الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقه المتبادله بين العلمانيه والدوله والدين والمجتمع

الحلاج الحكيم

2006 / 7 / 1
ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع


العلمانية والدولة والدين والمجتمع
من اكبر البديهيات أن نقول العلمانية مشتقة من العلم .
العلم هوتدخل العقل والمعرفة في تفسير الظواهر الطبيعية والاجتماعية والتاريخية . وهذا ما مارسه الإنسان عبر تاريخه .
مجموعات بشرية بدائية كانت تصطاد الحيوانات والوحوش . حاجتها إلى الطعام الذي تؤمنه الحيوانات .وعجز إمكانياتها الطبيعية في مجاراة الحيوانات من حيث السرعة والركض والحالة المتوحشة دفعها إلى تطوير أساليب جديدة في الصيد . انه الفعل العلماني الأول .

ابتدأت العلمانية كأسلوب في حياة البشرية عندما ابتدأت أجهزة الدماغ في الإنسان البدائي بالسيطرة والتحكم في حركته وأفعاله وتعامله مع الوسط المحيط به .
مقصية أجهزة النخاع الشوكي وردات الفعل الصادرة عنه من ممارسة دورها إلا في الحالات الاضطرارية التي تعيده إلى علاقته الحيوانية في التعامل مع البيئة تحت قانونها .
إن نجحت عشت وان فشلت مت وعلى غيرك الاستمرار بالحياة .

فرضت الطبيعة على الغزال حالات متقدمة في تعامله مع الحيوان المفترس . وحسب إمكاناته الوراثية .أصبح يستشعر وجود النمر ويشم رائحته عن بعد .وطورت له بوجود قوائم أربعة سرعة فائقة للهرب .

بقيت أجهزته الرخوة محمية بالأرض . وبقي النخاع الشوكي هو المتحكم بردات الفعل لدى الغزال . لأنه أفضل وسيلة لاستمرار حياته .

الإنسان مخلوق ضعيف . عندما انتصب على قائمتيه ازداد ضعفه و انكشفت أجهزته البطنية الرخوة .

وكان من المنطق أن ينقرض أمام إمكانات الحيوانات الأخرى في تعاملها السريع مع الوسط المحيط بها .

ما أنقذه إمكانات وراثية . جعلت البطء برد الفعل الذي يقوده الدماغ . حالة متميزة دفعته أمام الخطر المحدق به أن يمسك بعصا .

اضطر الدماغ إلى التحكم بعضلات اليد وتوجيهها والاستفادة منها .

هذه العملية البدائية طورت آلية معقدة في تحكم الدماغ بعضلات الجسم الأخرى وبردات الفعل .أنتجت خلال مسيرة الإنسان التاريخية نوع من استقلال الدماغ . عرف بالتفكير .

إنها بداية الإنسان المفكر الذي يرسم الأشياء بذهنه ومن ثم يعالجها .

إنها الخطوة الأولى لما يسمى بالعلمانية .

هذا الشكل من التعامل مع البيئة انفرد به الإنسان. وعبر تفاعل طويل ومعقد بين إمكاناته الوراثية والوسط المحيط به بدأ يخطو خطواته الأولى .

أول رسم له على جدران الكهوف . فعل علماني بامتياز .

تنظيم مجتمعه القديم وتعاون أفراده الذي فرضه .الوسط المتوحش المحيط به .وصراعه من اجل البقاء . أنتج علمانية بمستواها التاريخي .

معرفة التعامل مع النار وتطويعها ثورة علمانية لم تأت في ليلة وضحاها ..... ربما استمرت لآلاف السنين
استخدام الأداة وتطويعها وتطويرها لبنة مهمة في ما سيأتي من علمانيات بعدها .

تدجين الحيوانات ومعرفة كيفية التعامل معها واستعبادها . خطوة علمانية متطورة بمقاييس ذلك الزمان .

الإنسان القديم أو ما يطلق عليه الإنسان المتحضر كان علمانيا بكل المقاييس .

وضع مسمارا على الأرض ربطه بخيط وفي نهايته ربط وتدا ورسم على الأرض دائرة . أعطته فيما بعد الدولاب الذي سهل له حركته .

عندما بنى بيتا رسم مستطيلا على الأرض عرف عندها أن هذا المستطيل له بعدين مختلفين .

امسك حجرا فرأى أن لهذا الحجر عدة وجوه هي عبارة عن مستطيلات صغيره .

العلمانية متداخلة مع الإنسان هي محور حياته والحاجة الملحة والضرورية لاستمراره . منذ الأزل كانت محركه ... وما زالت .

عندما عجز تفكيره وحواسه عن معرفة كثيرا من القضايا التي تحيط به تفتق ذهنه عن آلهة تسير وتتحكم بحياته أطلق عليها الأسماء . وشكل حياته بناء على رغبات ألهته التي اخترعها . والتي هي رغباته .
انه تفكير علماني في زمنه .

الدين في بدايات البشرية الأولى هو فعل علماني . ناتج عن حالة تفكير وتأمل واستنتاج عقلي .جرده الذهن وشكله في مخيلته وفعله وطوره على مسيرة حياته و حسب رغبات المجتمع وما تقتضيه مصلحته .

انه رد فعل علماني على عجز الإنسان وقصور حواسه عن تفسير ما يجري أمامه وما يحيط به .

الصراع البدائي بين التجمعات البشرية ... في خطواتها الأولى نحو التطور والاستمرار وتأكيد الذات أنتج صراعا بين الآلهة .
انه صراع علماني بين علم ذهني يقول في السماء اله واحد وعلم يقول في السماء مجموعة آلهة .

انتصر العلم القائل بوجود اله واحد بانتصار أتباعه لأنه ضروري لتقدم البشرية . وموافق لحركتها نحو الأمام .

بذور شكل علماني له وجه آخر كان يتعايش مع سيادة العلم السائد والمقتصر على حواس الإنسان . ويتداخل معه . ويتوافق مع معطياته . ويقبل بتفسيراته الذهنية التي تتصدى لكل المسائل التي تعجز الحواس عن معرفتها .

تفكير علماني لرجل يمسك عظاما مفتتة معتمدا على حواسه ويقول من يحيي العظام وهي رميم .
رد علماني معتمدا على الذهن يقول يحييها من أنشاها أول مرة .

انه حوار بين العلم المعتمد على الحواس . والعلم المعتمد على الذهن .والتفكير .

الراهب المشهور ماندل .

أجرى تجارب تاريخية على النباتات وأسس علم الوراثة الحديث . وكان يصلي كل يوم في ديره ويتعبد القوى الإلهية المرسومة في ذهنه .
رجل الدين القديم بنى بيتا وركب الأدوات اللازمة لحياته ودرس الدورة الطبيعية وأوقات الزراعة والري وتعامل مع الحشرات والدواب . ومارس العلمانية في طريقة تعامله مع ما هو ضروري لحياته .
وعندما عجزت حواسه عن تفسير زلزال . رده إلى القوى الكبيرة القادرة وبالشكل الذي تعلمه وترسخ في ذهنه .

هذه البذور العلمانية المتعايشة مع تمازج العلوم الطبيعية والعلوم الذهنية . انفصلت حتى وصلت إلى التصادم مع بعضها البعض بتطور حواس الإنسان . من خلال اكتشاف أدوات أضيفت إليها وتجاوزتها .

في بدايات عصر النهضة في أوروبا وقيام الثورة الصناعية وفشل كل القوى الاقتصادية والاجتماعية السائدة في كبح جماح التطور . بدأت أشكال التمايز والانفصال بين الحالتين مشكلة حالة قطيعة لا يمكن المزج بينهما .

فكانت العلمانية بشكلها الجديد . والمشتقة من العلم التجريبي .
والشكل الآخر أصر على موقفه ومعطياته وطريقة تفكيره وثبت وصفه بالديني اشتقاقا من الدين .

العلمانية الحديثة تعتمد حواس الإنسان في الملاحظة والتجريب التي لم تعد خمسه .أصبحت ملايين من الحواس تؤمنها الأداة المتطورة والأجهزة الحديثة .

الأهم أن هذه الطريقة بالتفكير دخلت حياة الإنسان متبنية المنهجية بالتفكير ومعتمدة حالة الشك بكل شيء ومعتمدة على التحليل والتركيب والاستقراء لكل مظاهر الطبيعة . مطلقة بذلك رصاصة الرحمة على منافستها وأختها التي تربت معها .

عندما نظر العالم الايطالي غاليلو إلى السماء بمنظاره الجديد . قال .
حواسنا هي التي تجعلنا نخطيء .

تمترست طريقة التفكير الدينية وابتدأت بالدفاع عن نفسها . وبالتالي الدفاع عن مصالح معتنقيها . ووجدت البشرية نفسها أمام حالتين .

العلمانية حسب تمايزها و تشكلها الجديد وحركتها المتجددة
الدينية حسب امتدادها التاريخي وثباتها الدائم .

في التاريخ الأوروبي . شنت القوى الدينية حربا مستميتة . ضد العلمانية الجديدة كدفاع عن النفس من خلال استشفاف مغلوط للموت القادم إليها عبر العلمانية المتوسعة والمقبولة فكريا واجتماعيا .

رفض المجتمعات للحالة الدينية القائمة والسائدة وانتشار التعليم ومفرزاته الثقافية قادت المجتمع الأوروبي إلى التطور والبدء بالمخترعات الصناعية المذهلة .التي كرست العلمانية وتفريعاتها الثقافية كحل مقبول لدى تلك المجتمعات .

استمرت العلمانية بعد انتصارها بتطبيق مفاهيمها القائمة على العلم والثقافة وتبني المبدأ الأهم الذي جاءت به وهو الحرية .

أعطت الأولوية للتعليم منهجا وطريقة تفكير بتثبيت التجربة والاستنتاج ومنحت الثقافة مجالها الطبيعي وسادت الحرية بأوسع مفاهيمها .

استنتجت القوى الدينية خطاها التاريخي في محاربة العلمانية الحاملة للتطور البشري من خلال حريتها المصانة ضمن مجتمعاتها وحقوق أي شخص لا يملك إلا الحواس الخمس وذهنية تفكير . أن يمارس قناعاته .

مجموعة من البدو يقفون أمام مدينة عامرة بمنازلها الفخمة المبنية من الحجر . يسال احدهم .
كيف تم بناء هذه المدينة ؟
وهل نستطيع نحن بناء مثلها ؟
كيف يمكن الإجابة عن هذا التساؤل الشبيه بتساؤل الحوار المتمدن لقرائه ؟ عن حالة حضارية متمدنة قائمه ومعاشه .

من الناحية النظرية الموضوع سهل للغاية .

تعالوا أيها البدو . نقص الحجر من الأرض ونرتبه فوق بعضه .ونترك مجالا لشوارع ونحسب حسابا للأنشطة التي ستمارس في هذه المدينة .
الأمر بغاية السهولة .
قبل أن يبدأ هؤلاء البدو سيختلفون . البعض منهم سيقول ما الحاجة إلى مثل هذه المدينة . فخيامنا مريحة وجميله . وحليبنا طازج بكل ما يحتويه من جراثيم وميكروبات .

والعض الآخر سيقول . إذا تمسكنا بطريقة حياتنا وحافظنا عليها سنصل مباشرة إلى ما هو أفضل من هذه المدينة .

والبعض الآخر سيهز برأسه وهو متيقن أن بناء مدينة لا يمكن أن يتم بالفأس والأدوات المتخلفة ويلزمها الكثير من الآلات التي لا نعرف حتى كيف تتم قيادتها .

الحقيقة المرة أن البدو اللذين عاشوا بعيدا عن حركة التاريخ . لن يحلموا ببناء مثل هذه المدينة وسيبقون في خيامهم يجترون طريقة حياتهم التي اعتادوا عليها مكتفين بما يلقى عليهم من فتات . يزيدهم جهلا وتخلفا .

للعلمانية أسس اقتصادية واجتماعية وفكرية . والاهم هو تسلسلها الزمني وتراكمها التاريخي . وإنتاجها المستمر من الخطأ والصواب وقدرتها على تجاوز الخطأ وتبني الصحيح .

الأسس الاقتصادية كانت في سيطرة الإنتاج على أسلوب وحياة المجتمع .ورافعته هي الحرية الاقتصادية التي تحفظها القوانين التي تتطور وتتبدل بما يتناسب مع الخطى المتسارعة لهذا الإنتاج .

الأهم من هذا هو الفضاء الفكري والثقافي الذي فرضته الحاجة للإنتاج متمثلا بالحرية
وبالتالي تمددت هذه الحرية لتشمل كل نواحي الحياة الثقافية والفكرية ولتتفرع عنها الحريات المدنية بكل أشكالها بما فيها الحريات الدينية .

ثبت هذه القيم وطورها أسلوب التعليم الذي أنتج أجيالا متعاقبة في اعتماد التجربة والملاحظة ورضاعة القيم الخلاقة التي أنتجتها ومارستها القوى الاقتصادية . وبقي هذا الأسلوب في التعليم محركا دائما لتطوير هذه القيم بما يتناسب مع حاجات المجتمع للحضارة والتقدم .

العلمانية هي طريقة تفكير للتعامل مع الدولة والدين .

تتعامل العلمانية مع الدولة . من خلال تطبيق مفاهيمها المنتجة عبر تاريخها
يحدد شكل وأسلوب إدارة الدولة التجمع البشري في هذه الدولة .

يقرر عبر حريات أفراده وممثلي مجتمعاته ما يراه صحيحا ومناسبا . ويغير هذا المناسب إذا ثبت عدم صلاحيته مع صيرورة الزمن .
الفرد في الدولة العلمانية حر ومتغير الآراء ويبدل قناعاته . تقوده مصلحته وديدنه حريته ورفاهيته .

تضمن الدولة العلمانية حرية التدين لمواطنيها . وتقف قوانين الدولة العلمانية على مسافة واحدة من الجميع .

العلمانية تقف متعارضة مع الدين وبشكل كامل بطريقة تفكيرها وبأسلوب عملها ببحثها الدائم والمستمر لإيجاد حلول لمشاكل البشرية الطبيعية والبيئية ومشاكل الإنسان الصحية .
تتطاول بعنقها إلى الفضاء الخارجي لإنقاذ الجنس البشري من كارثة محتمله للكرة الأرضية .

تحاول حل العلاقة المعقدة بين المادة والطاقة .

تعبث ببدايات الخلق وتنتج أفرادا من غير ذكر وأنثى وتبرهن يوما بعد يوم انه لا توجد مشكلة لا حل لها .

العلمانية عرفت أن العسل لا يخرج من بطن النحلة . والسماء ليست محروسة بشهب حارقه مضادة للشياطين .

العلمانية درست تطور الحياة منذ تشكلها على الأرض وقسمت التاريخ الطبيعي واكتشفت الحيوانات المنقرضة ووضعت تسلسل زمني تاريخي لها .

درست الجنس البشري وحددت تاريخه وأشكال تطوره .

العلمانية بقيمها . لا تقمع أحدا ولا تجبر شخصا على اعتناق مفاهيمها بل وتساعده في ممارسة ما يجده صحيحا .
تسمح لمن يريد الصلاة أمام وكالة الفضاء ببناء مسجد أو كنيسة أو كنيس وتقدم له السجادة وتمهد له الأرض .

التفكير الديني منذ بداية المعرفة ما زال يعتنق فكرة هبوط الإنسان من الجنة . بصورته الحالية .

والدولة الدينية التي تحكمها الشرائع السماوية أيا كانت ترد كل الظواهر الطبيعية إلى تفسيراتها الذهنية المرتبطة بقوة إلهية قادرة حيث تقع الحادثة ومؤجلة في حال عدم وقوعها .

في الدولة الدينية لا يمكن أن يقوم مجتمع مدني أو ديمقراطي وبالتالي لن يكون إنسانيا .

الدولة الدينية هي دولة الاستبداد المطلق والقامع لكل أشكال وطرق التفكير والأساليب العلمية شاءت أم أبت بحكم قوانينها الأزلية التي تذهب بالمفكر علمانيا كان أم دينيا إلى الجحيم .

مثل صيني قديم يقول .
عندما يلبس الجميع بنطا لا واحدا يتحولون إلى جنود .
الدولة الدينية هي دولة جنود يعملون بإمرة من يفوض نفسه من قبل الله ويطلق على نفسه صفة من صفاته .

للمجتمع العربي والإسلامي خصوصيته وتفرده .

يحكم التفكير الديني منهجا وممارسة وعبر تاريخ طويل أصبح ملازما له ويسري في اصغر جزئا من خلاياه .

لم يتغير نمط وأسلوب حياة مجتمعاته . وأصبح التعليم قالب حلوى ينتج قطعا متشابهة بالشكل والتفكير .
وجد نفسه أمام قوى الحضارة والنور والتقدم الصناعي المذهل .

ارتكس إلى الخلف معيدا إنتاج ثقافته من خلال استحضار ها من تاريخها وإقحامها في حياته . لتتشكل لوحة سوريالية . غير مفهومة وقابلة لأي تفسير .

الأدهى من هذا شرعنة تعاليمها . وامتطتها للوصول إلى السلطة .

فمنها من وصل ومارس مفاهيم الدولة الدينية وتطبيقاتها كاشفا بذلك عن وجهها القبيح والا إنساني في الممارسة .

والبعض الذي لم يصل إلى السلطة تواجه مع أنظمة حكم رأت في هذه التعاليم وطريقة الحكم المنافسة غولا سيجتاحها فآثرت التمترس خلف الاستبداد متزينة بحالة متناقضة مع المفاهيم الدينية . ورافعة راية العلمانية .

لكل المفكرين والمتنورين في هذا العالم العربي الإسلامي .

انتظروا غودوت ..... ربما سيأتي.... يوما ما .... ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي