الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة ما بينَ جُملتي -أنا الأمر- و - نحن الدولة-

ازهر عبدالله طوالبه

2020 / 8 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


" نحن الدّولة"

جُملةٌ أثارَت الغضبَ في صدورِ من اعتادوا على أن يكونوا هُم الدولة وحدهم، في ظلِّ وجودِ شعبٍ لا يهمّه مِن الوطنِ سوى التُراب، والعيّش بحُريّةٍ وكرامة، مُتجاهلًا كُلّ المناصبِ والمُسمّياتِ والأوسمة، مُكتفيًا بحقلٍ من القمحِ يجّلسُ في قلبهِ كلّما أرادَ أن يحتضنَ الوطن، ويشّعُر بقيمتهِ الحقيقيّة فيه، شعبٌ لا ينتظرُ ولا يحلُم سوى بالحصول على لُقمة العيّشِ الهنيّة، والتمتّعِ ولو بالقليلِ مِن الأمنِ والأمان، الذي تتغنّى بهِ كُل الحكومات التي تُشرِف على قيادة الوطن أينما حلّت وارتحلَت . جُملةٌ كانَت مدوّيةً على زُمرة دمّرت البلادَ وسلبَت العباد، وقمعَت بسُلطتها الفاسدة كلّ أبناءِ البلاد . جُملةٌ كانَ وقّعها أشّبهَ بفاجعةٍ كبيرة على مَن ظنّوا أنّ الوطنَ وخيراتهِ ومقدّراتهِ لهُم وحدهُم فقط، كيفَ لا يغضبونَ وهُم يتحّكمون بجسدِ الوطنِ من أعلاه إلى أخمصه ؟!

ليسَ عيّبًا ولا مُحرّمًا ولا مُخالفًا لكُلِّ القوانين والأنظمة والدّساتير الدوليّة، أن يخرُجَ رجُلًا من الشّعب الذي يمثّل رُكنًا أساسيّا مِن أركانِ الدولة ويقول : " نحن الدولة" . فالدّولةُ في تعريفها العام " هي مجموعة مِن الأفراد والمؤسسات تقوم بنشاطاتها على منطقية جُغرافيّة مُعيّنة، تحتَكِم لنظام سياسي مُتّفق عليه فيما بينهما " فما الذّنب الذي يُقترَف حينما يقول أحدنا بإسّم الشّعب " نحن الدولة" ؟!

ما الذّنب الذي اقترفهُ نائب نقيبِ المُعلمين، وهُم أكثر من مئة ألف مواطن من أبناء هذا الوطن، حينما قال " نحن الدولة" ؟!

لا ذنّب لهُ، لكنّها كمّا سُمّيت ب " الإستقواء" أيُعقَل أن تُختزَل الدولة بشخِص، أو مؤسّسة، أو فئة دونَ أخرى ؟!
وإن كانَ هذا ما هو حاصِل اليوم، فهَل حقًّا ما زالَ هُناك دولة ؟!


إنّ لهجَة الإستقواء التي تُحاول أن تُلبسها الحكومة لكُل مَن يرتدي ثوبَ المُطالبة بحقوقهِ، والدّفاع عَن كرامتهِ، هي لهجةٌ مكشوفَة المعالم، وأبوابها مفتوحةٌ على مصرعيّها، لذا، هي لَن تمكُث في أوساطنا كثيرًا، وحتمًا ستكون مِن دفائن الحجَج السياسيّة هي ومَن يستقوي بها .


وفي ذاتِ السّياق، لو توقّفنا عندَ كُل الكوارث التي سبّبتها الحكومة التي استحدثَت مُصطلحًا جديدًا في السّاحة السياسيّة "الإستقواء"، وأردّنا أن نأخذ على سبيلِ المثال الأزمة التي نعيشها اليوم بينها وبين "نقابة المُعلمين"، والتي بوجهةِ نظرٍ شخصيّة، ما عدتُ أراها قضيّة مُعلّم فحسب، بل أصبحَت قضيّة مطلبيّة حقوقيّة، تتمثّل بالشّعب، فلو قُمنا بذلكَ وقرأنا الأحداث بطريقةٍ عقلانيّةٍ مُتّزنة، وحلّلنا ما يخرُج لنا مِن أفواهِ أعضاء الحكومة من تصريحاتٍ مُتضارِبة، تخلو منَ المنطقِ، ولا تؤخَذ على مأخذ المعرفة بما يحصُل بتاتًا، لوجدنا بأنّ الحكومة تتبؤا مقعدًا على قارعةِ إحدى المُتنزّهات السياسيّة الخلفيّة، وتتوسّل إلى المارّة بأن يُعيروها أي انتباه، ويعود السّبب في ذلك وحسبَ كُل المؤشرات، وأهمّها، إهتمام بعض الصُحف والقنوات الإخباريّة الإقليميّة في مُقدّمتها " الإماراتيّة" ومَن تأخذ أرض الإمارات مركزًا رئيسيًّا لها بحيّثاتِ هذه القضيّة أكثر مِن إعلام الدولة الأردنيّة، إلى أنّ هذه القضيّة تأخذُ أبعادًا سياسيّة بحته، مُلفّلفة بخيوطٍ إقليميّة، تُشرفُ عليها إحدى أكبَر الدول ثروةً في المنطقة، وأكثرها صرفًا للأموالِ في سبيلِ إنجاحِ مطامعها السياسيّة في المنطقة، وهذا ما يؤكّد أنّ هُناكَ أيادٍ اقليميّة تهتمّ بإدارةِ هذه القضيّة، وليسَ كما تدّعي الحكومة أنّ التعاملَ مع نقابة المُعلمين بهذه الطريقة - المُخالف للقانونِ أصلًا- قد جاء رفضًا للإستقواء على الدولة، وقَد جاء بصيغةِ الأمر الذّاتي تحت عُنوان " أنا الأمر" . لكن، يبقى المُثير للتعجّب تارةً وللغضبِ تارةً أخرى، هو عدم التّعامل مع التدخّلات الخارجيّة في مسائل تمُس الأمن الوطني، وقضايا مُتعلّقة بالسيادة الداخليّة، على أنّها استقواء على الدولة واعتداءات صارِخة على كيّنونة الدولة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رداً على روسيا: بولندا تعلن استعدادها لاستضافة نووي الناتو |


.. طهران تهدد بمحو إسرائيل إذا هاجمت الأراضي الإيرانية، فهل يتج




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل بعد مقتل اثنين من عناص


.. 200 يوم على حرب غزة.. ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية | #




.. إسرائيل تخسر وحماس تفشل.. 200 يوم من الدمار والموت والجوع في