والثمانينات ، لكنها ستعرف طفرتها النوعية التي تتطور في اتجاه القفزة النوعية ، مع مجيء الملك محمد السادس ، وهي انّ اطراف الصراع اليوم ، وبعد ان تم تحييد دعاة الجمهورية البرلمانية العربية ، وبعد ان تم تفتيت دعاة الجمهورية الديمقراطية الشعبية ، الى جزيئات اكثر من كمشة مناضلين ، يحنون الى تاريخ فقد بريقه بسقوط الاتحاد السوفياتي ، وبسقوط أنظمة اوربة الشرقية ، وانضمام اكثريتهم الى صفوف الدولة راعيتهم والحنونة عليهم ، وانْ كانت قد اهملتهم بعد ان نفّذوا دورهم ، وانتهت مهمتهم ، وتركتهم بدون عطف ولا حنان ، وتركتهم يواجهون اشعة الشمس الحارقة بالغربال ...
وبعد ان تم تحييد التيار الإسلامي السبعيني ، بانضمام الأكثرية كوشاة ومخبرين عند البوليس ، ومغادرة الأقلية المغرب الى قفار اللجوء ... ستفرض نفسها في الصراع قوى جديدة / قديمة ، تعتمد في نضالها ضد النظام ، نفس أسلحة النظام التي هي الدين ، وكل ما يرتبط به من تفاصيل تركز وتبرر مشروعية الحكم ، كعقد البيعة ، ونظام الامارة ، والإمامة ، والانتساب الى النبي ، الامر الذي فرض أساليب جديدة في المواجهة ، وفي ضبط ميزان الصراع السياسي في الساحة ..
في المغرب هناك قوتان رئيسيتان تتنازعان التمثيلية الدينية ، ومنها يتصارعان على نحو الحكم الأجدر بالتطبيق .
من جهة هناك النظام السياسي المتمسك بنظام الامارة ، والامامة ، التي تستند على المرجعية الدينية ، ولا تستند على المرجعة العقلانية ، والنظام يتشبث بهذه المرجعية تشبث الغريق بحبل النجاة ، لأنها تعطيه سمواً ودرجة جد عالية ، في ضبط المجتمع الغارق في الامية والجهل ، ومن ثم تمكنه من سلطات استثنائية يعلو بها فوق الجميع ..
ومن جهة نجد حركة اسلاموية باتجاهاتها المختلفة ، من دعاة نظام الجمهورية الاسلاموية ، الى دعاة نظام الخلافة التي لم تكن راشدة ، تنافسه التمثيلية الدينية ، حين لا تعترف له بسلطان الإمارة والإمامة ، وتنفي عنه الانتساب الى النبي ، وتصف نظامه بالجبري ، والطاغي ، وانْ لا علاقة تجمعه ب ( دولة ) الخلافة الرشيدة التي لم تكن ابدا رشيدة ، التي انتهت بصرع عثمان البرجوازي الذي سرق وعائلته بيت مال المسلمين الذين فقرهم ، وجوعهم ، ففتح عليه باب ثوار مصر الذين اهدروا دمه بتهمة الانحراف في وعنْ الدين ...
ويشترك في هذه الجماعات ، كل الجماعات الاسلاموية التي مشروعها التأصيلي الدولة الاسلاموية الفاشية ، من جماعات التكفير المختلفة ، وكل الحركات الاخوانية ، وعلى راسها اكبر تنظيم تمثيلي وتنظيمي ، والأكثر انضباطا الذي هو العدل والإحسان ..
المعركة المحتدمة مع النظام الاوليغارشي ، التقليداني ، الكمبرادوري ، لم تعد تحتاج الى وسائل العنف المادية ، التي استعملت في السبعينات والثمانينات من القران الماضي ، لكنها ستتحول عند اكبر جماعة ، وعند الجماعات التي تشاركها نفس التكتيك ، لبلوغ نفس الاستراتيجية ، الى النضال السلمي على الطريقة الغاندية ( غاندي ) ، من جهة لإشاعة سِلْميتها إزاء المتخوفين من برنامجها ، ومن مشروعها ، الذي لن يكون غير مشروع فاشي ، والرسالة موجهة للداخل المغربي ، وموجهة للخارج المغربي اكثر ، وهنا سنلاحظ ان الجماعة الاسلاموية نجحت في جر حزب النهج الديمقراطي الى الهرولة للتنسيق معها ، وللتحالف معها بدعوى انها تعارض النظام ، وترفض وجوده ، وبدعوى انها تجنح الى السلم ، والى السلمية ، وتدحض وترفض العنف على الاخرين ، وفي الأخير فهي جماعة مقموعة ، تتلقى من القمع ما لم يسبق لليسار في أوج قوة صراعه مع الحكم انْ تلقاه ..
ومن جهة فالتكتيك للوصول الى الاستراتيجية ، التي هي نظام الخلافة الاسلاموية الفاشي ، هو الاجتهاد في تعريض ، وتوسيع القاعدة بخطة تنتهي بشكل هرمي ، يجعل القاعدة هي كل الشعب ، ويجعل رأس الهرم الصُّغيِّر ، هو النظام ، مما سيسهل امتصاص رأس الهرم ، وبعده لصالح قاعدة الهرم التي هي الجماعة ومعها كل الشعب ، وليس فقط بعضه ...
يمكن للنظام ان يعالج وبسهولة ، مشاكل الجماعات الإرهابية الخارجة عن القانون ، من جهة لأنها لا تتمتع بتمثيلية شعبية وسط الشعب ، ومن جهة لان عدد افرادها يكون محدودا وقليلي العدد ، شأن معالجة النظام للجرائم العادية التي تحصل في المجتمع ... ومن جهة يبقى ظهور بعض الخلايا في بعض الأوقات امراً عادياً ، يفيد ويتوصل اليه البوليس بطريق سهل قبل الشروع في العمليات الإرهابية ، بمعنى ان الجماعات الإرهابية القليلة العدد ، لا تؤثر على النظام العام للدولة ، وليس بمستطاعها احداث التغيير المجتمعي كنضال ، يعتبر ويعد الأخطر في نضال الجماعات الاسلاموية الاخوانية ، التي تستهدف المجتمع بكثرة ، في نفس الوقت التي تتصارع مع النظام الجبري الحاكم باسم الإسلام .. بدعوى الوصول الى نظام الخلافة الفاشي ، او الوصول الى الجمهورية الاسلاموية ، التي يكون فيها الحكم للفقيه الشرعي الفرد ، او لمجلس الشورى المُكوّن من بضعة اشخاص يفرضون الوصاية على المجتمع وعلى الشعب ، او باسم اهل الحل والعقد ، او باسم ولاية الفقيه التي تركز كل النظام في شخص الوالي الفاشي ، وليس في شخص الشعب المعرض لاضطهاد زبانية الولي الفقيه ...
ففرق كبير بين مواجهة بضعة افراد كخلايا إرهابية ، وظهورها يبقى مسألة عادية تفيد وتهم مخابرات النظام ، وبين مواجهة التكتيك المؤدي الى الاستراتيجية التي يحلمون الوصول اليها ، التي هي نظام الخلافة ، او نظام الجمهورية الاسلاموية ، من خلال ترتيب وضبط المواجهة بين الشعب الذي تكون تلك الجماعات قد اقنعته بصحة اطروحاتها المستمدة من الدين ، لان المجتمع هجين يتأثر بكل ما له علاقة بالدين ، وبالإسلام ( التراويح ) ، الامر الذي يبشر بتكرار الثورة الاسلاموية الإيرانية الفاشية ، التي قتلت حلفاءها من الشيوعيين ( حزب تودة ) ، منظمة مجاهدي خلق ، منظمة فادئيي خلق ، الاشتراكيون ، الليبراليون ، ولينتهي الصراع بجثوم نظام الملالي على كل الدولة التي تخضع لشخص الولي الفقيه ..
فعند حصول انتفاضة شعبية ، او ثورة جماهيرية ، فالشعارات التي سيرددها المنتفضون ستكون اسلاموية ، ولن تكون ماركسية ، ولا لينينية ، ولا اشتراكية ، او قومية ... لان المجتمع في جيناته وفي تركيبته النفسية مغلف بالدين ، وبكل مفاصله الرجعية . الم يرفع ناصر الزفزافي ، وحراك الريف شعارات دينية تميل الى الأباضية الشيعية ؟ الم تكن هي نفسها الشعارات الشيعية التي رددها الحراك في يناير 1984 ؟ والخطورة حين يطغى على الصراع نزوع الانفصال ، ونزوع العنصرية المقيتة .. وهو نفس الصراع العنصري تخوضه بدوافع صهيو/امبريالية الحركة المسماة بربرية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو