الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سرًاق الثورة بين النموذج الروماني والنموذج العراقي

احمد طاهر كاظم
باحث واكاديمي

(Ahmed Tahir Kadhim)

2020 / 7 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


من الثورات الحديثة التي سرقًت في بدايتها الثورة الرومانية عام 1989, حيث ثارً الشعب الروماني على النظام الديكتاتوري الظالم والذي كان يترأسه الديكتاتور ((نيكولاي)) وهو كان صديقاً للدكتاتور العراقي (صدام ) , حيث تمكن الثوار من إسقاط اعنف طواغيت الأرض في عصرنا وأمام الشعب وفي ظرف ساعات حوكم الطاغية واصدر الحكم بالإعدام رميا بالرصاص وكان الشعب الروماني تغمره الفرحة محتفلاً بهذه المناسبة التي يراها عظيمة, لكن لم تستمر هذه الفرحة طويلاً.
لم تكن معاناة الشعب الروماني مصدرها الرئيس فحسب بل كانت أجهزة الدولة الأمنية والإدارية والسياسية وموظفوها المتجذرين في جميع أركان الدولة وهو ما يسمى بــــــــ(الدولة العميقة) بسبب سذاجة الثوار وعدم امتلاكهم رؤية فكرية وسياسية تتناسب مع حجم التحديات بعد الثورة ركب موجة الثورة الانتهازيون الذين يعودون لذات المؤسسات العميقة التي ذكرناها سابقاً , فظهر احدهم كقائد بواسطة الإعلام وظهر بوجهين مختلفين الوجه الظاهر يمتدح الثوار والوجه الثاني أشاع الانفلات الأمني والقتل والسلب حيث لم يسلم الناس في بيوتهم من القتل والسرقة, وهذه الأعمال متعمدة تقوم بها أجهزة الديكتاتور المعدوم سراً,ليس هذا فقط بل عمدوا على تدمير البنية التحتية وروعوا الناس ورفعوا أسعار السلع والمواد الغذائية ومنعوا الخدمات العامة حتى أصبح المواطن حائراً كيف يعيش, إضافة الى الشائعات التي ينشرها الإعلام الحكومي لتعظيم إرهاب الناس, ورويداً رويدا حتى إنهم وجهوا أصابع الاتهام الى الذين عارضوا النظام الديكتاتوري وكافحوا لسنوات بأنهم يتلقون أموالا من الخارج وإنهم يقفون وراء الانفلات الأمني والنقص الخدمي وبسبب الظروف الصعبة التي يعيشها المواطنون الرومان صدقوا هذه الإشاعات,وعندما ترسخت الشائعات لدى المواطنين وجهت الأدوات الإعلامية فوهاتها مرة أخرى الى المواطنين داعية للقضاء على الثوار (الخونة) كما اسماهم ومن باب اخر استدعى الرئيس الانتهازي عمال المناجم وسلحهم وأمرهم بقتل الثوار, فقتلوا المئات من الثوار واعتدوا على منازلهم ولم تنتهي القصة بعد.
زمرة المجرمون القتلة أطلق عليها الرئيس الانتهازي بـــــ "جبهة الخلاص او الإنقاذ الوطني" وهي تتكون من الصف الثاني لقيادات الحزب الشيوعي المنحل , فأطلقت الجبهة أنفة الذكر العنان إلى لأعضاء النظام البائد او النظام المنحل فوسعت نطاقها الجماهيري وكسبت السذج وأعلنت انها لن تشترك بالانتخابات وانها غير مبالية بالسلطة إلا أنها كذبة أخرى, فأسست لأسم الحزب الجديد بأيديولوجية القديم ففازت بالانتخابات ومثلت الأغلبية البرلمانية وشكلت الحكومة والنظام وأعطت صلاحيات كبيرة للسلطة التنفيذية, لذا أجهضت الثورة وانتصرً الطغاة بسرقة الإرادة الثورية وحكموا البلاد والثوار الحقيقيين تطاردهم السلطات وفقدوا التعاطف الدولي والشعبي وعادت الديكتاتورية بثوب جديد .
اذا ما قارنا ما حدث في رومانيا عام 89 وما حدث في العراق عام 2003 النموذج الروماني والنموذج العراقي قد يكون متطابق الى درجة كبيرة مع فارق الاحتلال الامريكي ,لأن الثوار العراقيين الذين ناهضوا النظام الديكتاتوري لعقود طويلة على اختلاف قومياتهم وانتمائاتهم وعقائدهم لهم رؤية استراتيجية في تاسيس الدولة لكن تصفية قادتهم المفكرون أمثال "اية الله محمد باقر الحكيم" و المفكر الاسلامي لحزب الدعوة "عزالدين سليم" وغيرهم من المفكرين حال دون نجاحهم, حيث ابقوا على السذج المتلونون بألوان الأيديولوجيات واللاهثين خلف المال, اذ رميت لهم العظمة فتسابقوا للحصول عليها ومهما كان الثمن فكانت الأموال سائبة و بلا رقيب ومن السهل سرقتها فابتلعوا العظمة , من جهة اخرى كانت جميع الوزارات تدار من قبل موظفي أجهزة صدام بحجة لديهم خبرة ولا احد يتمكن من إدارة هذه الملفات غير هؤلاء الا ان الحقيقة غير ذلك تماماً , لعبت الأجهزة المنحلة على شيوع الفساد والتعامل بالرشوة مع المواطنين, حتى بعض رجال الأعمال هم من تلك الحقبة المنحلة فالمقاول يستلم العقد ويبيعه على اخر وهكذا وهذا كله مقصود بالفعل, على الصعيد الأمني عمدت جماعات إرهابية ومتطرفة تابعة لفدائيي صدام والحرس الجمهوري و مدعومة من دول سنية تنفذ عمليات الاغتيال والتفجير والقتل والتهجير وهذه العمليات المقصودة التي جعلت المواطن يواجه الموت والجوع ونقص الخدمات لمدة 17 عاماً لديه الحق في الانتفاض ضد الوضع المأساوي الذي أنهك حياة المجتمع برمته.
انفجرت ثورة تشرين 2019 في العراق بسبب المآسي التي ما عاد باستطاعة المواطن العراقي تحملها راغباً في الإصلاحات الحقيقية فكانت ثورة شبابية كبيرة لكن سرعان ما تحركت الماكينة الإعلامية الولائية السعودية في تأجيج الوضع وجعله أكثر دموية, وبعد تنصيب رئيس وزراء جديد لم ينصف الثوار بل أكرم الأدوات الإعلامية المحرضة ملا طلال ونبيل جاسم بمناصب حساسة فأصبحوا (بوقي السلطة) ولازال الثوار في الشوارع يطالبون بالإصلاحات ويقتلون , ويوم 26 - تموز 2020 تعرضوا للقمع واستشهد منهم 6 وتستمر المعاناة وتسرق الثورات ويبقى الفقر جليس البسطاء هكذا تسرق الثورات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار