الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث الاربعاء

سليم نزال

2020 / 7 / 31
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


اعتقد انه كلما مضى الانسان فى رحلة العمر تتغير كثيرا نظرته الى الكون و الى الكثير من المفاهيم التى كان يظنها لا تتغير .لا ادرى ان كان المرء يقوم بشكل واع بمراجعات او ان الامر ياتى بصورة طبيعيه . تتغير الاولويات فى المقام الاول .فى الحوارات مثلا يصبح الحوار مغامرة عقليه جميلة بدل ان تكون حربا كلاميه لاثبات الذات .لا يعود المرء اصلا بحاجة لاثبات الذات و الحصول على الاعتراف من احد .اذ يكون قد تخطى تلك المرحلة و صار ىضع سياجا حول الكثيرة من الحوارات التى لا تقدم و لا تؤخر .

لا اذكر من قال ان الشعور بثقل العمر يبدا عندما ينشغل المرء بالماضى اكثر من انشغاله بالحاضر .و قد سررت لقول صديق زرته الاسبوع الماضى و هو قد تجاوز الثمانين انه يفكر ان ينتقل ليسكن فى لندن بعد عام .هذا النمط من التفكير يعجبنى لانه يدل على عقل يعمل و امال للمستقبل .لكنه سالنى سؤالا صريحا ان كنت اعتقد بوجود حياة اخرى فلم اجب . كل ما قلته انى امل بذلك لكنى لا اعرف .و هو على كل حال هذا سؤال شغل البشر منذ ان بدوا يدركون محدوديه حياتهم .اعتقد ان الاسئلة الصعبة من هذا النوع تنتمى الى منطقة الاعتقاد و ليس لمنطقة العقل .و صراع العقل و الاعتقاد صراع تاريخى لم يخلو منه دين واحد من الاديان .بل سمعنا و قرانا عن شخصيات دينيه على مستوى كبير انشغلت بهذا لسؤال المحير .

لكن المشكلة ستبدا عاجلا ام اجلا ان تمكن الانسان من صناعة انسان اخر و هو امر بسبب تطور علم الجينات صار من الامور المفكر بها علميا .و قد سمعنا عن الاستنساج الذى شكل البداية و كان قفزة كبيرة فى هذا الامر .لهذا اعتقد ان المرحلة القادمة من عمر البشريه ستكون مرحلة قد تغير كل نظرتنا تماما الى الكون .انا اناقش هذا الامر ليس من زاوية الاعتقاد لان هذا امر يتعلق بايمان الشخص بل من زاوية الممكنات العلميه التى وصل اليها الانسان .و لعله يوجد ابحاث علميه قد لا نكون مضطلعين عليها بالضرورة لانها تحاط بسريه كبيرة فى مراكز ابحاث فى الدول الكبرى .

نيكولاس بومارط و هو عالم فى الجينات يعتقد ان تحسن الاوضاع المعيشيه ستطيح بالمسيحيه و الاديان الاخرى .و بالفعل نحن نرى الان اتجاها عالميا باتجاه الالحاد بدا ينتشر خاصة مع جيل العولمة .لكن من الناحية الاخرى نرى اتجاهات فى الدول الغنيه تتجه نحو تبنى قيم روحيه لان الاشباع المادى لا يكفى و لا يعنى بالضرورة نهاية عالم القيم الروحيه ,بل ربما يشجع استمرار الروحانيات لدى البشر .و نحن نعلم ان كتابات جلال الدين الرومى و سواه من الصوفيين منتشرة جدا فى الغرب .

مثل ذه القضايا او بعضها لم يزل تابو فى بلادنا بسبب قوة التدين بل احيانا الغوغائية الدينية .لكن شئنا ام ابينا يتجه العالم باتجاهات قفزات تكنولجيه ستغير وجه البشرية.هنا فى هذا الجزء من العالم نسب الالحاد تتراوح بين سبعين الى 90 بالمائة .حيث نرى انطلاقة مفاهيم جديدة تتصادم و حتى تنهى مراحل التفكير التقليديه . قال لى مرة صديق من انه يساعد الاخرين لانه يعتبره موقف اخلاقى و انسانى بدون ان اتوقع اى مردود بوعد الدخول الى الجنة لقاء مساعدته الخ .و الامر الذى يعنى ان ننطلق البشرية الى مرحلة الانسانوية التى تعتبر الدين مرحلة تاريخيه لها بداية و نهاية.
بلادنا فى جلها ما زالت بعيدة عن هذا التفكير . و لم يزل العامل الدينى يلعب دورا كبيرا فى السياسة و كل شىء . قرات لاحدهم ان الله موجود بقوة فى البلاد الفقيرة و العكس صحيح .و هذا امر معروف و لذا فان هذه الصراعات الاهلية عادة ما توجد فى البلاد حيث يسود التفكير الدينى .
ايا كان الامر لا بد ان يات يوم يواجه فيه الناس هذه المعضلة الكبيرة.
لعلنا نعيش اخر الزمان! كتبت لى صديقة مشغولة بالسؤال الدينى .ربما يكون الامر كذلك .لكن ما اعتقده ان على البشريه ان تكون مستعدة لتطورات كبيرة ستحطم كل شىء ينتمى للماضى .
الحياة ستستمر و ستظل البشرية حتى اشعار اخر تتمسك بفكرة الخالق القوى و يوم تغيب هذه الفكرة ستكون البشرية قد دخلت فى طور جديد من تاريخه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في معرض البندقية


.. الهجوم على رفح أم الرد على إيران.. ماذا ستفعل إسرائيل؟




.. قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في المحادثات بين إسرائيل وحماس


.. إسرائيل تواصل قصف غزة -المدمرة- وتوقع المزيد من الضحايا




.. شريحة في دماغ مصاب بالشلل تمكّنه من التحكّم بهاتفه من خلال أ