الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس الى اين؟

فوزي النوري
مناضل يساري تونسي

(Ennouri Fawzi)

2020 / 7 / 12
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


لن أكتفي بتوصيف تمظهرات الأزمة التي نعيشها بل سأحاول تجميع العناصر الموضوعيّة لواقعنا و استنطاقها و ربطها بمجالها الاقليمي و الدّولي و تقديم خلاصات و اشتشراف المسارات التي يمكن أن تتجه اليها الأوضاع.
كلّ السياقات الموضوعية تنذر بانهيار وشيك للاقتصاد الوطني المثقل بتراكم معضلات قديمة و مستجدّة و المنهك يفعل الفساد المالي و الاداري و الذي تتحكّم في أغلبه مافيات بأتمّ معنى الكلمة
فضلا عمّا دمّره الاقتصاد الموازي المتعاظم من النسيج الاقتصادي الوطني و في مقابل كلّ هذا انتهجت الدّولة سياسات ترقيعيّة تعمّق القائم من الأزمات و تثقل كاهل الدّولة بالتداين ما أدّى الى تراجع احتياطي العملة الصعبة و ارتفاع نسب التضخّم و تراجع القدرة الشرائية و في المحصّلة لم يبق سوى التفاوض بملفّ السيادة الوطنيّة لاسترضاء أي من المحاور الممكنة و تحوّل الاقتصاد الوطني الى مدخل رئيسي للتحكّم في الرقاب و القرار .
من الناحية الاجتماعية أصبح النسيج الاجتماعي التونسي مصنعا لكلّ أنواع الجريمة و أنماط التطرّف و الارهاب و يمكن القول أنّه تمّ تخريب هذا النسيج بشكل يتطلّب عقود لاعادة السلم الاجتماعي و ترسيخ حدّ أدنى من التماسك المجتمعي الضامن لاستمرارية الدّولة .
من الناحية السياسية و على اثر التحوّلات الموجّهة بالأقمار الصناعية و أجهزة المخابرات لم تفرز الساحة السياسية نخبة قادرة على الحكم و لا تنظيما متماسكا يقود مشروعا وطنيّا حقيقيا فالتفّ الاسلام السياسي و من لفّ لفّه على المشهد برمّته و انقضّ على كلّ المساحات الممكنة مستغلاّ العناصر السوسيولوجية ( الاعتقاد - ثقافة الاعتقاد - تدنّي الوعي السياسي...) و انطلق في كلّ الاتجاهات بهدف واحد وحيد تقوية الحزب على الدّولة على طريقة حزب اللّه كضمان وحيد لمرحلة قد تتغيّر فيها ملامح السياسة الدّولية في غير صالحهم أي نهاية صلوحيّة الاسلام المعولم فاتّجهت السلطة السياسية نفسها الى تدمير مؤسّسات الدولة و تمييع الحياة السياسية حتّى يبقى الاسلام السياسي القوّة الوحيدة المنظّمة و المتماسكة عقائديا في مستوى قاعدي و مافيوزيا على مستوى قيادات الصفّ الأوّل و الثاني .
في مقابل ذلك حاولت القوى التقدّمية التصدّي للاسلام السياسي و أهمّها اليسار فتمّت محاصرته بخطابات التكفير و معارك الهويّة و تمّ تضييق الخناق على مناضليه و عجّلت الانقسامات الداخلية و مشاكله التنظيمية بتحييده عن الفعل السياسي المباشر الى حين تسمح الأوضاع بالقضاء عليه .
بعد حلّ التجمّع انكشفت عورة الحركات الدستوية واتّضح بما لا يدعو مجالا للشك محدوديتهم في ادارة صراع يمتلكون كلّ ادواته و انقسموا على أنفسهم في صراعات سياسويّة تظهر عدم استيعابهم لما يحصل على أرضهم و لم يدركوا الى اليوم خطورة ما يحصل و لا حجم التحدّيات التي سنواجهها و ذلك في اعتقادي ناتج عن سوسيولوجيا الأحزاب الدستورية التي تشتغل بأدوات بالية رديئة تحوم حول ثقافة الزعيم الواحد و الحزب الواحد تجمعهم ثقافة امتلاك الدّولة الغنيمة و تقاسمها نفوذا و مالا بآليات عملهم التقليدية ( الرشوة - المحاباة - المحسوبية ...).
و رغم السياقات التي أتاحت عودتهم للسلطة في 2014 فلم يقدروا على الحفاظ على توازنهم و لو لشهور لأنّهم لم يستوعبوا الى اليوم المعنى الحقيقي للعمل السياسي .
إنّ الرهان على الحركات الدستوريّة لوحدها لافتكاك السلطة من الاسلام السياسي المنظّم بانظباطية عقائديّة مفيوزية في كتلة صلبة متماسكة غير قابلة على الاختراق و التجزئة هوّ رهان خاطئ و لا أساس له رغم محاولات عبير موسي تسويق هذه الصورة و التي نسفتها بنفسها بخطابها الموجّه لداخل البيت الدستوري التي أعلنت فيه مرارا و تكرارا أنّها لن تكون عنصر التجميع داخل البيت القديم .
فيما يتعلّق بالوضع الاقليمي فنحن محاطون ببؤر توتّر من كلّ الجهات و تحوّلت منطقة شمال افريقيا الى ساحة صراعية للقوى الدّولية و الاقليمية زيادة على الوكلاء التابعين لهم كالحركات الارهابية و مافيات السلاح و التهريب هذه الصراعات لها أذرعها و امتداداتها الفعلية داخل مؤسّسات الدولة نفسها بشكل يمكن أن نجد أنفسنا في أي لحظة مورّطين في الصراع العسكري المباشر و الذي تتشابه ملامحه و أطرافه و رهاناته هنا و هناك .
في اعتقادي كلّ عنصر من العناصر التي ذكرنا يمكن أن يجرّنا الى واقع جديد حيث لا يعلو صوت على صوت الرصاص سواء كان العنصر داخليا ( الاقتصاد مثلا) أو خارجيا مثل امكانية انتقال الصراع الليبي الى الداخل التونسي .
في اعتقادي هنالك حلّ واحد وحيد تشكيل جبهة وطنيّة واسعة من المنظّمات و الأخزاب و المستقلّين و الاستعداد في أي لحظة لانهيارات ممكنة و وشيكة ليس بغاية اعداد جبهة سياسية لخوض عمار انتخابات قد لا نصل اليها سالمين.
ط








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا