الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعرة كوثر على محمد نجم شاعرة قضية

فطنة بن ضالي
كاتبة، شاعرة

(Fatna Bendali)

2020 / 7 / 10
الادب والفن


قراءة في قصيدة "نداء المعركة "

قال محمود درويش:
وكلما فتشت عن نفسي
وجدت الآخرين.
معنى هذا، أن في كل شاعر أصوات شعراء كثر، لأن الذات المبدعة لا تصنع عالمها وتجربتها من فراغ وإنما من تراكم معرفي وثقافي واجتماعي وذاتي نفسي. وذلك أن كل أديب محكوم بجدلية التأثير و التأثر بالواقع الاجتماعي وهو بهذا يعبر عن الذات الفردية والجماعية وعن وعيها، من هذا المنطلق يمكننا أن نلج قصيدة "نداء المعركة" للشاعرة كوثر على محمد نجم ، وهي قصيدة نشرت1964.
تنبئ القصيدة بموقف الشاعرة من القضية الفلسطينية ، وهو موقف يجعلها ملتزمة بقضايا الوطن العربي ، فإذا ربطنا القصيدة بسياقها، فإن المكان في حياة الشاعرة متعدد لكنه يدل على ثنائية المشرق والمغرب ؛ المشرق المتمثل في مصر حيث النشأة ، والمغرب المتمثل في ليبيا وتونس ، وأما المكان فهو الستينات وما بعدها، وهو زمن على مستوى التجربة الشعرية العربية يعد نقطة تحول حققت فيها القصيدة العربية نقلة نوعية من القصيدة العمودية إلى القصيدة الحرة ، أو قصيدة التفعيلة .
تبدأ الشاعرة قصيدة "نداء المعركة" بجملة شعرية إنشائية، هي "أماه" منادى بحرف نداء محذوف ربما لشد انتباه المتلقي ، مشفوعة بجملة أخرى إنشائية استفهامية ، في المطلع، وذلك حكاية عن لسان طفل فلسطيني، اختارت الشاعرة الحكاية لنسج عالمها الشعري فضمنت النص أفكارها ومواقفها على لسانه ، معبرة عن حال الفلسطنيين ، حيث يتساءل الطفل كيف انتهي الأمر كيف انتهى الأمر بالأم إلى المخيم ؟ سؤال مستنكر، ويدخل الطفل / الابن في حوار داخلي ، يدل على الضياع والأسى والضمأ والجوع والبؤس ..، إشارة من الشاعرة إلى مسار القضية وتطورها بقوله "لا تلهيني بالإخوة النجباء "، "لا أريد وعودكم"، نهي تام عن هذه الأفعال على اعتبار هذا كله تزجية وقت، ليصل إلى اتخاذ الموقف الجاد "أرضي فلسطين" "رويتها بدمي" " والنار دربي" تشبع تام بموقف المقاومة أنذاك ، ويكون العزم على تلبية نداء الأرض ، لتختم القصيدة " أرضي تنادي" ، "سمعت أنينها" "سأسحق قاتلي بحذائي". وهكذا بجملتين مجازيتين، نداء الأرض وأنينها كثفت الشاعرة المعنى الدال على الموقف، فنداء الأرض هو نداء المعركة. وهو موقف الشاعرة من القضية ، وبالتالي فإن أدب القضية الفلسطينية هو سلاح ، ومقاومة وصمود ، وان تشعبت اليوم . هكذا لم تخرج الشاعرة عن التصور العام الواعي بالقضية ، وعبرت بكل وسائلها التعبيرية الجمالية التي أتاحتها لها اللغة عن الموقف، وذلك بالتشخيص على لسان الطفل الذي سيسحق القاتل بحذائه، و بالتنوع في الأساليب بين الخبري والإنشائي ، وبرمزية الطفل في الأدب الفلسطيني فهو البراءة المفقودة والمغتصبة، والأم حيث الأمومة رمز العطاء والخصب، ونفيها إشارة إلى نفي هذه الصفات في الحاضر والمستقبل. كما عبرت بالانزياح والمجاز صور أدبية تحيل إلى تعميق المأساة. و اعتمدت الشاعرة إيقاعيا على الشكل العمودي ، رغم أن هذه الفترة كانت فترة ظهور القصيدة الحرة لكن الشاعرة اختارت البحور الخليلية، فالقصيدة من البحر الكامل لغتها سهلة مفهومة فصيحة تتكئ على إيصال الفكرة أكثر، فهي بمثابة رسالة موجهة إلى المتلقي ، وربما كان بحاجة إلى هذا الوضوح ، في شكل مألوف، مما يدل على قصد الشاعرة .
على العموم ، نرى مع عز الدين إسماعيل" أن طبيعة الظاهرة الأدبية تفرض لها وجودا خاصا، لأنها جماع شبكة من العلاقات بالغة التعقيد ، تضم الذاتي والموضوعي ، والفرد المبدع والجمهور والمتلقي ومستويات الوعي والمناخ الاجتماعي والبعد التاريخي ، وكلها عناصر مرنة ، تتبادل أماكنها من حيث الفاعلية. (محمد دياب النقد الأدبي وعلم الاجتماع ، فصول ، م4 / ع1، 1983.ص67) . ويبدو أن الشاعرة عبرت في قصيدتها عن هذا الوعي في بعده التاريخي، إذ ظل قائما؛ تشبت الفلسطينيون بالقضية ، ويظل الفلسطيني ممتد الجذور في روحه ونفسه ووجوده وكيانه ، معبرا عن ذلك في كل مكان وفي كل زمان .يقول محمود درويش في جداريته :
لا شعبَ أصغرُ من قصيدته. لكن السلاح
يوسع الكلمات . والحروف تلمع
السيف المعلق في حزام الفجر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-