الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الويل لأمّة ثقافتها ظلاميّة كافرة بكلّ نور.

اخلاص موسى فرنسيس
(Eklas Francis)

2020 / 7 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المظاهر شيء، والمخابر شيء آخر.
عندما يكون الإنسان مجرّدًا من إنسانيّته، ويحمل نفساً رخيصة يتّجه دائما إلى الازدواجيّة في التعامل والخطابة والحياة اليوميّة.
إنّ الأقنعة التي ترتديها شريحة كبيرة من البشر تحتاج إلى منشار ليس للخشب بل لنشر العقول الجرانيتيّة التي لا بصيص فكر فيها.
إنّ الأقنعة التي يرتديها السياسيّ هي تعبير عن ابن الشارع والشحّاذ ومرتادي المقاهي والملاهي والخمّارات، وأندية القمار.
أمّا أقنعة معظم رجال الدين فهي عبارة عن عمامة أو ثوب كهنوت أو ما شابه. منذ نهايات القرن العشرين، ودخول عالم الإنترنت والمعلوماتية أصبح من السهل ومن البديهيّ وبكبسة زر أن نحصل على المعلومة التي نريدها، وعلى المصطلحات التي كانت خافية على عامّة الناس، والأميين الذين يتّكلون في عبادتهم على المنابر، حيث جعلوا ثقتهم بلا حدود في هذا الرجل الذي يربّي ويرتّب لحيته، ويمسك الخطاب الدينيّ في يده مهما كان نوعه وملّته، ويتوجّه نحو المنصّة، يشهر خطابه، ويغذّي النفوس الضعيفة التي ترضخ لأيّ خطاب دون فكر، ظنًّا منها أنّها بين يدي ممثّلي الله على الأرض.
هنا يأتي دور الراعي الذي حسب مأربه الشخصي ومصلحة القيادة التي ينتمي إليها، فيبدأ في قيادة هذا القطيع مستخدمًا لسانه المنمّق.
كتاب الله في يده سلاح فتّاك، يبدأ بقوله تعالى، وقال الكتاب، وقال الله، ومن يجرؤ أن يكذّبه؟ فكلّ مصائب القوم أنّهم ناقشوا، أو شكّوا، أو لم يشكروا ذلك الذي بسوط العدل ينتظرهم عند زاوية دور العبادة، ليجلد بالويل والثبور كلّ من لم يقدّم له الولاء الأعمى لتقديمه بدوره لمن ينادي باسمه، وهنا يأتي دور القطيع بالارتماء والانحناء حيث في التواضع قوة، وفي الانحناء رفعة، وفي السكوت أجر، وفي العذاب ثواب، وفي الضعف إيمان، والويل من يسال تلك المشيئة الخفيّة القويّة، وذلك الجبروت القابع في قبّة دار العبادة، وفي يد رجل الدين الذي يمتلك الأيفون والمرسيدس والفيلا والخدم والحشم والأسهم في الأسواق المالية العالمية، ويحرّم على غيره ما يحلّل لنفسه، متمتمًا بشعائر أكل الدهر عليها وشرب.
لا أمل في تقويم ذنب الكلب، بل تقويم ذنبه أسهل من تقويم رجل الدين الذي يتاجر بالمقدّسات دون رادع من ضمير وإيمان.
ليس هذا فحسب بل هناك مثيله في عالم الثقافة، فالمثقّف الذي يبيع ضميره، ويعيث الفساد باسم الثقافة، والثقافة براء منه، يقود المجتمع إلى التهلكة.
إنّ المثقّف ورجل الدين كلاهما سلاحان في يد السياسة.
إذا فسد المثقّف فمن يرفع شأن الأمّة؟ وإذا سقط رجل الدين فمن يحاسبه، ويعيده إلى صوابه غير الثقافيّ.
هنا يأخذ السياسيّ راحته في الفساد تحت غطاء الشرعيّة الثقافيّة والدينيّة.
القلم هو سيف الحقّ، هو صوت الذين لا صوت لهم، هو البوابة التي تفتح أمام نهضة الأمة، هو النور الذي يتبعه من في ظلام الجهل لبناء مستقبل نيّر.
المثقّف إن سقط سقطت معه الأمّة، فالويل لأمّة ثقافتها ظلاميّة كافرة بكلّ نور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحال
نيسان سمو الهوزي ( 2020 / 7 / 21 - 11:51 )
سيدتي هذا هو حال الأمة العربية والإسلامية تماماً ! لا ومنذ الاف السنوات ولازال التقدم الى الامام بنجاح منقطع النظير ! لا بل قد يتفوق على الماضي في الكثير من الامكنة !
ولا امل او بارقة ضوء في اي نفق او شارع للخلاص !
الصبر ولَك الصبر .

اخر الافلام

.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف


.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب




.. مأزق العقل العربي الراهن


.. #shorts - 80- Al-baqarah




.. #shorts -72- Al-baqarah