الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم الدولة

آرام كربيت

2020 / 8 / 3
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


اشتغل الغرب على مفهوم الدولة بكل جدية وتفان، أخذوه من سياقه القديم، الدولة الفرد، ووزعوه على مفهوم جديد، المؤسسة.
وطوروه، بل حوله إلى كيان مستقل مرن له آلية سريعة في ضبط وربط مصالح النخب، واعطاء أفراد المجتمع هامش واسع من الحركة، أن ينتقل من موقع إلى موقع.
إن تطويرهم لمفهوم الدولة رفع قدرة مجتمعاتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وحول نخب بلدانهم إلى نخب عالمية في مجال المال والنقد والاقتصاد والسياسة، وجر وراءهم شعوب العالم، حولهم إلى مادة لاهثة يبحثون عن مكانة لهم في هذا العالم.
مفهوم الدولة، منظومة فكرية سياسية نخبوية، ساهمت في تعويم الرأسمالية لتأكيد أنها بنية سياسية اقتصادية عالمية قائم بذاته، يمكنها أن تتطور، بل تتحول تحولات عظيمة من مرحلة إلى أخرى، ضمن البنية ذاتها، وحرق وسحق كل مراحل التاريخ السابق عليها.
ويبقى، مفهوم الدولة المؤسسة، مرن جدًا يتلون حسب تطورات وتحولات الرأسمالية. وتخضع النخب لها بالرغم من أنها يخدموها وتخدمهم، وتحولهم إلى قوى فاعلة فيها، ومستقلة عنها.
مفهوم الدولة، مؤشر على بنية المجتمع ونخبه، انتماءه الى العصر أو الجلوس في قعر الماضي باسترخاء وراحة أبدية.
بنية السلطة
بنية السلطة هي المؤسس الرئيس للاستلاب، هي المنتج لكل المنظومات الثقافية والفكرية والفلسفية، هي محرك التاريخ، وهي صانعة الوعي المزيف، كالعظماء والأبطال والقادة والمكانة، والمسؤولة عن التراتبية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية منذ فجر التاريخ، تاريخ ولادة السلطة وإلى الأن.
هي الفاعل الأهم في حياتنا، في القمع والتشيؤ والانحطاط. وهي المنتجة للعقل المزيف والإنسان المزيف والحياة المزيفة.
وما زال حضورها مستمرًا منذ عشرات الآلاف من السنين
ولم يرق هذا المفهوم، مفهوم السلطة، إلى هذه اللحظة إلى التفكيك.
الا يوجد بدائل لها أم سنبقى ندور حول حولها وحول أنفسنا، نكررها جيلًا بعد جيل، يقودها من لديه هذيان ووسواس قهري وعصاب، وجنون العظمة، ونحن ندور حول أمراضهم وعقدهم الدونية، وممارساتهم وحروبهم ونهبهم، وسحق كل من يقف في طريق جنونهم وحبهم للتملك.
الثقافة العالمية كلها تدور حول السلطة، بيد أنها لا تملك الأدوات المفهومية لكسرها أو تحييدها.
الشيطان
أجمل شيء في الحياة هو الشيطان، هو من يمنحنا الحقيقة، الانسجام مع الذات. ويقدم لنا الفرح واللذة والسعادة والاهتمام بالذات دون لف أو دوران.
إنه نرجسي بامتياز، بيد أنه صادق وواضح، ولا لبس في اختياراته لأنه منسجم مع ذاته ومع قوانين الطبيعة.
ويحي الذاكرة الطبيعية للبشر، ذاكرة صادقة واضحة، لا زيف فيها ولا كذب أو نفاق.
وعمليًا، الذاكرة، عملية خلق وإبداع وعطاء.
لو كنّا مع الشيطان منذ بدء مسيرة الإنسان في الحياة لما كان هناك جماعة الله، الملونين، الكذبة كل يوم بألف وجه ووجه، على وجوههم ألف قناع وقناع، يمنحوننا الجمال المزيف والكذب والخداع، ويميعوا الحقيقة والذات ويقدموها بصورة خيرة، بيد ان باطنها شر بامتياز
الله، هو المال والسلطة والنفاق والعبودية والتذلل.
الشيطان يذكرنا بحقيقتنا الجلية، أن نكافح ونفكر ونقاوم، يأتي الله ليطمس مشروعنا في البحث عن البدائل.
إن الصراع بين جماعة الله والشيطان سيستمر إلى أن تنتصر الحقيقة.
جلجامش
ستبقى ملحمة جلجامش مملوءة بالرموز والإشارات الغامضة، التي تحتاج إلى التفكيك وإعادة القراءة بين الفترة والأخرى.
جلجامش الوحش المتمدن، وأنكيدو الوحش الطبيعي الغر، والمرأة الطعم الرابط بينهما، بين المدنية المتوحشة والطبيعة المتوحشة.
من منهما كان أكثر سعادة، الأول أم الثاني أم المرأة البغي المستلبة التي تؤخذ للإيقاع بالطبيعة وتدميرها لمصلحة التوحش التمدني؟
هل المرأة كانت الفاعل، راغبة في تحويل أنكيدو إلى كائن ضعيف خاضع، وأن يتحول إلى متمدن من خارجه؟
هل لدى المرأة المستلبة القدرة على تسيير أنكيدو إلى المكان الذي أراده جلجامش؟
أيهما أقرب للتوحش الرجل أم المرأة، ولماذا وضعت المرأة في هذا الفخ لتصبح الفخ، أن يتحول جسدها الجميل إلى جسر يعتليه الرجل المتمدن من خارج، للإيقاع بالرجل الطبيعي، داخل؟
جلجامش القوي، خارج، المستلب داخل، يريد الخلود، رحل إلى الخلود المزيف عبر أدوات عاجزة.
كما هو معروف أن الخلود هي الطبيعة عبر انتماءها للكون، إذا من انتصر على الأخر، ومن هزم؟
انكيدو كان سعيدًا في وجوده مع الطبيعة وعندما دجن في الحضارة، في عري المرأة المسوق، فقد اللذة اللذيذة، لذة الانتماء، وفاز بالشهوة.
انبهر هذا الرجل العاقل، أنكيدو، بيد أنه استدرج، خارج، ففقد الانتماء، أأأأضحى دون انتماء، عاش اللهو للهروب إلى الأمام من العزلة والوحدة الكونية والوحشة، بيد أن هذه الحضارة قدمت له الإغراءات كبديل عن الحقيقة، في المقابل هي بخيلة في المشاعر والعواطف.
أضعف نقطة في الملحمة أن أنكيدو لم يحن إلى الطبيعة، ولم يفكر برفاقه، بقية الكائنات، لقد طلق الجمال والحرية والحقيقة، وانتقل نقلة نوعية إلى مكان ليس مكانه دون ندم، بل تحول إلى كائن ناكر للذات والأخرين ويمكن تسويقه بسرعة كما يحدث في عصرنا الظالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيول دبي.. هل يقف الاحتباس الحراري وراءها؟| المسائية


.. ماذا لو استهدفت إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية؟




.. إسرائيل- حماس: الدوحة تعيد تقييم وساطتها وتندد بإساءة واستغل


.. الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع العقوبات على إيران بما يشمل الم




.. حماس تعتزم إغلاق جناحها العسكري في حال أُقيمت دولة فلسطينية