الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البطرياركيّة و الوطنيّة – التفوّق الذكوري العدواني و التفوّق الأمريكي – الخطر و التحدّى المباشر

شادي الشماوي

2020 / 8 / 8
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


البطرياركيّة و الوطنيّة – التفوّق الذكوري العدواني و التفوّق الأمريكي – الخطر و التحدّى المباشر
بوب أفاكيان ، 31 جويلية ، جريدة " الثورة " عدد 658 ، 3 أوت 2020
https://revcom.us/a/658/bob-avakian-patriarchy-and-patriotism-the-danger-and-the-immediate-challenge-en.html

مثلما شدّدت على ذلك قبلا :
" حيث توجد الأصوليّة الدينيّة ، سيكون هناك ليس تأكيد بالقوّة للبطرياركيّة و كره النساء فحسب بل أيضا الوطنيّة العدوانيّة - ولاحظوا أنّ الكلمتين لهما الجذر ذاته [ pa- patriarchy + patriotism ] الذى يُحيل على الولاء ( والخضوع لنفوذ) الأب [ father (land) ] . و كما رأينا ستجدون تفوّق البيض و العنصريّة . " (1)
و لننظر بصورة أعمق في هذه الصلة بين التفوّق الذكوري البطرياركي / الأبوي و الوطنيّة – و كذلك تفوّق البيض – و بخاصة في كيف يُعبّر عن هذا بطرق متطرّفة و خبيثة الأصوليّون المسيحيّون الفاشيّون في هذه البلاد.
تعصّب المسيحيّين الفاشيّين الأعمى لترامب
نشأت كرستين كوباز دى ماتز في مدينة بآيوا كانت تعجّ بالأصوليّين الدينيّين (الذين يشار ليهم ب" الإنجيليين " وبالأخصّ " الإنجيليّين البيض " ) الذين صوّتوا بصورة طاغية لدونالد ترامب سنة 2016. و في كتابها ، " المسيح و جون وأين : كيف أفسد الإنجيليّون البيض عقيدة و قسّموا أمّة " ، تبدى هذه الملاحظات الهامة :
" لم يكن دعم الإنجيليّين لترامب إنحرافا و لا كان ببساطة خيارا براغماتيّا . كان بالأحرى تتويجا لمعانقة الإنجيليّين للذكوريّة المناضلة و للإيديولوجيا التي تغرس السلطة البطرياركيّة و تتغاضى عن الإستعراض العنيف للسلطة ، داخل البلاد و خارجها ...
أكثر من ايّ سكّان متديّنين آخرين بأمريكا ، يدعم البروتستانيّون الإنجيليون البيض الحرب الوقائيّة و يتغاضون عن إستخدام التعذيب و يساندون حكم الإعدام ... بدرجة لها دلالتها الإنجيليّون البيض أكثر سلطويّة من أيّة مجموعات دينيّة أخرى ...(2)
في تحليل دى ماتز، ما يطفح إلى السطح ليس مجرّد الرابط ( شدّدت عليه على أنّه " العلاقة المباشرة " ) بين تفوّق البيض العدواني و التفوّق الذكوري و إضطهاد النساء و الوطنيّة المسعورة و رهاب الأجانب الموجّه ضد المهاجرين ، و الدعم الشامل للقمع العنيف في الداخل و كذلك الحرب العدوانيّة في الخارج ، و إنّما أيضا و بوجه خاص دور البطرياركيّة " ذات العضلات"- " ذكوريّة مناضلة " – كمركز و " محور " في كلّ هذا .
و تشدّد دى ماتز أيضا على أنّ كلّ هذا متجذّر في العقائد التي ليست مدفوعة كثيرا دينيّا بل إجتماعيّا و ثقافيّا : تسليم أصولي للدين المسيحي المعتمد حقّا على و الخادم لعلاقات محدّدة إضطهادية و قمعيّة و ما يتناسب معها من نظرات و اهداف إيديولوجيّة و سياسيّة . و قد أشرت قبلا إلى أنّ مظهرا محدّدا للمسيحيّة ذاتها و كذلك للدينين " التوحيديّين "( إلاه واحد) الأساسيين ، اليهوديّة و الإسلام ، هو في الواقع أنّها ديانات بطرياركيّة و تشجّع البطرياركيّة و العلاقات الاجتماعية للتفوّق الذكوري (3) لكن الأصوليين المسيحيين يركّزون النظر و يؤكّدون بصفة خاصة على أجزاء من التقاليد و الكتب المقدّسة المسيحيّة ( في التوراة بالخصوص و أيضا في الإنجيل ) تشجّع بأكثر سطوع و عدوانيّة خضوع و تبعيّة النساء لأزواجهم و عامة هيمنة الرجال على النساء . و مجدّدا ، كما وقع التعبير عن ذلك في الولايات المتحدة القديمة الجيّدة بوجه خاص و هذا يعنى التأكيد على ( بكلمات دى ماتز ) " ذكوريّة البيض المناضلة ".
علاقة " عهد " خاص مع الإلاه
في كتب " لنتخلّص من كافة الآلهة ! " ، أشرت إلى هذا التحليل الهام لكفين فليبس :
" يتفحّص فيليبس كيف أنّه عقب الحرب الأهليّة ، على الرغم من هزيمته و على الرغم من إلغاء العبوديّة ، إثر الإنقلاب على إعادة البناء [ في 1870] " نهض " الجنوب من جديد في ما يتّصل بالسلطة السياسيّة و النفوذ داخل البلاد ككلّ . و في إرتباط بكلّ هذا ، يشير فليبس إلى ظهور أسطورة دينيّة تجذّرت بصفة واسعة في صفوف البيض في الجنوب ، أنّ للجنوب (البيض في الجنوب ) مكانة خاصة لدي الإلاه و أنّه موضع هدف الإلاه في إعادة تركيزه في المكانة المناسبة له و تصحيح الخطأ الرهيب الذى نجم عن الحرب الأهليّة ." (4)
لكن بالنسبة لهؤلاء " الذين لم يتوبوا " و لم تقع إعادة بنائهم " من المتفوّقين البيض الجنوبيّين و الذين إنخرطوا في ذات النظرة السامة ، هذا المفهوم ل " عهد خاص مع الإلاه " ليس منحصرا في الجنوب بل ينسحب في رايهم على الولايات المتّحدة ككلّ – يُرى هذا في آن معا كإمتداد و أعلى تعبير عن " تفوّق الحضارة الغربيّة " و تكليف خاص بتوسيع هيمنتها ليس على شمال قارة أمريكا فحسب بل على العالم ككلّ و على كافة الشعوب لا سيما منها تلك التي وسمها دونالد ترامب بأنها بلدان " ثقوب قرف " في أفريقيا و أنحاء أخرى من العالم الثالث.
أنصتوا إلى كلمات ترامب ( في خطابه في مانت روشمور في 3 جويلية 2020) حول تفوّق " الحضارة الغربيّة " للبيض الأوروبيّين و دور الثورة الأمريكيّة 1776 كإمتداد لأعلى تعبير عن ذلك :
" لقد مثّلت سنة 1776 تتويجا لآلاف السنوات من الحضارة الغربيّة و إنتصارا ليس للروح فقط بل كذلك للذكاء و الفلسفة و العقل الغربيّين ".
و في تغريدة على تويتر نشرها البيت البيض في 7 جويلية ، يقع التصريح بهذه الرسالة :
" الأمريكيّون هم الناس الذين إتّبعوا بيان مصيرنا عبر المحيط ، إلى البرّية المجهولة ، عبر أعلى الجبال ثمّ إلى السماوات و حتّى إلى النجوم " .
من أجل تبنّى هذا التأويل العنصريّ للتفوّق الأوروربي للواقع ، كلّ ما نحتاجه هو تجاهل تاريخ الحضارات القديمة و الأحدث (ضمن مناطق أخرى ) في الصين و الهند و أمريكا ( " ما قبل كولمبو " ) و مصر و أجزاء أخرى من أفريقيا جنوب الصحراء و كذلك الإمبراطوريّات الإسلاميّة ، و كافة المكاسب التى حقّقتها في الفلاحة و الهندسة و اللغة و الأدب وعلم الفلك و الرياضيّات و عديد المجالات الأخرى . و بينما في الواقع بالإستفادة من تجارب و مكاسب الشعوب من كافة أنحاء العالم ، طوال آلاف السنوات ، و من الإستغلال الخبيث للشعوب في كلّ ارجاء العالم اليوم ، يحتلّ التفوّق الأمريكي ( و الأوروبي الأبيض ) موقع القرش الأكبر الذى بلغه عبر الإبادة الجماعيّة و العبوديّة و السرقة و النهب و الحرب ، ليعلن " تفوّقه " و ما يفترض أنّه حق حكم الشعوب الأخرى داخل هذه البلاد و في كلّ أركان الأرض" أعطاه إيّاه الإلاه ".
المسيحيّة الفاشيّة و المعاداة المسعورة للشيوعيّة
و كما تشرح دى ماتز ، في مواجهة الحركات القويّة لستّينات القرن العشرين ضد حرب الفيتنام و الإضطهاد العنصريّ و الجنسي و الجندري ، تمسّك " الإنجيليّون " – و بخاصة " الإنجيليّون البيض " : " بشراسة بعقيدة أنّ أمريكا كانت أمّة مسيحيّة و أنّ الجيش قوّة من أجل الخير و أنّ قوّة الأمّة مرتهنة بأسرة جيّدة التنظيم ، بطرياركيّة. و الظهور السياسي الجديد للإنجيليّين في سبعينات القرن العشرين تمحور حول خليط قويّ من سياسة " القيم الأسريّة " و لكن القيم الأسريّة كانت دائما مترابطة مع أفكار حول الجنس و السلطة و العنصر و الأمّة . و قد مثّلت الحركة النسائيّة تهديدا لتقاليد الأمومة و كذلك للأمن القومي بإبعاد الرجال عن مهمّتهم ألا وهي توفير الحماية و بفتح الباب أمام النساء في القتال العسكري . و في السياق نفسه ، لم تكن الفيتنام مسألة أمن قومي فحسب بل كانت أيضا مسألة أزمة ذكوريّة . (5)
و واقع أنّه بكلّ سطوتها العسكريّة و بالرغم من القتل المريع و الدمار الهائل الذين أنزلتهما على الفيتنام و على شعب الفيتنام، أخفقت الولايات المتّحدة في مسعاها لإخضاع الفيتنام – و إضطرّت إلى الانسحاب من الفيتنام مهزومة – و قد جعل هذا الأصوليّين المسيحيين الفاشيّين يجنّون جنونهم . و بما أنّ قادة نضال التحرّر الوطني الفيتنامي كانوا يشخّصون كشيوعيّين، إمتزج هذا و عزّز الكره المتزمّت للمسيحيين الفاشيّين ل " الشيوعية بلا إلاه " . و هنا نلاحظ " مزيجا ساما " من معاداة الشيوعيّة بلا عقل و شعور بإحباط " العسكريّة الذكوريّة ذات العضلات ".
و طبعا ، إستخدام الدين للتشجيع على الوطنيّة المفروضة بالقوّة لم يقتصر على اليمين و الفاشيّين صراحة كممثّلين للرأسماليّة - الإمبرياليّة الأمريكيّة . في خمسينات القرن العشرين ، في ظلّ رئيس " السائد " (الجمهوري " المعتدل " ) إيزنهاور وقعت إضافة كلمات " تحت الإلاه " لإعلان الولاء كجزء مباشر من الحملة الصليبيّة ضد التهديد الذى تمثّله " الشيوعية بلا إلاه ".فبالنسبة للهيمنة الأمريكيّة على العالم ، بكلّ الفظائع التي شملها بلوغ هذه الهيمنة و الحفاظ عليها . و قد شمل هذا الإستعمال الفعلي لقنبلتين نوويّتين من قبل الولايات المتّحدة مع نهاية الحرب العالميّة الثانية – بأمر من الرئيس الديمقراطي ترومان – ما تسبّب مباشرة في قتل مئات الآلاف حرقا من المدنيّين اليابانيّين في مدن هيروشيما و ناغازاكى ( و عرّض عديد الآخرين إلى عذابات ) مدشّنا " عصرا نوويّا " تواصل لأجيال الآن كتهديد وجودي دائم الحضور بالنسبة للبشر في كلّ مكان .
لكن اليوم ، يحكم الفاشيّون في الولايات المتّحدة – و المسيحيّون الفاشيّون القوّة المحرّكة في هذا – و هم مستعدّون لإقتراف كلّ هذه الفظائع حتّى إلى حدود قصوى و أكثر وحشيّة . أنصتوا إلى ترامب العدواني و عدوانيّة الأناشيد المادحة للقدرة الأمريكيّة على التدمير ، في الكلمات التالية من موقفه في 4 جويلية ( يوما بعد إحتفائه ، في مارت رشمور ، ب " بيان المصير " الأمريكي و ما عناه بعدُ من إبادة جماعيّة ) :
" لا يملك أي عدوّ على الأرض فرصة – إستثمرنا 2.5 تريليون دولار – و ميع ذلك مصنوع في الولايات المتّحدة الأمريكية. لم نملك قط شيئا يقرب من القوّة و التجهيز الذين بحوزتها الآن. لقد قمنا بذلك طوال السنوات الثلاث الماضية ... فى كلّ مكان حلّقت في طائراتنا ، أنزلت الرعد الأمريكي و نفّذت العدالة الأمريكيّة و قد دافعت بشراسة عن كلّ شبر من السيادة الأمريكية ... و في مصانع حديدها و أجنحتها العريضة و محرّكاتها الهدّارة ، نشاهد قصّة التحدّى الأمريكي الجسور و روحه المحلّقة و تصميمه الثابت ".
في هذا ، نحتاج إلى أن نقرّ ليس بالموقف الأكثر بداهة و المقيت و الذكوري لترامب فحسب لكن على مستوى أعمق ، نحتاج أن نقرّ بالرابط الوثيق و الترابط بين الهيمنة الذكوريّة التي لم تتراجع و من النوع الأعنف و الحثّ على الحرب للدفاع عن " الأمّة المختارة من قبل الإلاه "( وهي في الواقع إمبراطوريّة الولايات المتّحدة الرأسماليّة – الإمبرياليّة ). و في علاقة بهذا ، مفيد جدّا هو التالى من كتاب " المسيح و جون وأين ..." مبقين في الذهن مرّة أخرى أنّ المؤلّفة تستخدم مصطلح " الإنجيليين " أو " الإنجيليين البيض " في إحالة على ما يجب تشخيصه علميّا كأصوليّين مسيحيين فاشيّين ):
" بالنسبة للإنجيليّين ، السياسة المحلّية و الخارجيّة وجهان لعملة واحدة . القوميّة المسيحيّة – الإعتقاد أنّ أمريكا هي أمّة الإلاه المختارة و يجب الدفاع عنها كما هي – يخدم كفارض قويّ لعدم التسامح تجاه المهاجرين و الأقلّيات العرقيّة و غير المسيحيّين . و هذا متّصل بمعارضة حقوق المثليّين جنسيّا و التحكّم في الأسلحة ، و بدعم عقاب أقسى للمجرمين و بتبريرات إستخدام القوّة المفرطة ضد الأمريكيين السود في أوضاع فرض للقانون و بالإيديولوجيا الجندريّة التقليديّة. لقد وضع الإنجيليّون البيض معا هذا الخليط من المواضيع ، و الإلتزام المتلهّف بفظاظة و عدوانيّة ذكوريّة البيض المناضلة التي تخدم كخيط ناظم لها في كلّ متناغم. حكم الأب في المنزل مرتبط إرتباطا لا تنفصم عراه بالقيادة البطوليّة على المستوى القومي و مصير الأمّة مرتهن بالإثنين .(6)
الواقع هو أنّ مصير الإنسانيّة يمكن إلى درجة كبيرة جدّا أن يتوقّف على نبذ صريحو هزيمة حاسمة لهذا المزيج السام من البطرياركيّة العدوانيّة و وطنيّة أمريكا المسيحيين البيض . و يتكثّف هذا بالمعنى المباشر جدّا في حاجة الجماهير الشعبيّة إلى العمل الآن على الحاجة الإستعجاليّة لترحيل نظام ترامب / بانس الفاشيّ من السلطة ، و أقوى تعبيرات هذا هي تعبأة جماهيريّة غير عنيفة لكن مستمرّة لجماهير في الشوارع موحّدة حول المطلب الموحّد : رحيل هذا النظام الآن !
و بالمعنى الأكثر جوهريّة ، كلّ هذا يرتهن في نهاية المطاف بالإطاحة بهذا النظام و إجتثاثه ، نظام الرأسماليّة – الإمبريالية الذى يمثّل الأرضيّة التي ولّدت هذه الفاشيّة الفظّة .
هوامش المقال :
1. Fascists Today And The Confederacy: A -dir-ect Line, A -dir-ect Connection Between All The Oppression. This article by Bob Avakian is available at revom.us.
2. Kristin Kobes Du Mez, Jesus and John Wayne: How White Evangelicals Corrupted a Faith and Fractured a Nation, Liveright Publishing. The passages quoted here are from the “Introduction.”
3. See Morality Without Religion, Emancipation That Is Real. This article by Bob Avakian is available at revcom.us.
4. Bob Avakian, Away With All Gods! Unchaining the Mind and Radically Changing the World, Insight Press, 2008, pp, 141-42. The statements by Kevin Phillips cited here are from Kevin Phillips, American Theocracy: The Peril and Politics of Radical Religion, Oil, and Borrowed Money in the 21st Century, Viking Press, 2006.
There is a definite irony in the fact that Phillips was one of the main people responsible for formulating the Republican Party’s “southern strategy,” which was based on the appeal to the racism of white southerners who are characterized by the very kind of views and sentiments that Phillips describes, critically, here. It seems that Phillips later came to regret at least much of where this “southern strategy” has led, and this book of his contains important exposure and analysis of this.
5. Jesus and John Wayne, the “Introduction.”
6. Jesus and John Wayne, the “Introduction.”
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري