الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور محمد باقر الصدر في إشعال الحرب العراقية الإيرانية (4)

جعفر المظفر

2020 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


من الناحية السياسية أدت عقيدة الغيبة والرجعة إلى إنهاء حالة الصداع التاريخي الذي طالما أدى إلى زج الشيعة في خلافات مهلكة مع الأنظمة والإمبراطوريات المتتابعة, فلأن الإمام الثاني عشر قد غاب فلا دولة إلا بعد ظهوره.
ومن ناحيتها كانت الأنظمة الإمبراطورية الإسلامية المتعاقبة قد منحت المرجعيات الدينية الشيعية حق التمسك بالطقوس وخاصة العاشورائية إضافة إلى سماحها أو ربما حتى تشجيعها لفريضة الخمس التي لا بد وأنها عملت على تخدير الإئمة القائمين على حال الطائفة, أو ربما إعتبرها هؤلاء مثل الجزية التي تغض الحكومات النظر عن أمر حصولهم عليها مقابل عملهم على تهدئة الأتباع وعدم التدخل بالسياسة.
وربما يتذكرالكثيرون كيف أن أكثرية علماء الشيعة قبل تأسيس حزب الدعوة كانوا بعيدين عن أمور السياسة, وكان آخر عهدهم فيها مع نهاية ثورة العشرين (1920). مع أن هناك من يؤكد على أن تأجيج البعض منهم لتك الثورة, أو مشاركة بعض شيوخهم الفاعلة فيها, لم تأتٍ تناغما مع الحاجات الوطنية الخالصة وإنما جاءت ظاهريا رفضا لإرادة المحتل الإنكليزي المسيحي (الكافر !).
وليس إثما الظن أن وقوف تلك المرجعيات الشيعية مع الدولة العثمانية ضد التحالف الغربي لم يكن
خالصا لوجه الإسلام, فما دام أن خطاب المظلومية الشيعي يؤكد على أن السلطة العثمانية لم تكن تتعامل مع الشيعة بمنطق المساواة, وحتى أنهم كانوا مضطهدين ومقموعين, فسيكون من الحق الإستنتاج أن الحسبة بالنهاية كانت قد تأسست على الظن أن دخول العراق في عهد الدولة المدنية الحديثة بعد الإحتلال الإنكليزي سوف لن يأتي على حساب دولة الخلافة العثمانية فقط وإنما أيضا على حساب دولة الكيان الشيعي الموازي الذي يهيمن عليه رجال الدين.
بمعنى أن بقاء العراق تحت الهيمنة العثمانية هو أفضل من دخول العراق في عصر الإحتلال الإنكليزي, وأحسب أن ذلك لم يكن قد أتى من منطلق الولاء التام للإسلام الدين, وإنما لحسابات تتعلق بمصالح المرجعيات الدينية التي شعرت أن دخول العراق في عصر الدولة المدنية سوف يؤدي بالحتم إلى زوال الكيان الشيعي الموازي المرافق لدولة الخلافة.
فلو كان الأمر محسوما بقضية الولاء للإسلام الدين لما تغير الموقف بعد ذلك مائة وثمانين درجة مؤديا إلى تعاون المرجعية الشيعية (المسلمة) مع الإحتلال الأمريكي (المسيحي) ضد نظام صدام (الحاكم المسلم).
لكن الموقف الأكثر تأثيرأ في عصر ما بعد إنهيار دولة الخلافة العثمانية وتأسيس الدولة العراقية الوطنية هو لجوء الخميني إلى العراق بعد نفيه من قبل الشاه وتركه لمنفاه التركي عام 1965. ومثل تأثير رمي الحصاة في الماء الراكد كان فعل الخميني على الأوضاع الشيعية في النجف.
لقد إختلف الوافد الجديد مع مرجعية الحكيم بشان علاقة الشيعة بالسياسة وحقهم في إقامة الدولة الإسلامية, وهو نفس الأمر الذي جعله على خصومة مع الشاه, في حين أن مرجعية الحكيم كانت قد ركنت أمر التدخل في السياسة جانبا, ولم يكن في صالحها تفعيل الحالة الشيعية العراقية بإتجاهات سياسية ثورية, إضافة إلى أنها أيضا كانت تحتفظ بعلاقات إيجابية مع الشاه الذي كان يحابي مرجعية
النجف ويساندها في صراعها مع مرجعية قم على الزعامة الدينية للطائفة الشيعية عالميا.
وبطبيعة الحال فإن موقف الشاه من صراع المرجعيات كان سيكون عكسيا لو أن مرجعية قم كانت تدعم نظامه ولا تعمل على تغييره لإقامة نظام البديل.
الواقع أن ذلك الأمر كان قد أدى على صعيد شيعي عام إلى تسلل ما سماه (عادل رؤوف) بخط الإمام الحسين إلى ساحة النجف الدينية الحوزوية التي طالما ظلت حريصة على حالة التعايش السلمي مع الأنظمة العراقية المتعاقبة.
ولأن مرجعية الحكيم كانت على علاقات إيجابية مع نظام الشاه الداعم لها على أصعدة مختلفة لذلك فإن وجود الخميني (الثائر) ضد نظام الشاه بين ظهرانيها لم يكن يبعث على الراحة وكانت تضع عينا على نشاطه لئلا تتأثر علاقات الود القائمة بينها وبين نظام الشاه.
لكن العلاقة الحكيمية مع الشاه ومع الحكومة العراقية على الجهة الأخرى لم تبقَ في مساحة الأرض الحرام التي رسمها الحكيم الأب فهاهو أحد أبنائه وممثله في بغداد وهو السيد مهدي الحكيم الذي إتهمته الحكومة البعثية بالتجسس يلجأ بعد هروبه من العراق إلى إيران لكي يقيم في أحد قصور الشاه وينسق مع جهاز السافاك.
وكان مهدي الحكيم قد شارك محمد باقر الصدر في تأسيس حزب الدعوة عام 1957 (في رواية أخرى عام 1959) وقيل أن هذا الحزب كان تأسس في بدايته لأجل مواجهة الحركة الشيوعية التي كانت قد أفلحت في تمتين شعبيتها وسط الكادحين من الشيعة بما راح يأكل من حظوة المرجعية في الوسط الشيعي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع (5)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س