الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحراك الشعبي والصراع الايديولوجي

احمد طاهر كاظم
باحث واكاديمي

(Ahmed Tahir Kadhim)

2020 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


الحراك الشعبي والصراع الأيديولوجي
قد ابتلى الله الشعوب بالجبابرة والطغاة على مر تاريخ البشرية فكان للإنسان خيارين اما ان يرضخ للظلم والطغيان او يرفض ذلك القهر فانفجرت الثورات والاحتجاجات فإطاحة بعروش الظلمة, فهؤلاء الجبابرة هم فيروسات طورت نفسها لتتكيف مع التقدم الحضاري بأغلفة هي ( الإيديولوجية ) , بما أن نظرية الاستعمار لازالت قائمة في العالم لكنها اتخذت أشكالا متعددة وجديدة من اجل السيطرة على مقدرات الشعوب وثرواتها وجعلها أسواقا جيدة لمنتجات الدول الاستعمارية ولعل ما يؤكد حديثنا هذا المؤلفات المدعومة من البنتاغون الامريكي وجهاز الاستخبارات CIA امثال "كتاب نهاية التأريخ والإنسان الأخير للعالم الأمريكي فوكوياما" "بعد نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945" الذي أثار جدلاً كبيرا في الأوساط العالمية , و هي محاولة الإدارة الأمريكية صنع "التابو" الحديث بأطار علمي من شأنه ان يكرس عبودية الشعوب ويشل العقل البشري, كذلك المؤلف الآخر للعالم الأمريكي "هنتنكتون صراع الحضارات" الذي قسم حضارات العالم الى 7 او 8 حضارات متصارعة يؤكد على صراع الأفكار والرؤى في مستقبل العالم . كذلك الحلم الشيعي بإقامة الدولة الإسلامية العابرة للقارات و توحيد الشعوب الإسلامية تحت راية الإسلام و الفكر الإسلامي والحد من النفوذ الأمريكي في المنطقة ... الخ .
العراق البيئة المناسبة لوجود مثل هذا الصراع لأسباب كثيرة لعل أبرزها اقتصادية وسياسية ودينية , لذا عمدت بعض الدول إلى استغلال الحراك الشعبي وتجيّره لصالحها من خلال ايدولوجياتها الخاصة مثال الدعوة الى التحرر والانفتاح و السياسات الجندرية بالمقابل نشط خط دفاع مضاد يحمل الطابع الديني الشيعي الداعية الى وجوب وحدة الصف الإسلامي والامتثال الى الشريعة الإسلامية وعدم الانجرار وراء المحرمات , كذلك نشطت ايدولوجيات أخرى دينية متعصبة متطرفة وكان هدفها نسف العملية الديموقراطية في العراق من اجل الحفاظ على مملكتها الشمولية المتطرفة القائمة على الحكم بالسيف, بين هذه وتلك انقسم الشعب العراقي بين مؤيد ومعارض للثورة الشبابية المطالبة بالعدالة الاجتماعية, حيث أصبح واضحاً أمام المتابع المختص او العادي ان يلاحظ مثل هذا النوع من الصراع في الساحة العراقية ولعل تمزيق صور رموز هذه الأيديولوجيات خير شاهد على ذلك, وهذه الأيديولوجيات لها أدواتها النافذة التي تروج لها إعلاميا وفكرياً, والتي سوف تمد من امد هذه الثورة او تعرقل تحقيق أهدافها و جعلها أكثر دموية, بما ان الشعب العراقي يعيش الديموقراطية من أوسع أبوابها والحريات الشخصية والاعتقاد الديني كان عاملاً كبيراً في ادلجة العقول او بالأحرى تصنيفها تبعاً للأيديولوجيات القائمة في العالم. المخلوقات البشرية غالباً ما تحاول استخدام الأفكار الجاهزة و التجارب الواقعية لأنها مندهشة او مغرمة بها وفيما وصلت اليه من تطور وحضارة او ما توفره من امن وأمان للنفوس البشرية أكاد اجزم ان لكل مخلوق بشري بصمة ايدلوجية في عقله فهو يفكر من خلالها وينتج أفكاره وفقاً لفحواها ويسعى جاهداً ان يكون الببغاء الجيد في كل مجالاتها هذه الحقيقة التي تعيش تحت وطأتها اغلب المخلوقات البشرية إلا ما ندر .

زمن الحروب والمواجهات العسكرية ذهب بلا عودة وحل زمن صراع الأفكار فبات من السهل إسقاط أي نظام سياسي فكريا واجتماعيا وسياسيا وعالميا ومن خلال الشعب بدون استخدام طلقة واحدة, عن طريق برمجة المخلوقات البشرية وجعلها تابعة أي ادلجتها بطريقة ذكية وإعطائها رمز أيدلوجي يصعب على البيئة الاجتماعية فك هذا الترميز العالي التشفير, ومن السهل تحريك هذه الكائنات البشرية من قبل مالكي رموزها بشكل سهل جداً, لعل الدول الكبيرة ذات الطابع التوسعي والاستغلالي بعد فشلها في السيطرة على البلدان عسكريا طورت لنفسها نظام عالي الدقة قوي التأثير بدون أدنى خسائر , فالصراع الفكري في العراق له جذور تاريخية عميقة التجذر منذ "اعلان البيان الشيوعي في مدينة الناصرية عام 1832 " وما تبعه من الحركات والثورات التي قادها القوميين و البعثيين, واخيرا سيطرة البعثيين على سدة الحكم بدعم امريكي وانهزام الشيوعيين المدعومين من السوفيت حيث عمد البعثيين على القضاء على قادة الشيوعيين بمجازر دموية في بغداد والمحافظات, ولم ينعم البعثيين بالهدوء والسكينة حيث انبثقت الحركة الإسلامية الشيعية المدعومة من إيران وقامت بثورة كبيرة الا انها فشلت بسبب القمع البعثي الدموي المدعوم امريكياً, وهكذا هو حال هذا البلد الغني بثرواته وبيئته وأرضه محط أطماع وصراع الإيديولوجيات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص