الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شباب اليوم.. هل تعلم؟

حميدة العربي

2020 / 7 / 18
المجتمع المدني


….
......
. إن حياة المجتمع قائمة، بكل الأحوال، على المصالح.. مهما بدا الأمر انسانياً أو وطنيا.. أما على صعيد الأفراد فالأمر أشد خصوصية ومصلحية.. فلو دافع أهلك عن شخصية أو نظام فهذا يعني إنهم مستفيدون منه، وإذا عارضوا أو كرهوا فاعلم إنهم قد تضرروا منه.. فلا تستغرب كثيرا.. لأنها حالة عامة.
. إن كل ما تسمعه من أهلك أو تقرأه على مواقع التواصل الاجتماعي.. هو نصف الحقيقة أو أقل من ذلك بكثير؟.. خصوصاً في الأحداث التي لم تعاصرها أو البعيدة عنك.. لأن الناس، غالبا، ما تميل وتدافع عن الأفكار التي تناسبها، والسياسات التي تحقق مصالحها والأشخاص الذين يمثلونهم.. وتبالغ في مدحهم وذم خصومهم.. وتجاهل سلبياتهم وأخطائهم مع عدم الاهتمام بحقوق الآخرين ومصالحهم..
. إن العراقيين عندما يحبون شيئاً أو شخصاً يعظمونه حد التقديس، ويذكرون حسناته كأنها منزّلة.. ويزينون كل ما يخصه بحق أو بدونه.. ويبررون كل أخطاءه أو يمسحونها، وعندما يكرهون شيئاً أو شخصاً يتجاهلون كل ايجابياته وحسناته أو يمسحونها.. ويركزون على سلبياته فقط حتى لو كانت صغيرة أو غير ذات أهمية.. بل أحياناً يقتصر تركيزهم على خطأ واحد، أو حادثة واحدة يجعلون منها، قميص عثمان، الذي يبرزونه في كل مناسبة للتأثير على مشاعر البسطاء واللذين يتأثرون بما يسمعون فقط.. ولكن.. أين أنت وعقلك من هذا؟
. إن الناس، الآن، وربما أنت منهم.. يتتظرون تواريخ الأحداث، تأتي، ليقضوا أوقاتهم ويبذلوا جهودهم في تعظيم تلك الحادثة أو لعنها والاختلاف عليها مع الآخرين.. خصوصاً حول الماضي.. وعندما ينتهي الحدث ينتظرون الحدث القادم.. وهكذا تمضي أيامهم.. دون الانتباه إن جهودهم هذه واوقاتهم تذهب عبثاً دون أن يستفيدوا منها في تحسين أحوالهم الحياتية.. الصعبة!.. كأنهم يبحثون عن شيء يختلفون عليه.. لا أكثر!
. إن غالبية الناس، وربما آنت منهم.. تثيرهم الأحداث الشريرة والجدلية والمختلف عليها، أكثر من الأعمال الخيرة والإيجابية، ربما لأنه في الخلاف.. يشفون غليلهم من بعض الأشخاص أو من الواقع المعاش ومصاعبه التي لا يجدون لها حلاً.. أو يأسوا من إيجاد حلول فاكتفوا بالاستنكار والادانة والسخرية.. وإلقاء اللوم على الآخرين أو الماضي.
. إن الإنشغال بمساوئ الآخرين وعيوبهم لن تخفي عيوبك وأخطاؤك ولن تمحيها، وغبن جهود الآخرين لن يرفع من قيمتك أو يحسن أحوالك.. فأنت تعيش ضمن مجتمع يراقبك ويتتبع أخطاءك مثلما تفعل أنت بمراقبة الآخرين وتتبع أخطائهم فأنت نتاج هذا المجتمع، ونادراً ما تختلف عنه.
. إن الفضائيات والمواقع تابعة لأشخاص أو جهات، لها مصالحها وأجنداتها الخاصة.. فعندما تصدقها دون تفكير وتنشر ما تبثه.. تكون قد اصبحت أحد أدواتها أو أبواقها دون أن تدري ودون أن تقصد.. فكر كثيراً قبل القيام بأي فعل.
. عندما تقضي وقتاً طويلا على مواقع التواصل تؤيد قضية ما أو تعارض أو تستنكر أو تدين.. الخ تكون قد استهلكت طاقتك كلها تقريبا.. واعتقدت إنك أديت واجبك تجاه تلك القضية.. فعندما تخرج الى الواقع لن يكون لديك حماس لأي فعل آخر… فقد استنزفت حماسك ورغبتك بالتغيير ـ إن وجدت ـ بالكتابة والردود والبحث عما يدعم رأيك فقط .. ولهذا لا توجد أفعال، عملية، مهمة لتغيير الواقع!
. عندما تؤيد نظام، قديم، أو تعارضه، لأن أهلك يؤيدونه أو يعارضونه.. فهذا يعني إنك تفكر بعقلية أهلك ومشاعرهم.. دون أن تنتبه إنك بهذا تلغي عقلك وشخصيتك ومشاعرك تماماً.. ومتناسياً إنهم كانوا محكومين بظروف ذلك الزمن وأفكاره وتوجهاته ومناخه السياسي والاجتماعي الذي يتأثر هو الآخر بالمناخ العالمي السائد في ذلك الزمن… وأنت تعيش الآن في ظروف وأجواء مختلفة، ومصالح ومتطلبات حياتية مغايرة.. ومع ذلك لم تسأل نفسك، لماذا تؤيد هذا أو تعارض ذاك وتختلف مع أبناء جيلك وتتبادل معهم المشاعر العدائية وخلق أجواء التوتر والتباعد، بسبب أحداث لم تعشها ولست طرفاً فيها ولن تستطيع تغييرها.. ولن تغير حياتك اليومية ولا واقعك الحالي، مهما دافعت عنها أو عارضتها؟
. إن الصور التي يعرضها البعض من الماضي الذي يسمونه ( الجميل ). مثل المدارس الراقية وعروض الأزياء وملكات الجمال.. الخ، تجعل الناس يتحسرون على ذلك الزمان دون إن يسألوا أنفسهم. هل كان غالبية الناس يذهبون الى تلك المدارس، ويقيمون حفلات الأزياء والجمال؟.. لو تأملت الأمر بموضوعية، دون تأثير الآخرين ومشاعرهم، ستكتشف إن هذه الامتيازات كانت من نصيب النخبة ( الارستقراطية، الاقطاعية ) فقط. أما عامة الناس وهم بالملايين فكانوا يعيشون أسوأ الأحوال، من فقر وجهل وأمراض، واستغلال واضطهاد.. ولكن ليس لديهم كاميرات تصور بؤسهم ومعاناتهم!
. إن تكرار الخلاف والاختلاف كل عام حول 14 تموز، ثورة / انقلاب.. و 9 نيسان، تحرير / احتلال.. يعني اليأس من الحاضر وعدم وجود خطط حقيقية تشغل الناس بالبناء والتطور وتحسين واقعهم.. لكي يصبح الماضي أمراً ثانوياً.. فهل لديك أفكار، لتحسين وضعك، غير الاختلاف على المناسبات.. التي لن تتغير بسبب تأييدك أو معارضتك لها.. وتذكر هناك مستفيدون من خلق وتأجيج هذه الصراعات!
. إن كل من كتب ضد 14 تموز العراقية يركز على حادثة واحدة فقط وكل ما عداها ممسوح.. بينما يكتب بتمجيد وتعظيم عن 14 تموز الفرنسية.. واعتبارها الحدث الملهم لكل الثورات والتحرر والديمقراطية في العالم.. متجاهلاً ومتناسياً، الفظائع التي ارتكبت خلالها وبعدها.. وخصوصا رمزها الأبرز، المقصلة!.. هذا أحد الأمثلة التي بإمكانك أن تكتشف، من خلالها، اللاموضوعية واللاحيادية واللامهنية عند هؤلاء.. فلماذا تصدقهم ولا تبحث بنفسك عن الحقائق.. وفي كل المواضيع.. بعيداً عن التأثيرات العاطفية والوراثية وما تكتبه مواقع التواصل، التي امتلأت بالمحللين الهواة!.. وبعضهم شبه متعلم.. ولا يجيد الكتابة بالفصحى؟
. وهل تعلم إن أهلنا ( الكبار ).. لن يغيروا عقليتهم وأفكارهم وتوجهاتهم ومشاعرهم تجاه ما حصل في الماضي، ولن يقتنعوا بسهولة بما تفكر به أنت وما تريده لحياتك الحاضرة.. فهم من جيل اخر، تقولب على ما عنده ومن الصعب تغيير قناعاته… المهم ماذا ستفعل أنت؟
. وإن للحقيقة وجه واحد.. حتى لو كانت الغالبية تقول عكس ذلك.. فابحث عنها بنفسك
. وأخيرا.. هل تعلم.. وهذا هو المهم.. إن الأمر متروك لك.. إن كنت تريد العيش بعقلية أهلك ومشاعرهم.. أو تكّون أفكارك وآرائك وشخصيتك المستقلة، التي تطرح الأسئلة حول وضعها ومحيطها وما يمر بها من أحداث.. وتبحث عن الأجوبة بنفسك… دون الأعتماد على الآخرين.. الذين، يبحث كل منهم عن مصالحه وغاياته.. وتذكر، إنك لن تعيش مرتين! فعش بعقلك!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج الأغذية العالمي: معايير المجاعة الثلاثة ستتحقق خلال 6


.. اعتقال طلاب مؤيدين لفلسطين تظاهروا في جامعة جنوب كاليفورنيا




.. -الأونروا- بالتعاون مع -اليونسيف- تعلن إيصال مساعدات إلى مخي


.. عنف خلال اعتقال الشرطة الأميركية لطلاب الجامعة في تكساس




.. تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني