الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انفجار بيروت ..المعنى والدلالات

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2020 / 8 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


في مجتمع المخاطر متوقع حدوث اي كوارث بيئية او سياسية او صناعية وغالبا ما تكون استثناء في سياق مستقر الى حد كبير ولا اقول مستقر تماما دون هزات او مخاطر محلية او داخلية ..في هذه المجتمعات تكون الدولة حاضرة وتستطيع مواجهة اي كارثة او خطر وتخفف من تباعاته ..لكن ..بالنسبة الى لبنان .. الدولة فاشلة لأنها مختطفة على الاقل منذ المصالحة التي انهت الحرب الاهلية حيث تم اعتماد نهج المحاصصة والغنيمة بين امراء الطوائف -زعماء الحرب - دونما استحقاق ومعه تم تهميش القوى الوطنية خاصة الشباب الذي رفع صوته بالدعوة الى نقد المجتمع الطائفي والخروج من اسره الى دولة مدنية تتسع معها فضاءات الحرية العامة والمواطنة المتساوية ..
ومع ذلك لاتزال النخب التي تقود الطائفية تختطف المجتمع المدني وفضاءاته العامة مع الإشارة الى ان احد اللاعبين متكأ على مصادر قوته يختطف الدولة برمتها .. وهنا يتساوى الاسلامي والليبرالي والاشتراكي والقومي في تعزيز الطائفية والتمحور حولها . وفي سياق هكذا دولة لا تتحقق العدالة ولا تظهر معها مواطنة متساوية ولا برامج تنموية بل تتزايد معدلات الفقر والبطالة والفساد وانهيار البنية التحتية نكون ازاء دولة فاشلة مثلها كثير في المنطقة العربية -اشرت اليها في مقالات متعددة سابقة .
.لكنها جميعا تتشابه في المسار الطائفي او الجهوي ، وتغييب مؤسسات الدولة ، وتضخم فاعلية مراكز القوى من زعماء الطوائف والحروب الاهلية والمليشيات مع تفاخرها بتحالفاتها الخارجية ..ووفقا لذلك تتعالى درجات الصبر لدى المواطن ظنا منه ان الظروف ستتحسن او تتغير ..
لكن السائد اهمال متكرر من الدولة للمواطن ومصالحه بل تذهب النخب السياسية الى المقامرة بالمجتمع وتعرضه لأخطار جسيمة و هذا معناه ان هذه الدولة الفاشلة تدمر مجتمعها وشعبها و لا تدرك مسؤوليتها في ذلك بل لا ترغب ان تتحمل هذه المسؤولية وتلقي تباعا بمبررات فشلها على اهمال موظفين صغار كما هول حال الطبقة السياسية اللبنانية التي ذهبت منذ الساعات الأولى للانفجار الكارثي تلقي بالمسؤولية على موظفي الميناء ..
ورغم ذلك هذه الطبقة السياسية المولدة للأزمات لن ترحل لان نهمها وجشعها بامتلاك السلطة والثروة لا حدود له ثم انها تمثل الوكيل المحلي لتحالفات اجنبية وهو التوصيف ذاته للنخب السياسية والحزبية في العراق واليمن وسوريا وليبيا والصومال وأفغانستان ..
نحن إزاء دول فاشلة تصر النخب السياسية فيها على استملاك المؤسسات العمومية رغم كل مظاهر الفشل في أدائها ولا يقف الامر عند ذلك بل يتعداه الى انها صانعة للكوارث المدمرة مثل انفجار مرفأ بيروت وما الحقه من اضرار جسيمة في الأرواح والممتلكات وسمعة البلد ومستقبلها .. وتتعدى الكوارث في بلدان أخرى الى تفجير المجتمع كله وتدمير الدولة والتفريط بالسيادة الوطنية ..
هذا الامر كنا قد كتبنا عنه غير مرة منوهين بأهمية الخروج الكامل من نفق الازمات ببديل سياسي يتشكل من لاعبين جدد ممن لم تلوث أيديهم ولا مسيراتهم ليشكلوا رافع سياسية تنقذ بلداننا من جحيم تتراكم مظاهره تباعا ..ومع أهمية هذا البديل الا ان واقع المجتمعات يؤكد استمرارية الطبقة السياسية المولدة للازمات لأنها جزء رئيسي من مخطط تعميم الفوضى والعبث السياسي ...
البديل السياسي اصبح ضرورة وطنية للخرج من نفق الازمات لكن روافع هذا البديل لم تتجمع في شكل تنظيمي يؤهلها للتعبير عن ذاتها ككتلة سياسية مهمتها انقاذ بلدانها وتتولى مسؤولية تاريخية الامر الذي يمنح الطبقة السياسية الحاكمة استمرارية بل ويمكنها من كبح مسار تشكل البديل السياسي . ولأهمية بيروت المدينة ورمزيتها للبنان الدولة والجغرافيا هب العالم كله للمساعدة في حين دول أخرى تتعاظم فيها النكبات والكوارث ولا اهتمام عالمي واحيانا يكون دون المستوى ... خروج هذه المجتمعات من أسر طبقات فاشلة سياسيا لا يكون الا من الداخل أولا وفق تكتل سياسي يشكل البديل يصل الى السلطة عبر انتخابات مباشرة او ثورة شعبية واسعة ، ولا مجال لانتظار حل يأتي من الخارج .لان هذا الخارج لا يهمه بناء دولة المواطنة بل صناعة نخبة سياسية يوكل اليها إدارة الشأن السياسي الاقتصادي الأمني بما يحقق مصالحة وهذا ما كانت تقوم به ولاتزال كل النخب والطبقات السياسية في الدول الفاشلة .
وايا كان السبب المباشر والرئيسي لانفجار بيروت فان الحكومة -الدولة - هي المسؤولة لان وظيفتها الرئيسية حماية المجتمع وتحقيق الامن والاستقرار لا ان تكون شريكا في صناعة الكارثة باهمالها او بقصد جماعات سياسية معينة لها حضور داخل مؤسسات الدولة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير