الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نبدأ من الأسس في أي تنمية مستقبلية.....25

محمد الحنفي

2020 / 7 / 19
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الإهداء إلى:

ـ اليسار المغربي المناضل.

ـ فيدرالية اليسار الديمقراطي، في سعيها إلى توحيد اليسار، على أسس أيديولوجية، وتنظيمية، وسياسية، تأخذ بعين الاعتبار مصلحة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

ـ كل داعمي اليسار المناضل، من أجل التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

ـ في أفق بناء حزب يساري كبير.

ـ من أجل تحقيق التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية.

ـ من أجل بناء الدولة الوطنية الديمقراطية العلمانية، كدولة للحق، والقانون.

محمد الحنفي

اعتبار كل مسؤولية حكومية أو سلطوية أو برلمانية أو جماعية تستلزم التصريح بالممتلكات:.....19

ي ـ ومن الضروري، أن تأخذ الدولة بعين الاعتبار، أنها تتطور باستمرار، وأن العالم يتطور باستمرار، كذلك، وأن ذلك التطور، الحاصل على جميع المستويات، يقتضي تغيير المواقف، وتغيير السياسات، التي يشتم منها أنها تمارس مختلف الخروقات، بقصد، أو بدون قصد؛ لأن التطور، الذي يحصل في في أي دولة في العالم، لم يشمل كل كيانات الدولة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وكل كيانات المنظمات الدولية، والمجتمع، في إطار الدولة الواحدة، ومجموع المجتمعات في كل الدول.

فالتطور الإيجابي، لا يمكن أن ينعكس إلا إيجابا، على المجتمعات البشرية، والتطور السلبي، لا يمكن أن ينعكس إلا سلبا، على المجتمعات البشرية، والتطور الذي يخلط بين الإيجابي، والسلبي، قد ينعكس سلبا، أو إيجابا، على المجتمعات البشرية، في نفس الوقت.

وعلى المجتمعات البشرية، أن تكون حذرة في التعامل مع منتجات التطور، الذي يحصل، حتى لا نتعامل إلا مع ما هو إيجابي، من تلك المنتجات، من أجل أن نتجنب التعامل مع ما هو سلبي، من أجل الحفاظ على سلامة المجتمع.

كما أن على المجتمعات البشرية، بما في ذلك المجتمع المغربي، أن تكون منفتحة على ما هو إيجابي، على المستوى العالمي، أو الجهوي، أو القاري، أو الإقليمي؛ لأنه، بذلك الانفتاح، يمكن أن تتطور الدولة، والمجتمع، في نفس الوقت، وأن تساهم الدولة، والمجتمع، في التطور على المستوى العالمي.

وهذا التفاعل الإيجابي القائم، فعلا، بين الدول، وبين المجتمعات البشرية، لا يمكن أن ينتج إلا التطور، الذي يحصل في إطار الدولة الواحدة، وفي إطار المجتمع الإنساني، سعيا إلى الوصول إلى سعادة البشر المتحرر، والديمقراطي، والعادل.

ومن أجل أن تأخذ الدول بعين الاعتبار، التطور الحاصل، في إطار الدولة الواحدة، والتطور الحاصل على المستوى العالمي، نرى ضرورة:

أولا: أن تتجنب الدولة، أي دولة، بما في ذلك الدولة المغربية، إنتاج الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والإداري؛ لأن الفساد الاقتصادي، يفسد الطبقات الاجتماعية، ويعتمد أمورا غير مشروعة، لتكوين ثروات هائلة، تصنف مكونها، إلى جانب الأثرياء الكبار، من البورجوازيين، ومن غير البورجوازيين، كالإقطاعيين، والإقطاعيين الجدد، والتحالف البورجوازي / الإقطاعي المتخلف، والمتعفن، في نفس الوقت، ولكون الفساد الاجتماعي، يفسد الحياة الاجتماعية، علاقات، وتعليما، وصحة، وسكنا، وشغلا، مما ينعكس سلبا على الحياة الاجتماعية، التي لم تكن قائمة، على أسس سليمة، في جميع القطاعات الاجتماعية، التي صارت متخللة بكل أشكال الفساد، ولأن الفساد الثقافي، يصير منتجا لفساد القيم، التي تحكم سلوك الأفراد، والجماعات، وتجعل الحياة غير قادرة على الاستمرار، في بناء الشخصية، أي شخصية، فردية، أو جماعية؛ لأن غلبة قيم الفساد، في أي شخصية، كيفما كانت، تضيق الخناق عل إمكانية استمرار القيم النبيلة، في بناء أي شخصية: فردية، أو جماعية. وهو ما يعني تغلغل الفساد في المجتمع، بعد أن أتى على فساد الاقتصاد، وفساد الاجتماع، وفساد الثقافة، ولأن فساد السياسة، هو المنتج الرئيسي لفساد الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، فإنه يقف وراء فساد كل الممارسات، التي لها علاقة بالسياسة، كما هو الشأن بالنسبة للجمعيات، وغيرها، إلى درجة صيرورة استمرار الحياة، لا يتم إلا على أساس ازدهار الفساد.

والإنسان، عندما يتم تكوينه، في محيط معين من الفساد، لا يتكون، إلا على أساس ممارسة الفساد، بكل أنواعه، مما يجعل إنسانيته تتبخر، ويصير شيئا آخر، بالإضافة إلى أن الإدارة، لا تستطيع أن تكون غير فاسدة، وأن المسؤولين في محيط الفساد، لا يمكن أن يكونوا غير فاسدين، وأن الأحزاب السياسية القائمة، غير المحصنة بهالة النضال ضد الفساد، لا تكون إلا فاسدة، والسياسية في بعديها: الداخلي، والخارجي، لا تكون إلا فاسدة.

ولذلك، فتجنب الدولة المغربية، إنتاج الفساد، يمكنها من البناء السليم لمؤسساتها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، على أسس سليمة، خالية من الفساد، ومعلنة للحرب ضد الفساد، سعيا إلى إيجاد مجتمع خال من انتشار قيم الفساد: الفردي، والجماعي.

ثانيا: بناء الدولة على أساس التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، سعي إلى إقامة صرح تسود فيه القيم النبيلة، التي تعمل على إشاعة التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، فيما بين جميع أفراد المجتمع، حتى يتحصنوا ضد كل أشكال الفساد، السائدة في المجتمع، أي مجتمع، وفي أي دولة، وخاصة في إطار الدولة المغربية، التي لم يعد الفساد فيها، مقبولا، من غالبية أفراد المجتمع، حتى وإن كانوا يضطرون إلى ممارسته.

وبناء الدولة على أساس التحرير، يقتضي منها العمل على تحرير الأرض، والإنسان، بما في ذلك: استرجاع جميع الأراضي المغتصبة، كسبتة، وامليلية، والجزر الجعفرية، مهما كلف تحريرها؛ لأن استمرار احتلالها، يسيء إلى سمعة الدولة المغربية: داخليا، وخارجيا، بالإضافة إلى تحرير الإنسان، بالقطع النهائي مع كل أشكال العبودية المخزنية، والتي يمارسها المشغلون في حق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتحرير المعتقدات الدينية، بتمكين جميع أفراد المجتمع، من الحق في اختيار المعتقدات التي يريدون، مما يساهم في تحرير المجتمع، من القيم المفروضة، قسرا، على الأفراد، وعلى المجتمع المغربي بالخصوص، وفي أي دولة، مهما كانت هذه الدولة، وتمكين جميع أفراد المجتمع، من الحقوق الإنسانية، وحقوق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق العمال.

والحرص على دمقرطة الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة، يقطع الطريق أمام الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، ويتيح الفرصة أمام إمكانية تغيير المجتمع، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بما يخدم كادحي الشعب المغربي، وكل العمال، والأجراء. وهو ما يعتبر سعيا إلى تحقيق سعادة المجتمع ككل.

أما الحرص على تحقيق العدالة، فيمكن اعتباره مدخلا للقطع النهائي، مع تركيز الثروات في أيدي ثلة قليلة من الشعب المغربي، لا تتجاوز لا تتجاوز 1 أو 2 في المائة على الأكثر، في أحسن الأحوال، من الإقطاعيين، والبورجوازيين، الذين يلهثون، باستمرار، وراء التهام كل شيء يمكن أن يستفيد منه الكادحون، بما في ذلك حقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية؛ لأن تحقيق العدالة الاجتماعية، لا يعني إلا توزيع الثروات المادية، والمعنوية، بين جميع أفراد المجتمع، حتى ينال منها كل ذي حق، حقه، لجعل كبار الأثرياء، والإقطاعيين، والبورجوازيين، يتراجعون إلى الوراء، وينكمشون على أنفسهم.

ثالثا: جعل الديمقراطية، هي المبتدأ، وهي المنطلق، من أجل التغيير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، سعيا إلى إيجاد مجتمع بديل، تتحقق فيه الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لتنفي بذلك العبودية، وتقف وراء تحقيق العدالة الاجتماعية، بالمضامين التي أشرنا إليها.

فالتغيير الاقتصادي، في عمقه، لا يعني إلا تمكن كل فرد في المجتمع، من التمتع بحقه في دخل قار، ومضمون، تجاه المجتمع، حتى يتمكن كل فرد من التحرر، من الحاجة المادية، والمعنوية، إلى الغير؛ لأن الحاجة إلى الغير، تقود إما:

ـ إلى العبودية، أو إلى الوقوع تحت طائلة الاستغلال الهمجي، خاصة وأن النظام القائم في هذا الوطن، أو في أي وطن أخر، يقوم على استعباد الشعوب، وملك رقبتها، وجعلها طيعة، قابلة بالعبودية، على أنها قدر، ليصير كل فرد من أفراد الشعب، مهما كان، وكيفما كان، عبدا، بالنسبة للذكر، وأمة، بالنسبة للأنثى.

والعبد، والأمة، يصير من طبعهما أن يكونا رهن إشارة المستعبد، الذي لا يتجاوز في مثل حالتنا، أن يكون هو النظام المخزني، الذي لا يعترف بشيء اسمه الديمقراطية، حتى يتظاهر بأنه يمارسها، من خلال اعتماده ديمقراطية الواجهة، التي تساوي اللا ديمقراطية.

أما الوقوع تحت طائلة الاستغلال الهمجي، فإنه لا يعني إلا القبول بذلك الاستغلال، مهما كانت درجة همجيته، مع القبول، كذلك، بالحرمان من كافة الحقوق الإنسانية، ومرورا بالحق في التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، بين جميع أفراد الشعب، لتتحقق بذلك الديمقراطية، بمضمونها الاقتصادي، كتعبير عن التغيير في هذا الإطار.

أما التغيير الاجتماعي، فيعني الحرص على تمتيع جميع أفراد الشعب، بالحق في التعليم، وفي الصحة، وفي السكن، وفي الشغل، وفي الترفيه، وهي حقوق تم السطو عليها، وأصبحت وسيلة للإثراء المتفاحش، تحت يافطة الخوصصةن التي تلجأ إليها الأنظمة الرأسمالية، التابعة، التي تقوم بتسليع مختلف الخدمات الاجتماعية، ببيعها إلى الخواص، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. الأمر الذي يترتب عنه: أن المواطن البسيط، إذا أراد أن يحصل على خدمة معينة، عليه أن يؤدي قيمتها. وإلا، فإنه يحرم من تلك الخدمة.

فخوصصة التعليم، إذن، يؤدي بالضرورة، إلى تدهور مستوى التعليم العمومي، وإلى خراب المدرسة العمومية. وبالتالي، فإن المدرسة الخصوصية، هي التي يمكن أن تقوم بالدور الذي يجعل تعليم التلميذات، والتلاميذ، في مستوى متقدم، ومتطور. وإلا فنحن في دولتنا هذه، وفي نظامنا المخزني هذا، علينا أن نناضل، من أجلى إلغاء خوصصة كافة الخدمات الاجتماعية، كالتعليم، والصحة، والسكن، وغير ذلك، سعيا إلى تحقيق الخدمات الاجتماعية الجيدة، المقدمة لجميع أفراد الشعب المغربي، تجسيدا للديمقراطية الاجتماعية، بمعناها الواسع.

وبالنسبة للتغيير الثقافي، فإنه لا يتم إلا من خلال العمل على تغيير القيم الثقافية المنتجة، من خلال العمل على إنتاج القيم الثقافية النبيلة، عن طريق الحرص على جعل الوسائل التثقيفية المنتجة، حاملة للقيم الثقافية البديلة، حتى يتفاعل معها مستهلكوها من البشر، الذين يتفاعلون مع القيم المحمولة في الوسائل التثقيفية، والتي تتفاعل فيما بينها، في شخصية المتلقي، سواء كانت تلك الوسائل شعرأ، أو قصة، أو مسرحا، أو موسيقى، أو غناء، أو نحتا، أو رسما، أو رواية... إلخ؛ لأن الوسائل التثقيفية المتنوعة، الحاملة للقيم الثقافية النبيلة، المتفاعلة لبناء شخصية فردية، أو جماعية سليمة، في أي مجتمع، مهما كان هذا المجتمع، نظرا لأهمية الحمولة الثقافية، في الوسائل التثقيفية.

أما بالنسبة للتغيير السياسي، فيأتي تتويجا للتغيير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، خاصة، وأن التغيير السياسي، يحتاج إلى أداة، أو أدوات سياسية مناضلة، تستطيع إقناع الجماهير الشعبية الكادحة، بالانخراط في ممارسة الضغط على المسؤولين، من أجل تغيير الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، التي ألحقت أضرارا كبيرة بالشعب المغربي، باختيارات ديمقراطية شعبية، بإشراف الدولة المغربية، بالديمقراطية العلمانية، الحريصة على تحرير الشعب من عبودية الحكم، ومن عبودية الطقوس الدينية، ومن عبودية انشداد الفكر إلى الغيب، والالتفات إلى الواقع، في تمظهراته المختلفة، والسعي إلى العمل على تغييره، بما يخدم مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والعمل على جعل الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، هي المنطلق، وهي المجرى في كل مناحي الحياة.

وبالتالي، فإن السعي إلى التغيير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، كل لا يتجزأ، وممارسته تهدف إلى جعل الواقع، في مجمله، يتغير لصالح الإنسان، في إطار التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، في أفق الاشتراكية، التي من أجلها يناضل اليسار.

رابعا: جعل التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، هدفا، ووسيلة.

والتوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، كوسيلة، يقتضي وجود برنامج حقوقي، تعمل الجمعيات الحقوقية على تحقيقه، في الأمد القريب، والمتوسط، والبعيد، كما تعمل من أجل تحقيق برنامج نقابي، الحركة النقابية في الأمد القريب، والمتوسط، والبعيد.

أما التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية كهدف، فإن البرنامج السياسي، الذي يعمل من أجل تحقيقه إلا الحزب اليساري المناضل، أو الجبهة اليسارية المناضلة، في الآماد القريبة، والمتوسطة، والبعيدة.

وعندما يتعلق الأمر بالديمقراطية، فإن الإطار العريض، والواسع، هو الكفيل بوضع برنامج حد أدنى، هو الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، التي تعمل على تحقيق برنامج الحد الأدنى، وصولا إلى تحقيق الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، على المدى القريب، أو المتوسط، أو البعيد.

لأن التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، لا يأتي هكذا، أو بمنحة ممن يسيطر على خيرات الوطن، من البورجوازيين، والإقطاعيين، بالإضافة إلى الحكم الذي يجمع بين السلطة، والثروة، ولا يفصل بينهما؛ لأن الفصل بينهما، يحتاج إلى إرادة سياسية صلبة، وإلى نضال متواصل، وإلى تضحيات لا حدود لها، وإلى إعداد مستمر، وهادف، لإنجاز المهام التي تصب في اتجاه تحقق الأهداف.

والمستفيد الأول من التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، هم العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، المحرومين من كل الحقوق، والذين يعملون بدون الحصول حتى على الحد الأدنى للأجر، من أجل أن يعيشوا، أو على الأقل، أن يضمنوا استمرارهم في الحياة.

ويعد التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، مرحلة أسمى من تحقيق الديمقراطية الاقتصادية، التي تعتبر هدفا للنضال الديمقراطي الشامل، ودعما لباقي المضامين الديمقراطية، التي تعتبر مكملة لبعضها البعض، مما يجعل تلك المضامين، متجسدة، جملة، وتفصيلا، في الديمقراطية السياسية.

خامسا: الحرص على تحقيق الاشتراكية، عن طريق العمل على بناء الدولة الوطنية الديمقراطية العلمانية، والاشتراكية في نفس الوقت، خاصة، وأن من مهام هذه الدولة، أن تكون وطنية، حتى تقطع دابر التبعية، التي أهلكت الدول التابعة، في البلدان الإفريقية، والأسيوية، والأمريكية اللاتينية، التي تقتضي أن تكون الشعوب، في هذه البلدان، سيدة نفسها، وأن تصير هذه البلدان متحررة اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، حتى يتأتى للجميع المساهمة النظرية، والعملية، في تجسيد الدولة، بالمعاني التي أتينا على ذكرها، والتي لا يمكن أن تكون إلا وطنية.

وبالإضافة إلى بناء الدولة الوطنية، التي لا تكون إلا متحررة، فإنها كذلك لا تكون إلا ديمقراطية، حريصة على تفعيل مضامين الديمقراطية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى تعمل على جعل جميع أفراد الشعب، يساهمون في مجالات الحياة، وحتى تطمئن الجماهير الشعبية الكادحة، على مستقبل الإنسان في هذا الوطن.

وإلى جانب تحقيق وطنية الدولة، وديمقراطيتها، فإن من مهام هذه الدولة، يجب أن تحرص على الممارسة العلمانية، في علاقتها بالمجتمع، الذي يجب أن يصير علمانيا، بفرض احترام تعدد المعتقدات، والمذاهب، وبدون أن تعتبر الدولة نفسها متبنية لأي معتقد، أو لأي مذهب، بل يجب أن تكون فوق المعتقدات، والمذاهب التي تصير متساوية فيما بينها، أمام الدولة، وأمام المجتمع، في نفس الوقت، حتى لا تصير الدولة المغربية إسلامية، أو مسيحية، أو يهودية، وحتى لا تتمذهب بمذهب معين، سواء كان إسلاميا، أو مسيحيا، أو يهوديا، ومن أجل أن نسعى جميعا، إلى تحرير الدولة من مختلف المذاهب، ومن مختلف المعتقدات، خاصة، وأن علمانية الدولة، لا تهتم إلا بوقوع ذلك، أي بعدم نعت الدولة بأي دين، أو بأي مذهب. وإذا تم نعتها بأي دين، أو بأي مذهب، فإن علمانيتها تصير في خبر كان.

والدولة العلمانية، لا تحافظ على كونها دولة علمانية، إلا بإشراكها في التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، ولأن المساواة بين المعتقدات، يقتضي من الدولة، الإقرار بالمساواة بين النساء، والرجال، مما يجبرنا، مباشرة، على ضرورة قيام الدولة بالإشراف على التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، التي لا تعني، في العمق، إلا تحقيق الاشتراكية، التي هي المبتدأ، وهي المنتهى، إذا أردنا بناء مجتمع مستقر، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

وأي دولة، لا يمكن أن تصير وطنية ديمقراطية علمانية، إلا بقرار سياسي، يتخذه الشعب الذي يكون سيد نفسه، ولا تتخذه الطبقة الممارسة للاستغلال المادي، والمعنوي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، كما لا تتخذه الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي؛ لأنه ليس من مصلحتها، أن تكون الدولة علمانية، خاصة، وأنها تستغل الدين الإسلامي، لتضليل المواطنات، والمواطنين، ولتضليل الشعب، حتى تستفيد الأحزاب المؤدلجة للدين، أي دين، وللدين الإسلامي بالخصوص، لأن أدلجة الدين الإسلامي، تزدهر في الدول التي تصف نفسها بالإسلامية، الأمر الذي ترتب عنه، كون هذه الدول، صارت معدة للإرهابيين، ومصدرة لهم، وممولة للإرهاب عبر العالم، من خلال تحويلها للإرهابيين.

وهكذا نجد أن أخذ الدول بعين الاعتبار، أنها تتطور، وباستمرار، من خلال تجنب الدولة إنتاج الفساد، بأنواعه المختلفة، وبناء الدولة على أساس التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، وجعل الديمقراطية هي المبتدأ، وهي المنتهى، وهي المنطلق من أجل التغيير، في مستوياته المختلفة، وجعل التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، هدفا، ووسيلة، والحرص على تحقيق الاشتراكية، عن طريق العمل على بناء الدولة الوطنية الديمقراطية العلمانية، والاشتراكية في نفس الوقت.

ذلك أن التطور المؤسس، يقطع الطريق أمام احتمال التراجع إلى الوراء، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، واعتماد الأسس الصحيحة، والسليمة في التطور، يحمي الإنسان، ويحمي المجتمع، ويحمي بناء الدولة الديمقراطية الوطنية العلمانية، ويفسح المجال أمام الاستمرار في التطور، ومن بابه الواسع.

ومعلوم أن المجتمع المحكوم بالديمقراطية، والتقدمية، والعلمانية، من الباب الواسع، لكل ذلك، لابد أن يضمن استمرار تطور الإنسان، وتطور المجال، في تفاعلهما، في نفس الوقت، مما يؤدي، بالضرورة، إلى تكريس التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كوسيلة، وكهدف في نفس الوقت، سعيا إلى حماية الدولة، وتحصين مستقبل الإنسان في محيط الدولة، وفي تفاعلها مع باقي الدول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي