الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يوميات نازح سنجاري ٢

صلاح حسن رفو
(Salah)

2020 / 8 / 4
حقوق الانسان


13.8.2014
وجدتُ بيتاً كبيراً للإيجار في أطراف مدينة دهوك، سيكفينا جميعاً ،لكن عليَّ أن أدفع الإيجار لثلاثة أشهر مقدماً ،وها أنا ذا فعلت، وفي اليوم نفسه كانت مقابلتي مع مع منظمةACF "المُناهضِة للجوع" لأداء امتحان كإجراء أولي لقبولي في تلك المنظمة .

أخبرتني السيدة (فاليري) مديرة البرنامج والتعيينات بأن المسألة لن تطول ،وسيتم الاتصال بك ،أو نبعث لك "إيميل" إن وجدنا فيك من المؤهلات التي من الممكن أن تخدمنا في عملنا الإغاثي الكبير في هذه البقعة ،قلت في قرارة نفسي : لو كنت أملك أدنى المؤهلات ،لساعدت نفسي في التخلص من هذا الانكسار،ومن هذا الوجع.

14.8.2014
اليوم الأول من العمل لم يكن يوماً عادياً ،بل هو متعبٌ كـرحلة هروب الأهل مشياً من جبل سنجار إلى كوردستان عبر حدود سوريا.
رأيت نفسي أصبحتُ حمّالاً أنشز البضائع والمواد الغذائية إلى الهياكل الفارغة لأناس، أو أشباحٍ يعيشون خارج نطاق الزمن؛ الجميع مذهولون ،متعبون،مستغربون ،غير مهتمين بحركتنا ونقاشاتنا وصراخنا مع بعضنا ،أو مع ما بعض الأفراد ممَّن يعيقون طريقنا دون أن يعلموا أو يهتموا، الجميع هاربون بجلدهم من مفرمة الموت الجديدة ،لا أحد يمتلك أوراقه الثبوتية التي تُعرِّفهُ بالآخرين ،فقد تركوها في رحلة الهروب السريعة ،أو ضاعت في أيام الجوع القاسية بين متاهات الجبل .
الأطفالٌ يلعبون بالتراب والأحجار أو بأي شيء ممكن ،والنساء يائساتٌ باكياتٌ ،أمّا الرجال فأغلبهم مهزومون مثلي، منكسرين ،مُترَبينَ، منشغلين بأتصالاتهم الهاتفية لمعرفة آخر الأماكن التي قد يعثرون فيها على من تبقى من أفراد عوائلهم.

13.8.2014
ما رأيته اليوم ،لا يمكن أن يحدث في أكثر الأفلام بؤساً أو سريالية.

هياكل عمارات " دابين " جبارة وموحشة للناظرين بألوانها الداكنة ، تتكونُ من تسعة طوابق أو أكثر...
غطى النازحون أطراف الهيكل الخارجية بالكراتين والبطانيات المستعملة ،والتي تبرع بها أهالي المدينة للنازحين كي تقيهم من حرارة الشمس الحارقة .
في داخل كل طابق قسمت العوائل فيما بينها بعض الأمتار من تلك المساحة وجعلت كل عائلة لنفسها مكاناً على شكل غرفة، وعزلت نفسها عن الآخرين بالكراتين ،وكل ما توفر من حاجات هناك.
عند الدخول للبناية الكئيبة سترى الدخان الخانق يتصاعد من كل أرجاء الطوابق، أغلب العوائل كانت تشعل النار بما موجود من قشٍ أو بقايا شجيراتٍ يابسة ،وتضع فوقها وعاءً معدنياً فارغاً " تنكه" يملؤنها بالماء من أجل تحميم أطفالهم أو غسل ما يمكن غسله من ملابسهم الرثة !.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: لاجئون سودانيون يتدافعون للحصول على حصص غذائية في تشاد


.. تقرير أميركي.. تدهور أوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة




.. واشنطن تدين انتهاكات حماس لحقوق الإنسان وتبحث اتهامات ضد إسر


.. الأمم المتحدة: الأونروا تتبع نهجا حياديا وإسرائيل لم تقدم أد




.. تقرير المراجعة المستقلة بشأن الأونروا: إسرائيل لم تقدم أدلة