الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرثر ميللر وعقدة اوديب. 3ـ وفاة بائع متجول

صباح هرمز الشاني

2020 / 7 / 11
الادب والفن


أرثر ميللر وعقدة اوديب
3ـ وفاة بائع متجول

صدرت هذه المسرحية عام 1949 وحصلت على ثلاث جوائز وهي جائزة بوليتزر وجائزة توني وجائزة دائرة نقاد الدراما بنيويورك وتعد اول مسرحية تحصد ثلاث جوائز دفعة واحدة وقد عرضت حوالي سبعمائة مرة اي مايعادل عامين تقريبا وترجمت الى عشرين لغة .
وتدور حوادثها حول عائلة فقيرة تتكون من الاب ويدعى (ويللي) الذي عمل بائعا ً جوالا والام (ليندا) وولديهما (بيف) الاكبر الذي عاد للتو بعد فشله العمل في مختلف الولايات الامريكية الى المنزل خاوي اليدين ، وهابي الاصغر بعامين عن شقيقه يعمل في مستودع للبضائع وهو معروف بالسكر و زير النساء.
تعاني افراد هذه الاسرة من العطل وعدم استقرارها في عملها وبالتالي عدم نجاحها فالاب (ويللي) غير مرتاح في عمله التجوال بين المدن ويسعى الاستقرار بمدينة نيويورك وابنه (بيف) عاد من تكساس بعد ان ترك عمله ويبحث عن عمل اخر (وهابي) يأبى الانصياع لاوامر مرؤوسيه ويحلم كبقية افراد اسرته شراء مزرعة لتربية الدواجن وقطيع من الماشية، خارج المدينة المكتظة بالسكان.
والمصدر الاساس لهذه المعاناة هو الاب لنظرته الى الحياة نظرة ضيقة وغير واقعية ومتعالية على المجتمع وتربية اولاده على العادات السيئة واتخاذ قرارات غير صائبة وسليمة لتؤدي كل هذه الاسباب مجتمعة الى تفككها وانهيار علاقاتها ولا يعي الاب بما حل به وافراد اسرته من مهانة وذل واحتقار الا بعد فوات الاوان وتسد كل الابواب والنوافذ الذي كان يعتقد بان الخير ياتي منها بوجهه.
وتاتي هذه النظرة الضيقة وغير الواقعية للحياة من قبل الاب عبر اصراره الذهاب الى صاحب الشركة الذي يعمل عنده، ويدعى(هاوارد) لنقل عمله الى مدينة نيويورك مع انه يفقه سلفا بانه سوف يرفض طلبه هذا وكانت النتيجة انه لم يرفض طلبه فحسب وانما طرده من العمل والى الابد.
اما نظرته المتعالية على المجتمع فقد جاءت من خلال تمجيده بماضيه، بحب الناس واحترامهم له باعتباره شخصية مهمة وقابل السيد المحافظ في رواق الفندق واختراق صف طابور المنتظرين وتربية اولاده على العادات السيئة ناجمة عن ايمانه بان الرجل قوي المظهر هو الذي يحقق نجاحا في عالم العمل بعكس الذي يحصل على افضل علامات في المدرسة وتشجيعهم على الغش في الامتحانات والدفاع عن فشلهم امام اصدقائهم لا بل اهانة اصدقائهم وطردهم من المنزل .
بينما تاتي القرارات غير الصائبة باتخاذها او الشروع بتنفيذها قبل معرفة مدى استجابة صاحب الانا بالفكرة المطروحة عليه كما حدث للاحلام المرسومة في ذهن افراد الاسرة قبل لقاء (بيف) بـ( اوليفر).
تبدأ هذه المسرحية التي تتكون من ثلاثة فصول بعودة (ويللي) الى المنزل من العمل الذي لم ينجزه في ذلك اليوم بسبب انزلاق سيارته الى حافة الطريق ويعزي سبب هذا الانزلاق الى مراودته لافكار غريبة وعدم قدرته على التركيز بينما تعزيه زوجته الى عدم تغيير نظاراته منذ فترة طويلة وتدعوه مفاتحة. صاحب الشركة التي يعمل عنده زوجها (هاوارد) ان ينقل عمله الى مدينة نيويورك بدلا من تجواله في المدن، سيما وانه قد قارب الستين من عمره . ويطمئنها ويللي بانه سوف يذهب اليه غدا، ولكنه يعرف مسبقا بانه سوف لايفعل شيئا ، بعكس والده الذي لو كان على قيد الحياة ، لكان الان يعمل في نيويورك .
وتعاتب ليندا زوجها على انتقاده لـ ابنه (بيف) حال وصوله ، الا انه يؤكد لها بأنه ساله عن مكسبه المالي فقط. وتظن والدته لو حقق ذاته، لكان الاب والابن سعيدين ولما تشاجرا ابدا ً ، ولايرى الاب ان بيف يمكن ان يحقق ذاته ما دامه يعمل مزارعا ومضى اكثر من عشر سنوات وكل مايكسبه هو فقط خمسة وثلاثين دولارا في الاسبوع لانه وكما يعتقد الاب كسول لاوبل فاشل وثمة شيء فيه. ويطلب من زوجته ان تفتح النافذة وهو يشكو من الطريقة التي حبسوهم فيها بين القرميد والنوافذ والشوارع المكتظة بالسيارات .
يطرح المؤلف ابتداءً من مقدمة الفصل الاول المحاور التي تدور حولها ثيمة المسرحية وهي حلم البطل مستقرا ً بدون التجوال بين المدن وفشل ابنه (بيف) في دراسته عندما كان صبيا وعمله وهو شابا وعجزه عن تحقيق ذاته وعدم نجاحه هو كأب في تربية اولاده تربية صحيحة بما تؤدي الى تكوين مستقبلهم، يطرح المؤلف هذه المحاور في جمل قصيرة ومقتضبة كجملة (لحن قصير) التي تاتي في اول سطر من مقدمة الفصل الاول للدلالة على ان الحياة قصيرة ، وان بطل المسرحية سيموت في النهاية ، وجملة (قوسا صلبة) للدلالة على قسوة الحياة ، وجملة (ايها الولد) وهي اول جملة ينطقها الاب ويللي ، للدلالة على سوء علاقته بـ ابنه (بيف).
وتتكرر مثل هذه الجمل للدلالة على ثيمة المسرحية لاحقا ، كجملة: (انني مرهق حتى الموت) و( لم استطع ان انجح) و (لوحقق ذاته) .....
يبدو لي ان هذه المسرحية هي امتداد لمسرحيته السابقة (كلهم ابنائي) مثلها مثل امتداد مسرحية (القرد ذو الشعر الكثيف) لمسرحية ( الامبراطور جونز) لاوجين اونيل ، ولكن ليس من خلال ماساة البطل الثري وانما الفقير من حيث انها (تنشا بفعل عدم معرفته لذاته، ثم تتضح الماساة حين يقطع البطل صلته بمحيطه، او حين يكتشف تحت الظروف المفاجئة ، ان هذه العلاقة بينه وبين المجتمع لم تكن موجودة اصلا) .
ولكن هذه المسرحية اكثر نضجا من سابقتها (كلهم ابنائي) لما يتمتع البطل فيها من مسوغات مقنعة عبر تعامله مع الحياة بشكل مثالي وغير واقعي ظنا منه ان مايفعله هو عين الصواب وعدم ادراكه للاخطاء التي يقع فيها الا بعد فوات الاوان بعكس البطل في (كلهم ابنائي) . حيث كان (كيلر) على وعي وادراك كبيرين بما يفعل ويدور حوله، والنتائج الوخيمة التي تنتظره ، (وبينا في الدراسة المكرسة لها ، هذه الاشكالية).
ان من ابرز مثالب مقدم النص اعتماده بالدرجة الاساس على راي المؤلف وبقدر ما يتسم هذا التعويل بمصداقية ، الا انه في احايين كثيرة يخرج من هذا العرف . لذا فان الطريقة المثلى لتصدي النص هو الاعتماد على ما في متنه ، لان ليس كل مايقوله المؤلف خارج هذا المتن او مايدور في ذهنه لترجمته في النص ، قابل لتطبيقه عمليا ، او يستطيع ان يطرحه كما رسم له. واعتقد هذ مايسري على نص (كلهم ابنائي) ، اذ اجد فيه بخلاف راي النقاد والمؤلف ، انه يتعرض للنظام الراسمالي اكثر مما يتعرض للبيئة الاجتماعية ، بعكس النص الذي نحن بصدده الان فهو وان يتصدى للجانب الاول الا ان الجانب الثاني منه هو عدم تحقيق الذات وعدم التمييز بين الخير والشر لهما جانب الغلبة .
وعندما يستيقظا بيف وهابي من نومها يبدآ بالحديث عن والدهما والفتيات اللواتي تعرفا عليهن ويعتقد بيف ان والده يسخر منه دائما ويخبره هابي ، ان كل مايريده منه هو ان ينجح لعدم استقراره في عمل ما وضبابية مستقبله ، ويبدي بيف عدم رضاه عن نفسه لانه لايعرف ماذا سيصنع بعد رجوعه ويصف نفسه بشبه صبي ذلك لانه غير متزوج وليس لديه عمل ويقترح بيف على شقيقه بمرافقته الى الغرب حيث يشتريان مزرعة ويربيان قطيع من الماشية ويتلهف هابي لهذا الاقتراح ويحلم به، واذا ما تحقق سوف يمزق ملابس العمل ويلقي بها وسط المستودع لانه يأبى ان يتلقى الاوامر من مدير البضائع واعوانه ولكن مشكلتهما انهما لم ينشأ على جمع الاموال ولا يعرفان كيف تجمع ويتذكر بيف (ابيل اوليفر) صاحب الشركة الذي كان يعمل عنده قبل تركه للعمل ، ويفكر بالذهاب اليه للحصول على عشرة الف دولار ، ليتمكن من تحقيق مشروعهما في شراء مزرعة جميلة . ويعتقد هابي انه سيدعمه لانه يمدحه دائما ولكن بيف يرتاب ان يمنحه اوليفر هذا المبلغ لانه سبق وان سرق منه صندوق كرات السلة .
ويستخدم المؤلف في هذه المسرحية تقنية تداخل الازمنة بابعادها الثلاثة وهي الماضي والحاضر والمستقبل ، موظفا عنصر النور للماضي وعنصر الظلام للحاضر وعنصر الحلم للمستقبل .
اذ بعد انتهاء هابي وبيف من حديثهما يتلاشى الضوء في غرفتهما ويبدا ويللي في مخاظبة ولديه، هابي في زمن الحاضر حيث تسود العتمة في المطبخ محذرا اياه من الفتيات وبيف في الزمن الماضي، بظهور النور في المطبخ ينصحه بان يلتفت الى دراسته ومنغمسا في الوقت نفسه في احلامه عندما كان شابا وهابي وبيف طفلين صغيرين ينظفان سيارته ويوعدهما بمفاجاة ويتراى له انه سيحصل على عمل ذات يوم لن يبرح البيت ابدا ً ويكذب عليهما بادعائه مقابلة المحافظ ، حيث كان جالسا في رواق الفندق ، ومعرفة الناس له في كل انحاء (نيوانغلند) وحماية الشرطة لسيارته.
وعندما يطلب (برنارد) من بيف وهو صديقه وجاره ، ان يدرسا معا، استعدادا ً لامتحان الاسبوع القادم يوبخه هابي، ويدور حوله ليتلاكم معه، ويغير بيف موضوع الدراسة، رافعا قدمه ليرى والده حذاءه، مشجعا اياه على انه من عمل طباعة رائع ، وغاضبا على برنارد من ان المدرسين لايرسبون ابنه لانه حصل على ثلاث منح جامعية بالاضافة الى وصفه بالضعيف ثم انه ليس محبوبا كما ويطلب منه ان يعطي اجوبة اسئلة الامتحانات لابنه، ويأمره بالسكوت حين يبلغه بقيادة بيف السيارة بدون اجازة ويطرده من المنزل عندما يخبره بفشله لرسوبه في مادة الرياضيات واخيرا لايتوانى بحث اصدقاء ولديه على تنظيف غرفة الفرن ونشر الغسيل.
وويلي لايعي للاخطاء التي يقع فيها الا بعد ان يجد نفسه وحيدا في مواجهة الحياة بلا معين ولاعضيد ولامساعد اذ لم تعد لديه القدرة كما كان شابا التجوال في سيارته القديمة بين المدن وابنه بيف عاطل عن العمل وهابي منشغل بالفتيات .(وهاوارد) لن ينقله الى مدينة نيويورك لبلوغه السن الذي يؤهله لبز زملائه في البيع، واوليفر لن يعيد بيف الى العمل لانه تركه بملء ارادته ، وسافر الى تكساس ، وهاهو برنارد صديق ولديه، وابن جاره (ريتشارد) يعين محاميا ويمارس مهنته بنجاح ، بينما ابنه بين يتسكع في الشوراع بدون عمل وتفشل كل المشاريع التي يخطط لها.
والى جانب تقنية التداخل بين الازمنة يعمد المؤلف الى استخدام اسلوب (المفارقة) او مايسمى (الكوميديا السوداء) في المشاهد التي تلقى ابطال المسرحية المهانة والذل والاحتقار ، وتصل اقصى درجات الاحباط، وتشعر بعزلتها التام عن المجتمع وعن المحيطين بها مستخدما هذا الاسلوب في ثلاثة مشاهد، وهي المشهد الذي يتساءل الاب فيه عن المبلغ الذي سيطلبه بيف من اوليفر وتذكير زوجته له بالسلفة الصغيرة التي يطلبها من هاوارد والمشهد الذي جاء فيه ويللي يطلب من هاوارد تعيينه في مدينة نيويورك وانشغال هاوارد بالتسجيل الذي تنبعث منه اصوات اطفاله والمشهد الذي يدعوان فيه بيف وهابي والدهما الى مأدبة عشاء ويتركانه وحيدا للعبث مع الفتيات .
ويرمي المشهد الاول الى ابراز ضيق افق الاب تجاه الحياة وتقديره غير الصائب والسليم لمحيطه ومايجري من حوله والمشهد الثاني الحكم على مجريات الاحداث قبل وقوعها والمشهد الثالث تربيته تربية غير صالحة لابناءه.
وفي المشهد الاول يحلم الزوجان، وهما في جو من الالفة، وبروح معنوية عالية، بمقابلة ابيهما (بيف) لـ (اوليفر) وهو يرتدي اجمل بزته، وبدأ انيقاً ، يحلمان بأن ثمرة هذه المقابلة ، ستكون بأيجاد مكان صغير خارج البلدة، ليزرعا فيه بعضاً من الخضار ويربيان زوجاً من الدجاج. ولايفوتهما ان يحلما بزواج ولديهما وزيارتهما في عطلة نهاية كل اسبوع ، فأذا كان الاب يحلم بالمبلغ الذي سيطلبه ولده من اوليفر لقاء العمل عنده، تفكر زوجته فيما اذا كان زوجها سيتكلم اليوم مع هاوارد بخصوص عمله في نيويورك ، وتذكره بطلب سلفة صغيرة منه، لان بوصلة التأمين قد حان دفعها ، وتخبره زوجته بأنه مدعو لوجبة عشاء عند ولديه، فيفرح ، ويحلم انه سيفاجئ هاوارد ويحصل على سلفة منه ويعود الى البيت بعمل جديد في نيويورك.
وبعد ان يبلغ الاب جاره ريتشارد بأن ابنه بيف سيعقد صفقة كبيرة اليوم، وكذا الحال بالنسبة لشقيقه هابي وهويخبر نادل المطعم ستانلي ، وانهما سيتاجران سوية ً يأتي بيف ليقول الى شقيقه، انه انتظر اوليفر ست ساعات بل طوال اليوم ، واستمر في ارسال اسمه عدة مرات حتى انه حاول مواعدة السكرتيرة كي تدخله ولكن بدون جدوى.
واخيرا وفي حوالي الساعة الخامسة خرج ، ولكنه لم يتذكره، وانصرف.
بيف: (بتوتر واسع وذهول) لقد رحل ، والسكرتيرة غادرت ، كنت وحيدا تماما في غرفة الاستقبال لم اعرف ماالذي حل بي والشيء الثاني الذي اعرفه انني كنت في مكتبه – جدران خشبية كل شيء لا استطيع ان اشرح لك ذلك فقد اخذت قلم الحبر.
هابي: هل امسك به؟
بيف : لقد هربت ركضت على احد عشر درج وركضت وركضت....
هابي: لقد كان تصرفا شائنا لماذا فعلت ذلك؟
بيف: (متألماً) لا اعرف اردت فقط ان اخذ شيئا لااعرف ستساعدني ياهاب ساخبر والدي بذلك.
هابي: هل انت احمق؟ لماذا؟
وفي المشهد الثاني ، عندما يقابل الاب (ويللي) صاحب الشركة (هاوارد) يريه الة تسجيل الكتابة للاطفال ويطلب منه سماع اصوات اطفال ويستمر بالاطراء عليهم بما يجعل ويللي يشعر بالملل من كثرة الانتظار ويشجعه على شرائها لعدم استطاعته الاستغناء عنها، وسعرها بسيط جدا ولايتعدى على المائة وعشرة دولارات ويؤكد ويللي له بانه سيحصل على واحدة منها . ثم فجأة يخطر ببال هاوارد انه من المفروض وفي مثل هذا الوقت ان يكون ويللي في بوسطن وعندما يساله عن سبب وجوده في مكتبه يرد عليه ويللي لانه لايريد ان يسافر يوميا وبعد حوار طويل بينهما يقول له هاوارد : اعتقد انك بحاجة الى استراحة طويلة ياويللي.
ويللي: ولكن على ان اجني نقودا ً فانا لست بوضع لكي
هاوارد: اين ابناؤك لماذا لا يمدون لك يد العون؟
ويللي: انهما منهمكان في صفقة كبيرة
هاوارد: ليس هذا زمن الغرور الزائف ، عليك ان تذهب لاودلادك وتخبرهم بانك متعب.
ويللي: لاباس غدا ً ساذهب الى بوسطن
هاوارد: لالا
ويللي: لااستطيع ان القى بنفسي على اولادي ، لست معقدا
هاوارد: انا مشغول جدا هذا الصباح
ويللي: عليك ان تدعني اذهب الى بوسطن
هاوارد: علي ان التقي بعدد كبير من الناس هذا الصباح.

وفي المشهد الثالث الدائر في المطعم ، حيث يبلغ الاب ولديه بطرده من العمل ، وبيف والده بعدم مقابلته لـ اوليفر ينتقل الحدث، بحضور صديقات ولدي ويللي الى الزمن الماضي ، لاظهار خيانة ويللي لزوجته امام انظار ابنه بيف ، ارتباطا برحيل ولديه مع الفتيات اذ تركاه بدون اقامة مأدبه عشاء.
ستانلي: توقف، لقد رحل اولادك مع الفتيات وقالوا انهم سيقابلونك في البيت.
ويللي: لقد كان من المفروض ان نتناول العشاء سوية.
ستانلي: لقد دفع لي ابنك
ويللي: (يضع دولارا في يد ستانلي) لا خذ انك ولد طيب
(بعد توقف صغير) : هل يوجد محل لبيع البذور في هذا الحي
ستانلي: يوجد محلات في الشارع السادس ولكن قد يكون ان الوقت متاخرا جدا الان
ويللي: قلقاً من الافضل ان اسرع علي ان احصل على بذور (ينطلق) الى اليمين ) يجب ان احصل على البذور الان ، لاشيء مزروع ، لاشيء لديّ في الارض....)


والجملة الاخيرة التي ينطقها ستانلي تتسم بالرمزية والمقصود منها، ان وعيه اي وعي ويللي جاء متاخرا لفهم الامور . لافائدة بعد الان. ومثلما يشعر (يانك) بطل مسرحية ( القرد ذو الشعر الكثيف) لاوجين اونيل، بالاهانة، عندما تحملق (ليندرد) به ، كذلك فأن وعي ويللي يستيقظ لحظة مغادرة ولديه له في المطعم .
وبعد عودة الثلاثة الى المنزل يحاول بيف وهابي ان يعتذرا لوالدهما عما بدر منهما، الا انه يرفض اعتذارهما هذا وعندما يمد بيف يده له ليتصالح معه لايصافحه وهنا يبدي بيف رغبته بالرحيل، ويتمنى له والده ان يحترق اذا ما غادر البيت . ويستجمع بيف كل شجاعته ويقول : لم نقل الحقيقة لمدة عشر دقائق في هذا البيت .
ويحاول هابي ان ينفي ماقاله بيف، بانهم قالوا الحقيقة دائما، وهنا ينفجر بيف كالبركان الصاعق، فيصف شقيقه ووالده وحتى نفسه بالمنفاخ ، ويلتفت الى والده موجها كلامه اليه: لم انجح في اي مكان لانك ملآتني كثيرا بالهواء والكذب لدرجة انني لم استطع ان احتمل اخذ الاوامر من احد.
ويأبى ويللي ان يكون انسانا عاديا، مع انه لم يكن قائداً للرجال، اذ لم يكن سوى طبالا مجدا. وفي قمة غضبه يقول بيف: انا لاشيء يا ابي ، انا لاشيء...
وبعد ان يخبر ويللي زوجته ، بأنه لا يستطيع ان ينام مباشرة، يعود الحدث الى الزمن الماضي ، مخاطبا شقيقه (بن) على ان الماسة صلبة وقاسية الملمس، في اشارة الى تحقيق الذات ليس سهلا ، وبحاجة الى تضحية ، ولانه لم يفهم هذه المعادلة الصعبة، فقد اصبح هو واولاده ضحية هذه الماسة ، اي ضحية تجربة الحياة القاسية. ويموت في النهاية.
وتبقى فقط مسالة الانبوب المطاطي الذي ينتزعه بيف عن قنينة الغاز، وياتي هذا الانبوب على لسان شخصيات المسرحية بين فينة واخرى بطريقة غامضة ، وعلى الارجح انه وظف لشعور اولاده ان والدهم هو السبب الاساس لمعاناتهم ، كشعور (كريس) في (كلهم ابنائي) ان والده يشترك في جريمة سقوط الطائرات، ولكنه لايعلن عنه الا بعد ان يتأكد من ذلك ، وجاء انتزاع هذا الانبوب تجنبا لانتحاره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة