الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سهد التهجير /11

حسام جاسم

2020 / 7 / 30
الادب والفن


تسلق الباب و عبره ليدخل ملثم الوجه
صوت الهمس يلملم نفسه قبل ايقاظ العائلة
بأطراف اقدامه رحلت الريح لمستقرها و هاج اللهث عليه
صرخت قسومة عاليا و تبعتها صرخة مكتومة خافته سرى بعدها الضحك عاليا
هرعت العائلة لتجد قسومة مع الملثم في تعانق مستمر و اندماج لآخر قطره لزجه من الآهات الخارجة من الفم
تجمهر المؤجرين أمام المطبخ الذي انبعثت منه الصرخة
جاءت سهومه بملابس نومها و انهالت بالضرب على المثلم و هو يصرخ
ابعدتها قسومة جانبا
صرخت سهومه : من انت ؟ اخلع اللثام ؟!!!
فقالت قسومة : انه ( روهكوره هارا ) زوجي أتركينا نتمتع .

خلع ( روهكوره هارا) اللثام وسط ذهول الحاضرين
ضحكت سهومه و انصرف الجميع إلى غرفهم

- من الذي أتى بك إلى هنا .

- أقدامي يا قسومة .

- أقدام الندامة يا ابن هارا .

- لقد هربت من العسكر لن أتركهم يأخذونني الى الحرب .

- و هل توجد حرب في البلد الأن ؟!!!

- توجد حرب كبيرة تدخلت فيها دول الطبقات العليا تحاول إسقاط النظام المحلي في وطننا .

- ما السبب ؟!!

- سقوط أسهم النفط .

- و ما علاقتنا به هذا أمر اقتصادي عام .

- كيف إذن تنعش الدول العليا اقتصادها ان لم تأخذ ثروات الدول المتوسطة و المهمشة الواقعة تحت سيطرتها؟ !!!

- اترك السياسة يا متلاصق العينيين .
إلى متى ستهرب ؟


- إلى أن يسقط النظام .

- هههههههه و متى ذلك ؟

- غدا .

- و هل ستشدو الشمس بالانغام ام يخرج القمر للرقص ؟

- اريد قبله المساء من منطقة الصدر .

- لا صدر لدي بعته للرضاعة في غيابك
لأطفال المنطقة .

علاقة غريبة تجمع بين قسومة و روهكوره فهو دائما ما يهرب من العسكر و قضى عمره بالاختباء
تاركا قسومة و طفلها ( عبيده ) بين نيران الفقر و ترويض المؤجرين بالرقص و السكر .

العائلة تنظر و لا تتحدث و لا تبدي رأيا ينعكس سلبا على مصيرها .

مرت الايام و لا زال الوضع قائما

رجعت سهومه للبيت في الفجر حامله معها الوجع الجسدي و النفسي من أصابع الأثرياء و قرفهم
تتكور خلف اخواتها لعلها تخفي الأنين !!!
تمسك غطاء النوم الخشن و تسحبه لتلملم الردفين و الابطين .

لا تستيقظ في يوم الاجازة الا على صوت الجوع او العطش
لتستعد بعدها للقيام بواجبها اتجاه الطبقة العليا

تقاوم امل عمليات الحبس المنزلي بالعصيان المدني و ترك البيت دون تنظيف
تصرخ قسومة و لا شيء ينفع الا تركها تخرج للقاء الاحبة على رصيف الصيف الحار
تطرق الأبواب عند الواحدة ظهرا و تجمع الأموال من عرق جسدها المثير
لا شيء يهم
فلتعبث الأجساد بجسدها
و لتغضب الالهة عليها .

جميع الإلهة تشعر بالغيرة من الجسد الحر و ملكية الأعضاء المتصلة بالإرادة الحرة المنفردة
لا توجد للإلهة جسد و قوام بل إنها منسيه مخفيه لا يتم إدراكها الا أثناء الطقوس الغريبة التي تداخلت و انشطرت عبر الحقب الغابرة إلى الأن عن طريق معتنقيها
لذا الغيرة امر مشروع و لا يتصوره انسان رغم أن أعماقه تحدثه بذلك
( انت المالك لجسدك و عقلك .....)
لكنه يخاف من الصراع
الا ان تتبعثر حياته الواقعية
فينقسمون أثناء الصراع
فالبعض منهم يعود إلى تحقير جسده لإعلاء شأن الإلهة و قيمتها السببية لإيجاد ذلك الجسد و بأن قيمته من قيمتها او بأنه جسد لا يملكه صاحبه بل تملكه هي !!!!!
و البعض الآخر يتصور بأن جسده و الاله كيان واحد فهو الذي خلق و هو الذي سير و ملك العقل و الروح
و من يملك العقل و الروح يسطر على الجسد
وحدة ثلاثية (عقل و روح و جسد ) تطبع الإلهة عليها الغيرة و التحكم اللاإرادي دون منطق بل يقول المعتنقين بأن الإلهة تريد ذلك و نحن سننفذ !!!
او يعتريهم التبرير و إيجاد الحلول لصحه النظرية والتطبيق و الدفاع عنها و الموت في سبيلها
كيف يدافع شخص ما عن المالك لقراره و المتحكم بمصيره
هل يحتاج المتحكم و المالك للمصير ان يدافع عنه او يموت في سبيله أحدا ما ؟ !!!!
و هل يستفاد المتحكم و المالك بهذا الدفاع الشرس عنه ؟ !!!
و هل يتحمل كل هذة الدماء ؟!!!
لا تتحمل الإلهة كل هذة الآثام القادمة بسببها بل ترميها نحو الشيطان بدلاً عنها
فهي قمه الطهارة و قمه الصفاء و النقاء في حين طقوسها تثبت عكس ذلك
تكشف الإلهة انيابها الخفية و تتعرى أمام المنفتحين الكاشفين للزيف و لعبه الطاعة
الا انها تتذكر بأنها لا تملك جسد كي يعرى
فتتسرب الغيرة لديها و تقضم باسم المعتنقين و الشياطين حرية الجسد و ملكية الأعضاء
بل تشدد العقوبات على الإرادة الحرة المنفردة تحت مسمى تشوية الأعضاء اما قطعها او صلبها من خلاف أو إزالتها بعمليات الطهارة و الختان
( كيف تتطهر الأعضاء الكاملة المستقلة بالتشوية و القطع؟!!!!
ما دخل الإلهة بعمليات تشوية الأعضاء الجنسية للأطفال من كلا الجنسين !!!
من يتحمل الألآم و عذابات النفس لملايين الأطفال ؟!!!)

اما المتحررين من سلطه الإلهة عقليا و روحيا
لا يمكن أن تسيطر عليهم الإلهة جسديا مهما حدث
فالتحرر العقلي و الروحي لديهم سبقه سحق الخوف من المجهول
و قمه الخوف هو الخوف من المجهول و حينما يصبح المجهول عاديا او واضحا يختفي الخوف و معه ظلال الهالة المقدسة
لكنها رحله طويله و ستطول أكثر يدفع ثمنها بالدم و التشويه عقليا و روحيا ليمتد التشوية جسديا ايضا
فالمعارضة الحرة تلحقها عمليات تشويه جسدية لإسكات عقولهم عن التفكير و الابداع .

سهومه غائبة الان و في وسع قسومة اداء طقوس الانس الا ان عائلة المعارضة المتمثلة بالأم و الاب و الطفلين تمثل خطرا على مخطط جني الأموال من الانس .
فالعائلة رفضت الاشتراك و رفضت السكوت .
و لا خيار لقسومه سوى اعلان الحرب و طرد العائلة بآي ثمن كان
و قد كان
قامت بتضييق الخناق على العائلة و سحبت الصلاحيات المتاحة لهم داخل المنزل
و عندما فشلت تلك الخطة لجأت إلى استماله الاب لممارسه الجنس و طلبت منه ذلك
لكنه رفض العرض
فأعلنت قسومة الحرب دون هدنه و بدأت بضرب الأم و سحلها على ارضيه المنزل
قامت الام بالدفاع عن نفسها و عن أطفالها الذين تم سحبهم لجهة أخرى من قبل اخوات قسمومه و اخذوا يضربون رؤوسهم بجهاز التبريد .

طردت العائلة سحلا و خنقا من المنزل و رميت ملابسهم و اغراضهم خارجا
و اجتمع اهالي المنطقة حول المنزل لمشاهدة مباراة الحرب دون تدخل !!!!

الشعب من الطبقة المتوسطة يرتاح نفسيا لرؤية المشاكل المنزلية عند خروجها خارج نطاق المنزل الخاص الى فضاء الشارع العام
انها دعوة لا تفوت
فرصه سعيدة للمشاهدة
يتجمهرون حول المعارك المنزلية لرؤية تفاصيل أكثر

فالشعب في الطبقة المتوسطة يتمتع بخصوصية داخل المنزل على عكس الطبقة المهمشة التي تمتزج فيها افراد العائلة الواحدة مع المجتمع العام
لذلك ظهور المشاكل الداخلية لمنزل ما مدعاه للمشاهدة و الاستمتاع دون تدخل لفض النزاع بين الأطراف المتشابكة .
و كذلك لا تتدخل الشرطة في الحوادث الداخلية للمنازل بل يتم سجن الشاكي طلبا لإنقاذه !!!!

أصبحت مسرحية و صاله حربية
لجأت الأم بأطفالها نحو بيت عائلتها القديم الذي خرجت منه سابقا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا