الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم - أشباح گويا - يوثق حقبة سوداء فى تاريج اسبانيا ، ونقدا لاذعا لاخطاء وفساد السلطة الدينية والسياسية ومحاكم التفتيش .

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2020 / 8 / 10
الادب والفن


فيلم "أشباح گویا " يوثق حقبة سوداء فى تاريج اسبانيا ، ونقدا لاذعا لاخطاء وفساد السلطة الدينية والسياسية ومحاكم التفتيش .


فرانشيسكو دي غويا ، الرسام الاسباني –ولد في 30 مارس من عام 1746 في سرقسطة، إسبانيا - توفي في 16 أبريل 1828 في ، بوردو، فرنسا - الذي عكس فنه الاضطرابات السياسية والاجتماعية في تلك الفترة . وهو واحد من أشهر الرسامين الإسبان وأحد الفنانين الأوائل لفن الرسم الحديث والذي تتسم رسوماته بحركات الفرشاة الحرة والألوان الرائعة الثرية، ما يجعله رائد الحركة الانطباعية التي ظهرت في أوائل القرن التاسع عشر . تجربة الفنان الاسبانى فرانسيسكو غويا أثارت جدلاً فكرياً طوال القرن العشرين وحتى الآن، كما أن الكثير من المخرجين السينمائيين راحوا يستلهموا حياته في إعمال سينمائية . ليس غويا وحده بسيرته الذاتية، وفنونه الراقية ، وموهبته الفذة، ولوحاته الخالدة هو الذى أثار الجدل من حوله، بل إن الافلام السينمائية التى تم إقتباسها عن حياة الفنان ككل، أو عن جزء من هذه السيرة قد أثارت الجدل بين النقاد، والباحثين، فصارت مادة للكتابة، من حيث الاختلاف، والاتفاق حول حياة الفنان، وافكاره وتحولاته . وتناولت الكثير من الاشرطة والافلام السينمائية جوانب من سيرة حياة فرانشيسكو غويا ومن هذه الافلام :
- فيلم "ماجا العارية " في عام 1958 ، من اخراج هنري كوستر، وبطولة انطوني فرانشيواز و آفاجاردنز ، والفيلم الثاني كان فيلم (غويا) الذي انتج في عام 1971 وكان من "اخراج كونراد وولف"، والفيلم الثالث كان فيلم ( غويا في بوردو) في عام 1999، وهو دراما تاريخية اسبانية ومن اخراج "كارلوس ساورا" . اما المخرج العبقري الراحل ميلوش فورمان فقد اخرج في عام 2006 فيلم "اشباح غويا". هذا الفيلم يوحي لنا بانه سيتناول سيرة الفنان التشكيلي الاسباني فرانشيسكو دي غويا ، وبشكل خاص مرحلة محددة من فنه التي بدأت تظهر في لوحاته الاشباح والكائنات الاسطورية ، ولكن الفيلم يأخذنا بعيدا عن أعمال الرسام غويا وشخصه ، ولكنه شاهد على أحداث تلك الفترة . ويتناول فيلم " أشباح گوی---ا " قصة القس لورينزو، ويقوم بدوره الممثل الاسباني ( خافييرفارديم) وهو قس فاسد ولكنه يتمتع بشخصية قوية جذابة ، يغرم باينيس الفتاة الصغيرة عندما يرى لوحتها في مرسم الفنان غويا، وتقوم بدورها الممثلة (ناتالي بورتمان)، وهما شخصيتان خياليتان مستوحتان من احدى لوحات غويا الذي يعتبره بعض النقاد رائدا للحداثة في الفن . في إفتتاحية الفيلم تظهر لوحات مطبوعة بالابيض والاسود تحتل كامل الشاشة ، يُوظَف فيها كائنات خرافية في السخرية من الواقع السياسي ونقد المؤسسة الدينية في اسبانيا، تتقاطع مع لقطات قريبة لوجوه كهنة محاكم التفتيش العكرة والمكروهة، وهم يتداولون في اجتماعهم تلك الرسومات ويناقشون في ادانتها ، الفيلم يبدأ باستعراض القساوسة فى نهايات القرن الثامن عشر لبعض رسومات "غويا" الساخرة التى تصوّرهم أشباحاً ومسوخاً مشوهة ، ومن شعور رجال الدين بخطر يهدد سلطتهم من تأثير لوحات غويا تلك والمنتشرة بين عامة الناس، فعلى الرغم من موقع غويا كرسام للبلاط الملكي وكذلك للكنيسة ورجالها، لكنه منذ 1793 وعلى امتداد ست سنوات بدأ برسم لوحات والتي تعتبر نقدا لاذعا لاخطاء وفساد السلطة الدينية والسياسية وعيوب المجتمع كما صورالمشانق ومحاكم التفتيش ، لا ينقذه من أيديهم إلا صديقه القسيس "لورنزو" الذى كان يرسم له "غويا" بورتريهاً فى ذلك الحين، ويقوم بتجسيد دور الرسام غويا، الممثل السويدي" ستيلان سكارسكارد ". الاب لورينزو (خافير بارديم) شخصية رئيسية محركة للاحداث في الفيلم ، نصح (لورنزو) أعضاء محكمة التفتيش الإسبانية بأن الرد على هذه الصور لن يكون إلا بمزيد من الرقابة الصارمة والحزم والشراسة فى العقاب، بدأ تنفيذ النصيحة بانتشار المراقبين والمخبرين فى الشوارع والحانات ، وتبدا فرقة مخبرى محكمة التفتيش فى ممارسة مهامها ، وفى احد الحانات تجلس فتاة مع اخواتها (إينيس) وحين يقدم لها خنزير مشوى ترفض الاكل منه ، تستدعى الفتاة الى محكمة التفتيش، ولاينفع مركزها الاجتماعي وهى إبنة تاجر كبير ، وتبدا المحكمة استجوابها وتقوم بتعذيبها لتنتزع منها اعتراف على انها تمارس طقوس يهودية فى السر . الاب التاجر يذهب الى الرسام " فرانشيسكو غويا" يستنجد به بما له من علاقات بما فيهم القسيس لورينزو ، وحاول الرسام غويا بالتوسط لدى القسيس الذى ينزل الى القبو الذى يضم مساجين المحكمة ويتعرف على الفتاة " إينيس" بنت التاجر ، ويواسيها وينقل لها أخبار أهلها ويقوموا بالصلاة معا ثم يقوم باغتصابها، يذهب الرسام والقسيس الى بيت التاجر لحضورمادبة عشاء ، ويعرف التاجر إن إبنته قد خضعت للاستجواب والتعذيب ، وحين يسال الاب متى تخرج ابنته من السجن ، يرد القسيس ببرود بعد المحاكمة لانها اعترفت انها تمارس طقوس يهودية فيرد التاجر اليس تلك الاستجوابات انتهت من سنين فيرد القسيس: " نعم ولكن، فى هذا الوقت العصيب عندما تكون الحقيقة مطلوبة فمن مهام الكنيسة ارجاعها الى صوابها وان الاعتراف الناتج عن الاستجواب يعنى دليل قاطع ونهائى". وهنا يرد الرسام "غويا" : (انه لو وضع تحت الاستجواب سيعترف باى شئ مهما كان) ، فيرد ألأب :"ان خوفك من الله يمنعك من الاعتراف الخاطئ " يعود التاجر ويسأل ألأب : هل تعرضت يوما للاستجواب ؟ "، فقال له لا فيرد عليه التاجر :" ماذا اذا تعرضت للاسستجواب وارادوا منك أن تعترف انك قرد فهل تتحمل الالم ويمنحك الله القوة ام تعترف لهم" ، فيرد القس " لن اعترف "، فيقوم التاجر ويحضر حبلا ويربط القس ألأب بمساعدة ابناءه ويقوم بتعذيبه مع اعتراض الرسام غويا على هذا التصرف ، فيطلب التاجر من غويا المغادرة ، فيقوم الراهب أو القسيس بالتوقيع على وثيقة يعترف فيها انه قرد وأنه دخل الى الكنيسة بدوافع المنفعة الشخصية وليس الايمان . ويساومه التاجر عليها، أما أن تخرج ابنته مع هدية للكنسية وهي منحه (صندوق ملئ بالذهب) مقدمة للكنيسة ، أوأن يقدم وثيقة الاعتراف لمحكمة التفتيش، ربما كان أحد أجمل مشاهد الفيلم من ناحية المغزى العميق لماهية الحقيقة ومدى صمود الإنسان أمام التعذيب ذاك المشهد المؤثر الذي يلبي فيه لورينزو دعوة والد الفتاة انيس بالقدوم إلى منزله فتدور مناقشة حامية بينهما حول معنى البراءة والاعتراف تحت ضغط التعذيب . يقابل القسيس رئيس المحكمة ويفاتحه فى هدية التاجر وخروج أبنته، يقبل الهدية ، ولكنه ويرفض خروج البنت، عندها يقدم التاجر الوثيقة فيتم طرد القسيس من الكنيسة وتتم محاكمته ويهرب الى خارج البلاد .
تقفز الاحداث 15 عشر عاما ، وينقلنا الفيلم معها الى زمن الغزو الفرنسي عام 1808 على اسبانيا، بعد أن تقوم الثورة الفرنسية ويتم اعدام الملك لويس وهو ابن عم ملك اسبانيا ويتم دخول الفرنسيين الى اسبانيا ، وعودة القسيس" لورينزو" مع جيش الاحتلال الفرنسي ، وقد خلع ثوب الكهنوت واصبح الان احد الرجالات المنظرين للثورة الفرنسية ومبادئها، مستغلا نفوذه في الانتقام ومحاكمة شركائه السابقين في محاكم التفتيش ، في هذه الاثناء يفرج عن سجناء المحاكم والذين جرى تعذيبهم لفترة زمنية طويلة، ويتم الغاء محكمة التفتيش ومحاكمة اعضائها عن طريق القسيس الهارب الذى اصبح رجل فرنسا فى اسبانيا ، يتم اخراج المساجين وهم فى حالة مزرية ومنهم بنت التاجر( أينيس) التى اصبحت عجوز و أصابها مس من الجنون ، فتذهب الى منزل والدها وتكتشف ان كل العائلة قد قتلوا ، فتذهب الى الرسام فرانشيسكو جويا الي فقد السمع بعد تلك الفترة ، تستعين ب غويا بعد مقتل اهلها، للبحث عن ابنتها من لورنزو التي سلبت منها عند ولادتها، ويتعرف عليها ويحاول التخفيف عنها وتحكى له انها انجبت بنت فى السجن ولكن اخذوا البنت منها قبل حتى ان ترضعها اول مرة ، فيقرر الرسام "غويا" الذهاب الى الرجل القوي وصديقة السابق القسيس "لورينزو" والتى تتعرف عليه "إينيس" وتقول له انت والد الفتاة ، في لقائهما ينكر لورينزو أمام غويا صلته بأنيس لكنه يرتب خدعة مع الحرس لإعادتها إلى مصح المجانين كي لا يؤثر وجودها غير المرغوب به على منزلته ومكانته الجديدة، فيقرر حبسها فى مستشفى المجانين، يعثر الرسام غويا على إبنة " إينيس " ومتخذة اسم ( أليسا) و تمتهن الدعارة ، حين يبلغ القس( لورينزو) بمكان وجود أبنته ، يقوم الاخير بنفي ابنته التي تمتهن البغاء مع أخريات غيرها إلى خارج أسبانيا، ولكن الوقت لم يكن كافيا حينذاك لتنفيذ تلك الخطة ، إذ تلوح على الحدود الأسبانية طلائع الجيش الإنكليزي الذي يطرد الفرنسيين ويعيد أوضاع البلاد إلى سابق عهدها ، فيخرج كبار الكهنة من سجونهم وتعاد لهم السلطة ثانية ، فيما يقع الأب لورينزو مجددا تحت رحمة أعضاء المحكمة الذين سبق لهم أن أصدروا عليه حكما بالإعدام . يطلب كبير الكهنة من لورينزو الاعتراف بذنوبه وطلب المغفرة للعودة إلى دين الكنيسة الكاثوليكية مقابل إطلاق سراحه والعفو عنه ، لكن "لورينزو " يرفض الاعتراف وطلب الغفران ويقاد إلى منصة الإعدام صامتا غير نادم فيما تتلاقى من حوله صرخات العامة الناقمة عليه. ويموت ألأب (لورينزو ) بينما يرى أمامه ابنته في صحبة ضابط بريطاني، في حين يسجل غويا بريشته الحدث ، فالكهنة الذين ساهم لورينزو في الحكم عليهم بالاعدام قاموا بدورهم باصدار ذات الحكم عليه . في الخاتمة ، نرى عربة خشبية بائسة تحمل جثة لورينزو وتسير في زقاق ضيق موحش لا نهاية له وخلفها جوقة أطفال يتراقصون على أغنية شعبية تطلقها حناجرهم ، جثة بائسة تجوب بها عربة قذرة الطرقات هكذا انتهى الحال ب لورينزو، الذي ستأخذنا الكاميرا معه لحين في رحلته هذه عبر ذلك الممر قبل ان ينتهي الفيلم ، وسنكون كماهو الحال بالنسبة الى الرسام فرانشيسكو غويا في تلك اللحظة الشاهدين الوحيدين على رحلة التسلط والاستبداد ، كان غويا شاهدا على الاحداث ، فجسدت أشباحه هول الظلم وكانت الوجه الحقيقي للعالم التي تعتبر نقدا لاذعا لاخطاء وفساد السلطة الدينية والسياسية وعيوب المجتمع كما صورالمشانق ومحاكم التفتيش .
في حديثة عن فيلمه المثير للجدل (أشباح غويا) إنتاج العام 2006 يقول المخرج التشيكي ميلوش فورمان “لم أكن راغبا بتقديم بورتريه عن فنان عبقري، بقدر ما أردت ان أقدم شيئا أكثر شمولية"، وقد يكون فورمان محقا في سعيه هذا، حيث تبدو الصورة السينمائية عاجزة عن إضافة برهان آخر لعبقرية فنان بحجم فرانشيسكو غويا ، المخرج "ميلوش فورمان" الذي ولد في مدينة كاسلاف شرق براغ في 18 شباط/فبراير1932 فقد والديه في معسكرات الاعتقال النازية . وبات في الستينات من رواد "الموجة الجديدة "في السينما ، كما أنه عارض النظام الشيوعي في تشيكوسلوفاكيا السابقة . إنتقل فورمان إلى الولايات المتحدة عبر فرنسا قبيل الاجتياح السوفياتي لتشيكوسلوفاكيا في1968 والذي وضع حدا لحقبة ليبرالية معروفة باسم "ربيع براغ". وبدأت مسيرته بالخارج مع "تايكينغ أوف" في1971 عقبه بعد أربع سنوات بفيلم ( أحدهم طار فوق عش المجانيين " ونال عنه جائزة أوسكار أفضل مخرج ، وحصل ميلوش فورمان على الجنسية الأمريكية في1977 وعاد إلى براغ التي كانت لا تزال خاضعة لحكم الشيوعيين في1983 ليصور فيلم "أماديوس" الذي نال عنه ثاني أوسكار أفضل مخرج في مسيرته وقد رشح هذا الفيلم لإحدى عشرة جائزة أوسكار فاز بثماني منها.
في فيلم"اشباح جويا" اشترك المخرج فى كتابة السيناريو مع الأديب الفرنسى جان كلود كاريير، وقام بالبطولة ستلان سكارس جاد بدورالرسام (غويا) ، بالاضافة الى الممثل "خافير بارديم"، الذى جسد شخصية مبتكرة فى تاريخ حياة جويا، الممثل (خافيير بارديم) ممثل من طراز خاص لانه يملك جسم ضخم وصوت جهورى ولكن يطوع ادواته طبقا للمشهد وكان مقنع فى رجل الدين المتطرف الانتهازى ثم كان مقنع فى رجل الحرية والمساوة والاخاء ولكن بكل خسة ينسى اى مبادئ طالما تتعارض مع مصالحه هكذا كل الادعياء ، وارى ان الممثل (خافير بارديم) أبدع فى ايصال الفكرة عن الانتهازية كما تكون ، أما الممثلة "ناتالى بورتمان" فقد قدمت دوراّ وهو (إينيس) وكذالك دور البنت الشابة ( أليسا) وويبرز القدرات التمثيلية عندها بعيدا عن الجمال التى تتمتع به خاصة اثناء التعذيب واثناء الصلاة مع القسيس وحمولة الخوف الانسانى ، وايضا بعد الخروج من السجن والتخلى التام عن الجمال الطبيعى فكانت معبرة جدا عن حالة الانسحاق بسبب ممارسات التعذيب عليها وخطف وليدها دور يحسب لها كممثلة رائعة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر


.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته




.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202




.. عوام في بحر الكلام - لقاء مع ليالي ابنة الشاعر الغنائي محمد