الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رِثاءُ بقايا رُبوع الوطن

عصام محمد جميل مروة

2020 / 8 / 6
الادب والفن


رِثاءُ بقايا ربوع الوطن
رأيتُ الهول والمزاج الملطخ
بدماء مزدانة داكنة من الأهات
على زجاج من شاشات الأجهزة
كانت الوانها مصنوعة من دماء
ودُمى العاب وعربات تدفعها
الامهات سيراً على الاقدام
تُرضِعُ من لا يحتمل عناء الجوع
شوقاً للذة وطعم ومذاق دفئ الحليب
من إنتحب ومنهم من يتوهم
ومنهم مازال قيدُ الإنتظار
للأثداء وللحلمات المتنافرة ..
على دروب لا تفترق ولاتخجل
إحتجاب جانبياً بين تخطيط الرسوم للمشاة .. لأطفال بيروت القادمة ..
الحب والصخب والسمر ..
ابناء لبنان ومدينة الحياة بيروت
من مرفأها .. من مرسى سفنها .. المستكين بعد
قرع اجراس نواقيس الكنائس ..
وعصر اذان صوت علو المأدن ..
وهديلُ الحمام الزاجل على اقباب
الخلواة والمراقد السحيقة القديمة
بعد تأكل اعظام رميمها..
منذُ الفتوحات والحملات
المنغولية في عصر ماقبل هولاكو
وتيمورلانك وغطرسة صلاح الدين
وغزوات نابوليون ..الصليبية
انهم جميعا اسرار ومفاتيح بيروت
قِبلّ بيزنطة وبعد الأقصى
بيروت تتجرعُ انخاب بقايا حطام
كذبة .. سفلة ... قتلة ..
يسرقون علب الهدايا للأطفال
يستبدولنها بمستوعبات سامة ..
من اين تلك الفجوة اللهبية
الحمراء ..الزهرية ..الغبراء..
تسائل النادلُ الحاملُ
لكؤوس .. يقدمها للزائرين
وللمارة المستعجلين..
للصاعليك .. والمتسكعين ..
المتشبعين وسامةً .. وللباسمين
لكى "ينتشون " في رهف
نسمات بعد صمت
متلاصق .. مع من يركنُ
في ساعة فراغ ..
او مع من يأتي لدحر الحر ..
والإغتسال المعمد
للنبيذ من "خوابى اجرار الفخار"..
الساكنة في ضلوع
العرائش ذات الغصون الرفيعة
في تمددها عند دروب المعاصر
التي تستخرجُ امصال "مقطرة "..
كان الفلاح يرصِفُ اغلال غرسها
للكروم .. للتلال..للهِضاب..
كمن ينحتُ في تحفة رنين صوتها انينٌ..يُنقلُ اناملهُ صانع الناي ..
من قصب .. ومن غضب !؟
لتتراقص وتتمايل الخصور ..
يعرف هندسة الغصون
يدري اين تُحسى وعلى
كل مقاهي ..الوطن.. تُضافُ
الى باقات ..مزهريات خيالية
يتصفحها قائمة وريقات الأختيار
بيروت مقهى قديم
منذُ "عشتار " وما قبلها ..
بيروت جرحها غائرٌ
يعنى الحزن والسديم ..
على ارصفة جادات المقاهي
على مقاصف اودية القهر العميقة..
وامكنة لا تتغافل عن تقديم ما لذ وطاب ..
هناك في قلب الحدث
هناك في دروب تقيحُ جروح بيروت
بين شطئان الموانئ المتموجة
كيف لا هناك .. من إعتدى
صاح قبل ان .. ينزفُ
انين صوت ألسِنة ..الوجع
إختلطت مع إستعار ضجيج النيران،،
وومضات الإرتجاف والسكون ..
تاهت مراسم الموتى والشعراء
واللألحان تم إختزالها في
آه كم انا .. معدومٌ يا وطنيٌ
ولستُ.. بسائح
انا ابن الارض
انا من زيتها.. من زبدها..
انا من صراخ النسوة
عندما تلدن ..
لا نعرف هل نكمل الرضاعة
ام نهرول الى ما تحت القبور ..
بيروت لن تُباح ..
بيروت لن تُباع
بيروت مساحة تتسعُ
لغدق ٍ من شرايين تنبضُ
اصوات تغريداتها
تتعدى حدود الطول
وتتخطى حدود العرض
بيروت لا تُقاس
لأن المسافة بين ابارها
وجِراحها اعمق من حِسبة الزمن
والوقت العقيم !؟
بيروت ان كانت كبوتها قبل وبعد الاصيل ..
تظلُ فرساً "حرون "
ضرورة محكومة من
مجالات سِجالات الغد والامس
بيروت هي ملكة شهدها
ثمين ومهرها ثقيل
وليس لها لا شبيه
ولن يكون لها بديل
بيروت تبكيها الأمهات منذ
اغبار مرور من زحفوا
طمعا ًلكي يغتصبوها
لكنها دافعت عن عفتها
حتى دام عفافها
ولم يرجموها
ولم ينالوا من دماء عذريتها ..
بيروت الليل والنهار
بيروت الفجر الطالع
بيروت الشرفة العالية
حتى لو تسلقها الشعراء
لكى يذرفون دموع الاقلام
على بياض اوراقها
لكى تنتج قصيدة طويلة
لا تحتمل في افعالها .. الرذيلة
بيروت مُدججة في الذخيرة
وفي نغمة معانى الحان الفضيلة
بيروت في صمتها انينٌ
وفي صحوها فجورٌ
وفي تبرجها ايات و حبور
نامي يا بيروت قليلاً
نحنُ نحرُسكِ في قيلولتكِ
لا تُطيلي النعاس ولا السهاد ..
حتى لا نتعلم لغة الكسل
ولا نهتم سوى بتنسيق الورود على الجسد ...
من براثن صوّر الصخور
المجلجلة في جلمودها
لكنها بيروت "يُلانُ "من اجلها
صِلصال .. لا يخطرُ على بال ..
لا تنحني يا بيروت
لا تبكي لا ترفعي راية الهزيمة
لا تلفي امواتك بالأغلال
لا تكفني من باتوا
عُراة على حزامُكِ الرديف..
الحياة للخيال للصمود للذهول
لأصوات المسعفين
لكى يبقى الموت بعيداً
لكى يحملُ شراشف مبللة
باردة لا تخترقها لفحة الشر ..
آه كم انا .. دائخٌ
آه كم انا ..ساذِجٌ
آه كم انا .. موجوعٌ
آه كم انا .. مسموعٌ
لكم رفعتُ سبابتي لكي يراني
النادلُ حتى يمدني
بالمياه لكى استسيغُ
لحظات الومضات في عصر بيروت
كانت العصافيرُ القليلة
من صنف الطيور
التي تتغذي على ما يُرمى من بقايا
الطعام بلا مذاقُ بلا ذبول
حتى الدوارى الشاردة
اغتالتها نيران الإنفجار
برهةً بعد صمت الثواني
كان اصوات التكسير يزدادُ
بين محاور الأرصفة
قبالة طبقات الألواح المنتشرة
ببناءها المنسق العازل
لحرمة ما يختزنهُ عنبر
إنفجار الصوت
ليس صدى الصوت
كانت لهمسات شحيحة
بين العشاق قبل وصول يد
الحبيبة تتغلغل
مداعبة شعر العشيق
الذي يرمشُ غامزاً
في مداعبة رقيقة وقتها يطول
بيروت تغفر الذنوب والخطايا
بيروت تتقبل المعزين في .. الشباب والصبايا .. من يحملُ صليباً ..
ومن يتلو بصوت الحدايا..
بيروت تزينت بكحل عينيها
بالدموع .. تُجفِفّ الأتراح ..والسنايا ..

عصام محمد جميل مروة ..
اوسلو في 5/ اب/ 2020/..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-