الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(13) جريمة شرف!

محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)

2020 / 7 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


( الفصل الثالث عشر من قصة الخلق)
فزّ محمود أبو الجدايل من نومه مذعورا على صراخ فظيع للمى . كانت لمى قد استيقظت مبكرا لتذهب لتدقيق حسابات تجارية لأعمالهما هي وأخيها. تركت محمود يغط في نوم عميق وانصرفت ، وحين فتحت الباب لتخرج فوجئت بوجود جثة مخضبة بالدماء ملقاة أمامه .. صرخت وانكفأت إلى داخل البيت هارعة نحو غرفة النوم . التقاها محمود في الممر. ألقت نفسها على صدره وهي تصرخ وترتجف . راح يربت على ظهرها مهدئا ومتسائلا " شو فيه شو فيه " لم تكن قادرة على الكلام من شدة الرعب الذي انتابها " ج ج جج جه جث جثة جثة " " أف يا إلهي " أدخلها إلى الصالون وأجلسها .. أحضر لها كأس ماء . أسقاها جرعة وانصرف نحو الباب . تبين أن لمى أعادت إغلاقه وهي تصرخ . فتحه . كانت الجثة مطروحة بالعرض أمام الباب. وبدا أنها لفتاة شابة ذات شعر طويل. ترتدي بنطال جنز وقميصا مخضبين بالدماء، وقد ذبحت كما تذبح الشاة دون أن يُفصل رأسها عن جسدها . من الواضح أنها فتاة حقيقية وليست دمية كما كان الرأس المقطوع . بدت الدماء غير جافة على وجنتيها وجبينها وفمها. لم يكن هناك دماء على الأرض ما يشير إلى أنها لم تذبح هنا ، بل جيء بها مذبوحة .. ولم يكن هناك رسالة انذار جديدة لمحمود أبو الجدايل . فقد بات يعرف المصير الذي ينتظره من هؤلاء القوم . كان بعض سكان البناية قد هرعوا على صراخ لمى ووقفوا أعلى الدرج النازل إلى بيت محمود . أحضر محمود هاتفه واتصل بضابط الأمن ..
حضر الضابط نفسه مع دورية أمن . وسيارة اسعاف .. تم تصوير الجثة وأخذ بصمات عن جسدها، ومن ثم حملها من قبل رجال الاسعاف، ونقلها إلى المستشفى لإجراء فحوصات عليه، قد تساعد في معرفة دوافع الجريمة ، ولماذا تم وضعها أمام منزل محمود أبو الجدايل . وبعد اجراء الفحوصات ستوضع في ثلاجة الموتى إلى أن تعرف هويتها.
لم يشك الضابط اطلاقا في أن يكون محمود أبو الجدايل هو الفاعل أو أن له دوراً في الجريمة . كما أنه لم يشك في أي من سكان البناية ، الذين سبق وأن استجوب بعضهم حول الرأس المقطوع ، لكن الدواعي الأمنية قد تقتضي التحقيق مع بعضهم أيضا . جلس إلى محمود ولمى قليلا ، ليخبر محمود أن التحقيق مع المعتقلين قد يسفر عن نتائج مهمة تتعلق بتنظيم ارهابي اسلامي متطرف.
لمى باتت على يقين أنه لم يعد بإمكانها البقاء في هذا البيت ، فإذا استطاعت تناسي الرأس المقطوع ، لأنه كان بلاستيكيا ، فلن يكون في استطاعتها تناسي جثة فتاة شابة كانت مطروحة إلى جانب الباب . فكلما اجتازت الباب خروجا أو دخولا ستجد نفسها أمام الجثة، وقد تضطر إلى رفع قدميها لتتجاوزها دون أن تطأها .
- خلص حبيبي . أرجوك لم أعد قادرة على البقاء في هذا البيت ..
- حسنا حبيبتي سنرحل . بإمكانك الآن أن تنصرفي إلى عملك . ولا تعودي هنا وسألحق بك في المساء.
*** ****
لم تكن "شفق" طالبة الطب البشري التي كانت تنتظر تخرجها هذا العام ، تعلم بما يحمله القدر لها من مصائب، حين أقدمت على حب زميلها في الجامعة .. كان حبأ بريئا جميلا بين زميلين عاشقين . لم تتجاوز العلاقة فيه بعض القبل العابرة حين كانت الفرصة تتاح للعاشقين . لكن أحد الطامعين بشفق، أخفق في أن يجعلها تحبه، وحين توقع أن تكون على علاقة ما بأحدهم ، راح يراقبها كلما سنحت له الفرصة ، إلى أن رآها تجلس مع زميلها في مقهى رصيفي .. فأخبر أخاها "شفيق" أن اخته عاشقه !
وربما من المؤسف أن تكون شفق هي ابنة لذلك الشيخ "الفاسق" - حسب تعبير أم بشير- الذي يقبع في السجن الآن . حين علم شفيق بالأمر . انتظر أخته إلى أن عادت إلى البيت . لم يكن يقيم في البيت غيرهما . فالوالدة متوفاة . أدخل أخته إلى غرفة النوم . انهال عليها ضربا ، ثم قيدها من يديها ورجليها ، وكمم فمها ، دون أن تجدي مقاومتها شيئا أمام جسده الرياضي. زلق بنطالها واغتصبها ، دون أن يتنبه إلى أنها كانت عذراء، إلا بعد أن انتهى ، حيث رأى قليلا من الدم على سوأته .
كان شفيق في حاجة إلى من يساعده في التخلص من جثة أخته إذا ما قتلها ، فلم يكن مستعدا للسجن ولو ليوم واحد لاقتراف جريمة بدواعي الشرف . وكان يفضل التخلص من الجثة بشكل سري . اتصل بصديق له لا يقل حماقة وإجراما عنه .. وحين لمس شفيق أن صديقه " عقاب " يرغب في اغتصاب شفق أتاح له ذلك .
أخيرا حمل شفيق وعقاب شفق إلى المطبخ ، ليذبحها شفيق بسكين كما تذبح الشاة . تركاها تسبح بدمها وجلسا في الصالون يحتسيان العرق إلى أن يمضي الليل ليخرجا بجثتها قبيل الفجر .
كان عقاب من الجماعة الإرهابية إياها ، التي تلاحق محمود أبو الجدايل، وكان يعرف بيت محمود جيدا . فهو أحد الذين ذهبوا لوضع الرأس المقطوع أمام بيته . وحين سأله شفيق أين سنذهب بالجثة ؟ ضرب يده على صدره قائلا: هذه علي لا تفكر في الأمر .
- هل نلقيها في خرابة ؟
- لا لا !
- نذهب خارج المدينة ونبحث عن مكان نتركها فيه ؟
- رحت لبعيد . لن نخرج من المدينة اطمئن !
- لعلك تقصد أن نقطعها ونضع أشلاءها في القمامة ؟
- لأ يا أخي حرام ! خليك انساني !!!
- طيب طمني الساعة تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل . أين سنذهب بالجثة !
- أريد أن أرعب أحدهم بوجود جثتها ، وإن أسعفنا الحظ ستتهمه القوى الأمنية بارتكاب الجريمة!
- نعم ؟ ومن هو هذا المتعوس ؟
- لا تعرفه ! لكن ربما سمعت عنه ، فهو مشهور!
- لعلك تقصد محمود أبو الجدايل ؟
- عرفت ! هو بالضبط !
ونظراً لأن شفيق أكثر غباء من عقاب ، فقد أعجبته الفكرة . فهو حاقد على محمود أبو الجدايل بعد أن حرمه من مضاجعة أم بشير التي كان يغزوها مقابل عشرة دنانير كلما تأججت شهوته . فقد دوولت شائعات في وادي الحدادين تبين أنها صحيحة ، تؤكد أن محمود أبو الجدايل هو من قام بإنقاذ أم بشير وأولادها من وضعهم الفظيع . ورغم أنه غير مرتبط (بجماعة الدعوة) إلا أن الفكرة راقت له ..
قبيل الفجر بقرابة ساعة ، لفا الجثة ببطانية ووضعاها في صندوق سيارة شفيق. انطلقا نحو جبل اللويبده . كانت الشوراع خالية والناس نيام . توقفا أمام البناء الذي يقطن فيه محمود أبو الجدايل . نزلا من السيارة واستطلعا المكان حولهما ، من الشارع إلى شرفات الأبنية والنوافذ . لم يكن هناك أحد . حتى القطط كانت نائمة . أنزلا الجثة . حملها شفيق على كتفه بينما سار " عقاب " خلفه . مددا الجثة أمام باب بيت محمود، وسحبا البطانية من تحتها، وانطلقا عائدين . ألقى شفيق بالبطانية في حاوية قمامه ، ودخل إلى بيته لينظف أرض المطبخ من الدماء . ومن ثم يذهب إلى غرفة النوم لينام وقد استفحل به السكر.
*******








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري


.. رحيل الأب الروحي لأسامة بن لادن وزعيم إخوان اليمن عبد المجيد




.. هل تتواصل الحركة الوطنية الشعبية الليبية مع سيف الإسلام القذ


.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف




.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب