الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفجير بيروت هو استمرار لحرب تموز 2006

جورج حداد

2020 / 8 / 10
الارهاب, الحرب والسلام


في العقدين الماضيين حققت المقاومة الوطنية اللبنانية (ولاول مرة في تاريخ الصراع العربي ـ الاسرائيلي) انتصارين كبيرين على العدو اليهودي:
الاول ـ هو تحرير الاراضي اللبنانية المحتلة (ما عدا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا).
والثاني ـ هو الانتصار الكبير في المواجهة بين المقاومة والجيش الاسرائيلي (الذي لا يقهر!) في حرب تموز 2006.
في الانتصار الاول كان العدو يحتل الارض بشكل مكشوف والمقاومة موجودة في الخفاء. وقد استفادت المقاومة الوطنية اللبنانية من الاخطاء السابقة للمقاومة الفلسطينية على الارض اللبنانية، خصوصا لجهة تجنب الاستعراضية الفارغة والفاضحة والتموضع في مراكز وقواعد مكشوفة للقاصي والداني. وقد طبقت المقاومة الوطنية اللبنانية التاكتيكات المجربة والناجحة لحرب العصابات الشعبية الكلاسيكية ضد جيوش الاحتلال النظامية، وهي التاكتيكات القائمة على قواعد المباغتة و"اضرب واهرب". وبنتيجة العمليات المتواصلة للمقاومة "اقتنع" العدو انه فقد زمام المبادرة، وانه يخضع لحرب استنزاف لا قدرة لمجتمعه المصطنع ان يتحملها، وانه يدفع ثمنا باهظا لاحتلال الارض اللبنانية، وهو ما لم يعتد عليه في احتلال اي ارض عربية اخرى، ففضّل الانسحاب الفراري بدون شروط من الارض اللبنانية.
وفي الانتصار الثاني كانت الظروف معكوسة: فالعدو كان خارج الارض اللبنانية المحررة، ويريد التقدم لاحتلال الارض و"تنظيفها" من جيوب المقاومة حيثما توجد. ولكن العدو ووجه بمفاجأتين جديدتين تماما:
ـ1ـ كما يحدث في اي حرب نظامية، حشد العدو قواته واسلحته المتفوقة (التي كان ينتصر بها على جميع الجيوش العربية) وقام بالقصف الميداني والجوي الكثيف تمهيدا لتقدم نخبة قواته من المدرعات والمشاة للامساك بالارض و"تنظيفها". وفي المعارك الشرسة التي نشبت، كان على المقاومة الوطنية اللبنانية ان تدافع عن الارض، وتمنع العدو من الامساك بها. ولهذه الغاية طبقت المقاومة نصيحة القائد هملقار برقة لابنه القائد القرطاجي الفينيقي العظيم هانيبعل برقة "دع الارض تقاتل عنك". وبعد ان "مشّط" القصف المعادي الارض شبرا شبرا وتقدمت ارتال العدو للامساك بالارض، خرج المجاهدون الاشاوس، احفاد المدافعين الاسطوريين عن صور بوجه الاسكندر المقدوني والمدافعين الاسطوريين عن قرطاجة بوجه سيبيون الروماني، ـ خرجوا من رحم الارض وباطنها ليقدموا للعالم درسا جديدا في الابجدية الفينيقية، غير ابجدية الحروف، وهي ابجدية البطولة والعزة الوطنية والكرامة الانسانية. وقد فشل العدو في التقدم للامساك بالارض، وفرّ مهزوما من ارض المعركة.
ـ2ـ المفاجأة الثانية، الكبيرة، التي تعرض لها العدو في حرب تموز 2006، هي ان المقاومة قامت بالرد على القصف المعادي للاراضي اللبنانية، بالقصف الصاروخي غير المتوقع للمواقع الاسرائيلية. وكانت المقاومة تقوم بالتحريك السريع لقواعد اطلاق الصواريخ. فحينما كان طيران العدو يأتي لقصف مواقع الاطلاق كان يقصف مواقع خالية، وكانت صواريخ المقاومة تتابع قصف المواقع الاسرائيلية المحددة من قواعد اخرى.
لقد شكلت حرب تموز 2006 اول هزيمة للعسكرية الاسرائيلية في "حرب مواجهة" مع قوة محاربة عربية. وهذا يمثل نقطة تحول مفصلية في تاريخ الصراع العربي ـ الاسرائيلي وتاريخ وجود اسرائيل.
وقد سارعت اسرائيل لتشكيل ما سمي "لجنة فينوغراد"، للبحث في اسباب هذه الهزيمة ولايجاد السبل لتلافيها في المستقبل.
ويدخل في باب تبسيط الامور الاعتقاد ان "لجنة فينوغراد" قد اقتصرت على البحث في "تقصيرات" القوات الاسرائيلية والعمل لتلافي هذه "التقصيرات" في المستقبل. فالبحث في "التقصيرات" ونقدها كان هو الجانب الاصغر في عمل "لجنة فينوغراد". وفي رأينا المتواضع ان "لجنة فينوغراد" ومعها كل القيادات الاسرائيلية قد انكبت على البحث في ايجاد اشكال جديدة، غير متوقعة، للحرب ضد لبنان، شعبا ومقاومة وجيشا. وان تفجير بيروت في 4 اب 2020 هو استمرار لحرب تموز 2006، وبتعبير ادق هو رد اسرائيلي ـ اميركي ـ طابورخامسي لبناني على هزيمة اسرائيل في حرب تموز 2006، وهو "الحرب الاسرائيلية الثالثة" ضد لبنان.
ويجري الان نشر فكرة وتسويقها، خاصة من خلال التحقيقات الامنية والقضائية الجارية، مفادها ان كارثة 4 اب 2020 هي "انفجار" وليست "تفجيرا"، وهي انفجار ناتج عن الاهمال والفساد لا غير.
لا شك ان الاهمال وعدم الكفاءة وعدم الشعور بالمسؤولية والاستهتار والفساد هي من العوامل المساعدة على تنفيذ هذه الجريمة الكبرى ضد الشعب اللبناني ومقاومته التي هزمت العدو الاسرائيلي لاول مرة في تاريخه. وهو ما لا تغتفره اسرائيل واسيادها واذنابها للبنان. ولكن الحقيقة الجوهرية هي ان هذه الكارثة هي عملية مخابراتية دولية (نواتها الموساد والسي آي ايه ومخابرات حلف الناتو). وبموجب هذه العملية تم اختراع شركة دولية وهمية قامت بشراء كمية ضخمة من نترات الامونيا المتفجرة من النظام العميل لاميركا في جورجيا، وشراء او استئجار باخرة مشبوهة لنقل هذه المواد الى موزامبيق (!!!)، ثم تحويل هذه الباخرة الى المرفأ اللبناني بطريقة مشبوهة تماما، ثم حجز الباخرة في لبنان ثم تفريغها في مرفأ بيروت بطريقة مشبوهة جدا جدا، ومن ثم زرع هذه القنبلة النووية الصغيرة في قلب لبنان والاحتفاظ بها طوال هذه السنوات لتفجيرها "بالوقت المناسب" وتدمير بيروت. وقد اسرع عميل اليهودية العالمية والمخابرات الاميركية الرئيس الفرنسي عمانوئيل معكرون (يبدو من اسمه انه من جذور يهودية ـ عربية)، اسرع الى بيروت لرسم الخطوط العريضة لوضع لبنان تحت الوصاية الاجنبية والتخلص النهائي من المقاومة، سلميا وسياسيا او امنيا وعسكريا.
لقد سبق للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ان قال "ان اسرائيل هي اوهى من بيت العنكبوت". واسرائيل ليست دولة "عربية"، وتعرف ان السيد حسن نصرالله ليس زعيما "عربيا!!!"، وبالتالي تعرف انه لا يقول الا ويفعل. واسرائيل لم تعد تنام والسيد حسن نصرالله والمقاومة "موجودان" على خاصرتها.
وبالامس رفع زعران الطابور الخامس في ساحة الشهداء في بيروت صورة للسيد حسن نصرالله على المشنقة، وليست هذه سوى رسالة اسرائيلية واضحة وصريحة. وهي تدل تماما على الدور الذي اضطلع به الطابور الخامس اللبناني في تفجير بيروت والتصميم على تفجير لبنان.
وفي ما مضى قال الشهيد الكبير انطون سعادة "ان الصراع مع اسرائيل هو صراع وجود لا صراع حدود". ومنذ فشل اسرائيل في القضاء على وجود المقاومة، في حرب تموز 2006، بفضل ثلاثية "الشعب والجيش والمقاومة"، تدل كل الدلائل ان هناك حكما اميركيا ـ اسرائيليا ـ طابورخامسيا بالقضاء على لبنان وازالته من الوجود، كشرط حتمي للاحتفاظ بوجود اسرائيل. وقد تأكد ذلك حينما قام اركان الطابور الخامس المعشش في القطاع المالي والمصارف والبنك المركزي بتهريب اموالهم واموال المودعين اللبنانيين التي سرقوها، الى الخارج. لانه جاءتهم "كلمة السر" بأن لبنان محكوم بالاعدام (!).
وفي وقت سابق قامت "القوات اللبنانية" بقيادة سمير جعجع برمي حاويات النفايات الاوروبية السامة في اراضي كسروان وغيرها من "الاراضي المسيحية" التي تدعي "القوات اللبنانية" الدفاع عنها. وبالامس قام الطابور الخامس بدوره بنجاح في تفجير 4 اب 2020. وسيكون من السذاجة الاعتقاد ان هذه هي "خاتمة الاحزان". فمن يدري الان ماذا تحضر اميركا واسرائيل للبنان، بالتعاون مع الطابور الخامس في مناطق نفوذه؟ وهل هناك وازع اخلاقي امام اسرائيل واميركا والطابور الخامس من تلويث مياه البحر ونشر الامراض وتسميم المياه واحراق الغابات ونشر الامراض الزراعية لاتلاف المحاصيل وغيرها من اشكال الحرب البيئوية والجرثومية والبيولوجية التي هي في التقاليد والثقافة الدينية لليهود، وقد طبقها يهوه وموسى التوراتي في القديم ضد المصريين، كما تقول التوراة ذاتها؟
ان لبنان هو امام معركة وجود في الداخل والخارج.
ولكي يكتمل انتصار حرب تموز 2006 ضد يهود "الخارج"، ينبغي الانتصار على "يهود الداخل" الذين يتمثلون بالطابور الخامس اللبناني، الذي يخوض الان المعركة نيابة عن اسرائيل ضد المقاومة خاصة والشعب اللبناني عامة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو