الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نبذة عن بداية المسرح الجزائري و علاقته بالمجتمعات العربية و الإسلامية

ردوان كريم
(Redouane Krim)

2020 / 8 / 7
الادب والفن


لم يكن للدول الإسلامية أي فكرة عن المسرح قبل العهد الإستعماري. فقبل ذلك خلال العهد الإسلامي لم يتمكن المترجمون العرب من فهم الكثير من الكلمات خلال محاولتهم ترجمة الفلسفة و المسرح الإغريقي الكلاسيكي إلى العربية لغياب مرادف لها في ثقافتهم. فكان أفضلهم إبن رشد الذي حاول ترجمة كتاب "Poetics " لأرسطو، حيث أنه ترجم كلمة Tragedy و كلمة Comedy d بكلمة "مدح" و كلمة "هجاء" و كان ذلك بعيدا كل البعد عن المعنى الحقيقي للمفردات الأساسية للمسرح الإغريقي القديم. و عليه مهما حاولنا العودة إلى الوراء في التاريخ لا نجد وجود فن مسرحي في المجتمعات العربية و الإسلامية، و كل ما وصلها من الفلسفة و المسرح الإغريقي كان عبارة عن كتابات نثرية تتمحور في الحكمة. هل حرم الإسلام المسرح أم أن هذه الشعوب لم تكن مهتمة بالمسرح؟

الإسلام لم يحرم المسرح و لكن لم يدعم الفن. و من جهة أخرى نجد أثارا رومانية في تونس و الجزائر و بعلبك لمسارح في الهواء الطلق... و نتسائل إذا كانت هذه الدول عرفت المسرح خلال العهد الروماني و البزنطي لماذا توقف هذا التقليد بعد مجيء الإسلام؟ هل كان الإسلام حقا عائقا وسببا لتأخير هذا النوع من الفن أم أن هذه المجتمعات نفسها من لا تهتم بالمسرح؟ فقبل الميلاد كانت حضارة بلاد الرافدين معروفة بملحمة "Gilgamesh king of Uruk"
فوجود عمل غالغامش في الحضارة البابلية الذي يشبه إلياذة هوميروس و الأوديسية، و هيزود ثيوغوني (Hesiod s Theogony) لدليل قاطع على وجود الفن المسرحي في الشرق الأوسط قبل الإسلام بأكثر من عشرة قرون.

خلال الأربعينات و الخمسينات من القرن العشرين بدأ ظهور الفرق المسرحية و الكتابات المسرحية لتعويض ما كان قبلها من السرد القصصي، حيث كان هنالك نوع من الفن أين يقوم أحدهم بسرد قصص مثل جحا و نقول عنه حكواتي، و مع ذلك السرد القصصي الحكواتي، مقلد الأصوات، الراوي، و المسامر (من السمر) ليس بفن مسرحي رغم التشابه .

بداية المسرح في الدول العربية و الإسلامية كان بعد الإستعمار، فكانت بدايته في مصر سنة 1846 و لم يعرف إلا مع أمثال علي سالم و يوسف إدريس ثم لبنان بعدها بسنة (1847) حيث برز المسرح اللبناني مع أنطوان معلوف و عصام محفوظ و جلال خوري أما الجزائر كانت بداية نشأة المسرح سنة 1923، و لم يعرف إلا بعد أن لمع عبد الرحمان كاكي، كاتب ياسين، عبد القادر علولة و سليمان بن عيسى. و هؤلاء أخذوا التقليد الأوروبي عن شكسبير و مولير للحديث عن ثقافتهم و حضاراتهم. ولعل أكبر حضور جمهوري و تفاعل حققه طيب صديقي في المغرب حيث كسر تقليد المسرح الأوروبي في المسرح بتأديته مسرحياته في ملعب كرة قدم.

في سنة 1921 جائت فرقة جورج عبياد المصرية لتأدية تمثيلياتها في الجزائر ما ألهم الشباب الجزائري بالأفكار القومية العربية و الإسلامية!! حيث كان المسرح الفرنسي يخص الفرنسيين فقط، بما أنهم منعوا الكاراكوز karaguz بعد الإحتلال سنة 1842. و مع ذلك مسرح الكاراكوز لم يكن جزائريا بل جاء مع الإحتلال العثماني فهو تركي معروف بتسمية
Theatre of Shadows
و عليه بداية المسرح الجزائري كانت في العشرينات من القرن الماضي، حيث ظهرت ثلاثة فرق ثقافية أولها هي جمعية الطلاب المسلمين الجزائريين, حيث كان إهتمامها بالفكر الإسلامي أكبر. و الثانية هي "المهذبة" و هي فرقة ثقافية أنتجت مسرحيات بالعربية و لم تدم طويلا تحت تسيير طاهر علي شريف. و الثالثة هي "المطربية" و هي فرقة مسرحية و موسيقية ألفها يهود الجزائر على يد Edmond Yafil.

بعد إلتقاء محي الدين بشطرزي و علي سلال المعروف بإسم علالو وهما متكاملان من حيث التمكن الثقافي باللغة العربية و الفرنسية و الموسيقى الشعبية قاما بإنتاج أول المسرحيات الجزائرية الحديثة بمساعدة و دعم يافيل و المطربية. بعد شهرته بشطرزي أراد أن يخلق مسرحا جزائريا محظا وذلك بإدخال الموسيقى و السكاتشات إلى المسرح و ربطهم بالسينما. من جهته علالو قام بتأليف مسرحية "جحا" الطويلة و "قسنطيني" المستمدة من التراث الشعبي و الإسلامي.
أما رشيد قسنطيني كانت بدايته في المسرح في فرنسا و مع عودته إلى الجزائر دعاه علالو و بشطرزي للتمثيل في مسرحية "بوعقلين". حيث أضاف قسنطيني المعروف بإسم بلخضر للمسرح الجزائري اللمسة الواقعية للجانب الفكاهي في تمثيله.
حيث برز بشطرزي سنة 1927 بمسرحية "جوهلة مضنية في العلم " (The Charlatans)
و رشيد قسنطيني ألف مسرحية "زواج بوبرمة" و كان علالو، و بشطرزي و قسنطيني يساعد بعضهم البعض ما بعث المسرح الجزائري إلى الأفق في ذلك الوقت رغم الصعوبات التي واجهوها من قبل الإستعمار الفرنسي و الإسلام المحافظ و المتعصب من الجانب الجزائري. إضافة إلى ردة فعل فرنسا بعد مسرحية "فاقوا" "They are aware" التي كتبها رشيد قسنطيني و دعمها بشطرزي. بعد سنوات قليلة حصل مصطفى كاتب عل رخصة من المستعمر الفرنسي سنة 1946 لإنشاء فرقة المحلية العربية
(Troupe Municipale Arabe)
في أوبرا الجزائر ما أدى إلى ظهور ممثلين و فنانين كبار أخريين مثل مصطفى بديع، عبدالرحمن رايس، و محمد توري تحت قيادة بشطرزي و مصطفى كاتب و لكنها توقفت بعد بداية الثورة و الجماعة الملتحقة بالثورة أسسوا الفرقة الفنية للFLN يترأسها مصطفى كاتب. و بعد الإستقلال أنشأ المسرح الوطني الجزائري. و منه برز عبد القادر علولة، محمد بن عيسى وغيرهم و وصلت المسرحية الجزائرية إلى شكلها الكامل مع كاتب ياسين و محمد بن عيسى و مع ممثلين كبار كالفنان عزدين مجوبي. و يبقى بشطرزي، علالو و قسنطيني أباء روحيين للمسرح الجزائري و مسرحيات كاتب ياسين أرقى ما وصلت إليه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع