الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرضية ربوبية جديدة أكثر عقلانية هدية للشيعة في شمال إفرقيا والشرق الأوسط

كمال آيت بن يوبا
كاتب

(Kamal Ait Ben Yuba)

2020 / 8 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حرية – مساواة – أخوة



في مقال سابق في الحوار المتمدن (عنوانه المرتدون بمعنى الكلمة ) قلت يمكن تأسيس فرضية جديدة حول موجد الكون إنطلاقا من المادة و نتائج العلوم في شمال افريقيا والشرق الأوسط كمرحلة تنير الأفهام و تزيل الخزعبلات و الكائنات الأسطورية و الظواهر المخيفة التي تقض مضاجع الناس حتى يقبلوا على الحياة و السلام وتغادرهم الاوهام .

في هذه الفرضية ليس الاستدلال على وجود موجد للكون من عدمه هو المقصود وإنما المقصود ، بتصحيح المفاهيم لأؤلئك الذين يقولون انهم ممثلون لموجد الكون هذا على الأرض ، هي صحتهم النفسية . لأن المشكلة في المنطقة هي مع هؤلاء . ولأنه كم من المعلومات البسيطة و هي حقائق علمية أنقدت أناسا كثيرين من الضياع و الإستغلال من طرف الآخرين وأطلقتهم أحرارا مسالمين في هذا العالم أسوياء يعيشون في إنسجام مع أنفسهم و مع الواقع المحيط ويستمتعون بحياتهم بكل حرية .

كفرضية سنقول أن هذه الفرضية الفلسفية الجديدة محتملة بالنظر لواقع المنطقة الغارق في الجهل والامية وتمثل بديلا عقلانيا للرائج عندنا (أي فرضية على المقاس). وفي نفس الوقت حتى لو إفترضنا خطأها لن يكون لذلك أي تأثيرعلى أهدافها. لأن نسبة 0,01 % من الخطأ ولو ضعيفة تبقى إحتمالا واردا .

أما اذا قلنا أنها نظرية علمية فهذا يلزمنا تصورا نظريا لتجربة ناجحة قابلة للتكرار من طرف الجميع للتأكد منها يكون موجد الكون أحد عناصرها .وهذا مستحيل .

في إعتقادي أن نقد الكتب المقدسة من الناحية المنهجية لا يجب أن يؤدي بالمرء لإستنتاج عدم وجود موجد للكون فقط لأنه يلاحظ تناقض معلوماتها مع معلومات العلم الحديث أو تناقض معلوماتها مع بعضها البعض فيشطب كل الأفكار الواردة فيها .

لأن خطأ أحدهم في تحديد أسباب ظاهرة ما أو في إعطاء مميزات عامل من عوامل البيئة لا يعني عدم وجود تلك الأسباب أو العوامل..فمبدأ السببية هو مبدأ علمي عام ملازم للظواهر الطبيعية دائما... بعبارة أخرى فكرة وجود شخص عاقل كسبب معقول وراء وجود الكون في تلك الكتب المقدسة لا يعني أن الفكرة خاطئة ولو كفكرة بشرية ، في حدود زمنها الذي يختلف عن زماننا ، تحاول تفسير وجود الكون إنطلاقا من مبدأ السببية نفسه حتى لو أخطأت كل الأفكار الأخرى التي تصفه أو تقول عنه ما يتناقض مع الواقع المعاش أو مع العلم ..


و قد كان يجب الإستنتاج في هذه الحالة أنها كلام بشري منسوب لموجد الكون فحسب .و من تم البحث عن أسباب هذا الخداع البشري عوض نفي وجود موجد الكون نفسه من أساسه و التفريق بين العلم الحديث و النشاط الاجتماعي - السياسي –الاقتصادي الذي ليس موضوعيا ولا علميا في تلك الفترة من تاريخ بروز الأديان إلى اليوم..


قال برنارد شو الكاتب الانجليزي الساخر:ما إن يحدثني أحدهم (يقصد المبشرين) عن الله حتى أبدأ في تحسس حافظة نقودي ...لقد كان يقصد هذا الخداع البشري .

المسألة الثانية هي مسألة إختلاف المقاييس . لأن مقاييس الإنسان و مقايييس الكون لا يمكن بأي حال من الأحوال الزعم بإمكانية مقارنتهما نظرا لشساعة الكون الرهيبة فمابالك بمقارنة فكر البشر و مفاهيمه الأرضية بفكر موجد محتمل للكون .

ولتجرب أيها القارئ الكريم أن تتخيل ما كان عليه الحال قبل الانفجار الكبير الذي أدى لبداية تكوين الكون .فإنك لن تستطيع تصور ذلك .لماذا لأن وعينا تشكل داخل الفضاء والزمان النسبي وليس خارجهما.

لذلك فما ينتظره البشر من موجد الكون هذا عند عجزهم لا يجب إسقاطه عليه . مثل ماقال أبيقوراليوناني بكل سذاجة "إذا كان الخالق لا يستطيع منع الشر فهو غير قادر"..و كأن مفهوم الشر البشري في مقاييس البشر ومعاناتهم هو نفس مفهوم موجد الكون ...

لذلك نجد الكتب المقدسة تعج بمفاهيم بشرية تؤنسن هذا الخالق لدرجة أنها تتخيل أنه يندم ولا يعرف الأشياء مسبقا وهي تقول العكس في اماكن أخرى وبغضب ويتعب بل يضحك و يستهزئ بالناس ويرتاح يوم السبت كما ورد في سفر التكوين..

من هنا فإستنتاج عدم وجود موجد للكون بناء على إنتظارات الأقدمين وإدراكهم و مفاهيمهم و احتياجاتهم لا يعني عدم وجود مميزات أخرى قد تجعل صفات محتملة لموجد الكون أكثر توافقا مع العقل .

في جواب إنشتاين صاحب النظرية النسبية وصيغة تكافؤ المادة والطاقة و حساب سرعة الضوء حول إعتقاده بوجود (الله) عن سؤال وجهه له أحد الحاخامات قال في رسالة له أن إلهه هو إله سبينوزا بالضبط .ومعلوم أن سبينوزا اليهودي كان من الربوبيين الذين يعتقدون أن خالقا ما خلق الكون وتركه لشأنه .

يبقى لنا البحث عن مميزات موجد الكون هذا باستعمال المعطيات العلمية كمحاولة لتقديم بديل لما تروج له الاديان.


1-قلنا أنه شخص عاقل وواعي له إرادة الفعل أوجد الكون ..

2 – قلنا ان تجانس البنية الهيكلية للموجودات يعني ان فكر موجد الكون واحد . (إرجع لمقالنا بعنوان :المرتدون بمعنى الكلمة)

إن دراسة الكائنات الحية وأوساطها والعلاقات بينها من جميع الزوايا (مختلف العلوم البيولوجية) تثبت أن الظواهر البيولوجية حتى و إن بدت أحيانا عبثية أو صدفوية فهي في خطها العام متجانسة (متشابهة) منظمة ومنطقية وجميلة لها بدايات ونهايات و أهداف وبنية هيكلية غاية في التعقيد صعودا في سلم التصنيف البيولوجي .مثلا جميع الكائنات الحية باستثناء الفيروسات مكونة من خلايا .ولكن الخلايا في التفاصيل ،وان كانت تشتغل تقريا بنفس الطريقة، تختلف في متعدد الخلايا لتصير متخصصة في الانسجة بحكم تخصص هذه الاخيرة من حيث الوظيفة .فمثلا النسيج الشحمي ليس هو النسيج العضلي وهكذا.. .واذن فهيكلة الانسجة إلى خلايا ثم الى جزيئات و ذرات .المادة الحية و غير الحية كلها مكونة من ذرات ذات بنية تقريبا متشابهة في خطوطها العامة .اذن المادة هيكليا متجانسة وبالتالي تعبر عن فكر واحد أنتجها كلها من سابع المستحيلات أن تكون ناتجة عن الصدفة أو عن عمل لا وجود لبصمة أي عقل أعلى في تكوينها.ومعناه ان موجد الكون واحد .

3 - هل موجد الكون هذا مذكر ام مؤنث؟

التذكير والتأنيث هي مميزات الكائنات الحية المجنسة بسبب التوالد والضروري إجتماع الجنسين لإستمرارها.لايمكن لموجد الكائنات الحية أن يكون مثلها فاحتياجها لبعضها يُعتبرنقصا لايمكن ان يكون في موجدها .ولذلك فهو متوحد لايحتاج لغيره .

إذن موجد الكون شخص غير مجنس لا هو مذكر ولاهو مؤنث . (إستعمال الإسم المذكر العربي "موجد الكون" هنا راجع لقصور اللغة العربية التي لاوجود فيها لإسم شخص حي غير مجنس إلا إذا طبقنا قاعدة "كل من لا فرج له يذكر و يؤنث")

4– هل جوهر موجد الكون مادي؟

إذا كان جوهره مادي فستجري عليه القوانين الطبيعية و مستحيل أن يخضع للقوانين التي وضعها للكون فهو السيد على الكون وقوانينه بوصفه موجده .إذن جوهره غير مادي ..

5– هل موجد الكون أبدي ؟

بما أن الزمن النسبي الذي يعني اللحظات المصاحبة لتغير الفضاء والمادة والظواهر منذ أول لحظة ( الأصغر التي يمكن تخيلها) في ظاهرة البيغ بانغ (البيغ بانغ هي النظرية العلمية الحديثة التي تفسر تكوين الكون انطلاقا من إنفجار أول أو الأصح تمدد فجائي أدى لتكون المادة وباقي الكون منذ 13.8 مليار سنة ) ،فإنه يمكن تصور لحظة أو فترة زمنية ما قبل البيغ بانغ كان كون آخر قبلها في حالة اخرى مغايرة تماما للعدم ّأي كان في لحظة تغير اخرى معاكسة لما حدث خلال البيغ بانغ وما بعده .يمكن تخيل قلبا ينبض و كل انقباض هو انكماش للكون السابق و كل امتلاء و توسع هو انبثاق للكون اللاحق وهكذا دواليك خلال ملايير السنين في كل دورة ..كون يظهر ثم يتوسع الى نقطة ما ثم يعود للانكماش والاختفاء ثم يظهر قبل اختفائه الكلي كون جديد في حركة لا نهائية .و موجد الكون موجود طيلة هذا الزمان أي إلى ما لا نهاية أي أن زمن الاكوان و المادة والطاقة و موجدها أبدي . ومعناه أن ليس هناك بداية لموجد الكون حتى نتساءل ماذا كان قبله ؟

6– هل يمكننا معرفة فكرموجد الكون ؟

إذا فحصنا لعبة معينة أوتوماتيكية تتحرك وتشتغل بالكهرباء أو البطاريات فيمكننا معرفة المبادئ التي إعتمد عليها الصانع في تكوينها .وهذا بالضبط ما يجب فعله في الكون .فالعلوم الحديثة يمكنها أن تسترد التاريخ الذي مرت منه الأرض سواء كان فيزيائيا أو بيولوجيا أو جغرافيا أو جيولوجيا إنطلاقا من المقارنة مع أنساق سبقت دراستها ..



وبما أن هذا الموجد للكون هو السبب في وجود كل الكائنات فمن المنطقي تبعا لذلك القول أنه موجد الجميع بنفس الطريقة. إذن من حيث المبدأ جميع الناس متساوون و أحرار وتجري عليهم ،بنفس القدر،نفس القوانين الطبيعية التي إكتشفها العلم العصري والتي هي من صنعه .

بالنسبة لنا هذا يكفي في الإقتناع بوجود موجد للكون له مواصفات معينة ونحن نقول فقط أننا – نعرف - أن هناك موجدا للكون خلافا لمن يجهل هذا الوجود أو ينكره لسبب ما أو أسباب بعيدا عن مفهوم الإيمان القديم الذي يطلب التسليم والتصديق والطاعة للناطقين بإسم الدين بدون أدلة ملموسة وبدون إستعمال العقل وتحت التهديد ويسمي ظلما غير المقتنعين كفارا يجوز الإعتداء عليهم في الشرق الأوسط وشمال افريقيا وغيرهما .

للأسف أن موجد الكون لايعترض على إعتداءاتهم كما أنه لا يمنع المصائب عنهم رغم إدعائهم إمتلاك الحقيقة المطلقة و الصحيح من الدين في تناقض مع ما يعلنون للآخرين من طريق مفروش بالورود ليغرونهم بالإنضمام لطائفتهم .هذا يبين أن الإنسان في حضور موجد الكون هذا وبعلمه ، حر أن يفعل ما يشاء خيرا أو شرا حتى لوكان مثل الأفعال الإجرامية لداعش في الشرق الأوسط إذا تمكن من وسائل فعله. ولن يردعه إلا إنسان آخر في مستواه إذا تمكن من وسائل أخرى أكثر فتكا...

ونستنتج منه أن مميزات موجد الكون هذا ليست هي تلك التي قيل لنا عنها من خلال دروس الدين التي تلقيناها والتي تكذبها التجربة و الملاحظة والتاريخ والمعلومات الأخرى التي توصلنا لها من خلال المقارنة والبحث لسنوات طويلة في ظل الحصار والتعتيم الإعلامي و الإرهاب الفكري .

إن البحث عن مميزات موجد الكون هذا و إرادته وجوهره وعلاقته بهذا الكون بمافيه من بشر يجب أن ينطلق من المادة والكون نفسه و عن طريق الفكر العلمي الذي أبان عن جدارته في نفع الإنسان و تحضره .وهو مجال حر وفضاء لتفكيرأي إنسان لا يجوز لاي كان منعه أو احتكاره أوالوصاية عليه بدعوى أنه هو ممثل لموجد الكون على الأرض.لأن إدعاء مثل هذا سيحوله إلى كاريكاتير مثير للسخرية أو إنسان سخيف يخادع الناس الجهلة في ظل المعطيات العلمية العصرية أو سارق يسرق في سوبرماركت وهو ظاهر للعيان في كاميرا المراقبة داخل السوق .

كمثال نعرف أن الأرض تبدو كرأس إبرة أو أقل في صورة فضائية لمجرتنا "الطريق اللبني" voie lactée milky way - (لأنها تبدو بيضاء كالحليب) التي تتكون من ملايير الكواكب والنجوم والأجسام والغبار الكوني ومنها مجموعتنا الشمسية الصغيرة جدا والتي منها في الكون مائتي مليار مجرة مثلها .فأينك أيها الإنسان الذي يبدو كالجسم المجهري بمقاييس هذا الكون ؟ الإنسان يبدو كالعدم .و في غياب إثبات عدم وجود كائنات حية أخرى خارج الأرض السؤال هو ألم يجد موجد الكون غير العدم لتمثيله و هو العظيم ؟؟؟؟

إنما وجب توضيح الأمورللقول بأن الناس أحرار أن لا يتبنوا أو يتبنوا أي أفكار أو معطيات حتى لوكانت مدعومة بالدليل والبرهان العلمي فمابالك إذا كانت مجرد إدعاءات كاذبة لا يمكن التحقق منها و يراد فرضها بالقوة والإكراه على الناس بدون أدلة علمية أو برهان .

ملحوظة1: عوض مصطلح موجد الكون المذكر الذي استعملناه هنا فقد اخترنا مصطلح القدرة الإلهية العظمى لنعني به الله أو موجد الكون المذكرين ...

ملحوظة 2:كل ما ورد هنا من معلومات علمية واستنتاجات ،باستثناء ما تأكدت صحته بالدليل الدامغ ، هو مبني على ما هو متوفر لدينا لحدود الساعة من معلومات .ومعنى ذلك ان استنتاجاتنا اذا تغيرت المعطيات ستكون قابلة للتغييروالتعديل والتصحيح في ضوءها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد