الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
فرض الصراع وخيارات البندقية
طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.
(Talal Seif)
2020 / 7 / 19
مواضيع وابحاث سياسية
ربما تمر بعض الأخبار على كونها من الأخبار العادية. لا تحظى باهتمام القراء، لكن الأمر مختلف تماما عما يمر أمام أعيننا دون رصد وتحليل. فمنذ أيام اتخذ الرئيس السيسي قرارا بتحويل جميع المركبات العاملة بالطاقة النفطية التقليدية إلى مركبات تعمل بالغاز الطبيعي. هذا الخبر يحيلنا مباشرة إلى تلك الأزمات غير الطبيعية والمفتعلة ظاهرا وباطنا، بدأ بأزمة سد النهضة الأثيوبي المزعوم بعلاقته النهضوية للدولة الأثيوبية، رغم أن جميع الدراسات العلمية تؤكد عدم احتياج أثيوبيا لمثل هذا السد على النيل الأزرق، فهي تمتلك ثروات هائلة للاستفادة من مياه الأمطار وتوليد الكهرباء بعيدا عن ذلك البناء الذي خطط له خارج أثيوبيا ومول أيضا خارجها كورقة ضغط على أهم قوة إقليمية فى الشرق الأوسط. لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن الآن. ورقة الضغط هذه لمصلحة من وما السبب فى وضع مصر فى هذا الخندق ومن ثم ما استفادة الدول أو المنظمات الضاغطة من تلك الأفعال؟ لن نجيب على هذا التساؤل حتى ننتقل إلى اتفاقية السراج أردوغان بشأن اقحام تركيا فى غاز شرق المتوسط والتي خرجت من المعادلة بترسيم مصر لحدودها البحرية مع قبرص واليونان. أصبحت مصر محاصرة من جهاتها الأربعة. أردوغان الحليف الأول للكيان الصهيوني فى فلسطين وأمريكا من ناحية ليبيا رغم يقينه التام بأن ذلك الصراع لن يحسم لصالحه فى حال المواجهة العسكرية بنظام المليشيات والتي ستواجه بحرب غير نظامية من قبل القبائل الليبية المدعومة من أطراف عربية متعددة ومن بينها مصر، أو سواء كانت المواجهة نظامية بين جيشين كبيرين كالمصري والتركي. هناك استحالة لحسم المعركة لصالح أردوغان. لكنها ورقة التوت المقدمة لدودة القز التي ترغب فى دخول كهف ثروات شرق المتوسط وستستمر المعارك إلى أكثر من عقد من الزمان. لا أتخيل أن أول رصاصة ستنطلق من المعتوه التركي ستنتهي خلال أيام أو أسابيع أو شهور، إلا إذا رضخت مصر واستسلمت تماما لكل رغبات الصهاينة بداية بصفقة القرن. مرورا بالقدس عاصمة لإسرائيل بالإضافة إلى التطبيع الثقافي والإجتماعي والاقتصادي والعسكري الشامل، حتى تصبح مصر ولاية من ولايات إسرائيل الكبرى، التي تقف مصر كابوسا تجاه أحلامها. هنا يأتي دور سد الخيانة كورقة ضغط جادة ومؤثرة وقاتلة فى ظهر مصر. قد يستسهل البعض خيار البندقية دون وعي بالمحيط العالمي. فمن السهل أن تدخل الحرب بكل مقدراتك وتنتصر أيضا، لكن من السهل أيضا بعد الانتصار أن تصبح جسدا هزيلا خارت قواه فأصبح مرتعا للدود والفئران ومن ثم عودا على ذي بدئ، ترضخ لرغباتهم دون مقاومة تذكر منك. السيناريوهات المفروضة علينا صعبة للغاية، وبيد أن قرار رئيس الجمهورية بتحويل المركبات إلى العمل بنظام الغاز الطبيعي الوفير فى مصر، يعطى مؤشرا إلى أن الوضع العالمي لا يرغب فى السماح لك بالتنقيب ومد الخطوط وضبط أداء الثروة عندك. لذا فالسيسي يقول ستستمر حرب الغاز لسنوات متعددة وعلينا السير فى كل الخطوط والطرق لتجنب القتال. لكن أيضا يبدو أننا لن نجد مهربا من الدخول فى معارك حربية محتملة بسبب المياه واستعمال أثيوبيا كدولة وظيفية مرتزقة للضغط على مصر. الكثير يتوقع أن حربا لن تكون وأن أثيوبيا أو بالأحرى الصهاينة انتصروا فى معركة الإذلال. لكنني أرى وربما أنا مخطئ أن خيارات البندقية قد تأخذ مسارا متسارعا بأكثر مما نتوقع وعلى أكثر من جبهة. فى هذه اللحظة تأكد تماما أنك ستضحي بكل ما تملك وليس لديك خيارات أخرى سوى تلك التضحية أو الفناء الكامل لمصر وشعبها. ربما تكون البندقية هي الحل أو الخضوع للمتآمرين مقابل شرفنا وكرامتنا ونخوتنا، تلك المفردات التي تحاول العلمانية الشاملة إطلاق كلابها العربية للسخرية منها على أساس أنها مفردات غير حداثية. فاختر لنفسك طريقا بين هذه وتلك، لأنك فى النهاية إذا ما خارت قوة جيشك ستكون أنت الجيش الثاني ومن بعدنا أولادنا الجيش الثالث حتى ننتصر أو نهلك دون الوطن. عليك الاختيار..
أما أنا فقد اخترت كرها البندقية
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الاحتلال الإسرائيلي يغلف عدوانه على غزة بأردية توراتية
.. بالأرقام.. كلفة قوات الاحتياط بالجيش الإسرائيلي منذ بدء الحر
.. تزوجتا من شخص واحد.. زفاف أشهر توأم ملتصق من جندي أميركي ساب
.. لحظة اقتحام القوات الإسرائيلية بلدة المغيّر شمال شرق رام الل
.. نساء يتعرضن للكمات في الوجه من شخص مجهول أثناء سيرهن في شوار