الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصي العدوان مثالا

خالد الصعوب

2020 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


ليس فقط لأن قصي الذي عرف بلقب “قصي الخير” كان وما زال مثالا يضرب في الشاب المهذب الطموح الذي تملؤه النخوة ويدفعه حب الخير ليهب لنجدة المحتاج حيثما وجد، ولا لأن سماحة وجهه جعلت من صورته مدعاة للابتسام، ولا لأن من عرفه ما زال يذرف الدمع على فقدانه حتى اليوم، بل لأن الشاب المحسن قتل غيلة ويكاد يفلت من غدر به من العقاب بحجة مرض نفسي.

القاتل ليس مريضا نفسيا ولا جسديا، وإنما هو فتى طائش يملك السلاح والمال ويسوؤه أن يكون قصي الخير محبوبا بخيره ونبل أخلاقه. كان قصي يهب لنجدة ابن خالته الذي أقدم على قتله بدم بارد ولم يكن يدور بخلده أن ابن خالته ينادي عليه نحو سيارته ليطلق عليه عشر رصاصات ويتركه ينزف في أول يوم من رمضان المبارك.

كلاهما ينحدران لعشيرة تعرف بأخلاقها الكريمة وخوفا من أن تأخذ الغضبة أهل الفقيد، منع عن أم قصي العزاء، فبقيت السيدة وحيدة، فقدت فلذة كبدها ولم تجد من يواسيها.

تعرف العشائر الأردنية بنخوتها وكرمها للغريب قبل القريب، كما تعرف بوقوفها مع الحق، ولكن عشائر بني حسن بدلا من أن تقف مع الحق وتعاقب الجاني الذي مزق قلب أم المغدور، هبت للوقوف مع القاتل فخلطت الغث بالسمين لتطالب بعطوة عشائرية. العطوة العشائرية حيث يتوسط علية القوم من وجهاء العشائر بين ذوي القاتل والمقتول حقنا للدم، ولكن قصي الخير قتل عن سبق إصرار وترصد، فلماذا لا تقف منه العشائر موقف الحق وهي التي لا تفوتها هذه؟

هل وصلت الواسطات إلى حكم أعراف عشائرية كنا لنكون أفضل حالا لو أننا ركنا إليه، وهل تتجاوز العشيرة عن حق الله الذي يقول بأن القاتل يقتل وأن من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا؟

اليوم القاتل يفلت من العقاب، باسم مرض نفسي أو باسم عطوة عشائرية أو باسم واسطة أو باسم رشوة، وماذا يحصل غدا؟ كل من يملك السلاح والمال سيجد قمة السهولة في التخلص من أي شخص لا يروق له بأن يطلق الزناد عليه وعلى مستقبله بكل استهتار ثم يلجأ لقضاء يدعي النزاهة.

العشائر الأردنية معروفة بأخلاقها التي لم يكن منها يوما خذلان مظلوم، فلماذا يخذل ابن عشيرة اليوم وهم يعلمون علم اليقين أنه قتل عن سبق إصرار وأن قاتله ارتدى النظارات الشمسية وعدل ياقة قميصه قبل أن يتلذذ بمشهد تداعي قصي، فبدأ برصاصات أطلقها على رجليه ليشل حركته ثم صعد لينهي على جسده الفتي.

قصي العدوان ليس ضحية غدر من يأكله الغل ويحرقه الحسد فحسب، بل هو ضحية غدر عشائر سامحت بدم المقتول لتحقن دم القاتل، عفت عن دم المظلوم لتدعم الظالم، وغدر قانون أحال القاتل للطب النفسي وهو يعلم أن مرضه ليس في عقله وإنما في قلبه. قصي العدوان ضحية غدر مجتمع نسي أمره غافلا عن أن التهاون في إزهاق روح بريئة لا لشيء إلا لطهرها سيؤدي لنشر الأرواح الحائرة وتلك الكريهة.

لن يعيد الحق المتوفى ولكنه بالتأكيد سيبره في رقدته وقد علم أن ما أصابه لن يصيب غيره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا