الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شمس العالم علام تُحوّل لطاقة كهربائية، وشمسُنا تُحرقنا

وليد خليفة هداوي الخولاني
كاتب ومؤلف

(Waleed Khalefa Hadawe)

2020 / 7 / 28
الصناعة والزراعة


في النجف الاشرف، تخرج النار من شقوق الأرض، وفي بغداد في السيدية، التراب يغلي والحرارة تصعد الى السماء تغلي كالمرجل، الحرارة تتجاوز الخمسين درجة مؤية في العراق مخازن السلاح تتفجر، حرائق تأتي على الأسواق والمخازن. الناس تغلي، تتفجر من الداخل فالحرارة لا ترحم، لو نأتي بكل من استلم ملف الكهرباء، وكل من نهب أموال الكهرباء، وكل من أعاق صرف الأموال لتوفير الكهرباء، بحسن نية او بسوء نية، وننصب لهم خيمة في السيدية، فوق التراب الذي يغلي في هذه الأيام الحارة ونتركهم بلا كهرباء، كي نشعرهم بمعاناة الناس، وآلامهم واحزانهم.
في النزاهة في التعليم، في مستوى الدخل، العراق في ذيل القائمة، لكنه في الفساد وفي درجة الحرارة وفي البطالة هو الأول او في المراكز الاولى على العالم. ولا نعلم ونحن نعيش منذ 17 عام ومررنا ميزانيات انفجارية تجاوزت المائة مليار دولار سنويا. دون ان تُوفر كهرباء وطنية للناس.
من البديهي ان لا يشعر المسؤولون بالحر الشديد، فلديهم المكيفات والتيار الكهربائي الذي لا ينقطع، وان انقطع فهنالك المولدات العملاقة التي تعمل على مدار 24 ساعة ان تطلب الامر ذلك.
وردت كلمة الفساد ومشتقاتها في القران الكريم (50) مرة، ومعناها يشمل أنواع الفساد المالي والسلوكي والأمني إضافة الى الكفر وإساءة العلاقة مع الله.
ان السبب الرئيسي لعدم كفاية الكهرباء في العراق هو الفساد، يقول الله في كتابه الكريم ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ الرعد (25). الم يؤدي المسؤولين القسم بأن يصونوا الأمانة، اليس أموال الشعب ومشاريعه امانة بأيديهم. هل من المعقول ان نرجع كل عام لنكتوي بحر الصيف، المصيبة ان الفاسدين يعيشون في الأرض فسادا، لا يسمعون صرخات الثكالى، ولا صيحات الفقراء، ولا أنين المرضى، مات عندهم الضمير ومات الاحساس، فلا يخشون الله، ولا يستحون من الناس. فهم كما يقول فيهم الله في سورة الاحقاف "وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ (13) " لقد تسلمت مسؤوليات وكنت اصرف بحدود 300 مليار دنبار سنويا للشركات والمقاولين، يعلم الله أنى لم ادخل في جيبي من هذا المال ولو دينار، ولا زلت اسكن دارا بالإيجار، والله أنى لاحتقر الفاسد، واني لأجد الدنيا بجمالها وبهرجها تساوي عندي صفرا. اين يذهب الفاسدون بمالهم إذا بلغت الروح الحلقوم، ولماذا يتسابقون على المال الحرام ورواتبهم تكفيهم. الم يعتبروا بما آل اليه قارون، الذي لا يستطيع الرجال من حمل مفاتيح خزائنه، فبغى واستعلى، حتى عاقبه الله، قال تعالى: (وخسفنا به وبداره الأرض)، لكنه داء، ما له دواء الا القبر.
وللشاعر أسامة بن منقذ في الفساد:
فخف الله فما يخـ ـفى عَلَيْه منهُ سرُّ
يجمع الظالم والمظـ ـلومَ بعد الموتِ حَشْرُ
أَوَ مَا ينهاكَ عن ظُلـ ـمك موت ثم قبر
بعض ما فيه من الأ هوالِ فيه لكَ زَجْرُ.
ويقول الامام الشافعي
إِذَا مَا ظَالِمٌ اسْتَحْسَنَ الظُّلْمَ مَذْهباً وَلَجَّ عُتُوّاً فِي قبيحِ اكْتِسابِهِ
فَكِلْهُ إلى صَرْفِ اللّيَالِي فَإنَّها ستبدي له مالم يكن في حسابهِ
فَعَمَّا قليلٍ وَهْوَ في غَفَلاتِهِ أَنَاخَتْ صُروفُ الحادِثَاتِ بِبابِهِ
فَأَصْبَحَ لا مَالٌ وَلاَ جاهٌ يُرْتَجَى وَلا حَسَناتٌ تَلْتَقي فِي كتَابِهِ
وجُوزيّ بالأمرِ الذي كان فاعلاً وصبَّ عليهِ الله سوطَ عذابه.
ان ما أنفقه العراق في قطاع الكهرباء منذ 16 عام يبلغ 60 مليار دولار، هذا لغاية عام 2019 حسب وكالة يقين للأنباء، ولا زلنا نستورد الكهرباء بالدولار، ونستورد الغاز الذي يشغل محطات الكهرباء بالدولار، وهذه الملايين من الدولارات التي نستورد بها، ما ضرَّ لو انفقناها لعمل مصانع لإنتاج الغاز، ونحن بلد نفطي، وأين وعود سيمنس وتصريحات المسؤولين في بناء الطاقة الكهربائية. لقد تقدمت مصر 68 مركزا في 5 سنوات بالعمل مع شركة سيمنس.
علام الشمس الحارقة في العالم تقدم طاقة كهربائية، وشمسنا تحرقنا، علام تنفق الدول ربع انفاقنا من الأموال لتنتج 4 اضعاف ما ننتج من كهرباء. ويستورد العراق الغاز لتشغيل محطاته الكهربائية، بينما يمتلك مخزونا يقدر ب131ترليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي ويحل بالمرتبة 11 عالميا، ويحرق يوميا 700 مليون قدم مكعب.
والله ان الالم والحسرة والمرارة لتملأ القلوب، ومن اين لوزارة الكهرباء ان تسد الحاجة المحلية من الكهرباء إذا كان الإنتاج الفعلي اقل من الحاجة المطلوبة. ان المواطن لا يقتنع بالتبرير أي كان شكله ونوعه، فهو يحسب عشرات المليارات من الدولارات التي انفقت، ولا زال بدون كهرباء. وما قيمة المسؤول بدون انتاج لمسؤوليته.
فإذا كان الكثير من الناس عاطلين عن العمل، وليس لهم راتب او دخل، سواء بالقطاع العام او الخاص، فدعوهم يناموا على الأقل على هواء المروحة وذلك أضعف الايمان. فاذا كانت تنويمه الجواهري- رحمه الله - يخاطب العاطلين (الجياع) عام 1951بالقول:
نامي جياعَ الشَّعْـبِ نامي حَرَسَتْكِ آلِهـة ُالطَّعـامِ
نامي فـإنْ لم تشبَعِـي مِنْ يَقْظـةٍ فمِنَ المنـامِ
نامي على زُبَدِ الوعـود يُدَافُ في عَسَل ِ الكلامِ
نامي على نَغَمِ البَعُوضِ كـأنَّـهُ سَجْعُ الحَمَامِ
وتغازلـي والنَّاعِمَـات الزاحفاتِ من الهـوامِ
والشمسُ لنْ تُؤذيكِ بَعْدُ بما تَوَهَّـج من ضِـرَامِ
لكن كيف ينام من تغلي الأرض تحته، وتتوهج الشمس فوقه، فيسلب الضرام راحته، ويفقده المرض عافيته، ليله حار مظلم، ونهاره نار لا ترحم، كيف ينام، سوى بقدرة الله، فهو ربُ من ليس لهم ربٌ سواه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي