الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
في تقرير لفعاليات صحية أوربية: أطفال متخلى عنهم يموتون بالتقسيط بمستشفى الرشيدية
علي بنساعود
2006 / 6 / 26حقوق الاطفال والشبيبة
غرفة متسخة، مهجورة، غير مجهزة، مغلقة في أغلب الأحيان...، شروط عيش متدهورة، تغذية سيئة، وقواعد صحية غير كافية...
تلكم بعض عناوين وضعية مزرية، كشف عنها تقرير لطاقم صحي أوربي حول مجموعة أطفال متخلى عنهم "يعيشون" بمستشفى مولاي علي الشريف بالرشيدية...
الأمر يتعلق بأحد عشر رضيعا، تتراوح أعمارهم بين شهرين وثمانية أشهر، ألقت بهم أمهاتهم في المزابل، أو على أرصفة الأزقة الخلفية، أو منعرجات الطرق، بعدما تنكر لهم المجتمع.
أطفال نجوا فعلا من الموت، لكن حكم عليهم بالمعاناة الشاقة المؤبدة!!! فاقتيدوا مقمطين إلى غرفة تشبه زنزانة تقاسمهم إياها الكوابيس والحشرات، غرفة متسخة، مهجورة، مظلمة، ضيقة، غير صحية، تنعدم فيها أبسط قواعد الصحة وشروط العيش الإنساني الكريم...
غرفة لا تتوفر على أجهزة استرخاء، في جنباتها أسرة تشبه الأقفاص، غرفة غالبا ما تكون مغلقة بالمفتاح، والأطفال داخلها يتناولون رضاعاتهم بمفردهم، أو يبكون ويصرخون دون أن يستجيب لهم أحد، بل دون إمكانية التدخل لإنقاذهم في حالة الخطر!!! غرفة عثر فيها على لعبة يتيمة "يتمتع" بها أحد "المحظوظين" من هؤلاء التعساء!!!
ولعل أغرب ما أثار محرري التقرير، الذي حصلنا على نسخة منه، وهم مجموعة من الفعاليات الصحية الأوربية، كانوا ضمن قافلة طبية نظمتها جمعية "تافيلالت" لربوع إقليم الرشيدية، خلال الفترة الممتدة ما بين 28 أبريل و8 ماي الماضيين، هو أنهم، عند وصولهم، وجدوا هؤلاء الأطفال بغرفتهم المعلومة "موضوعين" على غطاء مباشرة على أرض تعج بحشرات (سراق الزيت) من مختلف الأحجام، وبعضهم يعاني من زكام حاد يخنق جهازه التنفسي، ويعرقل تناوله لرضاعته.
منذ البداية، لاحظ الطاقم أن هؤلاء الأطفال يعانون من الإهمال ومن سوء تغذية مقلق يبعث على الرثاء، خصوصا لدى اثنين منهما: إسراء ومصطفى، وأن وزنهم دون الوزن العادي الذي ينبغي أن يكونوا عليه، فالطفل مصطفى مثلا وجدوا أن وزنه لا يتجاوز 3 كلغ ونصف، رغم أن سنه يتجاوز سبعة أشهر!!! والمفروض، يضيف التقرير، أن وزن الأطفال، ينبغي أن يتضاعف ثلاث مرات خلال سنتهم الأولى...
التقرير أرجع سبب سوء التغذية إلى التجويع الممارس على هؤلاء الضحايا، وإلى الكمية الهزيلة من الطعام الذي يقدمه لهم القائمون على شؤونهم، الذين حكموا عليهم، وضدا على القوانين والطبيعة، بالخضوع لنظام غذائي واحد ودائم، نظام لا يتجاوز ثلاث رضاعات من الحليب في اليوم الكامل!!! مع أن بعضهم في سن تناول وجبات أكثر متانة وغنى (لحم، سمك، خضر، فواكه، جبن...) وإلى تناول هؤلاء الأطفال لرضاعاتهم، وهم ممددون على السرير!!!، وهي طريقة سيئة وغير صحية، إذ تتسبب لهم، حسب التقرير، في القيء والتعفنات التنفسية المزمنة الحادة في الغالب... التقرير أضاف أيضا أن من أسباب سوء التغذية كون بعض الرضع الصغار يعجزون عن الإمساك، بمفردهم، بالرضاعة، التي تسقط منهم، فيتركون لحالهم حتى تظهر عليهم علامات سوء التغذية والاجتفاف...!!! هذا مع العلم، حسب هؤلاء، أن تغذية الأشهر/ السنة الأولى أساسية بل حاسمة في نمو المواليد وتحديد مستقبلهم، سيما أنها هي التي تمكن من نمو العديد من الأعضاء، وعلى رأسها الدماغ...
وخلال المدة التي قضاها طاقم القافلة بهذه "المصلحة"، اكتشف أن مسؤولية هؤلاء المواليد، كانت مناطة بمستخدمة واحدة، طوال الأربع والعشرين ساعة، وهي مستخدمة غير مؤهلة، وبكاء الأطفال يكاد لا يثير لديها أي رد فعل... وعليها أن تتحمل كل المهام بمفردها (باستثناء غسل الأرض) وهو أمر غير ممكن، لأنه، حسب التقرير، حتى وإن كانت إرادة هذه المستخدمة حسنة، فإنها تجد نفسها عاجزة عن القيام بكل ما هو منتظر منها على أحسن وجه...
التقرير سجل بأسف أيضا أن إحدى الجمعيات المحلية (جمعية الأمل للأطفال المسعفين) تتبنى قضية هؤلاء الضحايا، وتسعى جاهدة إلى التخفيف من معاناتهم وإلى دعمهم، بتنظيفهم وتوفير الأدوية والحفاظات والحليب لهم، لكن أخطر ما يعرقل عملها هو، ما أسماه التقرير، مشكل "السرقة المنظمة" التي تعرفها هذه المصلحة (اللي غفل طارت عينو)، والتي تشمل كل ما خف وزنه من مستلزمات الأطفال (لعب، حفاظات، مرهمات جلدية، سخانات كهربائية للرضاعات...)، وهي سرقات وقع ضحيتها بعض أفراد الطاقم الأجنبي أنفسهم، رغم ما تحلوا به من يقظة وحذر، حيث تعرضت بعض حاجياتهم الخاصة للسرقة، من داخل هذه الغرفة، وإن كانت هذه الحاجيات، حسبهم، لا قيمة لها!!!
لذلك، فقد ألح التقرير على وجوب تزويد جمعية "الأطفال المسعفين" بدولاب بمفتاح، والعمل الجاد والمسؤول لوضع حد لمشكل السرقة، بشكل نهائي، لأنه يعيق العناية بهؤلاء الأطفال، ويحول دون توفير مستلزماتهم...
ومعلوم أن أعضاء الطاقم، الذين استعرضوا بتفصيل مختلف الخدمات الجليلة التي قدموها لهؤلاء الأطفال، والإجراءات التي باشروها إزاءهم، ب"وضع أيديهم مؤقتا" على غرفتين كانتا فارغتين ونظيفتين!!!، نقلوا إليهما الأطفال، وشرعوا في علاجهم، وتغذيتهم في الحضن، وإمساكهم بطريقة مستقيمة، بعد كل وجبة غذاء، وتدليكهم، ومداعبتهم، وإعطائهم أكبر قدر من الدفء والحنان...، ختموا تقريرهم بمجموعة توصيات أهمها وجوب توفير غرف صحية لهؤلاء الأطفال، تكون نظيفة، مهواة وملائمة، وطاقم من المستخدمين الأكفاء، المتحمسين، وأيضا التغذية الحقيقية الجديرة بهذه الاسم، التغذية اللازمة كما ونوعا، لأنها مسألة تتعلق بحياة هؤلاء الرضع... كما ألحوا على نقطة اعتبروها حاسمة في نمو الأطفال، ألا وهي النوم الهادئ والعطف والحنان، حيث أكدوا على أن حاجة هؤلاء الأطفال ماسة لكثير من الحنان والمداعبة، كما دعوا إلى لزوم توفير أجهزة الاسترخاء، لكي لا يبقى الأطفال ممددين/ مسجونين في أسرتهم طوال اليوم، ولعب تنشطهم، وتنمي قدرتهم على تشغيل أطرافهم والإمساك بالأشياء، وعلى التحكم في حركة الأيدي والأذرع، ناهيك عن النظافة التامة...
السؤال الذي نخرج به من هذا التقرير الأجنبي هو: من المسؤول عن هذه الوضعية اللاإنسانية التي يعيشها هؤلاء الأطفال؟ ومتى نصبح جديرين فعلا بأطفالنا في مغرب أتخمتنا وسائل الدعاية فيه بالحديث عن "التنمية البشرية" و"حقوق الطفل"؟
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. قلق واستياء في غزة مع إعلان الأونروا عدم قدرتها على تشغيل عم
.. بعد 11 عاما من التحقيقات في قضية بلعيد.. القضاء التونسي يصدر
.. برنامج الأغذية العالمي: شمال قطاع غزة تحول إلى بؤرة للجوع
.. أردنيون يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية في عمان دعما لغزة
.. بندا خلافيا في مفاوضات الهدنة.. لماذا ترفض إسرائيل عودة النا