الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما لا يمكن رفضه، وما لا يمكن الأخذ به من ارث لينين

رشيد غويلب

2020 / 8 / 12
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


بقلم: ميشائيل بري*
ترجمة: رشيد غويلب

في ليلة السابع على الثامن من نوفمبر 1917 (شهر اكتوبر وفق التقويم الروسي) عندما كان واضحا ان الحكومة المؤقتة في بتروغراد قد اسقطت، قال لينين الى تروتسكي وبالالمانية: "هنا يمكن ان يصاب المرء بالدوار". لقد تحقق الهدف الكبير، هكذا رأى البلاشفة، البلاشفة يسيطرون على السلطة في واحد من البلدان المؤثرة في هذا العالم. ويقال ان لينين رقص في الثلج، عندما صمدت هذه السلطة أكثر من 71 يوما هي عمر كمونة باريس. وفي النهاية كانت قد مر 74 عاما حتى لحظة رفع العلم الأحمر من قباب الكرملين.

شقت سياسة البلاشفة في اكتوبر 1917 اليسار الروسي، ثم اوربا، واخيرا العالم. ونلمس اثارها الى الآن. ان ارث لينين لا يمكن رفضه، ولا يمكن الأخذ به.
اسمحوا لي اولا ان اقول الأسباب التي تجعل ارث لينين لا يمكن الاستغناء عنه. وهنا يمكن الاشارة الى ثلاثة اسباب.
اولا: ثورة اكتوبر 1917 التي بدات في شباط في بتروغراد كانت ثورة ايدها ودافع عنها القسم الأكبر من عمال وجنود روسيا. وكانت تعني القطيعة الجذرية مع سياسات النخب الحاكمة في الإمبراطورية الروسية، التي كانت تحرم الفلاحين الأرض والعمال الحقوق الاجتماعية الأساسية، والمواطنين الحرية والشعوب المضطهدة في الإمبراطورية الحق في تقرير المصير. وكانت تعني القطيعة مع الحرب الامبريالية. وعندما أصبح واضحا أن الحكومة المؤقتة كانت غير قادرة ولا راغبة في انجاز واحد من اهم مطلبين للشعب، السلام والأرض، كان البديل: حكم البلاشفة بقيادة لينين أو الحكم العسكري بقيادة الجنرال كورنيلوف. وقد حدد العمال والجنود خيارهم: وانحازوا الى جانب البلاشفة.
ثانيا: مع انتفاضة اكتوبر بقيادة البلاشفة جاء ت الى السلطة قوى مقتنعة بجدية بالاشتراكية، وهو امر لايستطيع المرء قوله عن الديمقراطيين الاجتماعيين اليمينيين بعد عام واحد في المانيا. عندما أدرك لينين في عام 1916 ان هناك فرصة حقيقية للقيام بثورة اشراكية في روسيا، بدأ مجددا بدراسة مكثفة لاعمال ماركس وانجلس. واستوعب تصوراتهم عن الاشتراكية، الشيوعية، عن الدلة بعد الثورة ودكتاترية البروليتاريا. يمكن قراءة ذلك في ملخصاته "الماركسية والدولة" وكتابه "الدلة والثورة". نفذ تفسيره احادي الجانب لاعمالهما، لكنه اخذ منها رؤية عظيمة. اليساري المنشفي زيخاننف يذكر كلمة لينين في نيسان 1917: "فجأة ظهر امام اعيننا ضوء مشرق حتى العمى، جعلنا لانرى شيء، كان العامل الذي شكل حياتنا حتى ذلك الحين". لقد كانت تلك، بشكل لايصدق، الرؤية الجذابة للاشتراكية، احرار ومتساون بالاستناد الى سلطة الشعب، التي ما كان بدونها للبلاشفة ان ينتصروا في الحرب الأهلية 1918 – 1922.

ثالثا: اثبت لينين في عام 1917 انه استراتيجي بمستوى العصر. لقد استطاع استحضار ارث قرابة 25 عاما من بناء حزب العمال الراسخ في الجماهير الروسية. لقد كان من الأوائل الذين أعلنوا في عام 1914 القطيعة بثبات مع كل سياسات ما يسمى بالدفاع عن الوطن، وأعلن مثل كارل ليبكنشت (أحد مؤسسي الحزب الشيوعي في المانيا لاحقا – المترجم) "الحرب على الحرب". لقد امتلك اساس ديالكتيكي لسياسة القطيعة في زمن الأزمة، وعند دراسة ما كتب حول الامبريالية، أدرك ضعف هذا النظام فيما يتعلق بملف القوميات، بوضوح فاق تقريبا الآخرين. لقد صاغ الحل المؤثر في الوقت المناسب، واستطاع خلال الصراع الديمقراطي الصعب اقناع حزبه مرارا وتكرارا. من يريد ان يتعلم استراتيجة اليسار في زمن ازمة وجود، عليه دخول مدرسة لينين.
ولكن من الصحيح ايضا ان هناك في ارث لينين ما لا يمكن الأخذ به من قبل اليسار التحرري، انطلاقا من كون "اللينينية"، (وليس لينين – المترجم)، كنظام فكري – سياسي لا مستقبل له. وهنا يمكن ذكر ثلاث أسباب.
اولا: ان مرسوم سلطة السوفيتات، الذي كتبه لينين، كان معني في البداية بملف الأرض للفلاحين وعرض السلام على شعوب اوربا. والمعروف على نطاق ضيق هو انه من ضمن الخطوات الاولى للحكومة كان تقييد حرية الصحافة. لقد اقر مجلس مفوضي الشعب في يومه الثالث المرسوم الخاص بذلك، والذي صاغه لينين ايضا. كانت الصحف الممنوعة تعود لطبقة الأثرياء، الذين يملكون مطابعهم الخاصة، التي تمتلك حرية الامتياز في الطباعة والاصدار. قريبا ستعاد "الحريات الكاملة "ثانية. في سنوات قلائل تم تقييد حرية التعبير. والمطابع "المملوكة للشعب" كانت غير متاحة بحرية للشعب. دولة الحزب قررت بلا رقابة، ما يسمح ولا يسمح بطبعه. وبعد وقت قصير في كانون الثاني 1918 تم حل الجمعية التأسيسية، وفي الأشهر اللاحقة فقدت السوفيتات طابعها الديمقراطي، لم تعد شكلا للتنظيم الذاتي للعمال والفلاحين. منع التكتل داخل الحزب في عام 1921 اخضع الحزب لقيادة لم تعد منتخبة بحرية. من الآن فصاعدا جرى حسم التناقضات السياسية بالسلاح، او يجري قمعها ببساطة.

ثانيا: ان هناك رؤية عظيمة للحركة العمالية في القرن التاسع عشر، وخاصة عند ماركس وانجلس، ان تحرير العمال يجب ان تكون مهمة العمال أنفسهم – باعتبارها ممارسة ثورية لتغيير الظروف وتغيير الذات. ان تحرير كهذا يتطلب تحقيق والحفاظ على حرية التجمع، وحرية التنظيم الذاتي، وحرية التعبير الديمقراطي، وحرية المقاومة اللاعنفية. وفي كتابه الجذري في ديمقراطيته، "الدولة والثورة"، والمكتوب قبل الاستلاء على السلطة، نجد بشأن "الدولة المحتضرة" للفترة الانتقالية بعد الثورة، الجملة الكارثية، واللاديالكتيكية: „ من الواضح، انه حيث يوجد القمع، وحيث يوجد العنف، لا توجد حرية ولا ديمقراطية". لقد وضعت الديمقراطية في تناقض مطلق مع الدولة. لقد أدرك لينين في نفس الكتاب ان دولة دكتاتورية البروليتاريا، دولة حالها حال اية دولة تمارس العنف – وحتى في مواجهة العمال لتفيذ القانون "البرجوازي " في الدفع اساس الاداء المتساوي. ولفهم الجملة المذكورة حتى نهايتها، ستتحول اي دولة، حنى دولة العمال المنتصرين، الى دولة بلا حرية، وبلا ديمقراطية. وبالفعل أكمل البلاشفة منهجيا بعد الانتصار في الحرب الأهلية بالضبط هذا الاضطهاد للجرية والديمقراطية في مواجهة العمال والفلاحين، ناهيك عن المثقفين والأوساط البرجوازية.

ثالثا: التصور بشأن الملكية الاشتراكية، باعتبارها ملكية الجميع نفذ من قبل البلاشفة كالآتي، يكون "الجميع" مالكين فقط سوية، وبواسطة شكل الدولة فقط، ومن خلال التصرف المركزي. وبقي تصور ماركس في "راس المال" حبر على ورق، ان هذا يعني كذلك "الملكية الشخصية" التي يجب ان تكون على اساس "التنسيق والحيازة المشتركة للارض وادوات الانتاج المنتجة بالعمل الذاتي". ولكن الملكية الاشتراكية هي معالجة لتناقض العلاقة بين الفرد والمجموعة والمجتمع ككل. إذا تم حصر الملكية بالقطب المجتمعي، فان ذلك سيدمر امكانيات التطور الحر للفرد كشرط للتطور التضامني الحر للجميع.

ان ارث البلاشفة ولينين يمكن ان يصيب المرء بالدوار، عندما لا يتم الالتفات الى تناقضاته. ولكن الذي يستطيع فقط التعامل مع تناقضات الحركة التحررية، هو من يكتشف سبل التعامل التضامني معها، سوف يستطيع في النهاية ممارسة سياسة يسارية وفق متطلبات عصره – التعلم من لينين والتعلم من نقد لينين.



* - الدكتور ميشائيل بري: فيلسوف يعمل في معهد التحليل الاجتماعي في مؤسسة روزا لوكسمبورغ التابعة لحزب اليسار الألماني. نشرت المادة في جريدة "نيوز دويجلاند" بمناسبة العام المئوي لثورة أكتوبر 1917

نشرت الترجمة في العدد 36 من فصلية الحقيقة التي تصدرها اللجنة المحلية للحزب الشيوعي في الناصرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كتبة البورجوازية الوضيعة
فؤاد النمري ( 2020 / 8 / 12 - 16:37 )
ليس أكثر بؤساً من كتابات كتاب البورجوازية
الكاتب ميخائيل بري لا يفهم ما هي الاشتراكية وما هو علم الثورة
المعنى الوحيد للثورة هو قيام طبقة اجتماعية بسحق طبقة اجتماعية متسلطة
وأثناء الثورة يبرز مخاتل ينادي بتوفير الحريات لطبقته المعادية

تجاوزاً لالهذا الكاتب البائس نشير إلى أن لاالبلاشفة قاوا بانتفاضة في أكتوير لتحقيق أهداف ثورة شباط البورجوازية في السلام والأرض وانتخاب الجمعية التشريعية وفي صبتح 7 نوفمبر اتصل لينين بمختلف الأحزاب حتى بحزب الكاديبت الرجعي ليشاركوا في السلطة
لكن جميع هذه الأحزاب نقريبا بقيادة مخحتلف أشتات البورجوازية رفعت السلاح بوجه البلاشفة في آذار 1918 وكان شعارهم الموت للبلاشفة
لة تسامح لينين مع الثورة المضادة لما كان هناك احاد سوفياتي وفضاء الحريى الذ

اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا