الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل العام على أعتاب نظام عالمي جديد ؟!

ازهر عبدالله طوالبه

2020 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


منذُ أن بدأ فيروس كورونا يتجوّل براحتهِ في شوارعِ مدنية نيويورك الأمريكية، غيّر آبهٍ لعظمة الدولة المُتحكّمة بالعالم، بَل منذ أن أعلنَت أميركا عن أوّل إصابةٍ في هذا الفيروس، ونحنُ نشّهَد تراشقاً كبيراً من التُّهمِ بيّن أكبَر إقتصاديّن عالميّين " أميركا والصّين"، فتارةً نسّمع جعّجعةً على أميركا من الصين الطّامِحة إلى تغيير نظامِ السيطرةِ العالمي مِن أُحادي إلى نظامٍ مُتعدّد الأطراف أو على أقلِ تقدير، نظام ثُنائي القِيادة ؛ لإيمانها بأنّها لا تملِك المؤهلات الكافية التي تُمكّنها مِن قيادة العالم على نحوٍ مُنفرِد، وتارة أُخرى نرى الرّجلَ الأشّقَر وهو يعتلي منصّتهِ ليقومَ بغسّلِ عقول البشَر مِن خلال إقّناعِهم بأنّ الصّين هي وراء كُلّ ما يحدُث بالعالم، وأن هذا الفيروس ما هو إلا صنيعة مُختبرٍ صيني، صُنِع مِن أجلِ إضعافِ أعتى وأكبَر الإقتصادات العالميّة " أميركا"، وخاصّة بعد أن فُرِض عليّها - أي على الصين- عقوبات إقتصاديّة جمّة .

اليوم، وبُعيّد أن عطّل هذا الوباء سيّر العجلةِ الإقتصادية لمُعظمِ دولِ العالم -إن لَم تَكُن كلّها- لأكثرِ مِن أربعة شهور، بتّنا نعلَم بأنّ هناكَ شيّنا ما، يُرتّب على طاولةٍ النظام العالمي المتآكلةِ الأقدام، والتي أصبحت تُرتّب عليّها الخطط واحدةٌ تلوَ الأخرى، وكأنّهُ قَد رُسمَ لها بطريقة مُتّقنَة، أن تسّقُطَ بينَ كُلّ حينٍ وآخر أمامَ العالم أجّمَع. فقَد كانَت الخُطّة الأولى التي أُسقِطت، هي خطّة الإستغتاء عِن الحُلفاء، وكأنّها تمهيداً إلى إعادةِ ترتيب قوى العالم كما تسّعى بعض الدول، وفي حقيقة الأمر هذا ما يحصُل اليومَ على أرض الواقِع . أمّا الخطّة التي عارضها الشّعب الأميركي بأكملهِ، إلّا أنّها قَد رُتّبَ لها بيّن الرئيس الأميركي وكبار أثرياء العالم وعلى رأسهم أثّراهم، والمُتغنّي بالإنسانيّة المبنيّة على مصالحه العالميّة السيّد " بيل غيتس"، إذ أنّ هذه الخطّة* قَد كانَت تهدف إلى إيقافِ الدّعم الأميركي لمُنظمة الصّحة العالمية، فأُصدرَ أمراُ رئاسيّاً يوقفُ الدّعم الأميركي لهذه المُنظمة .

إن كُلّ الدلائل التي تظهَر على الساحة العالميّة تُشير إلى أنّ هذا الفيروس - دونَ النظرِ إلى أصلهِ وفصّلِه- قَد أظهرَ الضّعفَ الحقيقي الذي يُعاني منّه النظام العالمي الحالي، وأنّه نظام لَم يُعد صالحاً لقيادةِ العالم، أو حتى بقائه في دائرة صُنعِ القرار العالمي مُستقبلاً، فهو قَد حمّل العالم من الإخفاقات والفشل ما حمّله، وسفكَ الدّماء في كلّ بِقاعِ الأرض، وسلبَ أموال الشّعوب من غيّر حق .

فيُخطئ في حقّ البشرِ، بل يقتُل جميع البشر، كُلّ من يرى أن هذا النّظام قَد ساهمَ في تقديمِ أفضل ما عنّدهُ إلى العالم ؛ لأنّ هذا النظام لَم يُقدّم للعالمِ شيئا، وإن كانَ قَد قدّم، يكون تقديمهُ لا يتجاوَز الدّول والشّعوب الفاعلة فيه، وأهمّها الشّعبينِ " الأوروبي والأميركي " محقّقها لها نجاحات على حسابِ الشّعوب الأُخرى التي كانَ سبباً رئيسياً في نكّبتها وإذلالها وإضّعافها، فهو نظامٌ قائمٌ على مصالحهِ وليّسَ على مصالِح العالم، وهي الحاكمُ الوحيد لبقائه مُتسيّداً على العالم .

ربّما تستطيع أن نقول، أنَّ النظام العالمي الحالي كانَ في أوّجِ ناجحهِ عندما حاول أن يتخلّى عَن الموتِ والتّوجهِ الجاد في صناعةِ الحياة ؛ بدايةً من إنتهاء الحرب العالميّة الثانية إلى فتّرة الإستقرار الأولى، إلّا أنّهُ عادَ إلى ما كانَ عليّه مِن صناعةِ الموّت سابقاً، فصنعَ أفضلَ الأسلحة الفتّاكة، وأعدَّ الجيوش وأسّرفَ في وضّعِ ميزانيّاتها، فأرسلها إلى فيتنام، ومِن ثمَّ العِراق، ومِن ثمّ أفغانستان، والكثير من الدّول العالميّة والعربيّة على وجّه الخصوص، كُل هذه الحروب كانَت كفيلةً بأن تُثبتَ بأنّ هذا النظام إن بقيَ على عرشِ الحُكم العالمي ؛ سيبّقى دمويًّا إلى أجل غيّر معلوم، كيف لا، ومَن أسّسهُ هُم أؤلئكَ قادة الحربِ العالميّة الثانية، والتي بلغَ عدد ضحاياها أكثرَ من ستّينَ مليون قتيل، والتي عُرفَت بأنّها إكثرَ حربٍ دمويّة في تاريخ البشريّة .. فمَن المُستحيلِ أن يكونَ نظاماً عالميّا عادلاً، يتعاطى مع كلّ الشعوبِ بالصورة المطلوبة، وهو قَد أُسِّسَ على أيّدي مَن قتلوا -بصورةٍ مُباشرة، أو غير مُباشرة- ما يزيد عن نصفِ مئة مليون إنسان، إضافة إلى أنّهُ لَم يتمكّن من تطبيقِ منظومة القِيم - التي يتغنّى بها دائما- خارج حدودهِ إن كانَت حقُّا مُطبّقة داخل حدوده، كالديمقراطيّة وحقوق الإنسان وغيّرها .


يقولُ ابن خلدون : " إنَّ للدولِ آجالٌ مثّل آجالِ البشَر " ..
هُنا، وبعدَ قراءتنا لهذه المقولة التي إن أسّقطّناها على واقعنا ؛ تتورادُ إلى أذهاننا أمورٌ كثيرة، أقلّها تأثيراً، هي تّرتيبٌ للبيتِ العربي الذي بسببِ حُكامهِ وخُذلانهم وظُلمهم وجبروتهم وطُغيانهم وإضطهادِهم لشعوبهم ؛ لَم يذُق أجلاً واحدا، بل أذيقَ آجال كثيرة . أمّا أكثرها تاثيراً، أنّ كُل المؤشرات تُشير إلى أنّ النظام العالمي الحالي، باتَ في وضّعٍ لا يُرثى لهُ، وأنّهُ قَد أُدخلَ في غُرفةِ إنعاشٍ تفتَقد إلى كادرٍ طبيٍّ مُتميّز إختصاصهُ جراحة القَلب، وتخلو مِن أجهزة طبيّة جيّدة، تُعيدهُ نشاطهِ كما كانَ سابقاً .

" الليبرالية، الرأسمالية، العولمة " مبادئ تأسّس عليّها النظام الحالي . فلَن تكون هذه المبادئ قادِرة لو على أن تُسّعفَ هذا النظام، وقادرة على إخراجهِ مِن غُرفةِ الإنعاشِ التي أدخلَ بها، بَل هي - اليوم- بمثابةِ دواءٍ قَد إنتهَت صلاحيّتهُ منذ فترةٍ طويلة، يُعجّلُ بإرتداء الكفنَ الأبيض لمَن تناوله، ومِن ثمّ وضعه في حُفرةٍ مِن الطين ..

إنَّ تناول هذه الأدوية الفاسدة، هو أكبر دليلٍ على أنّ العالم اليوم، أصبحَ بحاجةٍ ماسّة إلى نظامٍ جديد، يُعيدُ تشكيل قواه بما يتناسب مع دول العالم أجمَع .


فهَل سيكون النظام العالميّ الجديد قريب جدا من الوجود ؟! وإن كان، فما هي المبادئ التي سيتأسّس عليها ؟!
وهَل سيكون نظام مُتعدّد الأقطاب؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو