الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحويل آيا صوفيا لمسجد

وسام صباح

2020 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


آيا صوفيا كاتدرائية بيزنطية مسيحية، اطلق الأمبراطور جستنيان اسم القديسة صوفيا (ومعناها باليونانية الحكمة الإلهية) على هذه الكنيسة بعد اعادة اعمارها من حرائق سابقة في عام 537 م .
بعد الغزو العثماني الى مدينة القسطنطينية واحتلالها بقوة السلاح من اصحابها الأصليين، تم تحويلها الى مدينة اسلامية وتغيير اسمها الى اسلام بول ، واصبحت تابعة الى الحكم العثماني بقيادة الغازي محمد الفاتح الذي أمر عام 1453 بتحويل كاتدرائية آيا صوفيا الى مسجد اسلامي بعد ان استمرت كنيسة كبيرة للمسيحيين 919 عاما . تمتاز كاتدرائية آيا صوفيا بهندستها المعمارية الفريدة وقبابها الكثيرة وسعة مساحتها وعلو بنائها . وهي احدى الرموز التاريخية و المعمارية والتراثية لمدينة اسطنبول الحالية ، وتمتاز جدرانها وسقوفها بالرسوم الفنية والزخارف البيزنطية الرائعة الجمال .
بعد سيطرة كمال اتاتورك على الحكم والغائه لنظام الخلافة العثمانية المتخلف وتحول تركيا الى دولة علمانية، تحولت كاتدرائية آيا صوفيا الى متحف للفن ومركز سياحي كبير في العام 1935.
بعد ان تولى (السلطان العثماني الجديد) والاخواني الداعم للارهاب الداعشي والإسلامي طيب رجب اردوغان الطامح للعودة الى زمن الخلافة العثمانية وعهد السلاطين، امر بتحويل كنيسة آيا صوفيا الكبيرة التي تحولت الى متحف لمدة 80 عام، الى مسجد اسلامي بعد ان ضغط الديكتاتورعلى قضاة المحكمة فاصدرت امرا بإبطال قرار تحويلها إلى متحف وتحويلها الى مسجد تحت اشراف الجهات الدينية الأسلامية .
يأتي قرار اردوغان في أعقاب اعلان المحكمة التركية تحويل آيا صوفيا إلى مسجد، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تهدف لتوطيد التأييد للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان خصوصا بما تشهده تركيا من تحديات اقتصادية وارتفاع بمعدلات البطالة ولكسب التأييد الشعبي له . يأتي توقيت إعلان تحويل آيا صوفيا إلى مسجد في الوقت الذي تتعامل فيه تركيا مع انكماش اقتصادي وارتفاع بمعدلات البطالة وهبوط قيمة الليرة التركية وتدهور السياحة بسبب جائحة كورونا، في حين تتوتر العلاقات الجيوسياسية في شرق البحر الأبيض المتوسط مع الجارة اليونان بما فيه قضايا عبور المهاجرين عبر حدود البلدين للاستيطان والهجرة في دول الأتحاد الأوربي لعمل تغيير ديموغرافي مقصود في شعوب الدول الاوربية وتحويلها الى الإسلام بطريق الهجرة الغير شرعية مستغلين التعامل الأنساني للحكومات الأوربية مع المهاجرين، بالإضافة إلى الصراع المزمن على جزيرة قبرص وارسال المرتزقة وارهابيي داعش للقتال في سوريا وليبيا ليكون اردوغان له مستعمرات جديدة تحت حلم الأمبراطورية الأردوغانية.
انها خطوة سياسية وليست دينية من اجل تثبيت حكم اردوغان وكسب التاييد الإسلامي المحلي والدولي له. فتركيا فيها الاف المساجد وليست بحاجة الى مسجد جديد لأداء الصلاة . لقد اثارت هذه الخطوة استياء الكثير من دول العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التي ادان وزير خارجيتها بومبيوهذا الأجراء الغير مبرر . كما انتقدت وزيرة الثقافة والشباب في دولة الإمارات السيدة نورة الكعبي في تغريدة لها فكتبت ما يلي :" إن تغيير واقع آيا صوفيا يضر بالقيمة الثقافية لهذا الرمز الإنساني، واصفة بأنه كان دوما "أيقونة للحوار والتفاعل بين الحضارات والأديان . وان التراث الثقافي قيمة عالمية انسانية وإرث بشري لجميع الشعوب والثقافات والحضارات ... مسؤولية صونه وضمان الحفاظ عليه للأجيال القادمة، ليبقى شاهدا على تعايش الشعوب وألأديان وتسامحها " .
امرت السلطات التركية بتغطية المعالم المسيحية من داخل بناية الكنيسة (المتحف) من صور ونقوش وفسيفساء وزخارف وايقونات مسيحية تعكس الجمال الفني والثقافي للفن البيزنطي الجميل، وهذا يدل على الأستهتار بالفن والرمز الحضاري التأريخي الاصيل . علما ان منظمة اليونسكو للثقافة والتراث كانت قد اعتبرت ان هذه البناية ضمن التراث العالمي .
يرى العديد من المحللين والمراقبين للشأن التركي، أن خطوة الرئيس رجب طيب أردوغان، بتحويل آيا صوفيا إلى مسجد يهدف إلى توطيد العلاقة مع الناخبين الأتراك، وخطوة سياسية لدعم موقفه الذي يلاقي معارضة كبيرة بين اوساط الشعب التركي .
عبر العالم المسيحي عن صدمته من هذا القرار من خلال التعليقات التالية :
" البابا فرنسيس قال "يتجه فكري إلى إسطنبول وأفكر في آيا صوفيا وأشعر بالألم البالغ"
"أسف برلين" والخوف على الحوار المسيحي الإسلامي
طعنة في قلب العالم الأرثوذكسي
الكنيسة الروسية اعتبرت خطوة أردوغان ضربة للأرثوذكسية "بالنسبة لجميع المسيحيين تعد آيا صوفيا رمزًا مهمًا، مثل كنيسة القديس بطرس في روما للكاثوليك ""
- ضرب للعلمانية بمغازلة الإسلاميين المتطرفين
مفترق الطرق ـ نقطة تحول في العلاقات التركية الغربية؟
يورغن غوتشليخ كتب في صحيفة "تاغستسايتونغ" (13 يوليو/ تموز 2020) بأن خطوة الرئيس التركي حققت "حلما لجميع الإسلاميين، وبذلك أصبح أردوغان من وجهة نظر أتباعه في نفس مرتبة السلطان محمد الثاني الذي استولى على القسطنطينية""
رغم الطابع الاخواني الذي يتميز به اردوغان، ألا ان خطوته التي استغلها باسم الدين يهدف من ورائها كسبا سياسيا يعزز موقفه المتهالك دوليا .
ارجو ان لا ينسى اردوغان ان اسرائيل قد تخطو خطوة مشابهة يوما ما بتحويل المسجد الأقصى الى معبد يهودي او تبني على انقاضه هيكل سليمان الجديد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو


.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة




.. المرصد الأورومتوسطي يُحذّر من اتساع رقعة الأمراض المعدية في


.. رغم إغلاق بوابات جامعة كولومبيا بالأقفال.. لليوم السابع على




.. أخبار الصباح | مجلس الشيوخ الأميركي يقر إرسال مساعدات لإسرائ