الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة السّلام أساس بيت متين

عزيز سمعان دعيم

2020 / 8 / 9
المجتمع المدني


مقابلة مع السيد إيليا حاج، عامل اجتماعي ومدير قسم الخدمات الاجتماعيّة في المستشفى الإنكليزي في الناصرة.

السيد إيليا حاج عامل اجتماعيّ، إنسانٌ مهنيّ، له خبرة سنوات طويلة في العمل الاجتماعيّ، وعلى الأخص في المجال الصحيّ، كما له مساهمات وأدوار كثيرة في متنوع الخدمات الإنسانيّة وما يُسمى "الانجيل الاجتماعيّ"، أي اتباع خطوات السيّد في خدمة المريض والمتألم والمحتاج، من خلال عمله في مستشفى مسيحيّ، ومن خلال تطوعه في أكثر من مؤسسة إنسانيّة تهدف لإعلان محبة الله، والعمل ضمن النموذج الذي أوصى به الرّب يسوع "لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي. عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ" (متى 25: 35 و36).

فيما يلي وجهة نظره لثقافة السّلم المجتمعيّ، وتطرّق لبعض البنود والتوجهات الهامة:
ثقافة السّلم المجتمعيّ تعني العيش مع الآخر على مبدأ الاحترام المتبادل والشراكة التبادليّة والتقبّل، وتسعى لبناء مجتمع سليم.
تبدأ التربية للسّلام في البيت وتتعزز في المدرسة التي هي البيت الثاني، والعامود الثاني، وهي أساس هام لنشر الثقافة والتربية وصقل شخصيّة الفرد، وعليه دور الإدارة المدرسيّة هي معرفة احتياجات طلابهم في هذا المجال، وتخطيط وبناء وتنفيذ فعاليات وبرامج تُعزز السلم المجتمعيّ.
ثقافة السلام تنشر من خلال تبني المدرسة للقيم والمبادئ الديمقراطيّة، وقيم إنسانيّة، وعلى رأسها احترام الإنسان لأنه إنسان، واحترام الحقوق الأساسيّة لكل إنسان.
هنالك مجموعة عوامل تؤثر سلبًا على ثقافة السّلام، وعمل المدارس في هذا المجال، منها: "استقلاليّة" المدرسة، بل انفصالها عن المجتمع الأمر الذي لا يساهم في وضع برنامج مجتمعيّ ملائم يتناسب مع الواقع، كذلك تهميش دور لجنة الأهالي وهي الممثلة الرسميّة لأهالي الطلاب في المدرسة، وأيضًا عدم وجود دور أو علاقة واضحة للبلدية ولقسم المعارف، إضافة للجو العام السياسيّ والمحسوبيات الموجودة.
لذلك من المهم أن تؤمن إدارة المدرسة وتتبنى فكر ثقافة السلام، ليس فقط في مستوى الشعارات، بل أساسًا في فحص الوضع القائم والعوائق، ووضع برنامج لمشاركة كل الأطراف من أجل تعزيز هذا الفكر، فهذه الثقافة يجب مأسستها كبرنامج مجتمعيّ بمشاركة المعلمين والأهالي والمجتمع، كما ومن الضرورة مشاركة القيادات المجتمعيّة المعتدلة.
وعليه بالإمكان تبني مجموعة برامج لتعزيز ثقافة السلام، مثل: المشاركة المتبادلة في الأعياد والمناسبات الدينيّة والاجتماعيّة، انتخاب لجنة أهالي ولجنة طلابيّة وافساح المجال لكل منهما للعمل بشراكة محترمة، تبني وتطوير مشاريع وبرامج التطوع من أجل خدمة المجتمع، تشجيع زيارات تثقيفيّة تعليميّة وخدماتيّة وتطوع للوقوف عن كثب على وضع الخدمات التي تقدم في المستشفيات، وبناء شبكة أطباء وأصحاب مهن طبيّة متنوعة (داعمة) لتقديم محاضرات وندوات، والقيام ببرامج مشتركة مع الطلاب، إضافة لزيارة طلاب لأطفال مرضى وغيرهم في الأعياد الدينيّة والمناسبات المتنوعة.
وفي حديث عن دور المستشفيات في تعزيز ونشر ثقافة السّلم المجتمعي، يقول السيد حاج: المستشفى يشكّل المكان الذي يصل إليه كافّة قطاعات المجتمع، إذ أنّ المَرَض لا يفرّق بين شخص وآخر، الجميع في نفس السفينة والأزمة، الكل بحاجة إلى علاج وشفاء، وشعور بالأمان والسلام الداخليّ. المستشفى يقرّب بين أفراد المجتمع على اختلاف أنواعهم ولغاتهم وقومياتهم وتوجهاتهم، إذ يُسيطر الشعور المتبادل، الشعور مع الآخر، ودعم الواحد للآخر. لهذا للمستشفيات دور أساس وهام في توفير الجوّ للمعالجة الإنسانيّة، وإعطاء الكرامة والاحترام للجميع دون تمييز، وتوفير الشعور بالأمان والسلام النفسيّ، الذي يُعتبر عِماد ثقافة السلم الاجتماعيّ، وخاصة في المستشفيات المسيحيّة، التي يتطلب منها تقديم رسالة المسيح، إذ تقوم بدور السفير له، فهو القائل "سلامي أترك لكم سلامي أعطيكم"، فدور المستشفى المسيحيّ يرتكز على تقديم رسالة المسيح للجميع، رسالة المحبة والسلام، من خلال تقديمه للخدمة الطبيّة النفسيّة، والاجتماعيّة الروحيّة للجميع وعلى أفضل وجه.
وفي تطرقه للسؤال عن دور العامل الاجتماعيّ، ودور قسم الخدمات الاجتماعيّة في نشر ثقافة السلام، يقول: إنّ دور العامل الاجتماعيّ والخدمات الاجتماعيّة، هو جزء هام من الخدمة التي يقدمها المستشفى، وذلك من خلال فهم ما يمرّ به المريض وعائلته، وإدراك حاجتهم النفسيّة والاجتماعيّة والروحيّة، من أجل مساعدة المريض ومساعدة عائلته على إيجاد الحلول ومواجهة الأزمة المرضيّة وما يحيط بها، هذا الدور يعكس مساهمة العامل الاجتماعيّ في ترسيخ مفهوم السلم الاجتماعيّ للمرضى، من خلال تقديمه الخدمة لكل محتاج في مجتمعنا. من المفروض أن يعبّر دور العامل الاجتماعيّ في المُستشفى المسيحيّ، بل في كل مستشفى، عن محبة المسيح للمرضى بقوله "كنت مريضًا فزرتموني..."، فالعامل الاجتماعيّ يساعد المريض وعائلته، إذ يساهم في رفع مستوى الطمأنينة والأمان الداخليّ لمواجهة المرض والألم والصعوبات، فما أحوج مجتمعنا إلى السلم والسلام في كل وقت، فكم بالحريّ في الأزمات، وما أحوج المريض وعائلته إلى من يُقدم لهم المساعدة والمشورة والكلمة الطيّبة وقت الأزمة، فالرّب يسوع جاء إلى المرضى لا إلى الأصحاء.

عبارة ختاميّة
ختامًا يُشبّه الحاج ثقافة السّلام بأسس بيت متين، مبني على يقين محبّة الآخر، فما ترضاه لنفسك أطلبه أيضا لغيرك، فكما تريد أن يفعل الناس بك افعل هكذا أنت أيضا بهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هاجمه كلب بوليسي.. اعتقال فلسطيني في الضفة الغربية


.. تغطية خاصة | الفيتو الأميركي يُسقط مشروع قرار لمنح فلسطين ال




.. مشاهد لاقتحام قوات الاحتلال نابلس وتنفيذها حملة اعتقالات بال


.. شهادة فلسطيني حول تعذيب جنود الاحتلال له وأصدقائه في بيت حان




.. فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي