الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل وقعت حماس في الفخ؟

منير شحود

2006 / 6 / 30
القضية الفلسطينية


فازت حماس في الانتخابات الفلسطينية الأخيرة، والتي خضعت للمعايير الدولية، ولم يطعن أحد في نزاهتها. ولعل الفساد والترهل المستشري في حركة فتح ومفاصل السلطة الفلسطينية كان من بين العوامل التي قادت حماس إلى هذا الفوز، علاوة على يأس الفلسطينيين من تقدم عملية المفاوضات الهادفة لإقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة. ولكن العامل الأهم قد يكون المزاج العاطفي المقرون بحالة من الفوضى السائدة، والتي روَّجت لإمكانية أن تؤدي المقاومة العسكرية للضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات في الضفة بعد انسحابها من قطاع غزة.
وقد ترددت حماس في البداية في سلوك طريق بناء علاقات دولية تخرجها من وضع المقاومة المسلحة إلى وضع الشريك الهام في التفاوض حول بناء الدولة الفلسطينية، لتبني بذلك على النتائج التي أسفرت عنها المفاوضات السابقة مع إسرائيل. وكان يمكن أن تستثمر حماس شرعية فوزها في الانتخابات ونزاهة ممثليها لفتح صفحة جديدة مع العالم ونيل تعاطفه المتمثل خاصة باستمرار تدفق المساعدات إلى الشعب الفلسطيني.
ولكن حماس، بعد تردد فرضته ظروف إعادة هيكلتها كشريك فاعل في السلطة، اختارت المقاومة بالطريقة السابقة؛ كإطلاق الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية المعترف بها دولياً، بدايةً بتأييد من يقوم بذلك من الفصائل الأخرى، ومن ثم بالمشاركة في هذه العمليات ضمن سلسلة الفعل ورد الفعل بين الفصائل المسلحة وإسرائيل. واستمرت استعراضات المسلحين المقنعين في الأزقة، لتعبر عن عمق الأزمة، وليس اقتراب ساعة النصر.
والسؤال الموجه لحماس هو إن كان إطلاق الصواريخ عديمة الجدوى عسكرياً يعدُّ سياسةً مقاومة فعالة بعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة؟ وخاصة في ظروف عدم التوافق على استراتيجة موحدة للمقاومة، وبوجود السلطة الفلسطينية التي تعتمد التفاوض سبيلاً.
لقد فوتت حماس فرصة تاريخية لعقلنة عواطف جماهيرها وإبداع وسائل مقاومة جديدة تشد أزرها في الصراع مع جبروت إسرائيل، وهاهو الشعب الفلسطيني يدفع ثمن مصيبة جديدة نتيجة سوء التقدير وندرة التعقل والحكمة في منطقتنا ككل.
ويأتي الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة بعد عملية خطف الجندي الإسرائيلي، واعتقال بعض نواب ووزراء حماس ، وصمت المجتمع الدولي، لتشير كلها إلى الفخ الذي وقعت فيه حماس، وربما يقود ذلك إلى إجهاض هذه التجربة الديمقراطية، والفشل في استثمارها على النطاق الدولي والإقليمي لمصلحة الشعب الفلسطيني.
ليست وحدها إسرائيل من نصب الفخ لحماس، ولكن الأطراف الإقليمية التي دعمت حزب الله في لبنان قد ساهمت في ذلك أيضاً، وذلك بدفع حماس، بالتنسيق مع جناح السيد خالد مشعل في الخارج، لتكرار تجربة حزب الله في ظروف مختلفة، منها الفوضى التي عمت قطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي، وضعف التنسيق بين الفصائل المسلحة، وعدم الاتفاق على إستراتيجية مقاومة واحدة للأطراف الفلسطينية كلها، فضلاً عن انكشاف الوضع الفلسطيني بالنسبة لإسرائيل. كما ساهم في ذلك الدعم الذي لاقته حماس من الحماس الشعبي العربي المسحور بكلمة مقاومة، والذي لم تتعلم الكثير من القوى القومية والإسلامية مدى ما يمكن أن يجره هذا الحماس العاطفي من مصائب منذ أفول التجربة الناصرية.
مشكلة حماس وبعض الإخوان المسلمين العرب، برأينا المتواضع، هي عدم القدرة على الانتقال من الماضي إلى المستقبل، واستمرار العزف على مستوى العواطف البدئية للشعوب العربية الإسلامية، والتي تعرف كيف تثور لأبسط الأمور، ولكنها لم تتعلم كيف تغضب وتنافس وتثبت وجودها في حاضر هذا العالم ومستقبله، بسبب افتقارها لقيادات أكثر عقلانية. وفي هذا الخصوص يمكن أن نذكر موقفين لنواب من الإخوان المسلمين الأردنيين، والذين أيدوا في أحدهما الزرقاوي عراقياً، وانتقدوا في الموقف الآخر سياسة إخوانهم السوريين. ويشير الموقف الثاني إلى أن الإخوان المسلمين السوريين قد خطوا خطوة هامة في الاتجاه الصحيح، بعد التجارب الغنية التي مروا بها.
في الحيرة بين الانشداد إلى الماضي وولوج المستقبل، ووسط النوايا السيئة والحسنة، وقعت حماس في فخٍ كانت إسرائيل تنتظره بحماس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت