الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حبة الرمل ونقطة النفط ...

مروان صباح

2020 / 7 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


/ في بلد مسلح عن بكرة أبيه ، لا بد للمفند ذي الأنظار السديدة ، أن يخترق جدران عريضة ، لكن الواصل إلى ما بعد الجدار سيذهل إزاء تلك الحياكات في إستعادة الماضي من خلال سرديات مرتفعة الأمارة وطاغية التأثير ، أنبتت تجربة الكاتب ( فينس بيسر ) جو غريب بين المكتبات العالمية ، غير أن فكرة كتابه ( العالم في حبة رمل ) 272 صفحة حملت توجهات وإيماءات ذات مغزى حسي عالي ، تراوح بين معاناة التجربة ومكابدة الإنسان بالتوغل في تفاصيل أخرى ، بالتأكيد يكشف فينس في كتابه عن تجارب الإنسان المتعددة وتلازمها بين السير على الرمل والنوم الطويل تحته ، وبالرغم من أهمية هذه الحبة إلا أنها تعتبر من الأشياء المغفول عنها ، بالطبع يعيد ذلك ، لأنها متوفرة منذ وجود الإنسان على الأرض وبالتالي لم تخضع حبة الرمل لصراعات بشرية مباشرة كما كانت النزاعات على الأرض نفسها .

المهم ، حبة الرمل كان لها الحدث الكبير على الإنسان ، منذ أن عجزَّ قابيل مواراة أخيه هابيل بعد قتله ، وايضاً شيدت بها مصر أهراماتها وتعالت الناطحات في العالم حتى كادت تلامس السحاب ، وتُبنى منها الأسوار والطرقات والأرصفة وشاشات الحاسوب والهواتف والمرآة ، فالرمل يوارينا وهو يؤوينا في الحياة ويمكننا ، وهو الملهم والمكون الذي عليه تقوم عواصمنا ، وبالرغم من أهميته في حياة الإنسان إلا أن النفط يعتبر المادة التى تعتمد عليها حركة الكون والانتقال والحداثة ، وبالتالي أسعاره عالية التى تجعله محط تنافسي ونزاع مستمر بين البشر ، لكن ايضاً امتلك النفط ليس السبب الكافي الذي يجعل ممتلكه حراً أو منافساً بين جبابرة الأرض ، لأن الموارد الطبيعة ، إن لم يرافقها قوة تحميها من الهيمنة ، ستنتهي مصيرها بين مربعين ، التحكم في إنتاجها وأسعارها أو عدم السماح بتصديرها ، كما هو الحال مع إيران وفانزويلا الدولتين النفطيتين والغارقتين بالديون والحرمان ، وبالتالي يقف لبنان أمام معضلة جديدة ، الأولى ، شروط البنك الدولي التى تحقق أهداف الحكومة في تمويل خزينتها ، فالخبراء الدوليين كانوا قد اشترطوا على الفريق اللبناني المفاوض استبعاد حزب الله وتيار الحر عن الحكومة ، ليس لأهداف سياسية أو لأنهما جبهة تقاوم إسرائيل ابداً ، لكن لأنهما يشرفان على وزارتين الصحة والطاقة والكهرباء اللتين كانتا سبب نكسة الموازنة والديون ، أي أنهما مسؤولين عن أكبر فساد وطني ، وبالتالي حزب الله ينطلق برؤيته من منظور واحد ، المنظور الإيراني الذي يتوفر للأخير جملة موارد تساهم في صموده ، فالقطرين والأتراك والميليشيات العراقية ساعدوا الإيراني في مجالات متعددة ومازالت الأبواب حتى الآن مفتوحة ، لكن مسألة لبنان مختلفة والحياة عموماً هنا ، تماماً تختلف عن إيران جملةً وتفصيلاً ، بل أكثر من ذلك ، الأمريكي في نهاية المطاف ، لا يبالي إذا كانت الدولة اللبنانية سينحدر حالها إلى ما آلت اليه دول مثل العراق وأفغانستان وسوريا وليبيا واليمن .

إذن ، إذا كانت المسألة على هذا الاعتبار ، فالولايات المتحدة الأمريكية تتمتع من القوة النقدية والعلمية والسياسية والعسكرية التى تسمع لها إسباغ نموذجها الخاص اولاً على الكون برمته ومن ثم فرض شروطها ، فالبنك الدولي وصندوق النقد وأغلب المؤسسات التمويلية الكبرى تخضع جميعها لسياسات واشنطن ، بالإضافة ، تتحكم أمريكا بالمنظومة المالية العالمية ، أي التحويلات ، ايضاً تسيطر على الحركة الجوية والبحرية وفي مقدمتها نقل النفط من الدول النفطية إلى الدول المستهلكة مثل لبنان ، أي أنها بحاجة إلى موافقة أمريكية على نقله وبالتالي قانون قيصر من مهامه ، مراقبة حدود الإيرانية العراقية والسورية اللبنانية ، إذن الأمور لم تعد كما كانت عليه سابقاً ، فالقانون حتى الآن لم تظهر انعكاساته لكن مع الوقت سيتم ملاحقة جميع الأفراد والكيانات التى تعاملت وتتعامل مع النظام الأسد ، بل الأمور وصلت إلى أن البنتاغون يعمل على تغير مشتريات قوات اليونفيل المتمترسة في الجنوب اللبناني من القرى الخاضعة إلى الأكثرية الشيعية الذين يناصرون الحزب وبالتالي إذا كانوا اليوم عناصر ومؤسسات حزب الله لم يتأثروا من التدهور الاقتصادي الحاصل ، بالتأكيد في المنظور القريب سيشعر أنصاره وقواعده الشعبية بحجم المشكلة .

إن الذين يراهنون على التغير في البيت الأبيض ، سوف ينتظرهم الكثير غير القليل من خيبات الأمل ، وبالتالي جميع الوقائع تشير بأن الخلط بين إدارة الشعوب وإدارة الملفات الخارجية ، تعكس سلباً على مناحي الحياة وهذا بالفعل يعيشه الموطن اللبناني ، وبالتالي قدرة الدول على إدارة ملفين معاً ، ليست بهذه السهولة ، بل لا تجيدها سوى واشنطن وهذا بالطبع يصعب شرحه الآن ، فاللبنانيون لا يعرفون لماذا محاصرين أو لما عملتهم تفقد قوتها الشرائية وتعيش حالة من التذبذب ، أو لماذا مواردهم تُرحل إلى النظام الأسد أو ما الفائدة من معادة الدول التى فتحت تاريخياً أبواب الوظائف لهم ، وهذا يفسر في خاتمة المطاف ، لماذا حبة الرمل التى تعتبر كل شيء لنا ، تلقى منا إهمالاً ونقطة النفط ، يتنطح لها الجميع لدفاع عنها .
والسلام 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر




.. -يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم- #حماس تنشر فيديو لرهينة ينتق


.. أنصار الله: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أمريكية




.. ??حديث إسرائيلي عن قرب تنفيذ عملية في رفح