الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشتار الفصول:111294 الجزيرة السورية والفرات على صفيح ساخن

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.

(Ishak Alkomi)

2020 / 8 / 10
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


شكّلَ مقتل الشيخ الراحل مطشر حمود الجدعان الهفل.شيخ قبيلة العقيدات ( العكِيدات).وابن أخيه الشيخ إبراهيم خليل الجدعان الهفل في يوم الثلاثاء في الثاني من أب(وأغسطس) الحالي لعام 2020م من قِبل مجموعة ملثمة على سيارتهم .موجة سونامية من الغضب والاحتقان على مساحة الفرات والخابور .وامتد الغضب ليصل إلى محافظة إدلب وحوران وتركيا والعراق والأردن وغيرها حيث تتواجد القبائل العربية وخاصة الزبيدية منها .
لقد امتدت الأيدي الآثمة لترديه قتيلاً في وضح النهار كما يقولون . ومن المعروف أن الشيخ مطشر حمود الجدعان الهفل يمثل شخصية ذات مكانة هامة لدى قبائل الفرات والجزيرة بشكل خاص وسورية بشكل عام .كلّ هذا يجري وسورية تمر في أخطر وأصعب الظروف.والجميع يترقب يوم تلتئم الجرّاح وتهدأ النفوس ويجلس الفرقاء إلى طاولة دائرية تُمثل الوطن السوري بكلّ مكوّناته القومية والدينية والمذهبية والسياسية .
إنّ مقتل الشيخ مطشر الهفل وغيره من الرموز الوطنية والعشائرية يمثل خلطاً للأوراق ويدفع المنطقة ووطننا إلى حافة الانفجارات غير المتوقعة ويزيد من التباعد والاحتقان بين المكوّنين العربي و الكردي.
سيما ونحن مقبلون على استحقاقات دستورية وقانونية وحقوقية .ومن جهة ثانية فهناك الاحتلال الأمريكي في الشمال الشرقي والتواجد التركي ومعه الجيش الحر وفي إدلب هناك الكثير من الترقب كما على مشارف الغاب وغيره من مكان .
نتحدث عن هواجس ومسؤوليات وطنية واستحقاقات إنسانية وحقوقية نفتقر في حالتنا ووضعنا الوطني الحالي إلى مقومات تحقيقها كما الساحة القتالية والوضع الاقتصادي والاجتماعي وساحات الجوع والحرمان وانقطاع المياه والكهرباء وغلاء الأسعار والكورونا وتدمير مبدأ الوحدة الأسرية الذي هو حاصل في الواقع السوري . كما نقرأ اللوحة البانورامية للمخططات الغربية في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام ولسورية بشكل خاص مما يجعلنا في حالة ترقب ورعب حقيقي إذا ما عرفنا حقيقة تلك المخططات التي ترمي إلى إنهاء الخرائط السايكس بوكية وتجديد مشروعية التخطيط الجديد للمنطقة..
ومع هذا اللون القاتم والغامض للواقع السوري إلا أنه لا تفوتنا معرفة كيف تشكّل الواقع في الجزيرة السورية مع مطلع الربع الأول من القرن العشرين المنصرم.ففي الجزيرة فسيفساء جاءت من نيازك بعيدة ولها لغات عدة نذكر أهمها : المكوّن العربي والمكوّن السريانية الكلدانية الأشوري .والمكوّن الأرمني ،والمكوّن السلافي (الشيشاني والشركسي). والمكوّن التركماني والمكوّن الكردي .
كما فيها من المكوّنات الدينية والمذهبية مالا نجده في منطقة سورية أخرى.الديانة الإسلامية بمذاهبها والديانة المسيحية بمذاهبها والديانة اليزيدية والديانة اليهودية والمذهب الدرزي (الموحدون ) .ولكن أهم المكوّنات القومية اليوم فيها المكوّن العربي ويأتي بعده المكوّن الكردي .فالوجود الكردي الفعلي في منطقة الجزيرة التي سُميت فيما بعد ـ بالجزيرة السورية ـ تشكلت معالمه الحديثة مع الربع الأول من القرن العشرين الماضي ـ إلا أننا نعلم بأن وجود باشات رأس العين( أحفاد الزعيم الكردي إبراهيم الملي ) . يتواجدون منذ زمن طويل في المنطقة كما كان وجوداً كرديا في تل أيلول شرقي الدرباسية وقرية القرمانية وفي محيط قبور البيض أو القحطانية ومنطقة عين ديوار وكراتشوك ـ إنما عندما بدأت الهجرة من الشمال إلى أرض الجزيرة كانت القبائل العربية تنتشر على كل هذه المساحة الجغرافية حيث كانت براري واسعة للرعي وقسما ضئيلاً كان للزراعة بحيث لا يُذكر .ومع مجيء الأقوام على اختلافها العرقي واللغوي استقبلتنا القبائل والعشائر العربية ووفرت لنا الحكومات المتعاقبة الأمن والسلام والعمل وحق الملكية وأريد أن أثبت هنا أمراً هاما لايوجد في العالم من وطن يشبه الفردوس المفقود الذي حملناه في عقولنا فجمهورية أفلاطون ليست موجودة غير في خيال أفلاطون نفسه .
وعشنا في وئام على الرغم من وجود محطات لن ننكرها ولا نتنكر لنتائجها غير الإيجابية إلا أن العلاقة بشكل عام كانت في مستوى مقبول وقد تصاهر العرب والأكراد .وكانوا عونا لبعضهم ضد العديد من المشاريع التي تم طرحها على الساحة الجزرية .لن نوغل في جوهر العلاقة ومفرداتها فالدين الواحد يجمهما والمذهب الواحد أيضا .إنما نقول :للعربي كما للكردي كلّ منهما له مشروعه القومي ، العربي ينظر للحكومات في دمشق على أنها تمثل أدنى درجات طموحه الأمني وغالباً كان قسماً من هذا المكوّن يدين بالولاء للعراق وحتى اليوم ولهذا نرى تصادم المصالح بينه وبين الحكومة السورية خاصة أيام الحِراك الذي بدأ في آذار من عام 2011م.وقد تجلت آنذاك بعضاً من تلك الحالة غير الصحية وطنياً بأننا كُنا نسمع ونرى ضرباً للمكوّن العربي بالبراميل المتفجرة في تل براك ومحيطها وفي أكثر من مكان بينما نرى العلم الكردي كان يُرفرف فوق سواري الدوائر في القامشلي وغيرها.وهنا لابدّ من أسئلة وإجابات وطنية ترتقي للمسؤولية التاريخية .سنترك هذه الجزئية للمساءالات الوطنية لكنني اعتقاد وكلي ثقة. بأنّ هناك العديد ، العديد من الملفات الوطنية والأمنية يجب تقديمها على طاولة التاريخ والنقد التاريخي الوطني.مهما طال الزمن فليس من حكومة أو نظام ٍ أو جماعة خارجة عن القانون تستطيع أن تفلت من العقاب الشعبي يوما ما.هكذا علمتنا سيرورة المجتمعات المتصارعة المحكومة بالقوة والعنف والإقصاء والسلبطة.إنما ليس الآن هو وقت تلك الملفات .ومما يؤسفني أننا أمام مشهد لا يُبشر بخير خاصة تلك الأصوات التي تُغرد خارج أسراب الاحتواء الوطني وتأهيل ما هو قابل للتأهيل لأنه أفضل من التغيير الذي لانعرف ونجهل توابعه على الرغم من وجود تجارب أمامنا كالتجربة الليبية والتجربة العراقية.ونعود للقول أن ـ تلك الأصوات لها تأثيرها الفعلي ـ فهي لا تزال ترفض أي تقارب مع الحكومة السورية .
وأعود إلى موضوع مقتل أو اغتيال الشيخ مطشر الجدعان الهفل . فأنا هنا لستُ خبيراً جنائياً ولا أمنياً ولا أسمح لنفسي بالدخول إلى هكذا ملفات إنما مقتله في هذه الظروف يشي بالعديد من رسم معالم الصراعات المقبلة في المنطقة فامتداد القبائل والعشائر العربية في سورية والعراق والأردن كما امتداد القبائل والعشائر الكردية في الشمال السوري وتركيا والعراق وإيران .فكل ّ من العرب والأكراد لديهم العديد من المشاكل الداخلية والخلافات التي تقف مانعاً أمام وحدتهم. ولنأخذ الوجود العربي في العراق مثلا ً فحالته غير منسجمة بين قبائله وعشائره لظروف سياسية وغير ذلك. كما في سورية والحالة الكردية بالتأكيد هي الأخرى كذلك إلا أنها أكثر تنظيماً لابل لديهم حكومة في إقليم كردستان العراق وله امتداداته العالمية وكذلك في الشمال السوري يُشكل الأكراد نواة دولة على الرغم من أن نسبة الأكراد في هذه المناطق أقل بكثير من نسبة المكوّن العربي . إلا أن الأكراد استطاعوا نزع العديد من الملفات الصعبة وقارعوا قوات الدولة الإسلامية ( داعش وأخواتها).كما وتحدوا بكل وضوح الدولة السورية عندما رفضوا أن يُرسلوا شبابهم إلى التجنيد بل شكلوا قوة خاصة بهم.ولا ننسى المساعدات اللوجستية والعسكرية الأمريكية وغير الأمريكية لهم .
ومن عمق هذه الأسطر نقول : على جميعنا أن يرتقي للمسؤولية التاريخية والإنسانية وأن يعتبر أيّ مكوّن كان سواء أكان كردياً أو عربياً. مهما بلغت قوته ومساندة أمريكا وغيرها له .فإن التاريخ سيحكم عليه يوما ما وهو قريب .وأقولها هنا (( ذكرّوا إنما الذكرى تنفع المؤمنين)). ص.من كان يظن بأن تماثيل القائد حافظ الأسد سيتم تدميرها في شوارع الجزيرة والوطن؟!!
ومن كان يظن بأن القائد صدام حسين المجيد سينتهي به ما انتهى إليه . ومن قال أن القذافي سينتهي كما رأيناه وهكذا في اليمن علي عبدالله الصالح والرئيس المصري حسني مبارك..وغيرهم علينا أن نتعظ والتاريخ سيذكر كلّ حكومة وقيادة ما حققته من إنجازات وطنية لصالح جميع المكوّنات وعلى قدر المساواة.
إذا كان على الإدارة الذاتية في الجزيرة وشمال الفرات أن تقوم بواجبها تجاه رعايا قبلوا بالقوة ما يُفرض عليهم ـ لأن لا خيار أمامهم ـ . فهذا لايعني أنّ لها برنامجاً إقصائياً يتلون بألوان رفضها الكردي من قبل و لكوننا ندعي جميعاً أنه يكفينا عهد الإقصاء وفرض القومية الواحدة وغير ذلك.إنّ سورية التاريخ والمجد أعتقد يجب أن تكون لجميع مكوّناتها القومية والدينية ولايوجد من تلك المكوّنات غائبة حتى تلك التي هاجرت لظروف قاهرة وعلى الإدارة الذاتية العودة لقرارات تتخذها خاصة تلك المتعلقة بقانون أملاك الغائب نترك هذه الجزئية للجانب القانوني والإنساني في الجزيرة وشمالي شرق الفرات .
كما على المكوّن العربي إذا ما أراد أن يبقى في المنطقة ولا يُهاجر تباعاً كما هاجر 90% من المكوّن المسيحي . فعليه أن يُشكل لنفسه قوة رادعة تقوم على حفاظ وجوده وأن يوحد المحافظات التالية في وحدة إدارية ( الرقة ودير الزور والحسكة).وأما بشأن تشكيل قوة رادعة هذا ما كان يلزم المكوّن المسيحي أن يفعله في الجزيرة خاصة بعدما تعرض للخطف والقتل والابتزاز وكان لديه الحق في تشكيل قوة خاصة به ونقولها كان المكوّن المسيحي أغنى من بقية المكوّنات إلا أنه أهمل هذه المعادلة القاتلة .فمن يظن بأن حقيقة البقاء تكمن بالدعاء والصلوات فهو واهم فكلّ الأنبياء والرسل لن يستيقظوا على صراخكم ولا القديسين وما أكثر مما تخلطون هذه الأيام بين الإيمان بمن فدانا ومن يعبد أتباعه ـ خاصة بالمكوّن المسيحي ـ.
إن العقلاء يدرسون الأسباب والمسببات ويتوافقون على وضع عقد اجتماعي تاريخي يكتبه الحكماء ويخلو من الإقصاء والاضطهاد والقتل والتهجير والمناهضة التي تؤدي إلى الإرهاب الفكري والجسدي والمعنوي .مع مطالبتنا بمحاسبة الفاعلين الذين يريدون زعزعة الواقع في الجزيرة والفرات وفي سورية بشكل عام.ويتحمل المسؤولية سلطة الإدارة الذاتية والقوات الأمريكية وحتى الشباب العربي المنخرط في قوات الإدارة الذاتية هو مسؤول بشكل غير مباشر .
وأخيراً إذا كنا كسوريين نؤمن بتحقيق مسؤوليتنا الوطنية والتاريخية علينا أن نقر بأنّ سورية اليوم مقسمة في واقعها السياسي والقومي وتضم العديد من المكوّنات القومية التي يجب أن تُرسم في الدستور السوري العتيد وعلى تلك المكوّنات الموجودة على أرض الوطن أو خارجه أن تقر وتؤمن وتعمل على مايلي :
1= الإيمان بالوطن السوري وبوحدة أراضيه الكاملة والشاملة والمعترف بها دولياً .مع القبول ــ إذا تم الإجماع على تغيير التسميات الإدارية ـ من محافظة إلى فدرالية. وهذا الذي نكتبه قد وضعت أسسه الدول العظمى وبقبول من أغلب المكوّنات السورية نعتقد أن ًَّ هذا التغيير سيكون كحل ٍّ لفك الارتباط الدموي الطائفي والقومي الذي لن يتوقف باعتقادي مالم يتحقق مشروع الفدرالية . وإن لم يحدث فلن نعتذر بل سننتظر المصير الذي يريده أصحاب الوطنيات التي لن تعود مهما رسمنا في عقولنا مرحلة تاريخية مضت وانتهت صلاحياتها .
2= التوقف على جميع جبهات القتال دون شرط . وذلك لحقن الدم السوري من أيّ جهة كان فهم بالمحصلة من السوريين و يجب تقديم تنازلات من كلّ الفرقاء على السواء ـ مع تحفظنا على دماء الشهداء الغالية ـ لكن العملية الثأرية يا إخوتي غير مجدية وليست عملية ومفيدة لنا جميعاً لا بل ستدمر ماتبقى من جسور للوحدة الوطنية وتأتي على نهايتنا كفانا نظن أننا نفكر بشكل صحيح .
3= العمل من قِبل الحكومة السورية والقيادة السورية ، قراءة المتغيرات وإحداث طريقة جديدة للقراءة الوطنية على ضوء المتغيرات الواقعة على الأرض السورية أولاً والحالة السورية بكل مفاصلها والعالمية ثانياً.
وإلا فنحن ـ سنبقى ـ في صراعات لن تنتهي إلا بانتصار أحد الأقطاب العالمية وعندها لن نجد سورية التي طالما نؤمن بوحدتها .وهذا ليس من مصلحة سورية التي هي بحاجة للتنمية والإعمار والدستور العاجل والجامع والمانع وإقرار الحقوق القومية لجميع المكوّنات التي تعيش على الأرض السورية.
4= إذا أرادت الحكومة السورية في دمشق أن تحقق المصلحة الوطنية السورية العليا عليها فتح قنوات للمصالحة التاريخية مع الأعداء قبل الأصدقاء وإلا نحن أمام لواءات إسكندرونية عديدة وهضبات جولان عديدة .والعناد جربناه منذ ستين عاما وأكثر.
إن الواقعية السياسية ودراسة الواقع الاقتصادي والأمني والتنموي والمعيشي والهواء الذي يتنفسه المواطن هو الجسر الذي ستعبر عليه جميع الوطنيات وأبجدياتها التي تمثل العدالة والحق والخير والجمال .
5=ولآخر مرة نقولها إن الصراع في الشرق لعبة قذرة .عناصره متعددة أخطبوطية ، ومن يريد أن يُسجل اسمه في التاريخ ذاك الذي يقرأ التاريخ ويعمل على تسجيل أسماء الشعب على لوحة الشرف قبل أن يُسجل اسمه أو أسماء حكوماته .
نص سيكتمل بطريقة الخطف خلفاً وعليكم الخواتم.
المواطن السوري المهاجر تحت ضغط الفقر والجوع المدّرس : اسحق قومي.
ألمانيا في 10/8/2020م
ملاحظة: أتحفظ على أراء أصحاب الوطنيات الفوضوية ومن يدعون بأنهم يعملون لصالح الوطن السوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح