الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من المسؤول عن عرقلة حل نزاع الصحراء الغربية ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2020 / 7 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


نزاع الصحراء الغربية المغربية الذي ابتدأ في مطلع سنة 1975 ، واستمر لمدة ستة عشر سنة حرباً ضروساً ، لم يعرف ثقل وحجم خطورتها ، ودورها في التسبب في الإسراع بتغيير الأنظمة ، ومنها تغيير الأوضاع عامة ، الاّ من احتك بها وعاصرها فعليا ... ، تحول منذ التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار ، الذي كان مقلباً وفخاً تم نصبه بعناية لجبهة البوليساريو ، ومنها للجزائر ، لأنه ساهم في اقبار الكفاح المسلح الذي كاد ان يحقق الشيء الكثير للجبهة ولراعيها ، لو زاوجا بين بدأ المفاوضات بإشراف اممي ، وفي نفس الوقت مواصلة الكفاح المسلح الذي وحده يحدد شكل المفاوضات ، ووحده يحسم نتيجة نهايتها ، ومفاوضات حرب الفيتنام بباريس ، مع مواصلة هجوم هانويْ على سيْگون ، كانت مثلا للاحتذاء به ... الى صراع اتهامات واتهامات متبادلة بين اطراف النزاع ، لرمي المسؤولية عن وضع اللاّحرب ، واللاّسلم الى الخصم ، من جهة ليدفع عنه مسؤولية الستاتيكو الجاثم منذ 1991 ، ومن جهة لتبرير الاستمرار في الوضع المعلق والمعاق إعاقة اصحابه ، ومن جهة للتغطية على الهزيمة المادية والنفسية التي تعاني منها جبهة البوليساريو وراعيها النظام الجزائري ، بسبب بور الحل الوحيد الذي يتمسكون به ، الذي هو الاستفتاء وتقرير المصير ، رغم ان هذا الحل لم يعد مُجديا بوجود جمهورية صحراوية عضو بالاتحاد الافريقي ، وتعترف بها العديد من الدول ، وبما فيها النظام المغربي الذي اعترف بها صراحة في يناير 2017 ، قبل احرزاه على العضوية بالاتحاد الافريقي ..
فكيف تحوّل النزاع من كفاح مسلح دام ستة عشر سنة ، الى نزاع يعتمد المفاوضات السياسية والدبلوماسية العاقرة منذ سنة 1991 ، مع العلم ان المهمة الرئيسية التي أُنشئت من اجلها " المينورسو " ، والتي هي الاشراف على تنظيم الاستفتاء ، قد فشلت رغم انّ " بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " لا تزال موجودة بالأقاليم المتنازع عليها كمتفرج و ليس كلاعب .. ، وبعيدة كل البعد عن انجاز المهمة الأممية التي انشئت من اجلها ، لان البعثة نفسها لم تعد تؤمن بنجاحها في المأمورية التي انشئها اتفاق 1991 ، وأصبح وجودها لا يصلح لأي شيء ، عدا تسجيل حضور باهت وشكلي ، وبدون سلطات ، ولا مكانيزمات لضبط الوضع الذي اصبح منفلتا وغير متحكم فيه ، بسبب تبدل الأدوار التي املاها الامر الواقع المتعارض مع اتفاق 1991 ، أي شرعية الأرض التي تغلبت على الشرعية القانونية .. واملاها الطرف القوي المتحكم في الوضع ، وفي كل مجرياته ، الذي هو النظام المغربي الماسك لوحده بزمام الأمور ، وبزمام كل المبادرات ..
إذن ما الغاية ، وما الفائدة من الإبقاء على بعثة فاشلة ، وفشلت في انجاز ما انشئت من اجله ، بل ما الفائدة من بقاء منظمة لم تعد تؤمن بما قرره لها من اختصاصات دقيقة ومحددة ، اتفاق وقف اطلاق النار الموقع تحت الاشراف الاممي في سنة 1991 ؟
وما الفائدة من استمرار جبهة البوليساريو ومعها عرابها النظام الجزائري ، في التمسك ببعثة أصبحت لا تؤمن بما انشئت من اجله ، حين فقدت قوتها الرمزية التي كانت لها عند انشاءها باتفاق كل اطراف النزاع ؟
والسؤال : من هو الطرف المسؤول عن اقبار حل الاستفتاء ، ومن هو الطرف المسؤول عن فشل ، بل موت " بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " " المينورسو " ، ومع ذلك يستمر في الالتصاق بها التصاف الاعمى بعصى ( عكاز ) الطريق ..
النظام الجزائري وجبهة البوليساريو ، يُحمّلان النظام المغربي المسؤولية الكاملة ، عن ما اسموه بعرقلة النظام المغربي للحل السلمي ، وكأننا منذ سنة 1991 ، والمنطقة تشتعل حربا كما كان الوضع قبل اتفاق وقف اطلاق النار .
وبالرجوع الى عناوين نشرتها صحف تابعة للنظام الجزائري ، وللمؤسسة العسكرية الجزائرية ، وبالرجوع الى مواقع تابعة لجبهة البوليساريو ، سنجد إشارة هؤلاء بالأصبع الى تحميل النظام المغربي مسؤولية الستاتيكو الجاثم على المنطقة ..
في احد عناوين صحافة النظام الجزائري ، سنجد العنوان التالي وبالخط العريض : " الجزائر تتهم المغرب بمحاولة تفادي إمكانية إيجاد حل لنزاع الصحراء الغربية " ..
وفي موقع جبهة البوليساريو ، نجد العنوان العريض التالي " المغرب يعيق كل محاولات الحل السلمي للنزاع في الصحراء الغربية " ..
ما شاء الله الجبهة وراعيها يلتقيان صدفة في تحميل النظام المغربي مسؤولية عرقلة الحل السلمي لنزاع الصحراء ، مع العلم ان هذا النزاع انتهى بمجرد توقيع الجبهة على اتفاق وقف اطلاق النار ، المقلب الفخ ، وتحت اشراف الأمم المتحدة في سنة 1991 .. فعن أي حل سلمي تتحدث الجبهة ، ومعها راعيها النظام الجزائري منذ ثلاثين سنة خلت ، كانت كلها سنوات سلم ولم تكن سنوات حرب ، وبتأكيد وتشبث الجبهة وعرابها النظام الجزائري بالسلم المعلق ..
وهنا نطرح السؤال : من المسؤول الحقيقي عن ما اسموه بالعرقلة للحل السلمي للنزاع المفتعل بالمنطقة ؟
هل فعلا ان النظام المغربي هو المسؤول كما تذهب الجبهة والنظام الجزائري ، ام ان المسؤول الحقيقي لن يكون غير الجبهة والنظام الجزائري ، اللذين ارتكنا الى هذا الوضع الذي يعجبهم ، وراضون عليه ، ولو لم يكن يعجبهم ، ولو لم يكونوا راضين عليه فلماذا التعايش معه ، والاستئناس به منذ ثلاثين سنة مضت ولا يزالون ؟
الوضع الحالي بالنسبة لنظام المغربي يروقه ويعجبه كثيرا ، لأنه من جهة استفرد بثلثي الأراضي المتنازع عليها ، وقد نسميها بالأراضي الصالحة والمنتجة للثروات المختلفة ، وابرزها الفوسفاط ، والاسماك ، ومن جهة تقوقع وراء الجدار الذي يحميه ويعطيه مناعة عسكرية قوية ، باستحالة اختراق الجدار بسهولة بسبب الرادارات ذات التكنولوجية الرفيعة والعالية ، وبسبب وجود ملايين الألغام الأرضية ، والأسلحة النوعية التي تصلح لعمليات الاختراق ، ومن جهة لانّ الوضع الحالي بالنسبة للنظام المغربي مستقر ، ولا دولة واحدة من دول الفيتو تشوش عليه ، او تحرجه ، بل هناك ما يسمى بعلاقات السّمن والعسل بينهما ، اللهم بعض الخرجات مرّة مرّة من دولة قوية لزعزعة مواقف دول مجلس الامن الدّائمي العضوية ، والدول الغير دائمة العضوية ، ومن جهة ضغط النظام الجزائري في افق التخلص من الجبهة الى رمال تفاريتي ، بعد ان تأكد وبما لا يدعو الى الشك ، ان المجتمع الدولي وصناع القرار الساسي الدولي ، قد شلوا ونفضوا أيديهم من شيء كان يسمى بحرب الصحراء الغربية ، وهو موقف ووضع ساهمت فيه الجبهة ومعها عرابها النظام الجزائري ، حين اقتنع المجتمع الدولي المتحكم في السياسة الدولية ، وفي القرارات السياسية الكبرى ، باستحالة عودة جبهة البوليساريو الى عهدها ، قبل التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار في سنة 1991 ، وبعد ان تأكد المجتمع الدولي وبالواضح ، انّ النظام الجزائري الذي كانت له أدوار متميزة طيلة السبعينات من القرن الماضي ، قد اصبح متجاوزا حتى مِمَن من المفترض انهم حلفاءه ، وعلى رأسهم روسيا التي تحافظ على علاقات بيع أسلحتها بأموال الشعب الجزائري المُفقر والفقير ، إضافة الى شعور المجتمع الدولي بالأزمة الخانقة التي يوجد عليها الاقتصاد الجزائري ، بفعل تدني أسعار البترول ..
ومثل انّ الوضع يروق النظام المغربي ، فانه يروق حتى النظام الجزائري وجبهة البوليساريو ، لانهما استأنسا وتوالفا مع وضع اللاّحرب ، واللاّسلم الجاثم منذ سنة 1991 .... هكذا وبعد ان طلّقا الكفاح المسلح الذي دام ستة عشر سنة ، عندما وقّعا على اتفاق وقف اطلاق النار ، سيركز السيد إبراهيم غالي على الصراع السياسي والدبلوماسي الذي استغرق ثلاثين سنة بدون فائدة ، واصبح مزهواً ومهووساً باللقاءات مع الرؤساء الافارقة ، وباللقاءات ضمن الاتحادات ، كلقاء الاتحاد الافريقي بالاتحاد الأوربي ، رغم ان الصين وروسيا المفروض فيهما انهما أصدقاء النظام الجزائري ، تجاهلا استدعاء الجمهورية الصحراوية ، لحضور لقاءات بينهما بين الاتحاد الافريقي ..
لقد تم اقبار الكفاح المسلح الذي دام ستة عشر سنة ، وبعد الانتظار ثلاثين سنة من تنظيم الاستفتاء الذي اقره اتفاق وقف اطلاق النار ، والاستفتاء لم ينظم ، واصبح مع مرور السنين يبدو كشبح ، وبعد العجز الذي أصاب مؤسسات جيش الجبهة ، وتغيير القيادة في الجزائر ، وتغيير سياسة الدولة منذ سقوط الاتحاد السوفياتي ، وسقوط جدار برلين ، واقبار دول عدم الانحياز .. ستتحول قيادة الجبهة من الكفاح المسلح ، الى الصراع الدبلوماسي والسياسي في أروقة الأمم المتحدة ، الى خوض المعارك القانونية التي خرقها الاتحاد الأوربي حين جدد اتفاقيات الشراكة ، والاتفاقيات التجارية ، واتفاقيات الزراعة ، واتفاقيات الصيد البحري ، رغم قرار محكمة العدل الاوربية الغير ملزم لدول الاتحاد الأوربي ، حين يكون احد اطراف النزاع ليس اوربيا ... الى حرب الاتهامات للنظام المغربي بتحميله المسؤولية عن عرقلة ما تسميه بالحل السلمي ... هذا دون ان ننسى البكاء على الاطلال ، وندب الخدين ، وجلد الذات ، بسبب التورط في توقيع اتفاق وقف اطلاق النار الذي حطم بالكامل الحلم بإقامة الجمهورية الهلامية فوق كل أراضي الصحراء الغربية ..
فاستجداء الدول الاوربية ، والدول الدائمة العضوية في مجلس الامن ، لينوبوا عن الجبهة ، وعن عرابها بتطبيق بنود اتفاق 1991 ، في حين ان الجبهة والعراب لا يحسنان غير التباكي والبكاء ، وذرف الدموع علّها تؤثر في مَنْ يصنع القرارات السياسية الدولية بتنصيب جمهوريتهم فوق الثلثين من الاراضي الخاضع للسيطرة المغربية ، هو شعور بالمرارة وبالغبن ، وندم على طيش التسرع دون تدقيق الحسابات قبل التوقيع على اتفاق 1991 ..
ومرة أخرى من المسؤول عن الوضع المستمر منذ 1991 ؟
1 ) النظام المغربي : لا يمكن ان نحمل النظام المغربي المسؤولية ، لأنه لا احد ينازعه عن ثلثي الأراضي الخاضعة لسيطرته ، لا الأمم المتحدة التي تصدر قرارات استشارية غير ملزمة وغير ضبطية ، ولا مجلس الامن الذي يكتفي بإصدار قرارات لا تختلف من حيث القوة ، عن قرارات الجمعية العامة التي يصدرها تحت البند السادس من الميثاق الاممي .. فالوضع الحالي يروق ويعجب النظام المغربي الذي يملك شرعية الأرض ، المقبولة بطريقة واضحة من قبل مجلس الامن ، ومن قبل اسبانيا وفرنسا ..
كما ان تركيبة الجيش المغربي من جميع النواحي ، يأخذها النظام الجزائري وجبهة البوليساريو في الحسبان ، سيما وانهما يدركان قوته الضاربة ، لكنهما يجهلان درجتها القسوية ، التي تدفع النظام الجزائري بتحريك بعض الوحدات ، في مناورات عسكرية ليس بهدف التهديد ، بل بسبب الخوف من القوة الضاربة لجيش النظام المغربي التي تبقى مجهولة ..
وما بعْثر حسابات النظام الجزائري والجبهة ، المناورات المشتركة التي يجريها جيش النظام ، مع جيوش الولايات المتحدة الامريكية ، والتنسيق العسكري مع فرنسا ، وإسرائيل ، واسبانيا .. وهو المحور الممتعض من تاريخ النظام الجزائري ، كنظام ذيل للاتحاد السوفياتي السابق ، والمعادي للمعسكر الغربي ..
والسؤال : ماذا عن ثلث الأراضي التي تسيطر عليها جبهة البوليساريو ، وتعتبرها بالأراض المحررة ، وتقيم عليها بعض منشئاتها ، وتنظم احتفالاتها ، وتعقد مؤتمراتها ، وتجري بها مناورات عسكرية بأسلحة قدمتها لها الجزائر للضغط وللإثارة ؟
هل سلّم النظام المغربي بهذا الثلث الذي تسيطر عليه الجبهة ، وهنا ونظرا لاعترافه بالجمهورية الصحراوية في يناير 2017 ، ربما يكون النظام المغربي قد سلم في ذاك الثلث للجبهة لتقيم عليه دولتها ، والاّ اذا كان النظام المغربي يعتبر تلك الأراضي بالمغربية ، وهي جزء من ثلثي الأراضي التي يسيطر عليها من وراء الجدار ، وانّ تواجد عناصر الجبهة ، هو تواجد غير قانوني ، فماذا ينتظر النظام المغربي من استرجاع تلك الأراضي الى ثلثي الأراضي المكونة للصحراء الغربية ؟
ان استمرار هذا الوضع المرتبك ، وتحت انظار الأمم المتحدة ومجلس الامن ، اللذين يباركانه ، لانهما لم يحركا ساكنا عن هذا الوضع الشاد ، قد يُعتبر بمثابة اعتراف من الأمم المتحدة بسيطرة جبهة البوليساريو على تلك المنطقة ، وقد يكون بادرة غير معلن عنها لحل النزاع ،على أساس القبول باقتسام الصحراء بين النظام المغربي وبين جبهة البوليساريو ، سيما وقد سبق اقتسام الصحراء كغنيمة بين النظام المغربي ، وبين النظام الموريتاني ، وبين اسبانيا ، بمقتضى اتفاقية مدريد الثلاثية ، وهنا يبقى المشكل العويص ، في موقف النظام الجزائري الذي يراهن للوصول الى مياه المحيط الأطلسي ، وبناء الجزائر الكبرى من خلال انشاء دولة كنفدرالية بين الجزائر وبين الجمهورية الصحراوية ، او التوصل الى الادماج الكامل بين الدولتين ، وهو المخطط الذي يشغل تفكير القيادة الجزائرية ، منذ ان تورطت في حرب الصحراء في سنة 1975 ..
فإذا تنازل النظام المغربي عن ثلث الأراضي التي تسيطر عليها الجبهة ستكون مشكلة ، واذا قرر استعادتها لثلثي الأراضي الداخلة وراء الجدار ، ستكون اكبر من مشكلة في غياب ترخيص وموافقة لمجلس الامن ، لان القيام بالاسترداد يعني فتح الحرب مباشرة ..
2 ) النظام الجزائري وجبهة البوليساريو : السؤال هنا . هل اتهام النظام الجزائري ، وجبهة البوليساريو ، للنظام المغربي بالمسؤولية في إعاقة الحل السلمي ، لنزاع عمّر لأكثر من خمسة وأربعين سنة ، هو اتهام صحيح ومشروع ؟
وإذا لم يكن الامر كذلك ، هل المعنى المقصود من اتهام النظام الجزائري والجبهة ، للنظام المغربي بعرقلة الحل السمي ، هو دعوة هذه الأطراف النظام المغربي ، انْ يتخذ المبادرة من تلقاء نفسهم ، فيجمع رحيله ويرحل طواعية عن الصحراء ، وكفى الله المؤمنين شر القتال .. ؟
فهل ينتظر النظام الجزائري ومعه الجبهة ، رحيل النظام المغربي عن الصحراء ، دون تدخل لمجلس الامن ، وبتنسيق مع الجمعية العامة للأمم المتحدة ؟
ومنذ متى اتخذ نظام ما المبادرة من تلقاء نفسه ،ورحل طواعية عن الإقليم المتنازع عليه مع دولة أخرى ؟
وهذا يربطنا بقصور النظرة ، والفهم عند النظام الجزائري الصبياني ، وعند جبهة البوليساريو ، عندما ينتظران ،وهما نائمين غير موجودين في هذا العالم ، ان تنوب عنهما الأمم المتحدة في دفع النظام المغربي الى اخلاء الصحراء ، دون ان تكون قد حصلت هناك أمور تقتضي هذا الطلب كالحرب مثلا ...
ان سيطرة التقاعس ، والاتكالية ، والانتظارية التي دامت ثلاثين سنة مضت ، ولا يزال نفس التقاعس ، ونفس الاتكالية ، ونفس الانتظارية التي قد تدوم ثلاثين سنة أخرى ، تسيطر على النظام الجزائري المهزوم ، وعلى الجبهة التي فقدت بريقها واشعاعها ، بتوقيعها على وقف اطلاق النار في سنة 1991 ، يجعل منهما المسؤولين المباشرين على ما يسميانه بالعرقلة للحل ، وبالستاتيكو للأوضاع ...
فإذا كان النظام الجزائري ومعه الجبهة ، ينتظران الانسحاب الطوعي للنظام المغربي من الصحراء ، ويسلمها لهما على طبق من ذهب ، فهذا غباء وبلادة قل نظيرهما في العلاقات بين الدول ، ويمكن اعتباره نوعا من الاستعطاف والتسول ليجود عليهما بما دمره اتفاق وقف اطلاق النار ، فالقانون لا يحمي المغفلين ، والحروب كلها تبنى على خدعة ..
اذن من المسؤول عن عرقلة ما يسميه النظام الجزائري والجبهة بالعرقلة للحل لنزاع الصحراء ؟ هل الجزائر والبولياسريو ومسؤوليتهما بارزة وواضحة ، ام النظام المغربي الذي يرفل بشرعية الأرض التي اعطته الامتياز ، والسبق ، والتحكم في اتخاذ المبادرات ، او في فرض شروط المفاوضات والتسويات التي لن تكون غير مغربية ؟
3 ) الأمم المتحدة ومجلس الامن : بغض النظر على انهزامية النظام الجزائري ، واختلاط الفهم لديه ، ورداءة طرق فهمه لحقيقة الصراع الدائر بالمنطقة ، وبغض النظر عن قرار جبهة البولساريو الذي لن يكون غير قرار للنظام الجزائري ، فان المسؤول الأول والأخير ، الذي كان على النظام الجزائري ومعه جبهة البوليساريو التوجه اليه بالاتهام ، ليس النظام المغربي ، بل الأمم المتحدة ، ومجلس الامن اللذين عجزا قصدا عن حل نزاع الصحراء الذي عمر خمسة وأربعين سنة خلت .
فمنذ ستينات القرن الماضي 1960 ، والى الآن والجمعية العامة تتخذ قرارات استشارية لا ضبطية ، ولا الزامية ، وكأن كل قرار هو نسخة مطابقة لما سبق صدوره من قرارات سابقة ، ونفس الشيء بالنسبة لمجلس الامن الذي يتخذ قرارات تحت البند السادس الغير ملزم من الميثاق ، فمنذ سنة 1975 وهو يتخذ القرارات تلو اختها ، وكل قرار يكون بدوره نسخة طبق الأصل للقرارات السابقة ، دون ان تتمكن لا الجمعية العامة ، ولا مجلس الامن من إيجاد حل يضع حدا لنزاع مفتعل ، وبتخطيط من المنتظم الدولي ، وبالأخص أصحاب حق الفيتو الذين يسيطرون على قرارات السياسة الدولية ..
فإذا كان من جِهَةٍ احق بتحميلها المسؤولية عمّا سماه النظام الجزائري وجبهة البوليساريو بالعرقلة ، فهي الأمم المتحدة ومجلس الامن ، اما ترك الطرف المسؤول والمتسبب في العرقلة للحل السلمي ، وهو الحل الذي اتخذه اطراف النزاع في سنة 1991 ، وتحميل النظام المغربي المسؤولية ، يبقى جبناً وخوفاً سيعطي للأمم المتحدة ولمجلس الامن ، القناعة التامة ، و القناعة الراسخة بان النظام الجزائري فشل ، فانهزم ، وان جبهة البوليساريو كما عاهدوها في سنة 1975 ، اصبحت جبهة أخرى تمارس التباكي والتشكي ، وإصدار مقذوفاتها في الاتجاه الخطأ ، وهو ما سيؤثر سلبيا على ما تبقى من بريق كان بريقا في يوم من الأيام ، فاصبح نكسة في الأخير من هذه الأيام ...
وسؤال الختم : الكل يعلم ان اتفاق وقف اطلاق النار الذي تم ابرامه في سنة 1991 ، بين النظام المغربي ، وبين جبهة البوليساريو ، قد تم تحت اشراف مجلس الامن ، واشراف الأمم المتحدة ، ومنذ ثلاثين سنة مرت على توقيع الاتفاق المذكور ، فشل الاتفاق ، وفشلت مفاصله " كبعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " ، " المينورسو " ، واشراف مجلس الامن على توقيع الاتفاق ، يعني توافر الضمانات السياسية والقانونية لتنفيذه التنفيذ الاصح ، لكن الى الآن لم ينظم الاستفتاء ، ولم يتم إزالة ملايين الألغام الأرضية التي لا تزال مزروعة .... فمن المسؤول عن هذا الفشل . هل النظام المغربي ، ام ان المسؤولية المباشرة والواضحة هي لمجلس الامن ، وللأمم المتحدة الذين ضمنوا إنجاح اتفاق مات موته السريري في سنة 1993 ، ومات موتته الطبيعية منذ سنة الألفين ( 2000 ) ...
فشيء من الشجاعة في توجيه الاتهام الى صوبه الصحيح ..
المسؤول هو الأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، ومنهما الدول التي تلك تملك استعمال حق النقض ( الفيتو ) في مجلس الامن ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإنفاق العسكري العالمي يصل لأعلى مستوياته! | الأخبار


.. لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م




.. ألفارو غونزاليس يعبر عن انبهاره بالأمان بعد استعادته لمحفظته


.. إجراءات إسرائيلية استعدادا لاجتياح رفح رغم التحذيرات




.. توسيع العقوبات الأوروبية على إيران