الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التيه والخراب في كتاب -معضلات استراتيجية- ناصر دمج

رائد الحواري

2020 / 8 / 7
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


التيه والخراب في كتاب
"معضلات استراتيجية"
ناصر دمج
لا ضرر من التقرب من الجحيم، والتذكير بالخوازيق/بالمتاهة/بالتيه/بالخراب الذي نعيشه، فمن الضروري ـ أحيانا ـ (ذهاب السكرة) وإتيان الفكرة، رغم أن واقعنا ليس بحاجة إلى شرح أو تحليل، يبقى الكتاب مهم وضروري لتبيان حقيقتنا، فنحن نسير في الاتجاه المعاكس للأمم والشعوب، وما التفجير الأخير في بيروت إلا اشارة (بسيطة وهامشية) لما ينتظرنا في الأيام القادمة، وما صرخة أحدى الفتيات المحتجات أمام "ماكرون" رئيس فرنسا: "لا نريد الاستقلال نريد الانتداب" إلا تعبيرا عن حقيقة واقعنا، صورتنا التي نهرب منها كما هرب "بيجمالون/دوران جراي" من صورته، ، فنحن نعيش في الامكان والازمان والا حياة، مجرد قطيع يقودنا الحمار.
رغم أن الكتاب يتحدث عن الاستراتيجية الفلسطينية والعربية، إلا أنه يكشف أننا بلا استراتيجية وبلا خطة، فهناك (حمار) يسير بنا ونحن خلفه بكل طواعية ورضا، بينما الآخر العدو/المحتل/الامبريالي/الغربي يعمل ضمن خطة قابلة للتطوير والتغيير في كل لحطة، ليصل ويكمل ما بدأيه، ما يريده، فعلى سبيل المثل يتحدث عن عدم تحديد حدود دولة الاحتلال في فلسطين قائلا: "...وقد استدل الإسرائيليون على هذه الوصفة الدستورية من الخبرة البريطانية في التعامل مع حدود مملكتهم، لأن بريطانيا العظمى لم تتمكن من تحديد حدودها منذ أن بدأ عهد الاستعمار في نهاية القرن السادس عشر الميلادي، ...أما اسرائيل فترى أن حدودها لم ولن يتم تحديدها على الأرض والورق قبل أن تضع حرب الاستقلال المقدسة أوزارها" ص14، فالعدو يعرف ما يريد والطرق الصحيحة التي توصله للهدف/للغاية، فلا يوجد ما هو (محرم/محظور) أمام الهدف/الغاية، وهذا ما أكده "اسحاق شامير" عندما تحدث عن ذهابه إلى مؤتمر مدريد: "أود أن أخبركم بأننا ذاهبون إلى هناك، لحصول على ما لم نستطع الحصول عليه بالحرب، فما لم نحصل عليه بالحرب سنحصل عليه بالسلام" ص195، وهذا ما حصل فعلا بعد اتفاقية أوسلو، بينما نحن في فلسطين لم نحصل على شيء، بل فقدنا شرفنا وكرامتنا، وتخلينا عن شهدائنا وأسرانا وأرضنا، مقابل الدور الوظيفي الذي وكل للمستفيدين والمنتفعين، وذهاب عقود من النضال والكفاح لجيوب بعض الأفراد، الذين فرخوا وتكاثروا حتى أصبحوا طبقة تمص دوم الشهداء وتدافع وتخدم المحتل.
والكتاب يوضح أن الغرب المعادي لم يعد بحاجة إلى إخفاء خططه وأهدافه وغاياته، بل يتحدث عنها بالعلن وفي كل مكان، كاشفا وبوضوح و(صراحة) ما يريده منا وعلى أرضنا، فلم يعد هناك إخفاء للخطط والاتفاقيات كما حدث في "سايس بيكو" فكل شيء مصرح به ومعلن، وما قول "ترامب" الرئيس الأمريكي للملك السعودي: "أدفع وإلا لن تستطيع الاحتفاظ بالعرش أكثر من شهرين" إلا تأكيد على حالة الانحطاط والهوان التي أوصلنا إليها (قادة) العشائر والقبائل.
"برناد لويس" يضع حدود جديدة للمنطقة: "...تمهيدا لزرعة بذور التقسيم والانشطار الذاتي من خلال إذكاء نار النعرات الإثنية والعرقية والطائفية داخل بلدان المنطقة العربية مضاف ‘ليها الجوار الإسلامي مثل باكستان وإيران، لتصبح (52) دولة، بحيث تختفي الأمة العربية ومعها خريطة الوطن العربي لمصلحة نظام إقليمي جديد تصبح فيه إسرائيل الدولة الكبرى المهيمنة والقائدة.
... أصبح من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود أفعالهم، " ص381 و382، بهذا الشكل الفاضح يتم الحديث عنا وعن منطقتنا، و(فادتنا) ـ معارضة أم موالاة ـ لا يحركون ساكن، فأي هوان هذا الذي أصابنا!.
وهناك خطط وحدود تفصيلية عن كل قطر عربي، وما جرى ويجري في السودان إلا تأكيدا على حقيقة التقسيم الجديد للمنطقة العربية، وأجزم أن (تفشي) فكرة القبيلة والعشيرة والتي تجري في ليبيا تحديد، ما هي إلا من ضمن خطة "لويس"ـ كما أن اللعب على وتر الطائفة والدين، والذي يجري في العراق ولبنان وسوريا، يؤكد على أن الخطة تسير حسب المخطط، والأدهى والأمر أننا نحن من ينفذ خطة "لويس" وليس غيرنا.
يوضح الكتاب الطريقة الصحيحة التي يجب أن تتبع، في التعامل مع المحتل من خلال هذه المفارقة: "ونستغرب أيضا من وجود الأسرى ومفقودين مصريين منذ عام 1967 داخل المعتقلات الاحتلال الإسرائيلي وهناك معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل، ونستغرب من وجود اثنين وعشرين أسيرا أردنيا وثمانية وعشرين أخرين مفقودين داخل الأسر الإسرائيلي، وهناك معاهدة سلام أيضا بين الأردن وإسرائيل، ونستغرب أكثر من عدم وجود أسرى لبنانيين في المعتقلات الإسرائيلية بعد عام 2008 رغم عدم وجود اتفاقية سلام بين لإسرائيل ولبنان" ص261، وهذا الإهمال للأسرى كان نهج لكل الانظمة العربية الرسمية، وحتى تلك التي تدعي أنها (المخلص/المنقذ) للأمة، يقول "أبو شعيشع" حفيد أحد المفقودين المصريين عن رسالة طالب فيها الرئيس المصري "محمد مرسي" المطالبة والبحث عن جده وبقية المفقودين المصريين، فجاءه الرد من الرئيس المصري بهذا الشكل: "...وأنني تحريت عن موضوعهم وتضح لي بأنهم ليسوا من الجيش أو الشرطة أو القوات الخاصة أو المخابرات، رغم ذلك فلهم حق علي كرئيس جمهورية، لكنهم قاموا بأعمال غير شرعية ويقضون مدة حبسهم في معتقلات إسرائيل، ورفض مرسي استخدام كلمة (أسرى) في الإشارة إلى المصريين الموجودين في المعتقلات الإسرائيلية" ص280و281، هذا هو المخلص والمحرر، (خليفة الإسلام والمسلمين) فماذا ننتظر من (الكفرة والماجنين)؟.
رغم سواد الأفكار وبؤس واقعنا في الكتاب، إلا ان المؤلف استخدم فصول متعددة ومتنوعة جعل الكتاب سلس وسهول التناول، كما أن وجود ملاحق وصورة توضيح كلها سهلت تناول الكتاب.
الكتاب من منشورات مركز الدراسات الاستراتيجية، فلسطين، رام الله، الطبعة الأولى 2015.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في الإمارات لليوم الثالث بسبب سوء الأحوال الجوية


.. -الرد على الرد-.. ماذا تجهز إسرائيل لطهران؟| #الظهيرة




.. بوتين..هل يراقب أم يساهم في صياغة مسارات التصعيد بين إسرائيل


.. سرايا القدس: رشقات صاروخية استهدفت المدن المحتلة ومستوطنات غ




.. أصوات من غزة| ظروف مأساوية يعيشها النازحون في العراء بقطاع غ